في ذكرى غسان كنفاني،عاشق البرتقال الحزين/ شاكر فريد حسن

تحيي جماهير شعبنا الفلسطيني وقواه السياسية والفكرية والأدبية والأوساط الثقافية التقدمية العالمية في الثامن من تموز من كل عام ذكرى استشهاد الكاتب والمبدع الفلسطيني غسان كنفاني ،الذي اغتالته قوى الشر والظلام المعادية لحرية الإنسان وللفكر الثوري والطبقي التحرري .وتطرح هذه الجريمة النكراء قضية دور الأدب المقاتل في معارك الشعوب ضد الظلم والقهر والقمع ومن اجل التحرر الاجتماعي والاستقلال الوطني ،إذ أن غسان كنفاني أرعب أعداء القضية والإنسانية بكتاباته السياسية والأدبية وبفكره الخلاق النيّر، وقد جاء اغتياله ليغيّب الفكر الوطني الديمقراطي الذي كان يؤمن به ، وإخماد صوته الفلسطيني الصادق. 
كان غسان كنفاني شخصية متعددة المواهب فكان صحافيا وقصاصا وروائيا ورساما وداعية سياسة وكاتبا للأطفال ، وحياته لم تعرف الفصل بين القول والفعل ، فكان كاتبا ملتزما بقضايا شعبه الوطنية والقومية والطبقية ، ومناضلا سياسيا ،ومدافعا عن حق شعبه الفلسطيني في الحرية والاستقلال .كذلك كان غسان مسكونا بالهاجس الفلسطيني ، وقد عاش المأساة الفلسطينية وحمل جراح شعبه وآلامه وهمومه اليومية في أعماق قلبه وسكبها في قوالب فنية جميلة وأصيلة جاءت تجسيدا صادقا لواقع البؤس والشقاء والحرمان والظلم والقهر الاجتماعي الذي يعيشه الفلسطيني المشرد والمطارد في المخيمات الفلسطينية وفي جميع أصقاع العالم .
لقد أحب غسان الحياة حتى العبادة وعشق الأرض والوطن الفلسطيني ، بسهوله وهضابه ووديانه وبرتقاله وزيتونه ورمانه ومدنه الثابتة .
وكان غسان كاتبا ثوريا بارزا مسلحا بالفكر العلمي الاشتراكي ،ماقتاُ الشعارات الجوفاء الخالية من المضامين الثورية الحقيقية ،مهاجما الانتهازية والانتهازيين ،مقاوما الوصوليين والنفعيين ومتصديا للمرتزقة والمرتدين عن الخط الثوري اليساري ،ولذلك أحبته الجماهير الشعبية الفلسطينية وحظي بتقدير رفاقه وشعبه وتياراته السياسية واتجاهاته الفكرية.
إن إبداعات غسان كنفاني لها طعم ونكهة خاصة وهي التعبير الأجمل والأشمل عن حياة ونضال وبطولات وتضحيات الشعب الفلسطيني ضد المحتل الغاصب ،وشكلت القضية الفلسطينية المحور الأساسي في جميع كتاباته ،ووقف غسان إلى جانب المسحوقين وأعلن انحيازه التام للطبقة الكادحة الثورية التي ستغير وجه التاريخ البشري.
وغسان كنفاني أول باحث يحصل على نماذج من الشعر الفلسطيني الرافض والمقاوم الذي أبدعته الأقلام الفلسطينية داخل الحصار .وقد اصدر  دراسة شاملة حول الشعر المقاوم في أسرائيل مؤكدا فيها "أن أدب المقاومة يرتبط إلى بعد اجتماعي ويطرح ولاءه للطبقة الكادحة التي على أكتافها تعلن المقاومة بنادقها ومصيرها ".
إننا في ذكرى غسان كنفاني مدعوون إلى اعادة قراءة التراث الأدبي والفكري والروائي الذي خلّفه لنا والاستفادة منه ،فهذا خير تكريم لهذا الإنسان الذي ضحى بدمه ووهب حياته لأقدس وأسمى قضية ،قضية الاستقلال الوطني والتحرر الاجتماعي .
إن أعداء الكلمة مخطئون إذا كانوا يعتقدون بان اغتيال جسد غسان سيغيب فكره ..فغسان كنفاني أول من قرع جدران الخزان  وسيبقى في الذاكرة الشعبية الفلسطينية رمزا ومثالا يحتذى في المقاومة والصلابة والعطاء والإبداع الثقافي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق