يا رب مالنا غيرك/ محمد فاروق الإمام

سبحانك يا رب.. مصر حزيران 2006 م محمد حسني مبارك رئيس ومحمد مرسي سجين.. سبحانك يا رب.. مصر حزيران 2012 م محمد مرسي رئيس ومحمد حسني مبارك سجين.. أليس هذا من بعض قدرة الله التي لا يدركها إلا "لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ".
سبحانك ربي ما أعدلك.. تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك من من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء.. ولكن الطغاة والبغاة المتجبرون في الأرض يأبون أن يدركوا عظيم قدرتك وقوة سلطانك وميزان عدلك، وقد عميت بصيرتهم وطمس على قلوبهم وغرتهم الأماني، فأوغلوا في غيهم وجحودهم غير مبالين أو آبهين بما تقترف أياديهم من مظالم وجرائم، وهكذا كان فرعون والنمرود وأبو جهل وهتلر وشاوشيسكو وميلوشيفيتش والقذافي وابن علي وحسني مبارك.. حتى إذا ما جاء القرار من السماء، أخذ كل هؤلاء أخذ عزيز مقتدر، وجعل من كل طاغية متجبر عبرة لمن يعتبر!!
إن ما جرى في مصر من استبداد وطغيان وفساد على مدى ثلاثين عاماً هو نفسه ما جرى في سورية على مدى خمسين عاماً، فإذا ما قصم الله ظهر فرعون مصر فهذا يعني أنه لابد، إن عاجلاً أو آجلاً، قصم ظهر نمرود الشام مهما طغى وبغى وتجبر وأجرم وأفسد وتمادى في غيه، فنهاية الطغاة لها نكهة خاصة ومصير مختلف، وما هي إلا مسألة وقت ويلحقه الله بمن سبقه والجزاء من نفس العمل، هكذا تقول الحقائق على الأرض، ففرعون علا في الأرض فراح غريقاً، والنمرود استعلى وتكبر فمات بطنين جناحي بعوضة حشرت نفسها في أنفه، وأبو جهل أخذته العزة بالإثم فسلط الله عليه أضعف رجاله فجز عنقه كما يجز رأس البعير، وهتلر راح منتحراً بيده كما كان يفعل بقادة فرقه وجيوشه، وشاوشيسكو لقي حتفه على يد الجماهير التي تعود جمعها عنوة لتهتف له وتنادي باسمه، وميلوشيفيتش مات في زنزانته ذليلاً حقيراً كما كان يفعل بآلاف البوسنيين في معسكرات الاعتقال، والقذافي مات كالجرذ في أحد المجاري مختبئاً وقد كان ينعت الليبيين بالجرذان، وابن علي كان الفرار سبيله كحال التونسيين الذين كانوا يفرون إلى بلاد الله الواسعة فراراً من ظلمه، وحسني مبارك كانت نهايته السجن الذي كان مصير كل من يعارضه أو يقف في وجهه، ومنهم رئيس مصر الجديد الدكتور محمد مرسي الذي ذاق على يديه ألوان من العذابات والتنقل في سجون مصر من أقصاها إلى أقصاها كحال عشرات الألوف من معارضيه في عهده.
سبحانك ربي ما أعدلك تمهل ولا تهمل حتى إذا ما قررت أخذت الطغاة من حيث لا يحتسبوا.. وهذا طاغية الشام قد استطال أمره وفشت مظالمه وعمت جرائمه فعجل يا رب بمعاقبته، وقد استباح المقدسات وانتهك الحرمات وقتل النساء والأطفال والشيوخ والرجال وهدم المدن والبلدات والقرى، وأحرق الأحياء والأموات والحيوان والشجر والحجر، وأنت أعلم بما نعرف وما لا نعرف.. فعجل يا رب بحقن دماء السوريين واشف يا رب من هذا الظالم غليل قلوب اليتامى والثكالى والأرامل والمهجرين والنازحين والجرحى والمرضى والجائعين والظامئين وهم بالملايين ومئات الألوف!!
يا رب كما فرجت عن أهل تونس وأهل ليبيا وأهل مصر وأهل اليمن فرج عن أهل الشام، فلم يعد لهم إلا أنت وقد خذلهم القريب والبعيد، ونسيهم القاصي والداني، حتى باتوا كالأيتام على مآدب اللئام، وحناجرهم منذ شهور تصدح (يا رب مالنا غيرك.. يا رب مالنا غيرك).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق