إبراهيم حامد... عندما يتحدث الصهاينة عن الأسطورة/ صالح النعامي

معضلة كبيرة يواجهها جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية " الشاباك "، ويعترف بها؛ فعلى الرغم من التعذيب الشديد، والعزل الانفرادي المتواصل، وكل ما تفتقت عنه الذهنية السادية الصهيونية من فنون الحرب النفسية، إلا إنه يقر بعجزه التام عن قهر إرادة القائد إبراهيم حامد، الذي يتهمه " الشاباك "، بقيادة " كتائب عز الدين القسام "، الجناح العسكري لحركة حماس ويحمله المسؤولية عن مقتل وجرح المئات من الجنود والمستوطنين الصهاينة. فعلى الرغم من مما يعتبره " الشاباك " اعترافات وأدلة قوية تربط حامد بعدد كبير من التهم التي ينسبها إليه، إلا إن الرجل ظل كالصخرة الصماء في مواجهة آلة التعذيب التي تمرس محققو " الشاباك " على توظيفها. ونحن هنا سننقل بعض انطباعات محققي " الشاباك عن حامد، كما نقلها الصحافي حاييم فلنسون، ونشرتها النسخة العبرية لموقع صحيفة " هارتس "[1].

فعلى الرغم من مرور خمس سنوات على اعتقال حامد، إلا إن كبار محققي " الشاباك "، الذين تمرسوا في التحقيق مع الآلاف مع المعتقلين، يقرون إنه لم يعد أماهم سوى نقل حامد من زنزانته في عزله الانفرادي في سجن " أيالون " في الرملة المحتلة بين الفينة والأخرى ليمثل أمام المحكمة العسكرية في سجن " عوفر " قرب رام الله لينفي مجدداً التهم الموجهة إليه من قبل " النيابة العسكرية ". من هنا، فإن الجهاز القضائي العسكري لا يجد بد سوى تأجيل محاكمة حامد، وهي تكاد تكون المرة الأولى التي يعجز فيها " الشاباك " كل هذه الفترة عن بناء ملف إدانة يصلح تقديمه لمحكمة عسكرية، لا يعتبر تحقيق العدل من المعايير التي تحرص على مراعاتها. إبراهيم، الذي ولد عام 1965، في بلدة " سلواد "، شرق رام الله، لعائلة لها أحد عشر ابناً، توفى أبوه جراء عملية جراحية أجريت له، عندما لم يكن إبراهيم قد تجاوز الثالثة من عمره، وأحد أشقائه قتل ضمن صفوف المقاومة الفلسطينية في غارة إسرائيلية على أحد المواقع الفلسطينية عام 1984 في لبنان. درس حامد التاريخ في جامعة بيرزيت، عام 1984، وعام 1991 أدانته محكمة عسكرية إسرائيلية بالعضوية في حركة حماس، وقضى في السجن أربعة أشهر. ويدعي " الشاباك " إن إبراهيم سافر عام 1994 للأردن، حيث تم تجنيده مجدداً من قبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، حيث إن الإثنين ينتميان لنفس البلدة. ويدعي " الشاباك " أن حامد عندما عاد من الأردن، أصبح الذراع الأيمن لأبرز قائدين في " كتائب القسام "، الأخوان عماد وعادل عوض الله، والذين تمت تصفيتهما من قبل إسرائيل عام 1998. ويدعي " الشاباك " إن تصفية الأخوين عوض الله دفع إبراهيم إلى قيادة الجهاز العسكري في الضفة الغربية. اعتقل حامد على أيدي الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة عام 1998، حيث أمضى سنتين في السجن. ويدعي " الشاباك " تولى بعد ذلك التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية ضد الكيان الصهيوني؛ لكن ما يشدد عليه " الشاباك " حقيقة إن حامد يعتبر القائد العسكري الفلسطيني الأول الذي خطط للانتقال لتنفيذ عمليات عسكرية استراتيجية تهدف إلى شل الحياة في إسرائيل. من هنا، فإن "الشاباك " يصف إبراهيم بأنه المسؤول عن التحول الاستراتيجي في عمل المقاومة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى. ومن ضمن ما خطط حامد لتنفيذه كان المس بخطوط السكك الحديدية، وتفجير مجمع الغاز الضخم في منطقة " بي جليلوت " القريبة من تل أبيب، كما خطط لانتاج صواريخ، علاوة على دفعه لتنفيذ عمليات استشهادية ثلاثية، وتخطيطه لتنفيذ عمليات اختطاف. وينقل فلنسون عن " الشاباك " قوله إن حامد حرص على دراسة خطواته بدقة متناهية، بحيث إنه في كل مرة يتم ضبط خلية عسكرية، فإن حامد يقوم بتصور نتائج التحقيق، ويتخذ الاحتياطات بناء على ذلك. في مارس من العام 2009، أصدر " الشاباك " وثيقة عرض فيها أسماء الأسرى الفلسطينيين، الذين يتوجب على إسرائيل عدم الإفراج عنهم، وعلى رأسهم كان إبراهيم، وقد عزا " الشاباك " لإبراهيم المسؤولية عن مقتل 82 مستوطن وجندي صهيوني. وقد جاء في الجزء المتعلق بإبراهيم في وثيقة " الشاباك "، ما يلي: " في العمليات التي أشرف على تنفيذها، وبعقيدة العمل العسكري التي اتبعها، والتي تضمنت حرص على مستوى عمل عال، وأهلية قيادية كبيرة، وتفان في توظيف القوة، كان إبراهيم حامد المسؤول عن نقل العمليات الإرهابية إلى مصاف العمل الاستراتيجي، حيث تمكن من تحديد النقاط التي يؤدي ضربها إلى الحاق أذى كبير ودمار، علاوة على أثر هذه العمليات في الوعي الجمعي، وقد كان هناك خطر أن يتنافس الفلسطينيون على الاقتداء بحامد في التوجه لتنفيذ مثل هذه العمليات ". ويشير " الشاباك " إلى إن إبراهيم حرص على تشغيل خلايا عسكرية، لا تعرف بعضها البعض لتقليل فرص تحديدها وضربها، حيث إن الخلية المسؤولة عن تنفيذ عملات الاختطاف لم تكن تعرف عن الخلية المسؤولة عن زرع العبوات الناسفة. في ديسمبر من العام 2003، قامت الوحدة المختارة في الشرطة الإسرائيلية المعروفة بـ " يمام " بعملية كبيرة في مدينة رام الله، تم فيها تدمير بيت كان يعتقد أن إبراهيم تواجد فيه، وأبلغ الجيش أن حامد قد قتل بالفعل، لكن تبين فيما بعد أن إبراهيم لم يكن موجوداً في البيت.

يروي محققو الشاباك إن أحد محققي الشاباك الذين تعاقبوا على التحقيق مع حامد كتب كلاماً بناءً على التحقيق، لم يعجب حامد، فما كان منه إلا إن قام بتمزيق الورقة من أمام المحقق بأسنانه، حيث إن يديه كانتا مقيدتين.يرفض حامد الاعتراف بشرعية المحكمة، ويرفض القيام عند دخول القضاة العسكريون، لدرجة كان يدخل معه في جدل في كل جلسة.

هذه غيض من فيض من انطباعات محققي الشاباك عن أسطورة، اسمها: إبراهيم حامد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق