بدأت الثورات العربية من تونس الخضراء في بداية العام الحالي, و سرعان ما أنتقلت إلى مصر و ليبيا و اليمن و سورية. و عمت المظاهرات المطالبة بالحرية و الإصلاح متأثرة بتلك الثورات, معظم البلدان العربية كالبحرين و العراق و الأردن و المغرب و الجزائر. دخلت إيران على الخطوط الساخنة في تلك البلدان بغية إستثمار تلك الثورات و الإنتفاضات و المظاهرات لصالح مشروعها التوسعي في المنطقة العربية. فحاولت إيران أن تفتح لها مواقع جديدة في البلدان التي عجزت على فتح موطئ قدم لها قبل الربيع العربي مثل مصر الذي بدء التغلل الإيراني يتسع في الساحات السياسية و الثقافية هناك. فعادت إيران إلى مصر بفتح سفارة لها في القاهرة بعد أكثر من ثلاثين عاما من الطرد. و غزت الوفود و الأفلام الإيرانية القاهرة, حيث عرضت دور السينما المصرية تسعة أفلام إيرانية في يوم واحد فقط في الإسبوع الماضي!. و حاولت إيران أن تحتفظ بمواقعها القديمة التي أكتسحتها بأدوات مختلفة في بعض البلدان مثل لبنان و سورية و العراق.
حسمت إيران الساحة العراقية و السورية و اللبنانية لصالحها و ذلك قبل بدء الربيع العربي بوقت طويل و تقدمت في الساحة المصرية. كما إستطاعت السعودية من ردع الهجمات الإيرانية المتكررة في عمق المجلس التعاون الخليجي خاصة في الكويت و البحرين بعد ما حسمت المعركة بزحف دفاعي رصين سمي بدرع الجزيرة. و بقت اليمن تترنح بين التكتيكات الهجومية الإيرانية و التكتيكات المرتدة للمملكة, وسط حراك و ثورة الشعب اليمني, بإنتظار تدخل شقيق لصالح الشعب و الوطن أو تدخل أجنبي لسرقة الثورة و إنحراف أهدافها, حيث اليمن تمر بمرحلة حرجة و حساسة و إنها بأمس الحاجة لإستراتيجية حكيمة و شاملة تحسم المعركة في دقيقة التسعين من المباراة و تصل باليمن إلى شاطئ الأمان من المخاطر الجمة التي تحيط بها من كل صوب و أخطرها التدخل و التوغل الإيراني الذي له أذرعة حاربت اليمن في فترات مختلفة و هي تشكل خنجر مسموم في الخاصرة السعودية.
قامت إيران و من أجل ألا تخسر الجبهة الخلفية في معركتها مع المملكة العربية السعودية, بعدة خطوات مهمة منها تخصيص 5.8 مليار دولار و تقديم 290 الف برميل من النفط يوميا للنظام السوري بغية تقويته في سبيل قمع و إجهاض الثورة السورية. و قامت إيران و لنفس الغرض بإرسال وفدا برلمانيا برئاسة نائب رئيس البرلمان الإيراني "رضا باهنر" و بمعية سفيرها في لبنان البسيجي "غضنفر ركن آبادي" في الإسبوع الماضي ليلتقي حسن نصر الله أمين عام حزب الله الإيراني في لبنان.
و إذا تمحصنا جيدا بدوافع إهتمام إيران الكبير في التوغل و بالتالي السيطرة على الدول العربية كالعراق و اليمن و البحرين و الكويت و اخيرا مصر, فنجد تلك الدول تشكل حلقة متكاملة تحاصر المملكة العربية السعودية من كل الجهات الأربع,( العراق من الشمال, اليمن من الجنوب, البحرين و الكويت من الشرق و مصر من الغرب).
تعي إيران جيدا بإن المملكة العربية السعودية هي القلعة العربية و الإسلامية التي لها ثقلها المشهود و المؤثر في المنطقة و الحصن المنيع مقابل النفوذ الفارسي الصفوي, نظرا لتمتع المملكة بخصوصيات تؤهلها أن تكون الدولة الإقليمية الكبرى بدل إيران أو تركية, مثل العامل الديني (وجود المكة المكرمة, قبلة المسلمين و المدينة المنورة), الإقتصادي, الجغرافي, العلاقات الإقليمية و الدولية المميزة و إنسجام وحدتها الدينية و القومية.
مقابل النقاط القوية للمملكة العربية السعودية, تعاني إيران من مشاكل و نقاط ضعف قاتلة مثل الصراع القائم بين أجنحة النظام الحاكم التي تطورت إلى صراع داخل الجناح الواحد و المجموعة الواحدة مثل الصراع القائم بين خامنيئ من جهة و أحمدي نجاد من جهة أخرى و هما يشكلان مجموعة واحدة من داخل جناح واحد يسمى المحافظين المتشددين. ناهيك عن نضال الشعوب غير الفارسية من أجل التحرر و الإستقلال الذي يشكل قاعدة واسعة لتفتيت إيران إلى دول قومية مختلقة على غرار يوغسلافيا السابقة أو الإتحاد السوفيتي السابق. زد على ذلك, الوضع الإقتصادي المتدهور و الفساد الإداري و الإخلاقي المستشري في كل مفاصل الدولة الإيرانية, عوامل تجعل من إيران خبر كان إذا ما عصفت رياح التغيير بإتجاها.
بما إن إهم إستراتيجية الدفاع عن النفس هو الهجوم, و من أراد الفوز فعليه إستغلال نقاط ضعف الطرف الآخر. فعلى المملكة و معها دول مجلس التعاون الخليجي, أن يضاعفوا هجومهم المرتد على الخطوط الدفاعية الإيرانية التي أصبحت ساحاتها خاوية و مرتبكة و قواها متشتتة بسبب فتح طهران جبهات عديدة لها في الوطن العربي. و ساحات الأحواز العربي و الشعوب غير الفارسية كلها مستعدة للتعاون مع الفريق الأخضر (العربي) لإلحاق هزيمة نكراء بالفريق الإيراني. و الشعوب غير الفارسية في إيران التي تعاني الذل و الهوان في إنتظار التكتيكات السعودية في ارسال الكرات الطويلة إلى خلف دفاع الفريق المنافس في الدقائق الأخيرة من المبارات و ليكن الهدف القاتل ( الهدف الذهبي), سعودي بتعاون أحوازي, خاصة إذا إستخدمت المملكة نقاط ضعف إيران المذكورة, فإنها ستسجل أهداف الفوز و بفوارق شاسعة و ستخرج إيران من كأس الربيع العربي مهزومة فاشلة, التي أقحمت نفسها به من أجل أن تجعله شتاءا طويلا و مظلما للدول و الشعوب العربية و تحصد ثمر الربيع العربي الذي قد هرم الشعب العربي في سبيله.
كاتب أحوازي مقيم في لندن
Ahwazi5@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق