في ذكرى النكسة... نكساتنا تتوالد وتتزايد/ راسم عبيدات

من حزيران/1967 وحتى حزيران/2015 نكساتنا وخيباتنا تتعاظم وتزداد خطورة،وشعبنا وامتنا يدخلون في نفق مظلم،قد يمتد لعشرات السنين،اذا ما إنتصر المشروع الأمريكي وادواته في المنطقة...ويبدو ان كل برامج الفصائل الفلسطينية الوطنية التحررية والديمقراطية الإجتماعية لم تثبت صحتها في أرض الواقع،كما يحلو دائماً للفصائل القول ب"سوبريتها" وصحتها.
ثمانية وأربعون عاماً على نكسة حزيران،ولا أعرف لماذا اطلق عليها العرب اسم النكسة،فالنكسة أو الوعكة تحدث بشكل مفاجئ لجسم معافى وسليم،والوضع العربي لم يكن لا معافى ولا سليم،ومواجهة ومحاربة "اسرائيل" وطردها وتحرير فلسطين،لم يكن أكثر من شعارات "ديماغوجية" وخطب رنانة عبر أثير الإذاعات،ونتيجة تلك الحرب التي لم تكن مجرد نكسة،بل هزيمة ساحقة خسرنا فيها البقية الباقية من فلسطين التاريخية وأراض لثلاث دول عربية أخرى،ما زال الجولان محتلاً بشكل مباشر،وسيناء ووادي عربة محتلة بشكل غير مباشر ومكبلة السيطرة العربية عليها بقيود واتفاقيات مجحفة ومذلة.

منذ هزيمتنا في عام 1967 وحتى اللحظة الراهنة،لم نستطع ان نجسد حلمنا في تحرير ارضنا واستعادة حقوقنا الوطنية المشروعة،لم ننجز لا المرحلي منها بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ 1967ولا الإستراتيجي باستعادة فلسطين التاريخية...أي باختصار فشلنا في نقل مشروع الدولة الفلسطينية من الإمكانية التاريخية الى الإمكانية الواقعية.
الان تبدو الأمور على نحو اكثر سوداوية وسوء ليس فقط على صعيدنا الفلسطيني،حيث ان الممكنات والظروف لتحقيق الحلم الفلسطيني،في إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 تزداد صعوبة وتعقيداً،فالنكسة الفلسطينية يتوالد عنها نكسات،وكذلك الحالة والوضع العربي تزداد نكباته ونكساته،فالمشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية معرضتان لمخاطر التصفية والتبديد والتفكك،فالحالة الفلسطينية منقسمة على ذاتها،والاحتلال يزداد "تغولا" وشراسة،مستفيدا من حالة الانقسام الفلسطيني التي تتعمق وتتكرس والمناكفات الداخلية متواصلة وتتصاعد،ونحن نرى بأن مشاريع التصفية للقضية تطل برأسها،وتشارك فيها أطراف دولية وإقليمية وعربية،حيث الدولة ذات الحدود المؤقتة في قطاع غزة والإجهاز على القدس بشكل نهائي،وتحويل ما يتبقى من الضفة الغربية بعد ضم مناطق (سي)،والتي تشكل (60)% من مساحة الضفة الغربية الى "كانتونات" معزولة كجزر متناثرة في محيط إسرائيلي.
أما في الحالة العربية فنحن نرى بأن كل قطر عربي،يعيش ليس نكسة بل ما هو اكبر من نكبة،حيث المشروع المعادى للمنطقة العربية،مشروع الفوضى الخلاقة،المستهدف للأمة العربية وجوداً وشعوباً وجيوشاً وجغرافيا،سائر بالمنطقة نحن التقسيم والتجزئة والتفكيك والتذرير،وإدخال كل قطر عربي في صراعات مذهبية وطائفية،وبما يخلق ثارات اجتماعية عميقة،تجعل من الصعب تعايش مكونات ومركبات القطر الواحد الأثنية والمذهبية والطائفية في دولة مركزية واحدة،بحيث يصبح التقسيم حاصل تحصيل وامر واقع،ونحن نشهد تجليات هذا المشروع في ليبيا والعراق وسوريا ومصر وحتى السعودية،مشروع يدفع بالعرب نحو التدمير الذاتي،ينهب خيراتهم وثرواتهم ويدمر بلدانهم ويقتل شعوبهم،ويستنزف مواردهم المالية،وفي النهاية تعاد صياغة جغرافيتهم خدمة للمشاريع الأمريكية والاستعمارية في المنطقة،والتي جوهرها حماية امن إسرائيل وتسيدها في المنطقة لعشرات السنين القادمة،واحتجاز تطور الأمة العربية لمئة سنة قادمة،بحيث الدول المقسمة طائفياً ومذهبيا وثرواتياً،مرتبطة امنياً بأحلاف امنية مع إسرائيل وتدار إقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي،على ان تقاد من قبل "مخاتير" سموهم رؤوساء ،ملوك وامراء بدون سيطرة على مواردهم وقرارهم السياسي.
واضح جداً باننا فلسطينياً وعربياً سائرون نحو المزيد من تزايد وتوالد النكسات والنكبات،فقضية فلسطين لم تعد القضية المركزية للعديد من الدول العربية،سواء بسبب إنشغالها بهمومها الذاتية وما تتعرض له من عدوان وتدمير وحالة عدم إستقرار،أو انتقال البعض منها للتنسيق والتعاون مع "اسرائيل"،وبالذات مشيخات النفط والكاز الخليجي،والتي لم تعد ترى في اسرائيل العدو المركزي والأول للأمة العربية،حيث يجري تعظيم مخاطر دول أخرى،وجعلها"فزاعة" كإيران،لتخويف هذه الدول وإرعابها،بأنها تشكل الخطر الأول على امنها ووجودها ونفوذها ودورها ومصالحها،من اجل استمرار استنزاف مواردها المالية،وتشغيل وزيادة مبيعات مصانع السلاح الغربي والأمريكي،وتحقيق رفاهية شعوبها على حساب الأمة العربية.وفلسطينياً دعك عن الإنقسام،فاللاجئون الفلسطينيون وتحديداً في اليرموك يتعرضون لنكبة جديدة،نكبة يراد منها تصفية قضية اللاجئين،يجري من خلالها طرد وتهجير اللاجئين وتوطينهم في المنافي والشتات،فما يجري في اليرموك،جرى قبله في مخيم نهر البارد في لبنان،حرب مستعرة على حق العودة،وحرب مستعرة على الوجود الفلسطيني في القدس،وتطبيق للقوانين الإسرائيلية على المستوطنين في الضفة الغربية،وبما يهدد بإبتلاعها عبر زيادة عدد المستوطنين فيها من (350) ألف مستوطن الى اكثر من نصف مليون مستوطن.والداخل الفلسطيني-48- مشاريع التهويد تتسارع وتزداد وتائرها بشكل كبير،حيث مشروع "برافر" لطرد وتهجير عرب النقب عن أرضهم،وحصرهم في "جيتوهات" مغلقة.


كم حزيران نحتاج فلسطينياً وعربياً؟؟؟،وكم نكسة؟؟ حتى نستطيع أن ندرك بأن حروب التدمير الذاتي والإنقسامات الحاصلة فلسطينياً وعربياً ستذهب بنا نحو الكارثة والهاوية،ولن يستفيد منها غير اعداء الأمة من صهاينة وامريكان وغرب استعماري،فأي قطر عربي يجري تدميره أو إحتلاله وتقسيمه،هو خسارة عربية صافية،ولن يتحقق لا أمن ولا امان عربي في ظل حالة عربية كهذه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق