ذات صيفٍ، منذ أكثر من ثلاثين سنة، وقفتُ في ميدان إهدن مزهوّاً وقلتُ:
ريحة القهوِه عبّت الميدانْ،
وصلُو الجرايد، صيّفُو الحرُوفْ؛
ريحة النخوِه ندهتْ الفرسانْ:
صارُو الحروف سيُوفْ!
من كان يتوقّع آنذاك أنّ ريحة النخوة الإهدنيّة ستعطِّر يوماً غربتي القسريّة!
شكراً يا معالي الوزير على الشرف الكبير الآتي مع درع وزارة الثقافة، مذهّباً بتوقيعك. يكفيني الإحساس بأن الجمهوريّة اللبنانيّة تفتقدني، وبأن وزيراً في حكُومتها يدوّن اسمي في سجل ثقافتها، وليس في الدوائر العقاريّة، أو الأحوال الشخصيّة...ومن إلاّك، يا الإهدني النخي، يفلش شرشف المحبّة على شعراء هاجرُوا أو هُجِّروا، وما زالوا يكتبُون سفَرهم أسفار شوقٍ وحنينٍ على أوراق الخريف...شعراء، ذنبهم أنهم فقراء ولا يدينُون بالولاء الا لحزب الكبرياء، فيستكترُون عليهم التفاتةً من عين الأرض أو دمعةً من عينم السماء.
يا صاحب المعالي
من جارتك "بحويتا" سلامٌ،
ومن شفَقها وكرَزها وسنديانة ساحتها شكرٌ وتحيّة،
ومن هنا، من سيدني البعيدة، أضمُّ الذكريات باقةَ حُبٍّ وأُرسلها اليك، يا حارسَ الذاكرة الثقافيّة، وصديق العصافير المهاجرة...ولعلّني أعتذر لك عن رسائل وإشاعات سُرّبت اليك من هنا، همّها التشكيك بما لا يخفى على معاليك! ويا ليتهُم يحذُون حذو المحامية النشيطة بهيّة أبو حمد، "الرسولة ببالها الطويل حتى الينابيع"، التي حملَت قنديلها وراحت تفتّش في الليل عن شعراء أكلَت الغربة عمرهم وأحلامهم...
يا صاحبَ المعالي،
الهجرة الى استراليا حديثةٌ وغنيّةٌ بالأقلام المبدعة شِعراً ورسماً وصحافةً..وما المكرَّمون السبعة الاّ عيّنةٌ مباركة من بيدر العطاء الواسع..حبّذا لو جعلت وزارة الثقافة من مبادرتها السبّاقة تقليداً سنويّاً تنظّمه وترعاه القنصليّات اللبنانيّة في ديار الإنتشار، فيتّسع التواصل، ويزهر التفاعل، وتشتدّ أواصر المودّة بين لبنان وابنائه المبدعين في أصقاع الأرض.
يا صاحب المعالي
ذات صيفٍ، منذ أكثر من ثلاثين سنة، وقفتُ في ميدان إهدن مزهوّاً وقلتُ:
الصفصاف شو بيخافْ:
كرجِت دمُوعو بالقنا..
ولمِّن بكي الصفصافْ
صفصاف إهدن ما انحنى!
بُوركتَ، يا صفصافة الطِيبة، يا معالي الوزير!
فؤاد نعمان الخوري
سيدني – 7 كانون الأوّل 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق