** بعد كل واقعة إغتصاب تحدث فى مصر .. تنطلق الأقلام فى الصحافة ويهل علينا خبراء الحالة النفسية للشارع المصرى ، وهم يفندون جرائم الإغتصاب وجرائم التحرش الجنسى ، فى برامج القنوات الفضائية .. والجميع يلتفون حول سؤال واحد دون البحث عن الحلول .. ما الذى جرى لنا ؟ ..
** إعتداء على سيدة والتحرش بها جنسيا فى الطريق العام ، والجميع ينظرون إلى الواقعة فى حالة تبلد وغباء وسلبية ..
** السفالة والإنحطاط ضد الإنسان والسيدات فى وسائل النقل العام "الأتوبيس والمينى باص والمترو" ، ومحاولة لمس أماكن حساسة فى أجسادهم .. وللأسف تأتى هذه الأفعال القذرة من شباب صغار السن ، ورجال كبار السن .. وإذا إحتجت المتحرش بها ، وصرخت فى وجه هذا الشاذ ، لا تجد من يقف بجوارها أو يساندها ، بل ربما تسمع كلمات جارحة وسخرية من البعض ، لمطالبتها بإستقلال تاكسى فى تنقلاتها .. بل وصلت سفالة بعض المتفرجين الذي ربما يدمن التحرش فى وسائل النقل العام أن يطالب السيدة أو الفتاة بالنزول من المينى باص أو الأتوبيس .. وذلك دفاعا عن شريكه السافل والمتحرش ..
** فى واقعة التحرير الأخيرة .. حدثت حالات تحرش جماعى لبعض السيدات والفتيات وصل إلى حد الإغتصاب الجماعى .. ومع ذلك لم يجدوا من يدافع عنهم وكان يكفى أن تسمع صرخة واحدة للفتاة المغتصبة حتى تتحرك ألاف من الشباب تجاه مصدر الصوت .. ولكن الشئ الغريب أن يتصدى ضابط شرطة لأكثر من 20 ذئب بشرى ، وهم يلتهمون فريسة وقعت بين أيديهم ، بل وأطلق ضابط الداخلية عدة أعيرة نارية فى الهواء ، كانت كفيلة بتحريك جحافل الذين يحتفلون بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى .. ولكن للأسف لم يتحرك أحد ... هل هو خوف .. هل هى سلبية .. هل لم يعد شئ يهم ؟ .. ربما يكون خوف وربما يكون سلبية وربما لم يعد شئ يهم .. وربما الثلاثة معا !!!..
** بعد ذلك .. يأتى دور المتفزلكين فى وسائل الإعلام ليعيدوا سيناريوهات الإغتصاب وكيف تم ، وربما يأتى مقدم أحد البرامج بقناة ليس لها علاقة بما تم من محاولات الإغتصاب ، أو ربما فتاة تكون معروفة لبعض الشباب ، وسبق أن أقامت علاقات صداقة مع بعضهم .. وعندما رأها البعض تكالبوا عليها ، وكل يريد الفوز بها .. ربما أحد هذه النماذج ظهر فى قناة صدى البلد مع الإعلامى أحمد موسى بالأمس ، وهى تتكلم بالعين والحاجب ، ومعها الناشط السياسى حمدى الفخرانى .. ويبدو أنه تم تلقينها بعض العبارات للتسخين .. منها على سبيل المثال "أن كل المتحرشين بالفتاة كان يقولوا لها إحنا هانعلمكم الأدب يابتوع السيسى" ، وبسؤال الفتاة وهى بالمناسبة صغيرة السن ومحجبة ، وتضع أحمر شفاة لم بتناسب مع سنها .. كانت تقول "لم أخاف على نفسى .. ولكنى كنت أخاف على أختى الصغيرة" .. وعن المتحرشين بها داخل دورة المياة كانوا أكثر من مائة شخص .. ثم عادت وأصرت أنها ستظل تذهب فى الإحتفالات من أجل مصر .. ثم عادت تتحدث عن نفسيتها المنهارة ولا تستطيع التحدث والكلام رغم ظهورها الفج على القناة ..
** هذا النموذج هو أكثر النماذج إساءة للفتاة والمرأة المصرية .. فلا يمكن أن تتعرض فتاة لكل هذا الكم من الإعتداء والتحرش وتمزيق ملابسها ، ثم تجلس أمام الكاميرات بهذا الثبات .. بالقطع التجربة سوف تترك أثارها النفسى عليها ، ولن تستطيع أن تجلس بهذه السهولة أمام كاميرات الإعلام لتحكى قصتها .. ثم بسؤالها ماذا قالت الأسرة عند عودتك للمنزل ؟ ... أجابت ، لقد ذهبت للمبيت عند جدى ..
** ليس ما أقوله هو دفاعا عن هؤلاء الكلاب المتحرشين ، مهما كانت صفة أو ملابس أو سلوك المتحرش بها .. ولكننا علينا أن نميز بين الفتاة التى تسير فى الشارع ، لتحرض الجميع على الإحتكاك بها .. وبين الفتاة المحترمة التى تنتهك وتغتصب وعندما تستغيث يقف الجميع فى موقف المشاهد بل سرعان ما يخرج موبايله ويحاول تصوير المشهد ليحتفظ به ..
** فما الذى أوصلنا إلى هذا ؟؟ .. هناك عدة أسباب :
الشرطة :
** نعم .. الشرطة كانت أهم الأسباب التى جعلت الناس تحجم عن الشهادة أو الذهاب إلى القسم مع المجنى عليها لحمايتها .. فكان يتعرض للبهدلة وربما يتم الإعتداء عليه من قبل المتهم أو أهله داخل القسم ولا يجد من يحميه أو يدافع عنه .. وربما يتم إحتجازه حتى عرض الواقعة على النيابة .. التى تصر على حضوره فى أكثر من مرة للشهادة ، بل ربما يستدعى للشهادة أمام المحكمة ، مما يجعله يندب حظة التعس أن يقوم بدور الشهم وهنا نقول أن من جعل المواطن أن يكون سلبيا هو القانون والشرطة ..
** أما الكارثة الكبرى فهى أنه فى معظم تلك القضايا ، يتم تنازل المجنى عليها عن الدعوى بعد قبول أموال مقابل التنازل أو توسط بعض أصحاب النفوذ للتأثير على الضحية .. فهنا يجد الشاهد أنه وحيدا فى مواجهة المتهم ، وربما يتم تهديده للإنتقام منه ، وهنا مرة أخرى .. لا الشرطة تحمى الشاهد ولا القانون يحمى الشاهد ..
** وصلت بنا السلبية لنشاهد مواطن يلفظ أنفاسه الأخيرة ويحتاج لنقله إلى المستشفى ، فيتبرع أحد المواطنين بنقله بسيارته الخاصة إلى أقرب نقطة إسعاف أو مستشفى لإنقاذ المصاب فتكون النتيجة حجز المواطن وكلبشته ربما يوم أو إثنين أو ثلاثة .. حتى يتم عرضه على النيابة العامة ، وهو ما يجعله أن يندم على إنقاذه لأحد المواطنين ، وتصدر النيابة قرارها بحجز المواطن حتى يفيق المصاب ، ويقر أمام النيابة أن هذا الشخص لا يعرفه ولم يصطدمه .. أما الكارثة لو توفى المصاب فهنا أصبح أمام النيابة متهم بالقتل ويعرض على المحكمة .. رغم أنه من أنقذ الضحية ..
** وهكذا يحول القانون المصرى الرجل الشهم الذى أنقذ الضحية أو لم يستطيع إنقاذه ، إلى مجرم وقاتل ومتهم ..
** هذه هى الصورة التى لم تتغير حتى هذه اللحظة فى الأقسام وأمام القضاء وأمام النيابة العامة .. فهل بعد كل ذلك نجد من ينقذ أى ضحية ..
** وإذا كنا جادية فى السعى لإقامة دولة مصر الجديدة .. ودولة القانون والعدالة والمساواة .. ودولة المواطنة فعلينا أن نهدم كل هذه القوانين البالية وأن ننطلق إلى عهد جديد وفكر جديد ، وحياة أكثر آمنا فى ظل رئيس جديد وعد أن تنتهى كل مشاكل المواطن المصرى ..
صوت الأقباط المصريين
0 comments:
إرسال تعليق