رُدّ يدي/ فاطِمَـة ناعـُوت

نقلاً عن نصف الدنيا

طلبتَ يدي
فأرسلتُها هذ االصباح
بعلمِ الوصول
إلى حيث البلادِ البعيدة
تحملُ
زهرةً حمراءَ
وطابعَ بريدٍ مصريّ.

أخبرني السُّعاةُ
أنكَ تسلّمتَها
مُدثّرةً في لفافةِ الكتّان
وشريطٍ من ستان الفيروز
وأنها نامتْ في كفّكَ
حتى غفَتْ.

فكيف تقولُ الآن:
أفلتتْ مني
وعادتْ من حيثُ أتت
بزهرتها؟

لا!
لم تعد
ابحثْ عنها في قلاّيتك
حيثُ تُصلّي،
ربما ذهبتْ توقدُ شمعةً هنا
أو هناك.

تفقّدْها في مكتبتك
علّكَ تلمحُها تعبثُ بأحدِ دواوينك
لتفتّشَ عن صور النساء
بين قصائدك.

أو
في دُرج مكتبك
تبحثُ في الركن المعتم
عن قِلادةٍ من اللؤلؤ
كنتَ تفكرُ في إهدائها لي
ذاتَ حُلم.

إن لم تجدها
اُخرجْ للحديقة
فقد تراها تغرسُ زهرتَها
جوار ورودِكَ
أو تسقي نبتةً عطشى
نسيتَ أن تسقيَها
هذا الصباح.

طاردْها بين الشجر
علّها تساعدُ عصفورًا نحيلاً
يبني عُشَّه
بعيدًا عن عيون النسور.

أو تداعبُ قطّةَ الجيران
وتحكي لها عن قطّتي الفارسية
التي لا تنام إلاّ بين يديّ.

انظرْ عند البحيرة
فقد تراها تجالسُ سمكةً
قفزتْ من الماء
لليابسة
في فورة غضبٍ
وتحاولُ إقناعها بالعودة
إلى حيث ينام صغارُها
جوار المحار.

اذهبْ إلى الحديقة الكبيرة
في الشارع الخلفيّ
عساها تفتّشُ
عن خاتمٍ
يحملُ رأسَ نفرتيتي
خبأتُه في جيب كنغرٍ عجوز
كي يُهديه إلى حبيبته الحزينة.

ثم عرّج على كاتومبا
ربما سافرتْ
لتطمئنَ أن الشقيقاتِ الثلاثْ
يرقدن في سلامٍ
في جوف الجبال.

وقد يكتشفها حارسُ  أوبرا سيدني
مختبئةً في جيب معطفِ عجوزٍ
ذهب يستمع إلى أوركسترا فاجنر
يعزفُ مارش الزفاف
لتمسحَ دمعةً طفرت من عينه
حين تذكّر زوجتَه التي تركته
وسافرت للسماء.

فإن لم تجدْها
عُد إلى منزلك
وتوجّه إلى الكونسول المُذهّب
في بهو القصر
حيث كان "بوذا" يتربّعُ،
قبل أن يطيرَ إلى بيتي.

حتمًا
ستجدها هناك
تُمسّدُ موطئَ قدميه
وتجلو الغبارَ المقدس
لتجمعَه في راحتِها
فتصنعَ من طَميه
طوطمًا للعاشقين،
وتنثرَ بذورَ القمحِ على الأرض دربًا
يدلُّ الحائرين
الذين يجوبون الطرقاتِ
يبحثون
-مثلي-
عن الله.

فإن وجدتَها
مُرْها أن تعودَ إليّ
لأن العسراءَ الواهنةَ
تحتاجُ إليها
كي تسندَ الورقةَ من طرفها الأيمن
حتى تخطَّ يسراي
قصيدةً إليك.

القاهرة/30 نوفمبر2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق