عرفنا الفقيد نمر مرقس كأحد اعلام النضال الوطنية الساطعة في حياتنا السياسية والفكرية والاعلامية وميادين الكفاح السياسي والشعبي ، وواحداً من المناضلين والمقاتلين الاشاوس المسلحين بالفكر الطبقي الايديولوجي الماركسي _ اللينيني ، والمتمسكين بالهوية الطبقية والمثل الاخلاقية والمبادئ الثورية العظيمة والاممية الجذرية . فكان نموذجاً يحتذى في الالتزام التنظيمي والنقاء الثوري والاستقامة والاخلاص للمبدأ ، ومثالاً للعطاء والتضحية من اجل وطنه وشعبه ومجتمعه وحزبه وطريقه السياسي ، وفي الكفاح العنيد والشرس ضد كل اشكال القهر والظلم والاضطهاد والاستبداد والاستغلال الطبقي ، وضد الاحتلال والاستعمار .
تميز الفقيد نمر مرقس بانسانيته الصادقة العميقة ، وهذا انعكس في تربية بناته وافراد اسرته . وقد تجلت في شخصيته وحدة النظرية والممارسة الثورية الواقعية ، وكان في حياته ومسلكه ونهجه واسلوبه وتعامله مع الآخرين يطبق هذه الانسانية .
ومنذ صغره وشبابه المبكر، شّد نمر مرقس الانتباه لدى ابناء جيله ، بوعيه ونباهته وثقافته،وعشقه للمعرفة ، ورغبته المتنامية في التغيير ، وسخطه على التخلف ،الذي يطبع ويسم حياة مجتمعاتنا العربية التقليدية ، وتمرده على واقع القهر والبؤس المحزن الذي يعيشه الناس المسحوقين والمضطهدين والمحرومين والمعذبين . كل ذلك دفعه الى تلمس طريقه نحو الحزب الشيوعي ، الذي وجد فيه ضالته ونفسه ومكانه الصحيح وموقعه الطبيعي ، كقوة سياسية ووطنية وفكرية مناهضة وطليعية معنية بالتغيير في سبيل غد افضل ومستقبل اجمل ينعم فيه ابناء الفقراء والناس البسطاء بالحرية والفرح والسعادة .
اضطلع نمر مرقس في حياته بمهمات حزبية ومسؤوليات متعددة وهامة وحيوية ، فكان مسؤولاً تنظيمياً في منطقة عكا ، ومحرراً لمجلة "الغد" الصادرة عن الشبيبة الشيوعية لمدة 15 عاماً ، ومحرراً لمجلة "التقدم" الصادرة عن كتلة المعلمين الديمقراطيين ، ورئيساً لمجلس كفر ياسيف المحلي لمدة عشرين عاماً حتى استقالته . وكان احد القادة المؤسسين في مسيرة الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية ، وعضواً فعالاً ونشيطاً في هيئاتها ومؤسساتها ، وعضواً في لجنة الدفاع عن الاراضي وغير ذلك.
وكان كاتباً ومحللاً سياسياً عميقاً ومؤثراً ، وقد نشر عشرات المقالات الادبية والمداخلات والمعالجات السياسية في "الاتحاد" و"الجديد" و"الغد" و"الدرب" وسواها من نشرات ودوريات الحزب التثقيفية التعبوية. وقد صدر له كتاب "اقوى من النسيان" تناول فيه اهم وابرز المحطات النضالية في تاريخ ومسيرة الجماهير العربية الفلسطينية الكفاحية ، باسلوب ادبي شائق وجذاب .
اننا نودع نمر مرقس مناضلاً وشيوعياً كبيراً ، وشاعراً واديباً مرهفاً حالماً ، ومعلماً وفياً سكن قلوب طلابه ،فعلّم محمود درويش لغة الشعر والوطن والمقاومة ، وعلمنا لغة الفكر والنضال في ذلك الزمن الصعب والايام السوداء الحالكة ، ومثقفاً تنويرياً وعقلانياً صميمياً في رؤاه وكتابته السياسية والادبية ، مجسداً الروح الحقيقية الثورية والطليعية الريادية للمثقفين الفلسطينيين العضويين الاحرار الملتزمين بهموم وقضايا مجتمعاتهم ، والحالمين بالثورة والتغيير والمستقبل .وكم سنحس بالخسارة الفادحة لغياب هذه النجمة الفلسطينية والجليلية الشامخة في بدر سماء الفكر السياسي والثقافة الحرة الديمقراطية والكفاح البطولي ضد المشاريع العنصرية للمؤسسة الاسرائلية الحاكمة.
ستخلد ذكرى نمر مرقس الى الابد في قلوب رفاقه واصدقائه ومعارفه وبناته واهل بيته وعائلته وكل الناس البسطاء والشرفاء من ابناء الفقر والانسحاق ، وكل انصار السلام والتعايش والحرية والديمقراطية ، الذين احبوه وقدروه واعتزوا بالعمل معه . وستخلد ايضاً في سيرته الشخصية وسماته الخلقية ، التي اثارت الاعجاب والتقدير لدى قطاعات شعبنا وقواه الوطنية والسياسية ، وفي التراث الفكري والسياسي والادبي والتاريخي والسياسي والنضالي لشعبنا الحي الصامد فوق تراب وطنه . هذا التراث الذي اضحى تراثاً لكل الحركة الوطنية ويتمسك به كل التقدميين والديمقراطيين وطلائع النضال والثورة تراثاً هاماً، وسلاحاً حاداً بتاراً في معارك الثقافة والحضارة والمستقبل ، وفي مواجهة قوى البغي والعدوان والاحتلال ، وقوى الجهالة والتكفير والتخلف .
ان امثال ابي نرجس لا يموتون ، انهم خالدون واقوى من الموت والنسيان ، ويتحولون بعد موتهم وغيابهم عن الدنيا مثالا وقدوة عليا ، وبذلك يواصلون وهم في اضرحتهم، التأثير على العملية الثورية والتحولات الديمقراطية والتطور النوعي لمجتمعاتنا العربية الانسانية ، بما خلفوه من تراث فكري ومواقف وطنية وسياسية لا تنسى .
اخيراً ،عزاؤنا لافراد العائلة ونخص بالذكر زوجته المناضلة نبيهة مرقس وابنته الفنانة الملتزمة امل مرقس واخواتها ، ولحزبه الشيوعي وجبهته الديمقراطية ورفاق دربه وكل السائرين على طريقه .وسيظل نمر مرقس حاضرا! في وجداننا وضمائرنا وقلوبنا وادبياتنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق