نتابع باهتمام بالغ التطورات على المستوى السياسي الفلسطيني فيما يتعلق بالمعركة القادمة المعلن عنها، حيث التوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول القادم,,وكذلك خطابات القيادة الفلسطينية بدأ باجتماعات المجلس المركزي واللجنة التنفيذيه لمنظمة التحرير وليس انتهاءا بالمؤتمر الشعبي الذي دعا له الاتحاد العام للمرأة الفلسطينيه في نهاية شهر تموز الماضي بهدف إطلاق حملة من اجل" دوله فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة".
لن ابحث من خلال إطلالتي الرؤى المختلفة والمتباينة لهذه المعركة بين مؤيد و معارض, او من ينظر لهذه المعركة بجدية ومن ينظر اليها باستخفاف وعدم قناعه ,, اما بتوجهات القياده او بهيئات وقرارات الامم المتحدة, لعدم جديتها في مواجهة السياسة الإسرائيلية التعسفية تجاه شعبنا ولممارساتها التي تتناقض وقرارات الشرعية الدولية .
لكن ما لفت انتباهي واستوقفني مطولا، العبارات الرنانة التي باتت تصدح بها خطاباتنا واعلامنا حول المقاومة الشعبية، بعد ان كرر الرئيس ابو مازن وعلى امتداد المرحله السابقه غير مره بأنه لن يسمح ابدا بانطلاق انتفاضه جديده مهما كان شكلها,وتأكيده المتواصل ان خياره الوحيد هو المفاوضات ,حتى اختلطت الأمور على أبناء شعبنا حول ما تعنيه قيادتنا ، وعن أي مقاومة تتحدث ؟!
لقد شكلت الانتفاضة الأولى " انتفاضة الحجارة " نقطة تحول في نضالنا لما رسخته من توحد للكل حول شكل المقاومه السلمي, فقد كانت حاله شعبيه عامة ساهمت بها كافة قطاعات الشعب, بدأت عفويه وبإرادة شعبيه وبدون اي قرار سياسي، وكنتيجة طبيعيه لممارسات الاحتلال على الأرض، وقد استطعنا من خلالها رفع صوتنا مدويا في المحافل الدولية، وأمام الرأي العام العالمي ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بسبب فاشيتها وعنصريتها، وقد تمخضت الانتفاضة عن مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية، أسفرت عن اتفاق أوسلو، حيث كان بالإمكان التوصل إلى أفضل من ذلك لو أُستغلت عناصر القوة في الانتفاضة الشعبية، ولو أحسنا سبل ووسائل التفاوض مع الإسرائيليين . .
فشلت الانتفاضة الثانيه بلعب الدور الذي لعبته الاولى ,وانما كان لها من التاثيرات السلبيه على مسار قضيتنا ما أعادنا عقود إلى الخلف, بسبب تبنيها النشاطات المسلحة وبخاصة التفجيرات داخل إسرائيل , تلك التي رفضها المجتمع الدولي وتعامل معها كإرهاب وعنف يتنافي مع ما أقرته الشرعية الدولية، الأمر الذي اثر سلبا على مستوى الدعم الدولي لعدالة قضيتنا، هذا عدى عن استغلال الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لذلك وقيامها بتكريس سياسة الأمر الواقع وفرض وقائع جديده على الارض بهدف اجهاض اي مطلب عادل في تقرير المصير ، ويمكن الإشارة في هذا السياق لما قامت به من بناء لجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، ومصادرة ألاف الدونمات وبناء المستوطنات .
خلال السنوات الماضيه تزايدت الدعوات والنقاشات حول المقاومة الشعبيه من قبل مختلف الاتجاهات سواء من فصائل العمل الوطني او بعض مؤسسات المجتمع المدني، وذلك من خلال أشكال مختلفة منها ما له علاقه بمقاطعة بضائع الاحتلال او المقاطعه المدنيه ,وأيضا فيما يتعلق بالأنشطة والفعاليات المختلفة ضد الجدار والاستيطان، كما يحدث في بلعين ونعلين والمعصره,ومجموعات المتضامنين الاجانب الوافدين للاطلاع والمشاركه في رفض الاحتلال وإفرازاته, الجميع توحد خلف شعار المقاومه الشعبيه وان كانت المنطلقات لهذا الشعار مختلفه,فمنهم من آمن ومارس هذا الشكل من النضال على مدار سنوات الاحتلال من خلال قناعته وايمانه بانها الشكل الافضل والانسب لوضعنا وقضيتنا ,ومنهم من رفعها كشعار لمصالح حزبيه او فئويه لها علاقه ربما باستحقاقات انتخابيه او لأسباب اخرى, ومنهم من تعامل معها كواجهه اعلاميه لتلميع صورته,ولكن وبغض النظر عن المنطلقات الا ان هذا الشكل من النضال ونتيجة لظروف شعبنا وإمكانياته، وارتباطا بالواقع الدولي، اثبت صوابيته وجدواه، كما ترك أثاره على الأرض، ومكننا من تحقيق ما لم نستطع تحقيقه عبر الاشكال الاخرى للنضال.
وللأسف الآن تحولت المقاومة الشعبية من فعل للكل الفلسطيني وكحالة نضالية مستمرة ومبدعه، إلى مقاومة محدودة في بؤر منعزلة، وتنفذ موسميا, صحيح أن سبب ذلك يعود إلى الوقائع التي رسخها الاحتلال على الأرض من حواجز وجدار, لكن هناك أسباب لها علاقة بمجموعة الاتفاقات المبرمه مع الجانب الاسرائيلي اضافه الى ربطها بالاراده السياسيه للفئة الحاكمه ,دون السماح من قبلها للوصول لمواقع التماس والحواجز، حيث كانت أي مبادرة في هذا الاتجاه تقابل بالرفض التام ,واصبحت حتى مناسباتنا الوطنيه عباره عن مهرجانات بوسط المدن وبعيده كل البعد عن شكلها المقاوم.
والسؤال هنا هل يأتي الاعلان الان عن المقاومه الشعبيه كخيار استراتيجي يتحد به الكل الفلسطيني ليشكل حالة دعم ومزاوجه بين المعركه الدوليه والقانونيه بالامم المتحدة؟ وإذا كان الأمر كذلك هل أعدت قيادتنا الخطط الكفيلة بإعادة الاعتبار لفكر المقاومه الشعبيه؟هل وفرت القياده من الظروف والامكانات ما يساهم في دعم الصمود الشعبي وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية المقاومة المتصدية للتعنت والصلف الإسرائيلي؟
إنني على قناعة أكيدة بان نهج المقاومة الشعبية بحاجه إلى إرادة جماهيريه مقرونة بقناعة وإيمان راسخ، واستراتيجيه واضحة المعالم لتصبح هي محرك النشاط اليومي للجماهير، كما انه بحاجة لقناعه أكيدة من قبل القيادة الرسمية لشعبنا، لان ذلك من شانه أن يعزز مقاومتنا، بل والاستفادة منه في قطف ثمار سياسية على مستوى المعركة الدبلوماسية والقانونيه مع الإسرائيليين وفي مقدمة ذلك معركتنا القادمة في ايلول القادم .
* عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق