في الثامن من آذار: المرأة الفلسطينية والعربية اضطهاد،قمع ومصادرة حقوق/ راسم عبيدات

واضح بأن المرأة الفلسطينية والعربية وتحديداً بعد ما يسمى ب"الثورات العربية" أو حسب التوصيف الغربي "الربيع العربي"تشهد المزيد من التدهور على صعيد الحقوق والدور والمشاركة في القرار والسلطة والعمل والانتاج،وعلى صعيد الحريات الشخصية،حيث وجدنا بأن هناك العديد من القوى المتأسلمة والحركات السلفية والمغرقة في التطرف والجهل والتخلف،بدأت تشن حملة ظالمة على المرأة،تطالها في جسدها ولباسها وفي عملها وفي دورها المجتمعي والوطني والسياسي والحقوقي،وبدأت تشن عليها حملة ظالمة،وكذلك العمل على ترويعها وتخويفها والتحرش بها جنسياً في الساحات العامة،بل هناك من تلك القوى جعل من جسد المرأة سلعة،أي تسليعها كالبضاعة وبيعها والمتاجرة في جسدها بثمن بخس في سوق النخاسة،مستغلاً ظروفها وصعوبة العيش والخروج القصري من الوطن،كما حصل في سوريا،حيث عمد الكثير من المتأسلمين إلى المتاجرة بالنساء السوريات وبيعهن من اجل ممارسة الجنس والبغاء للمشايخ والأمراء من الخليج العربي،وكذلك نشر وتشريع الدعارة وكل انواع الموبقات،تحت يافطة وذريعة صيانة أعراض الفتيات والنساء السوريات،حتى وصل الأمر الى الزواج من الفتيات والطفلات القصر ودفعهن لممارسة البغاء والرذيلة،لكي نجد ان من يقومون بهذا الدور ليسوا اكثر من تجار ومنافقين....ولم يقتصر الأمر على هذا الحد فهناك من ما يسمون أنفسهم بالواعظ والدعاة وأصحاب الفتاو من دعا الى أخذ نساء سوريا سبايا ونكاحهن،وليصل الأمر حد الإمتهان الكلي لجسد المرأة وتحويله فقط الى وعاء جنسي،يفرغ فيه المهووسين بالجنس ومن يعانون من أمراض الجنس العصابي أزماتهم وجوعهم ونهمهم الجنسي...تحت يافطة وذريعة جهاد"النكاح"،وليس هذا فحسب ففي اغلب البلدان العربية ينتهك حق النساء وحقوقهن،على كل الصعد،ويحرمن  من إستكمال دراستهن والعمل والمشاركة في العملية الإنتاجية أو التنافس على الوظائف القيادية،او المشاركة في المناصب الحكومية العليا،والنساء في الوطن العربي يخضعن الى عملية إضطهاد وقمع ممنهجة من البيت الى المؤسسة التعليمية،وفي المجتمع والوظيفة وغيرها.

اما في مجتمعنا الفلسطيني فمعاناة المرأة الفلسطينية مركبة،فهي تتعرض للإضطهاد في المجتمع،وتسلب حقوقها وتصادر حريتها،وبالمقابل فهي من يتحمل العبء الأكبر من المعاناة والقمع في مواجهة الإحتلال الصهيوني،فهي تشارك الرجل في كل ميادين العمل والكفاح والنضال،وكذلك هي من تتحمل العبء الأكبر في تربية الأطفال والأسرة،عندما يعتقل الأب أو يستشهد،وتصبح لهم بمثابة الأب والأم،وهي من تهان وتمتهن كرامتها وجسدها،عندما تذهب لزيارة إبنها او زوجها او شقيقها في المعتقل،حيث تكون رحلتها للزيارة بمثابة تعذيب للنفس والجسد،حيث تتعمد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وحراسها إذلال اهالي الأسرى ومنهم الأم والبنت الزوجة والأخت،وليس هذا فحسب،فالمرأة الفلسطينية تتحمل فوق طاقتها تكد وتكدح وتعمل مع الزوج وتتولى رعاية البيت وكل شؤونه،وفوق هذا كله،هناك من ينظر للمرأة نظرة دونية،ويتعاطي معها،على انها شيء مادي أو "فقاسة دجاج،او حتى وعاء جنسي أو مجرد جزء من ديكور البيت،وأبعد من ذلك،فالبعض عندما يتحدث عن المرأة يقول "أجلكم الله" وكان المرأة رجس من الشيطان،وكذلك يقول المرأة ك"الحذاء" تستبدلها متى تشاء وكيفما تشاء،فمثل هذه النظرات الدونية تجاه المرأة،وحملة مثل هذه الثقافة،كيف لهم ان يشاركوا في بناء مجتمع او تطويره او تغيره؟؟؟،فمثل هؤلاء من يعيشون في القروسطية،هم من يهدمون أركان المجتمع ويزعزونها،فعندما يتم رجم فتاة في الشام حتى الموت من قبل حملة أفكار تلك الجماعات المتخلفة،لكونها تقوم باستخدام صفحة التواصل الإجتماعي"الفيس بوك"،فهذا يعني بأن مثل هذه الزوائد البشرية، لا تتورع عن دعواتها الى ممارسة القمع والضرب والتنكيل بالنساء والتكبيل لحريتهن ومصادرة حقوقهن،والتحريض على قتلهن تحت حجج وذرائع واهية،ومن ثم إلباسها ثوب العفة والشرف.

المرأة الفلسطينية في مثل هذا اليوم،تستحق ان تقام لها التماثيل وحفلات التكريم والأعراس،فهي تتحمل من الآلآم والمعاناة ما لا تتحمله الجبال،تبقي صابرة مدافعة عن أسرتها وعائلتها،وحامية لأرضها،وهي من تتجمد الدموع في عينيها عندما يحمل إليها إبنها شهيداً،وهي من تواظب على زيارة زوجها او إبنها او شقيقها في المعتقل،حتى يفك الله اسره او يتحرر من القيد،وكم من ام فلسطينية رحلت عن الدنيا،قبل ان تتكحل عيونها برؤية إبنها حراً طليقاً،او ان تضمه الى صدرها..؟؟؟،فها هو عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس الذي دخل عامه الإعتقالي الثاني والثلاثين،رحلت امه دون أن تتمكن من رؤيته وإحتضانه،وكم من اسير رحلت امه عن الدنيا،دون ان يودعها؟؟،وكم من أسير تزوج أبناؤه وبناته وهو في السجن،دون ان يستطيع ان يشاركهم فرحتهم،وكانت الزوجة بمثابة الأم والأب لهم؟؟،وكم من ام كدحت ليل نهار وتحملت القهر والذل وكل انواع المعاناة،في سبيل ان توفر لأطفالها حياة كريمة..؟؟،وكم من أم وزوجة خذلها زوجها،وتخلى عنها بعد سنوات طويلة من الصبر وحماية اسرته وعائلته من الضياع،ووقفت الى جانبه في محنته وفي أسره،ليخرج ويكافأها بالتخلي عنها،والإقتران بغيرها..؟؟.

والمرأة الفلسطينية لم تشارك وتتحمل وتتقاسم مع زوجها اعباء الحياة،بل شاركته رحلة القيد والأسر،حيث ما زال العشرات منهن يقبعن في سجون الإحتلال،وكذلك كان لهن نصيب من الشهادة في سبيل الوطن والحرية.

في يوم المرأة لا يسعنا إلا أن ننحني إجلالاً وإحتراماً لكل الأمهات المناضلات والصابرات،والمدافعات عن حقوقهن وكرامتهن ووجودهن،ضد عسف الظلم والإضطهاد الذي يتعرضن له في مجتمعاتهن.

وكذلك هذه المناسبة تتطلب من كل القوى والأحزاب والشخصيات المؤمنة بحقوق المرأة وحريتها وحقها في المساواة في كل الميادين والحقول،أن تعمل بشكل جدي الى جانب النساء من أجل إنتزاع حقوقهن،وإقامة مجتمعات ديمقراطية،تسن فيها تشريعات وقوانين تحمي المرأة وتصون كرامتها،وتنتصر لحقوقها،وتجرم بعقوبات رادعة من يحرض او يقدم على قتلها،او يمارس بحقها التعذيب والإضطهاد ويمنعها من التعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق