يا أخي: اربط الحمار/ عطا مناع

في بلدنا تعودنا نمشي ع الخط المستقيم، ويقولون أن العادة أقوى من القانون، والعادة هنا تأتي بالمواظبة والممارسة والاستكانة للأمر الواقع، لذلك نحن وفي معظم نواحي حياتنا تعلمنا أن نربط الحمار مطرح ما بدو صاحبوا رغم صعوبة الفرق بين الحمار وصاحبة، لماذا؟؟؟ لأننا فقدنا وبعد ضعف النظر الذي أصبح ظاهرة عامة القدرة على التفريق بين الأشياء، فقدنا التفكير الجدلي أو كما كنا نسميه المنهج الديالكتيكي، عفوا ...... اسحب الجملة الأخيرة حتى لا اتهم بالإلحاد لأنني معني أن أتصالح مع السيد فتحي حماد وزير داخلية حماس، وبصراحة لا أريد وبعد أن غزا الشيب رأسي أن يقام علي الحد.
لكن مشكلتي كمواطن كما يسمونني ليست مع فتحي حماد وحماس والسلطة، وخاصة أنني أتحمل المسئولية الكبرى فيما أصبحت علية، فانا وغيري لم نكن يوما نقول سمعاً وطاعة لمن لا يستحقون السمع والطاعة، ولم نضع يوما شوافات البغل اقتناعا منا بضرورة ربط الحمار كما يريد صاحبوا، والمشكلة الكبرى ولو افترضنا جدلا أن هناك حماراً ما الذي أعطاهم الحق بان يمتلكوه، رحم الله الماغوط أعطانا الفكرة ولم نفهمها رغم بساطتها.
خاطب الماغوط الوطن قائلاً: وطني الحمار لكثر ما تحمل هذا الوطن، لكن الوطن ليس حجر وشجر وشوارع فقط، تخيلوا وطنناً بلا يشر، وتخيلوا أكثر أن البشر يتحولون لمجرد أشياء كما الشوارع ينحتها صاحب الحمار كما يشاء، هي الطامة الكبرى، وبصراحة نحن نعيش الطامة الكبرى. هل يعقل أنني أبالغ؟؟؟ وهل أنا الرجل الذي يكره نفسه كما عالج حنا مينا النفس البشرية بنظرة فلسفية معقدة يصعب فهمها؟؟؟ وهل وصلت إلى مرحلة ربط الحمار كما يريد من يعتقد أنة صاحب الحمار.
لا أريد أن اغرق في الجدل والفلسفة لأنني في النهاية سأصل لنتيجة بأنني حمار بدرجة ثالثة، حمار يعجز عن النهيق والرفص، حمار تخلى عن جيناته وما منحة اللة من قدرة الدفاع عن نفسه سوى الصبر السلبي الذي لا يمت لشريحة الحمير بصلة.
لكنني أفكر أحيانا، ألا يجب أن احمد اللة بأنني حماراً من الدرجة الثالثة؟؟ ألا يجب أن أكون سعيداً بأنني تعودت على الجلد من قبل صاحبي وأنني أمارس الجلد الذاتي في ظل غياب من يجلدني؟؟ أليس من نعم اللة أنني ليس بغلاً كما بغال الحكومة التي تعالج برصاصة بعد الوصول لمرحلة العجز الطبيعي؟ وهل علينا معشر الحمير أن نشكر اللة والاحتلال على حصار غزة لان الحصار أعاد لنا قيمتنا وأصبحنا ننافس الحداثة بفعل انقطاع البنزين؟ الحمد للة أنني لا زلت أعيش شعور الحمار لاستوعب المرحلة الجديدة بكل قرفها، واشكر اللة الذي منحني القدرة على الصبر لأتحمل كذب ودجل كبار الحمير الذي يعتقدون أنهم خيول في مضمار السباق، أحيانا لا تعترف بنعم اللة عليك إلا بعد فوات الأوان.
اشعر أنني غارق في التناقض، لقد تطرفت كثيراً، لذلك سأستعين بقوانين الجدل علها تساعدني، ولا زلت اذكر قانون التراكم الكمي الذي يؤدي إلى تغير كيفي، والسؤال هل يعقل أن التراكمات التي نعيشها لم تصل إلى مرحلة التغير، غريب!!!!! كل يوم حكومة ووزراء دون فائدة!! الجوع يفتك بالشعب!! والتنمية في إجازة!!! وأطفالنا يموتون بالجملة!!! فمن يموت بفعل الاحتلال فهو شهيد، ومن يموت في برك المجاري كما في غزة وفي الثلاجات كما في راس كركر فهو ضحية.
دخيلك يا رئيس الوزراء أطفالنا بحاجة لشبة ملاعب وبعض الترفية، ودخيل الحكومة وين التنمية؟ وين دعم الفلاحين؟ وين الاهتمام بالشباب؟ وين العلاج والتعليم؟ ما بكفي أن رئيس الوزراء يشارك في ماراثون مع الأولاد ويلتقط الصور التذكارية؟؟ ما بكفي يفتتح مطعم أو منسف أو سدر كنافة؟ ما بكفي يتصور مع عجوز مسكينة أو يقطف حبتين زيتون ويغادر بعد التقاط الصورة.
أخاف أن يأتي اليوم الذي أدمن على طأطأة الرأس والاستئناس بواقع ينحدر بي للقاع، وأخشى ما أخشى من اليوم الذي ارفع فيه شعار أنا لا أفكر إذا أنا موجود، يومُ اكفر بالحمار وصاحب الحمار، أخاف من السقوط في وحل الذات، من العمل بالسخرة، حيث العبودية والكرباج، أخاف أن يأتي اليوم الذي نعيش فيه لنأكل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق