في رثاء الشهيد زياد أبو عين بعد مرور
أربعين يوماً على استشهاده
الآن .. وأنتَ هناكَ بعيداً عنا جسداً حاضرٌ فينا روحاً يؤرقنا رحيلك، ويجعلُ من فراقكَ قيداً يدمي أرواحنا وجعاً، كل المسافاتِ بيننا وبينكَ عينٌ ومقل..!! بكاءٌ على الفراق ودموعٌ للفقدِ، وما بينَ عينكَ الغائبة وعيوننا الباكية رسائلٌ لم تقرأ بعد..!! هكذا أنت يا أبو عين...
موت زاد من موتنا يا زياد
وعيون تبكي عينيك .. أبا عين
رحلتَ في غياهبِ الموتِ بعيداً، تأبى إلا أن تظللنا بظلالك الوارفة، قاهراً عدوكَ الباغي بهذا الموت..
أيقظتَ كلَ الضمائرِ الإنسانية فكنتَ فلسطينياً عتيقاً بامتياز..!! ابنُ كنعانَ القديم، لا يساوم حتى لو فتحت عليه بوابات الجحيم .
خرجتَ من رحم هذه الأرض ثائراً وعدتَ إلى نفسِ الرحمِ الذي خرجت منه..
، شهيداً .. شهيداً..!!
كأن في موتك قصة عشقٍ أسطورية ، عشقٌ للذي ناضلتِ من أجلهِ واستشهدتَ لأجله، نعم انه عشقٌ سرمدي..!! يملأ الذاكرة الموجوعة بحنين حضوركَ الأزلي..!! فارسٌ في ميادين النضال، لا يأبه بالرياح المزمجرة ولا بصدى الأصوات التي ظنت أنها بفجورها تستطيعُ أن تنالَ من إرادتنا قيد أنملة .. تباً لها كيف أوغلت فينا الذبحَ والقتل.. ومزقت حجرات قلوبنا فأرست ظلامٌ وموت.
أيها الموتُ .. الباقي بعد الأربعين أخذتَ منا أبا عين على عجلٍ شهيداً مضرجاً بشقائق النعمان، بزي فارسٍ .. ودعتنا أنفاسه الاخيرة عبرَ شاشات التلفاز، رحلتَ عظيماً كما يرحلُ الشهداء لا ينكسرون، نعم .. رحلت :
من موتنا الى موتكَ..
من حضورنا الى غيبكِ ..
من بكائنا الى نعيمك..
من قيدنا الى حريتكَ .. عند لقاء ربكَ..
عرفنا بعد موتكَ معنى الحضورَ والغياب، ومعنى الموت وقوفاً كالأشجار، قاهراً عدوكَ الحتمي.
لم تأبه بعددهم وعدتهم، ولم يكونوا بالنسبة لك إلا " عابرون في كلام عابر" أو تافهون في زمن تافه، تكاثر فيه المتخاذلون وأصروا على أن يكونوا أنذالاً.
وقفت جلموداً صارخاً في وجههم القبيح أننا في هذه البلاد العصية على الكسر ولدنا رجالاً .. وعندما نغادرُ نغادرها قديسين.. وبعد موتنا تبقى هيئتنا لحظة الموت ماثلةً كقصيدة ما تلبثُ تنقلها الريحُ كرذاذ المطر فنحفظها نشيداً وطنياً كلما حل ذكركَ..!!.
لأن في موتنا عبرة نهديه الى الآتين..!! وفيه وصيا السلف للخلف.. نعم وصايا لا نساوم بها على موتنا وحياتنا.. عبرةٌ لمن اعتبر..!! تلك وصاياك أيها العين الثاقبة معلقة على ألواح أروحنا التي غابت معك تزفكَ على عرشٍ لا يهبط الى الارض.. بل يعلو الى السماء.
والان وأنت هناكَ قديساً نبكيكَ في اربعينكَ عيون الأحبة، عين الوطن المذبوح، وعيون محبيكَ ممن جعلوا في كل زاوية علين لكَ على الوطن .. وعينٌ أخرى تقرأ وصايا الشهداء للعابرين، فنم قرير العين أبا عين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق