موقع 24:
أطرقتْ مصر حزينة وقد فقدت أحد أبنائها. وليس كلُّ الأبناء بني أرحام. المحبة تدل على البنوة، كما يدل الشذى على الزهر، كما تدلُّ أقواس قزح على وجود المطر. وهذا الملك العظيم قد أعلنت أعماله قبل أقواله عن محبته مصر، وشأن مصر، وأبناء مصر، كأحد أخلص بنيها، فكيف لا تبكيه مصر بكاءها أعزّ بنيها؟
أطرقتْ مصر حزينة وقد فقدت أحد أبنائها. وليس كلُّ الأبناء بني أرحام. المحبة تدل على البنوة، كما يدل الشذى على الزهر، كما تدلُّ أقواس قزح على وجود المطر. وهذا الملك العظيم قد أعلنت أعماله قبل أقواله عن محبته مصر، وشأن مصر، وأبناء مصر، كأحد أخلص بنيها، فكيف لا تبكيه مصر بكاءها أعزّ بنيها؟
هذه مصرُ تُنكّس أعلامها أسبوعاً معلنة حال الحداد العام. وها هي مساجد مصرَ تتوحد في صلاة الغائب يدعو فيها مسلمو مصر ومسيحيوها للملك الذي ساند ثورتهم ودعم اختيارهم وعضّد موقف مصر المحترم أمام العالم.
وهذا رئيس مصر يقطع زيارته لسويسرا، فور علمه بخبر انتقال النبيل خادم الحرمين الشريفين إلى ملكوت الله راضيّاً مرضيّاً بما قدّم لمصر وللعروبة والإسلام. وكأني بالرئيس السيسي أراه يُقبّل جبينَ الملك عبد الله للمرة الأخيرة، كما قبّل جبينه من قبل حين عرّج الملك على مصر، رغم مرضه الشديد، وهو عائدٌ من المغرب في طريقه للمملكة السعودية. فالتقاه رئيس مصر في الطائرة لقاء الأشقاء وبارك الملك اصطفاف الشعب المصري خلف قائد وزعيم أنقذ مصر وأعاد الثورة من خاطفيها. وعلّه يومها أخبره عن دعم المملكة لموقف مصر أمام فرنسا التي كادت تقتل فرحة المصريين بثورتهم الثانية واستعادة سلطان مصر من الإخوان سارقي الأوطان والأحلام، ومن وراء فرنسا، كان ستمضي في ركابها دول العالم الغربي الأمريكي والأوروبي لو لم يصطف الملك السعودي ضمن رباعي الخليج المحترم: الإمارات العربية، الكويت، البحرين، داعمين خيار مصر وشعبها.
قالها الملك عبد الله بن عبد العزيز واضحةً صريحة في وجه أوباما: إن التلويح باعتزام أمريكا تسمية ثورة المصريين في 30 يونيو 2013، والإطاحة بنظام الإخوان بـ"الانقلاب العسكري" يعني المجازفة بعلاقة المملكة السعودية بواشنطن. وقالها واضحة صريحة لفرنسا وفي ظلّها دول الاتحاد الأوروبي: إن أي إنكار أو استنكار لثورة المصريين وأي تهديد تتعرض له مصر من جانب دول الغرب، سيكون للمملكة حياله شأنٌ حاسم لا تُحمد عُقباه. ومن فورهم تراجعوا وعادوا إلى صوابهم. فهم يعرفون حجم دول الخليج اقتصاديّاً وسياسيّاً، ويعرفون حجم كلمتها ووعيدها. تراجع أوباما ومعه قوى الاتحاد الأوروبي الذين كادوا يحطمون حلم مصر ويخنقون إرادة شعبها، والتزموا الحياد والصمت الجميل حيالنا، لنكمل، نحن المصريين، مسيرتنا في مكافحة الإرهاب الداخلي والخارجي ونستأنف في هدوء حلم الديمقراطية الذي كاد يوأد.
وحال الكلام عن مكافحة الإرهاب، نتذكرُ يداً بيضاء أخرى مدّها هذا الملك المثقف من أجل اجتثاث نبتة الإرهاب الفاسدة من الأرض الطيبة.
بكى الملك الراحل صورة الإسلام التي شوهها المتنطعون على موائد الدين يرتزقون من جهالة المغيبين فيقطفون أعمار الأبرياء وينحرون الرقاب ويشرّدون الآمنين ويحطّمون ميراث الحضارات ثم يكبّرون بصيحة الإسلام "الله أكبر" فيقول الناس في كل الدنيا: "هكذا المسلمون في كل مكان وزمان"! حتى صار الإسلام مضغة سائغة تلوكها الألسن بالسوء في شتى بقاع الأرض واصمينه بدين الدم والقتل والإرهاب وترويع الآمنين! فما كان ممن استؤمن على الحرم المكي والحرم النبوي، خادماً أميناً وفارساً حامياً، إلا أن طارد يد الإرهاب السوداء أينما حطّت أصابعها الدنسة لكي ينتزع من بين براثنها الآثمة الوجه المشرق لدين الرحمة، كما يفترض أن يكون.
هذا شعب مصر الكريم لا ينسى مَن سانده، ومَن ناصره، ومن وقف موقف الفرسان وقت العسر، يدعو للملك عبد الله بن عبد العزيز، ليتغمده اللهُ برحماته ويسكنه طيّب جناته ويحسن عزاء ذويه وشعبه، ويحسن عزاءَنا فيه. وأما مصرُ الطيبة التي لا تنسى من أحبها، فأراها اليوم تُطوّب ابنها البار وتقول له: ما قصّرت في حقي وحق شعبي يا بُني. فنم مستريحاً وسلامُ الله عليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق