الإعلام الذى باع "مصر" وأفسدها/ مجدى نجيب وهبة


** لقد أصبحت الساحة مضربا للأهواء والأنواء ، والمصالح والمؤامرات والتصفيات .. فى الوقت الذى لم يعد هناك ضابطا أو رابطا ، ونسمى كل ذلك حراكا ، وحرية تعبير ، وديمقراطية .. ونتغنى بالشعارات فى حين أننا أمام أكبر مؤسسة لخداع المجتمع .. إما بالتعمد المقصود ، أو التواطؤ الصامت ، فالكاذبون نوعان .. نوع كاذب ومتكلم .. ونوع كاذب وأخرس .. هذا يجاهر بالفساد ، وتلك يصمت على قول الحق ويكتم ..

** نعم ، علينا أن نعترف أن الصحف المصرية شاركت ، وبكل جدارة إلى هزيمة مصر ، وتسليمها لأمريكا والإخوان .. تحولت الصحف إلى جمهوريات داخل الجمهورية .. والتليفزيونات إلى ممالك داخل الدولة ، والإعلاميين إلى مماليك ، لكل منهم إقطاعية يسيطر عليها ويديرها لتحقيق أهداف بعينها ، فالصفقات صارت معلنة ، وليست خافية ، والتزاحم على كسب ود الغرب المتأمر أو العاهرة "كلينتون" ، أو دولة "قطر" النجسة ، صار مقصد وهدف يسعى إليه الجميع ..

** فالأهداف سواء كانت شخصية أو عامة للغير ، فهناك مهمات تدير بالوكالة ، وأدوار بالإنابة ، وأعمال بالإرتزاق .. ولا يوجد ردع أو قانون أو محاسبة ، فمولد سيدى "حسين أوباما" يفتح ذراعيه ، وخزائنه لكل خائن أو عميل يعمل لهدم مصر وحرقها .. لم يعد مستقبل مصر يهم كل هؤلاء .. فالوطن يحترق .. ويقولون على صفحاتهم لا شئ يهم ، فهذه هى أمانينا ، وغايتنا ، وأهدافنا ..

** الوطن فى خطر ، فالحالة الأمنية (صفر) .. وإنتشرت الفوضى والدمار والبلطجة ، وكل هذا أدى إلى كارثة حتمية وهى سقوط مصر .. يقولون لك "وماذا يهمنا .. فنحن قبضنا الثمن ، ونحن بائعون حتى الهوى ، وأقلامنا قدمناها فى مزاد للبيع ، وتم بيعها لمن دفعوا أكثر " .. قالوا "لقد تحولت وسائل إعلامنا المختلفة إلى أسواق للمزاد .. نحن نعيش فى رحلة التسويق والبيع بالإثارة ، حتى نصل بالجميع إلى مرحلة الإحباط والتشاؤم والهدم ، ثم التشويه فى المؤسسات والتشويه فى الناس ، للتشكيك فى كل شئ ، ثم التحريض على الفوضى ، وقد تحقق بنجاح ساحق ، ونحن الأن نعيش مرحلة التبشير بما هو ضد الدستور ، ويناقض الديمقراطية .. فهذه هى مطالب الإخوان وحماس وإيران وأمريكا والفوضى ، ونحن خدام لكل هؤلاء .. قالوا نحن فى مرحلة الإبتزاز ، وحروب هدم الشخصيات ، وميادين بث الفتنة الطائفية ، وعمليات الإستجلاب والتربح المالى وتكوين الثروات والحصول على الأثمان ..

** نقول لهم .. هل الحرية تعنى الفوضى ؟!! .. هل الحرية تعنى الظلام ؟!! .. هل الحرية تعنى هدم الوطن وتمزيقه ؟!! .. هل الحرية تعنى هذا الإنفلات الذى تحول إلى فوضى ، ثم تجاوز الفوضى إلى العبثية المطلقة ؟!! ..

** قالوا لنا ، نعم صفقاتنا هى إلتهام الجميع ، نحن نمتلك السلطة بلا رقيب ، بل نحن الذين نطالب بمزيد من الرقابة على أداء كل الأخرين .. نحن الإعلام فوق الجميع ، وفوق مصر ، و"طظ فى مصر واللى جابو مصر" ..

** قلنا لهم .. الوزير تراقبه حكومته ، وأجهزة المحاسبة وحزبه .. رجل الأعمال تراقبه جهات المحاسبة المالية ، والجمعيات العمومية ، ومساهموا البورصة وأجهزة مختلفة .. القضاة تراقبهم ضمائهم وإدارات التفتيش ولجان الصلاحيات .. ضباط الشرطة تراقبهم وزارتهم ومنظمات حقوق الإنسان وسلطات القانون .. نعم هناك أدوات قانونية للرقابة على كل خلق الله ، فأين الرقابة على أقلامكم .. هل صارت الساحة الإعلامية ملعبا لمجموعة من الفاسدين والطغاة الصغار ، وقل أيضا البلطجية ، وقل أيضا الفتوات ، وقل ثالثا العاهرات ، وقل رابعا القبضايات ، وقل خامسا المرتزقة .. نعم قل كل ذلك ..

** لقد تجاوز الإعلام فى مصر ، كل حدود الفوضى .. صاروا إعلام "محمد الأقرع" ، و"سيد شفطورة" ، و"مستر بانجو" ، و"فريد سنجة" ... أصبحوا أساتذة فى نشر الشائعات ، وترويج التفاهات ، ولم يعد للمهنة رجالها ، بل صاروا عوالم وراقصين وداعرين ، لم تعد للمهنة قاعدة .. ولا للمهنة معايير ، أصبحت أقلامهم مقاصل ، وشاشاتهم محارق ، وميكروفوناتهم أدوات لتدمير شامل للوطن ، وصفحاتهم مسالخ للأبرياء والشرفاء .. لا ضمير ولا وعى ، وإنما حقارة وسفالة وشراسة وتطرف وعدم وعى ..

** لقد إنهار الإعلام ، مثله مثل الوطن ، فماذا تنتظرون من هؤلاء المرتزقة .. بائعى الهوى والباحثين عن قصص الدعارة .. أصبحوا يسألون ، ولا يسائلون ... يراقِبون ولا يراقَبون .. يتتبعون خطوات الجميع ويرفضون أن يتتبع خطواتهم أحد .. نعم ، فسد الإعلام ، ليس فقط على المستوى المهنى ، أو على المستوى الضميرى فحسب .. بل على مستوى الذمة ، خاصة بعد أن لوحت الأموال الأمريكية للتنافس فى شراء الذمم والأقلام والأصوات والضمائر .. هكذا أصبح هؤلاء الإعلاميين هم الكذابون ، وهم المشاهير .. هم أصحاب الصيت ، هم قادة الرأى ..

** نعم ، هؤلاء هم أصبحوا طغاة يحاسبون ولا يساءلون ، والمصيبة الكبرى ، لقد تعاملنا مع الحرية بإعتبارها حقا ليس عليه أى واجب ، هذه هى مصيبة مصر التى كانت ... هدمها إعلامها ، الذى صار أكثر ترويعا للمواطن عن الإرهاب نفسه ، لأنهم يسببون للناس تخبطا ويرسخون الطائفية والتقسيم ، ويشغلون الناس بالتفاهات .. ويقودون الرأى العام إلى ما لا قيمة له ، يحدثون البلبلة والزغللة ، ويفرقعون المولوتوف ، ولم تعد فى مصر قدوة ولا قيمة .. الناس حيارى تائهون ..

** لقد صارت هذه المؤسسات الإعلامية والصحفية ، بمختلف أنواعها ، وجميعها صارت مرتعا لمن يعملون فيها .. فلا توجد قواعد منظمة ، ولا قوانين ضابطة ، ولا محاسبات مهنية ، ولا قوانين رادعة .. فمصر خرجت ولم تعد .. والبقية فى حياتكم ..

صوت الأقباط المصريين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق