غزّة/ د. عدنان الظاهر

                
أعددتُ العُدّةَ أنْ أقضي في غزةَ وطرا
أنْ أمسحَ أركانَ المُدخلِ بالمسك وبالدمعِ الجاري
أتعلّقَ بالكوكبِ خوفاً من ضربةِ سيفِ الجلاّدِ
أقطعَ أرضَ اللهِ بسيارةِ إسعافِ
أتركَ قلباً يضربُ أوتاراً تعبى في صدري
أنْ أمضي بحثاً في أرضٍ أخرى عن موقعِ زلزالِ
أو أَثرٍ من سُحُبٍ مرّتْ عجلى
أسألُ ماذا قالتْ أجهزةُ التشخيصِ الطبّي ؟
قالت إنْ غامرتَ فحاذرْ
لا تقطعْ رملةَ صحراءِ الأحساءِ 
لا تعبرْ نيلاً في سينا 
لا ترفعْ صوتاً أعلى من صوتِ المذياعِ
ـ في الحائطِ آذانُ ـ
الجمرةُ في غزّةَ رأسُ المدفعِ في أولِ سطرٍ للحربِ
طائرةٌ تحرثُ في صدر القتلى قصفاً قصفا
تتسوّقُ إعلامَ الدرجاتِ السفلى ومحطّاتِ التشويشِ
والضربِ على الطبلِ ونفخِ المزمارِ السحري
تُخفي أنيابَ الذئبةِ والذئبِ
في جُبِّ وجلبابِ ملوكِ حقولِ النفطِ العربي
تمحو  رسمَ قتالٍ ضارِ
تكشفُ أجداثَ الأجسادِ
وتمدُّ الإرهابَ بأسلحةِ التكفيرِ الكُلّي.
....
طاحونُ الموتِ يدورُ
الصرخةُ صاروخٌ مخنوقٌ
الماءُ ضبابُ
غزّةُ عطشى !
غزّةُ تعبى !

   مصر مفتاحُ غزّةَ

             النيلُ مرايا تأريخِ الأهرامِ
أقصُدُها من نفقٍ محفورِ
أدنو منها أخرسَ مسحوراً هيّابا
أتقرّبُ من ربِّ رعاةِ الأنعامِ
وأقدّمُ قربانا
أنْ لا يطغى ماءٌ جارٍ في نهرِ
يتلألأ ما بين الصخرِ وكثبانِ الرملِ
كأشعة نورِ إلهِ الشمسِ المصري
ويشقُّ طريقاً صعبا
تحت خزائنِ أرضِ سنابلِ حبّات القمحِ
ليفكَّ غموضَ الأسرارِ
ويفسّرَ لغزاً مختوما
محفوراً في لوحِ غياهبِ مدفونِ الآثارِ
أزمانَ الشُحِّ وأعوامِ جفافِ الأنهارِ .
هل يصمتُ في ( مصرٍ ) ( نيلٌ ) جارِ
يهدرُ هدراً بالبشرى
دهراً يجري دهرا
منذُ الألفِ العاشرِ ما قبلَ الميلادِ ؟؟؟
( مصرٌ) تبقى تبقى مصرا 
 قطباً جبّاراً دوّارا
كيما تفتحَ أبوابَ خزائنِ ماءِ النيلِ
باباً بابا
وتسّخّرَ ألهةَ الخصبِ وربِّ سقوطِ الأمطارِ
للجوعى والعطشى
وتوجّهَ نورَ البدرِ وريحَ العصرِ
لشراعِ سفينةِ ( فينيقيٍّ ) ضلتْ
بين الإعصارِ ومقلوبِ عنيفِ الأقدارِ .

دُرّةُ فلسطينَ
                   
               (( نداءٌ من والدٍ إلى أحد الأطفالِ الشهداء ))  

ولدي ... 
فلذةَ أكبادِ جروحِ  فلسطينا  
ومرارةِ حزنٍ مدفونٍ منذ قرونٍ تحت الرملِ
يتكاثرُ عصراً عصرا
والعالمُ ( يدري ) أم ( لا يدري ) ؟؟؟
عُدْ للبيتِ سريعا
أمّك شاخصةٌ في بابِ الدارِ
تتسقّطُ ما يأتيها من أشتاتِ الأخبارِ
عن صولة أطفالِ وصبيانِ الأحجارِ
تتصدَى لرصاصِ الفتكِ وغطرسةِ ( الشعبِ المُختارِ )
وتقاتلُ أجنادَ الطاغوتِ وماكنةَ الحربِ العظمى
بكسورِ حطامِ الأحجارِ وختمُ فلسطينَ على الصدرِ العاري محفورا.
هل حقا 
هل حقا يجري ما يجري
ولدي طفلي ...
يسقطُ قدامي مقتولاً مثقوبَ الصدرِ
ويراهُ العالمُ في المرئيةِ مأخوذاً مذهولا
ينزفُ أوجاعَ رجالٍ سقطوا قبلا
قربانَ قضيةِ فكِّ أسارِ القدسِ
يفقدُ روحاً كانت حتى قبلَ ثوانٍ بعضاً منّي
مَنْ يُسعفُ مِن موتٍ مكتوبٍ طفلا
يلفظُ تحت سماءِ الخالقِ مُحتضِراً أنفاسَ الطُهرِ ؟؟؟
هل تسمعُ صوتَ سقوطِ الدمعِ المدرارِ ؟؟؟
إفتحْ عيناً للنورِ :
عمّتكَ الجزعى
تلطمُ رأساً خدّاً صدرا
عمّكَ يبكي إذْ واتتهُ البشرى
بمجيئكَ للدنيا مولودا
أفيبكي اليومَ على فقدِكَ حزنا 
هل تسمعُ صرختهُ الكبرى ( واعمّا )  ( واعمّا )  ؟؟؟

إمضِ للجنّةِ قبلي
كبدي ولدي 
قُرةَ عينٍ داميةٍ دمعاً قرحى
توشكُ أنْ تعمى غمّا
هل أنسى سَهَري حتّى تغفو ليلا
فأغطيكَ وأمضي كيما تصحو لصلاةِ الفجرِ قويّا
قبلَ المكتبِ والدرسِ ؟؟؟
مَنْ يقرأُ قرآنَ ( مُحمّدَ ) من يقرأُ للحصّةِ درسا
أو يحضرُ فاتحةً للموتى أو أنسا أو عرسا
مَنْ يهدمُ سجناً أو قلعة مُحتلٍّ جبّارِ ؟؟؟

النارُ النارُ مضاعفةٌ في صدري تبقى 
لا تخبو ناري أخذاً للثارِ
وقتالِ الجيشِ الجرّارِ وشعبِ اللهِ المُختالِ
حتى تحريرِ مساجدَ في الأقصى والقدسِ . 

كلّنا عكا/ جواد بولس

أفقت في ساعة متأخرة لأجد بقايا صبح خالٍ من الندى والأحلام، لا أثر فيه لعصافير قريبة. في الحقيقة لا أتذكر متى كانت آخر مرّة سمعت فيها دوري يغوي صديقته على شرفة شباكي، ولا متى آنستني سنونوة كالتي كانت تستأمن سقف بيت جدّي وتأخذه مأوى لأحلامها ومستقبل بيضها.
حولي صمت صباح عادي ليوم الأحد. في الجو رطوبة ثقيلة ودرجات حرارة تموزية، فعندنا "في تموز بتغلي الميّه في الكوز". أستقل سيّارتي  قاصدًا عكّا، خائفًا من زحام أسواقها الذي قد يحوّل زيارتها إلى رحلة عذاب وندم.
مع تشغيل المحرك استأنفت فيروز غناءها من شريط الأمس: "يا راعي القصب مبحوح/ جاي عبالي شروقي" أعلنت، وعلى بحّة نايها، بسرعة شهقة، نقلتني إلى مدينة "اليود البحري والبهارات"، إلى عكا، المدينة التي تعيش بين موت وموت، وتصمد لأنها خيمة الفقراء وميناء حب البسطاء. فيروز تعرف أنني ذاهب إلى سوقها، أحسّها تبكي بصمت وبصلاة.
في شبابنا كانت عكا "ألمدينة"، وكنا نطير إليها، قرويّين يمارسون عادات المراهقة الحضارية، السرّية أحيانا والعلنية. على شواطئها تكاثرت أحلامنا وفي مينائها اصطدنا الدهشة ورائحة الحب. طيبة أهلها تنسيك القسوة التي عاشوها وبسماتهم تمحو علامات القمع الذي مارسته عليهم مؤسسات الدولة، التي ما زالت تحاول إجبارهم على الرحيل عنها، لتتحوّل إلى مدينة ناصعة اليهودية والبياض.
نحن نعرف لماذا نحب عكا ومن يحبّها مثلنا، ولكنني.. أفكّر.. هل كانت فيروز ستغني لمجدها، وهو  يسحّ، متثاقلًا، من أسوارها وجدران خاناتها؟ وهل ستسهر عند جذع فنارها ليوشوش لها الموج عن حكايا الملح وبحارة أتوها وتاهوا، وهي ما زالت، على شرفتها، تنتظرهم في فقاقيع الزبد؟. فيروز تبكي ولا تُبكي؛ "نازل من صوبن مرسال" هكذا تمضي  وتخبرني: "ومن عيني نزلوا دموعي". 
أمشي بمحاذاة جامع الجزار ولا يمشي معي  في الشارع أحد. يمسك صاحب دكان "سوفينير" بيده خرقةً، ويقضي وقتًا بتقليب البضاعة وماسحًا عنها الغبار. بجواره يجلس شاب في ثلاثينياته يمدّ رجله اليسرى على طولها ويضع كوع يده اليمنى على حافة الكرسي وعلى كفّه المقبوض للأعلى يريح خدّه. يحدّق بي من تحت نظارته التي وقفت على أرنبته، بعدما ساعدها على الانزلاق خيط من عرق تصبب حتى بدا من بعيد كأنه بقايا بكاء، قميصه مفتوح على تي- شيرت أبيض، في وسطه تبرز بالأحمر شطرة من تركة "المحمود" وهو يعلن: "نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا". 
في صحن الجامع شمس والصمت. أمامه تذكّرت ما حكته لنا "سعاد" عن عكا التي كانت تنتفض ضدّ احتلالين: واحد إنجليزي رابض وثان صهيوني زاحف. "كانت جموع العكّاويين تدخل باحة الجزار، تجتمع وتهتف ضد الغاصبين"، هكذا على ما أتذكر، حدثتنا ذات يوم، "كنتُ صغيرةً، يا ولدي، وطلبوا منّي أن ألقي قصيدةَ "المعلم ناصر"، الذي ذاع صيت أشعاره في ذلك الوقت. كتب ابن الرامة هذه القصيدة، عندما هدد الانجليز المعلمين بالفصل من وظائفهم  إذا لم يحلقوا ذقونهم التي أطلقوها احتجاجًا وتضامنًا مع الثوار. وضعوني على طاولة وبحماس ألقيت: "وقفت أمام مرآتي أناجيها/ أأحلق يا مليحة أم أجازفْ؟". ثم رفعتني الجموع على الأكتاف وجابت المظاهرة شوارع عكا القديمة إلى أن انتهت في الميناء"، هكذا روت لنا سعاد عن مدينتها التي كانت.  
من ساحة "اللومان" دخلت إلى السوق وفيه مشيت وحيدًا. بدا أصحاب الدكاكين كالناجين من سفينة غرقت. وجوههم حزينة. من أمام بسطة فواكه مررت كمنبّه أيقظ من كان يبيع النعاس، فصحا صاحبها وصرخ: "المانغا بعشرة، سكّر يا دكتور والله سكّر". كانت المانغا كقمر تموز وأزكى من العسل. بعده سمعت صاحب مسمكة ينادي، بملل، على "سرغوسه" الطازج ولا يكمل نداءه فيسكت.
أكملت سيري، إلى أن سحبني "أبو ألبير" من ذراعي بعذوبة، وأقعدني على كرسي في وجه دكّانه واستقدم، بعفوية آسرة، من جاره العطّار، فنجانين من القهوة الطازجة. عنده سمعت عن أوجاع عكا وعن قصص ضياعها، عن حاله وحال جيرانه من صغار التجار والحرفيين الذين يكدحون من أجل لقمة عيش كريمة ولا يحلمون إلّا بما يتيحه الرمل: سفر على ظهر فرس بيضاء أو انتظار لعرائس البحر.
"سليلة كنعان" كانت في ذلك الصباح مدينة من نسيان وخيبة. لا أسماء لشوارعها التي استوطنها الضنك وصرخ العتب في جنباتها: أين أغنياء العرب؟ أين منهم المستثمرون الغيورون عليها وعلى مصيرها؟ "قاهرة نابليون" ذبحتها الخناجر في مزادات الأقارب المخادعة. وعروس "فينيقيا" أفاقت عارية؛ بلا أشرعة ولا يواطر ولا قبطان.
سرت في اتجاه الميناء وعرّجت على "سعيد". في يوم عادي، كانت تلتقي على موائد حمصه، خلائق، وعلى "حين لقمة "يجتمعون، هناك، عند "حافة الصحن"، لقاءات بالرغم من كونها عرضية، تبقى أحسن من قطيعة وأسلم من العداوة. اليوم، وجدت سعيدًا يعاني كصحبه، ومثلهم يرطن: من هو المستفيد من إعادة الموت إلى عكا؟  
في  الميناء تذكّرت ما روته سعاد على لسان مرآة المعلم التي أجابته حين سألها عن حليقة ذقنه: "... فإنَّ الجبنَ في أهلِ المعارفْ". ولم أتذكّر صدر هذا البيت. 
وصلت الميناء في ساعة الظهيرة. أمامي مركب صيّادين هرم. عليه ثلاثة رجال، واحد منهم يلقي برأسه على ذراعه التي في الهواء. صدورهم مغطاة بآثار شمس. من وسطهم علا صوت صباح فخري وهو يدعو ربّه العالي ويشهده على حاله ويتساءل: "شلون أنام الليل وانت على بالي". فجأةً، رفع أحدهم مسجلًا أثريًا إلى الأعلى وأغمض الثلاثة أعينهم وغابوا.  
وقفت برهةً أمام " كلّنا- عكا"، هكذا كان اسم  المركب. بحارة " كلّنا-عكا" ناموا على فرشة من يود بحري وتوابل، وكانت أيديهم تقشط جلد السماء، أو هكذا شبّه لي.  
كان السوق هادئًا عند عودتي وخاليًا. "أصبر من صيّاد" كتب أحدهم على باب حانوته، وعلى الحيطان لاحظت تعاليم الجوع منثورة حروفها في كل زقاق وزنقة وخلاصتها أكّدت: عندما يُذَلّ قومٌ ويجوع البشر لا تعجبوا، يا عرب، وتتأسوا على تهويد الحجر.

حرف النون والنصرانية/ لطيف شاكر

يتردد خلال هذه الايام علي السنة المتشددين اطلاق حرف النون علي المسيحيين خاصة بعد ان وضعها الكلاب الضالة والذئاب المتوحشة جيش الدولة الاسلامية للعراق والشام داعش علي بيوت مسيحي الموصل لطردهم او قتلهم اذا لم يشهروا اسلامهم بحد السيف او يدفعوا الجزية الصاغرة ,كما اعتبر كل اطياف المتشددين والارهابيين ان النون علامة مميزة للمسيحيين لانها اول حرف من كلمة النصرانية الذي وردت في القرأن وصدق عليها بجهل وغباء الجماعات الاسلامية , وزعموا ان النصرانية هي المسيحية ,وسبق ان كتبت عدةمقالات افند فيها الفرق بين النصرانية والمسيحية والاسلام ,مؤكدا ان النصرانية ليست المسيحية التي لم تذكر بالقرآن بتاتا كما ان كلمة النصرانية لم تذكر بالانجيل مطلقا , موضحا بالدليل والبرهان ان النصرانية الاسم السابق للاسلام وانها بعيدة كل البعد عن المعتقد المسيحي
اما حرف النون
هذا الحرف مكوَّن من النصف السفلي لدائرة تتوسَّطه نقطة هي مركز هذه الدائرة. إن نصف الدائرة السفلي هو أيضًا على هيئة الفُلْك السابحة فوق المياه، والنقطة الموجودة في باطنها تمثِّل بذرة الحياة المحتواة في الفُلْك أو المغلَّفة به؛ وموقع هذه النقطة المركزي يبيِّن، إلى ذلك، أنها في الواقع "رُشَيْم الخلود" أو "النواة" الثابتة التي لا تطالها كافة التحلُّلات الخارجية

التطابقات بين النصرانية والاسلا م
ينكروا الوهية السيد المسيح
ينكروا الصليب والصلب وان المصلوب ليس المسيح ولكن شبه له
نظرتهم واحدة لبولس الرسول رفضه
ينكروا الاناجيل الاربعة يعتبرونها محرفة
يعترفوا برفع السيد المسيح حيا وليس القيامة
" يعترفوا بالمجئ الثاني للسيد المسيح ديانا "دون كسر الصليب وقتل الخنزير

الواجبات الدينية النصرانية بين عرب الحزيرة العربية
الصلاة
كان رهبانهم يقيمون صلواتهم السبع في خمس قومات من النهار والليل ومنهم من ترك السجود اثرا في جباههم ةقد اطلقوا علي صلواتهم اسم (الصلاة) وعرفت المواضع التي كانوا يسجدون فيها بالمساجد, وقد كان الركوع من العادات المعروفة عند النصاري .
الوضوء
من سنن التصرانية الاغتسال قبل الصلاة ففي كتاب الايثيقون اي الاداب لابي الفرج بن العبري باب بحث فيه طهارة الجسد واحكامه وشروطه كما كانت شائعة في الكنائس وذكر الاحواض التي كانت في ساحة الكنائس لاتمام فريضة الوضوء
وقد وصف الخوري ابراهيم حرفوش في كتاب المشرق الجزء الساس شروط الصلاة وحددها علي هذه الصورة
فاأما حدود الصلاة وشروطهما فانما تحتاج في اول شئ الي الطهارة وهو الاغتسال بالماء في اثر الحدث فان لم يجد الماء فليتجمر بثلاث حجار ومازاد عليها حتي ينقي أثر النجوي . ثم غسل اليدين بالتسمية , وغسل الوجه برسم الصليب, ويستحب ايضا غسل الرجلين في كل غداة
القيام والسجود والركوع ورفع الايدي
الصلاة اكثر ماتتم بالسجود والركوع وكانوا يحنون رؤوسهم اكراما واخفاض المصلي لرأسه وانكبابه لوجهه
التجويد
وهو تلحين الرهبان بالمزامير والتسابيح
السبحة
يتلون عليها صلوات معلومة اختلفت االازمنة في الكلمات وعددها 33 حبة كسنوات السيدالمسيح علي الارض
الصوم
كان النصاري يصومون كالقبائل العربية قبل الاسلام في رمضان ثلاثين يوما والافطار بعد غروب الشمس ولا ياكلون الا مرة واحدة وليس طول الليل وبالنسبة للرهبان لاياكلون الا الاعشاب والبقول والاثمار دون اللحم
الزكاة
اي الصدقة وما يرصد من الاموال لوجه الله واعانة الفقراء وكما فرض موسي علي بني اسرائيل تعشير مالهم كما ورد في اسفار التثنية واللاويين فكانت تعاليم النصاري ايضا وفاء العشور
الحج
كان نصاري شبه الجزيرة العربية يحجون لمزارات مختلفة مثل كنيسة (القُليس) التي شيدها "أبرهة" في صنعاء
وكان يحجون الي "مكة" لانهم كانوا يرون في الكعبة تذكارا لما ورد في سفر التكوين عن هاجر واسماعيل بن ايراهيم متفقين في ذلك مع تقليد العرب (عرب الحجاز) وكان العرب في الجاهلية يطوفون حول الكعية وشابههم النصاري كانوا يطوفون حولها
وكانت صورة السيدة العذراء تحمل السيد المسيح مع صور اخري علي حوائط الكعبة وابقي النبي علي صورة العذراء حاملة السيد المسيح فقط دون الصور الاخري
وكان النصاري يدعون بعض بيعهم بالكعبات مثل كعبة نجران وكعبة اليمن
تقبيل الحجر الاسود
كان النصاري يقبلون حجارة كنائسهم والحجر الاسود تعبدا وتبركا مثل القبائل العربية
شكل الكنائس النصرانية
كانت تبني بشكل الكعبات وشكل المعابد اليهودية بالاضافة الي المنارات التي اضحت فيما بعد مآذن
الخطابة في الكنائس النصرانية
كان منبر الخطابة رمزا عن السلطة الدينية واعتاد الكهنة اذا خطبوا او صلوا صلاة جماعية ان يمسكوا بيدهم العصاة ليتكئوا عليها وكان قس بن ساعدة النصراني اذا خطب يتكئ علي سيف
اكرام القبور وتقديم التقدمات علي روح المتوفي
الالتزام بالختان
لايقبلوا في نصرانيتهم من لم يختتن
المراجع
الالفاظ لابن السكيت 412
تاج العروس 10/53
اللسان 5و18
الجذور التاريخية للشريعة الاسلامية الشيخ خليل عبد الكريم
الوهم الاسلامي الشيخ مصطفي عبدالله
محنة العقل في الاسلام مصطفي جحا
غروب شمس المسيحية المستشار تجيب وهبة
قس ونبي ابو موسي الحريري

يقول د.جواد علي في الفصل ص591
نعم دخلت سادات القبائل والحكام العرب التابعون لهم في هذه الديانة، فصاروا نصارى، ولكنهم لم يتخذوا نصرانية الروم، بل أخذوا نصرانية شرقية مخالفة لكنيسة «القسطنطينية» فإعتنقوها مذهباً لهم. وهي نصرانية عُدّت«هرطقة» وخروجاً على النصرانية الصحيحة « الأرثوزكسية» في نظر الروم. نصرانية متأثرة بالتربة الشرقية، وبعقلية شعوب الشرق الأدني، نبتت من التفكير الشرقي في الدين، ولهذا تأثرت بها عقلية هذه الشعوب فإنتشرت بينها، ولم تجد لها إقبالاُ عند الروم وعند شعوب أوروبة. وكان من جملة مميزاتها عكوفها على دراسة العهد القديم، أي التوراة، أكثر من عكوفها على دراسة الاناجيل
ويقول المؤرخ ابو موسي الحريري في قس ونبي : ولا نظنن ان تصرانية الامس هي مسيحية اليوم فتلك اسلمت وهذه لم يعرفها الاسلام قط ونصرانية مكة ليست مسيحية انطاكية وروما والاسكندرية ولقد انقرضت النصرانية في مكة ونشأ الاسلام علي انقراضها وتم النجاح في الاسلام بعد ان ذابت النصرانية فيه
مقتطفات من كتابي مسيحيون وليس نصاري
يتبع

ضيوف تركيا من السوريين في لقاء مع السيد والي كيليس/ محمد فاروق الإمام

كيليس
يوم الجمعة 25/7/2014 تم لقاء وفد من الضيوف السوريين المقيمين في مدينة كيليس في قاعة الاجتماعات في مركز الولاية بدعوة كريمة من محافظ الولاية.
المدعوون: مجموعة من الشخصيات تمثل الفعاليات التربوية والثقافية والاجتماعية والطبية والاغاثية والمرأة في مدينة كلس ومخيماتها.
الحضور الرسمي التركي: السيد والي كيليس – الضابط المسؤول عن الجندرما (الجيش)  بكيليس – رئيس بلدية كيليس  - رئيس الأمنيات – مدير آفاد.
الهدف: تشكيل لجان للتقارب بين الشعب التركي المضيف والشعب السوري الضيف والعمل من أجل تخفيف المشاكل الناتجة عن لجوء السوريين لكيليس.
تحدث في البداية السيد الوالي مرحبا بالحضور وأكد أنه التقى سابقا بالوفد التركي المقرر لقاؤه مع الوفد السوري لنفس الهدف، مؤكداً ان الأزمة السورية قد تمتد ما بين 5-10 سنوات مع تمنياته بأن تنتهي غدا, وهذا يدفعنا للعمل بجهد كبير للاندماج والتعايش.
وأن عدد النازحين يقارب الخمسين ألفاً في المدينة، وهو رقم يساوي عدد السكان الأصليين لمدينة كيليس وحوالي أربعين الفاً في المخيمات .
ثم لخص بالتشارك مع مدير الأمنيات الاشكالات التي طرأت نتيجة لجوء السوريين لكيليس من خلال عرض فيلم وثائقي، ثم أورد المحافظ ملاحظات الشعب التركي على سلوك الأخوة السوريين وهي:
بعد استقرا ر المواطن السوري في كيليس وخلاصه من براميل الموت وبعد قليل من الراحة يبدأ بالبطر واختلاق الاعذار والتذمر .
وقال إن من أهم شكايات المواطن التركي من الاخوة السوريين :
1. مخالفة الاشارات المرورية, بينما نظيره التركي يحترمها جدا، وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن المخالفات التي ترتكبها السيارات السورية هي بنسبة 84% قد سجل بحقها مخالفات مرورية، وأكد على وجوب تسجيل السيارات السورية لدى الامنيات للضرورات الامنية والتأمينية .
2. السهر لوقت متأخر من الليل .بينما جاره التركي ينام مبكرا ,ليستيقظ مبكرا إلى عمله.
3. لعب الأطفال في ساحات الأحياء إلى ساعات متأخرة من الليل وصخبهم وارتفاع أصواتهم مما يسبب إزعاجاً كبيراً للأتراك الذين يخلدون إلى النوم في الساعات الأولى من الليل. أيضاً ضجيج وصخب السوريين أثناء سهرهم .
4. جلوس الشباب السوريين بالشوارع باللباس الداخلي(الشيال وبنطال قصير)يعتبره الاتراك معيبا جداً.
5. ارتداء الكلابيات والسير بها في الشوارع وهذا ما لن يعتده المجتمع التركي  وسوء استخدام الكلابة ورفها بطريقة تظهر عورة الرجل.
6. ظاهرة تواجد الشباب بلحى طويلة مع ارتداء الكلابيات القصيرة في الشوارع والأسواق والساحات العامة وهذا يذكرنا بداعش وهذا يخيف الأتراك.
7. التسول(الشحادة) عند الاشارات المرورية وأمام المساجد.
8. السهر في شوارع وساحات المدينة إلى ساعات متأخرة من الليل.
9. بيع الدخان من قبل الأطفال وإعاقة مرور السيارات والمارة. 
10. فتج محلات بأسماء تركية للتهرب من الضريبة بينما التركي يدفع للدولة كامل مستحقاتها, وهذا يسبب عدم تكافؤ الفرص ومنافسة غير شريفة وحنق عند المواطن التركي.
11. انتشار الباعة المتجولين بالشوارع مما يسبب في إعاقة حركة المرور, ومنظر لا يحبذه الأتراك.
12. عدم حفظ النعمة (وخاصة الخبز)من قبل السوريين، حيث يلقي السوريون الخبز في أكياس عند حاويات القمامة، في الوقت الذي يقوم فيه التركي بالتقاط قطعة من الخبز إذا ما وجدها ملقاة على الأرض ويقبلها ثم يضعها في مكان مرتفع لتكون طعاماً للطيور أو بعض الحيوانات. 
13. الإسراف في استخدام المياه, حيث أن مدينة كلس تعاني من نقص شديد من المخزون المائي نتيجة زيادة الاستهلاك، وانخفاض معدل الامطار، والجفاف العام الذي يضرب تركيا في هذه الأيام.
14. ازدياد جرائم السرقات في المدينة  بمعدلات كبيرة بعد استضافتها للسوريين.
15. انتشار العلاقات الغير شرعية بين السوريين (الدعارة).
16. انتشار ظاهرة بيوت العمال حيت يتجمع في بيت واحد عدد كبير من العمال في بيوت لا يوجد فيها أي وسائل للنظافة ، وهذا يسبب ضجيجا للجيران وخروجهم للشوارع بمناظر مؤذية ومعيبة وروائح كريهة .
17. سكن بعض السوريين في بيوت غير صالحة نهائيا لعدم توفر مقومات البيت (مطبخ –حمام – تواليت )ويظهر أصحابها بالشوارع بروائح كريهة ومنظر مؤذية للمارة تسبب نفورا من الاخوة الاتراك، وهؤلاء نسميهم في تركيا (قرباط).
18. عدم اقبال السوريين على تعلم اللغة التركية مما يسبب سوء الفهم بينهم وبين الاتراك الذي يؤدي في كثير من الحالات إلى الشجار. 
19. الحدائق العامة من أهم المرافق في المدينة, وجدت ليرتادها المواطنون ويمتعوا النظر بجمالها ويتفيؤوا ظلال أشجارها، جعلها السوريون مكاناً لمعاكسة الفتيات ومطاعم ومكباً للنفايات والنوم فيها.  
20. عدم تقديم الهوية أو (بطاقة آفاد ) للبوليس, بينما التركي يقدمها للبوليس بكل أدب واحترام
21. الكتابة باللغة العربية على واجهات المحلات مما يعطي انطباعا للمواطن التركي بأن بلده قد احتلها الضيوف السوريون, ومن الأفضل وجود الاعلانات باللغتين العربية  والتركية.
22. الضغط الكبير على البنية التحتية لأنها أصلا مصممه لأهل كيليس ولم يحسب حساب هذا العدد الهائل من البشر. 
23. الخروج والدخول الى سوريا بطريقة مخالفة (عن طريق التيل ) وبأعداد كبيرة يعطي شعورا عند الاتراك بأنه يمكن العيش في سوريا وأن الأزمة أخف مما هي بالحقيقة ويسبب اشكالات مع  الجندرما (الجيش) التركي، الذي لديه الأوامر بإطلاق النار على كل من يحاول العبور إلى تركيا عن غير الطرق المسموح بها. 
24. قيام سكان المخيمات بتظاهرات احتجاجية مع أن مخيمات كيليس تعتبر الأفضل في تركيا وبمقارنة بسيطة بينها وبين مخيمات الداخل السوري ستكتشف الفرق.
 وقد تمنى المحافظ من سكان المخيمات الظهور بمظهر لائق عند نزولهم للمدينة من أجل التسوق.
ونبه بأن الصحافة المعارضة تصطاد الاخطاء وتقلب الحقائق لاستخدامها لأجندات سياسية خاصة,
وختم السيد الوالي حديثه قائلاً:
إن الشعب والحكومة التركية قدمت أقصى ما عندها للشعب السوري, بينما الشعب السوري لم يقدم الشكر والاحترام كما يجب.
وأضاف: بما أنكم ضيوف فإنه عليكم أن تحترموا القوانين التركية والعادات والأعراف التركية, وذلك من أجل السوريين أنفسهم, خوفا من ازدياد الفجوة ونظاهر الأتراك في شوارع المدينة وقد حدث ذلك أكثر من مرة مطالبين بخروج السوريين من تركيا، وقد حدث في هذه المظاهرات أعمال تخريب بحق الممتلكات السورية التي صادفها المتظاهرون من محلات تجارية وسيارات ولم نتمنى نحن وقوع ذلك. 
وختم قائلاً: نحن أشقاء استضفناكم في بلدكم الثاني تركيا لأننا نحبكم ونتعاطف مع أمانيكم وتطلعاتكم وعلينا تقديم كل وسائل الضيافة الكريمة والمحترمة لكم، ومن هنا كان عليكم مساعدة الاخوة الاتراك والتعاون من أجل الوصول لحياة مشتركة تسود فيها تعاليم الاسلام السمح  بين الشعبين الشقيقين.

ماذا وراء التقارب الصيني ــ التايواني الأخير؟/ د. عبدالله المدني

الصين وتايوان بينهما ما صنع الحداد إلى الحد الذي كان معه أستخدام كلمة بكين في تايوان جريمة وكذا استخدام كلمة تايبيه في الصين. وهذا حدث شهدته بنفسي في إحدى زياراتي في الثمانينات للصين الوطنية حينما طلبتُ من موظفة الخطوط الجوية الصينية أن تحجز لي مقعدا إلى بكين عبر هونغ كونغ، فما كان منها إلا تحذيري بعدم ارتكاب ذلك الفعل مرة أخرى لأنها ــ طبقا لتعبيرها ــ جريمة لا تغتفر.
غير أن علاقات الأمم والشعوب لا تستقر على حال ، والأوضاع قابلة للتغيير تبعا لضغوط العوامل الداخلية التي كثيرا ما تفرض على صناع القرار أنماطا معينة من السياسات الخارجية. وهذا تحديدا ما حدث لعلاقات بكين مع تايبيه أو علاقات الأخوة الأعداء.
فخلال السنوات الأخيرة لوحظ وجود توجه خجول من قبل الجانبين ــ كل لأسبابه الخاصة ــ للخروج من المأزق الذي نشأ في عام 1949 عن إنتصار القوات الشيوعية بقيادة "ماوتسي تونغ" على القوات الوطنية بقيادة الماريشال "تشيانغ كاي شيك"، ولجوء الأخير إلى جزيرة فرموزا لتأسيس "جمهورية الصين الوطنية" أو تايوان. فساسة بكين كانوا يسعون إلى إستعادة تايوان لتحقيق حلمهم الأكبر في إقامة الصين الكبرى بعدما ضموا التبت واستعادوا هونغ كونغ ومكاو. وساسة تايبيه كانوا يسعون من وراء التقارب للخروج من العزلة السياسية التي فرضت على بلادهم منذ طرد تايبيه من مجلس الأمن ومنح مقعدها الدائم لبكين، وما تلا ذلك من اعتراف معظم دول العالم بالصين الشيوعية وسحب اعترافها من الصين الوطنية.
وقد تجسد ذلك التوجه الخجول في تبادل الزيارات ما بين الشخصيات الرسمية وغير الرسمية عبر مضيق تايوان، علما بأن المبادرات الأولى جاءت من رجال الأعمال التايوانيين الذين شعروا أن في الإنفتاح على البر الصيني وما يجري فيه من حراك اقتصادي فائدة لهم وفرص يجب اقتناصها، طالما أن صناعاتهم وتجارتهم لم تعد قادرة ، كما كانت في الماضي، على منافسة الصناعات والتجارة الصينية .
وكانت أولى الزيارات هي تلك التي قام بها "ليان تشان" زعيم حزب الكومنتانغ الوطني إلى بكين في عام 2005 ، حيث عقد خلالها إجتماعا تاريخيا، كان الأول من نوعه منذ 60 عاما، مع زعيم الحزب الشيوعي الصيني آنذاك "هو جينتاو". وقد مهد ذلك اللقاء التاريخي لعقد منتدى التعاون الاقتصادي التجاري الثقافي عبر مضيق تايوان في بكين في عام 2007 بمشاركة 500 شخص من تايوان والبر الصيني. كما أنه مهد الطريق أمام تنظيم سلسلة من المؤتمرات والحلقات الحوارية الهادفة إلى تبادل الآراء حول مسائل التعاون في مجالات السفر والسياحة والتعليم والزراعة والتكنولوجيا والاتصالات.
وعلى الرغم من هذه التطورات الايجابية فإنها لم تستطع محو كل الشكوك والهواجس المزروعة في رؤوس التايوانيين والصينيين تجاه بعضهم البعض، خصوصا مع وجود الحزب التقدمي الديمقراطي آنذاك في السلطة في تايبيه بشعاراته ومواقفه الداعية إلى إعلان إستقلال تايوان نهائيا عن الوطن الأم.
غير أنه منذ عام 2008 ، بدأ نوع من الغزل العلني الأوضح بين النظامين المتخاصمين، وذلك على أثر فوز مرشحة حزب الكومينتانغ "ما يينغ جيو" برئاسة البلاد، على حساب مرشح الحزب التقدمي الديمقراطي. وكان السبب المباشر هو أن "ما يينغ جيو" تعارض من حيث المبدأ مسألة إنفصال تايوان كأمة مستقلة، ناهيك عن أنها سليلة إحدى الأسر المنحدرة من البر الصيني في حقبة ما قبل الحرب الأهلية. وقد تعزز موقع الأخيرة بحصول حزبها على81 من أصل المقاعد الـ 113 فى الانتخابات التشريعية التايوانية في يناير 2008 ليحقق انتصارا ساحقا على الحزب التقدمى الديمقراطى الذى حصل على 27 مقعدا فقط.
مؤخرا حدث تطور جديد على مسار العلاقات الصينية ــ التايوانية، تمثل في سماح بكين لأول مرة منذ 65 عاما لأحد مسئوليها بأن تطأ قدماه أرض تايوان. والاشارة هنا إلى زيارة "زهانغ زهيجون" مدير دائرة شئون تايوان في الخارجية الصينية في الشهر المنصرم إلى تايبيه للتوقيع على إتفاقية تجارية ثنائية مثيرة للجدل. ونصفها بالمثيرة للجدل لأنها تحظى بدعم رئيسة البلاد وحزبها على اعتبار أنها تفتح الباب للتعاون في قطاعات اقتصادية عديدة وبالتالي تنعش الاقتصاد التايواني، بينما يراها الحزب المعارض وأنصار الإستقلال والقوى الشبابية المنظوية تحت لواء "حركة زهرة عباد الشمس" خلاف ذلك قائلة أن الاتفاقية ستخلق نفوذا سياسيا لبكين في تايوان، وتوفر لها أداة لتخريب النظام الديمقراطي للأخيرة.
وقد بدا واضحا منذ الوهلة الأولى لوصول زهيجون إلى مطار تايبيه أن البون لا يزال شاسعا بين مواقف البلدين، حيث صرح نظيره التايواني "وانغ يو تشي" بأن على بكين أن "تتفهم نظامنا الديمقراطي وأسلوب حياتنا وخيارات شعبنا وحقنا في تقرير مصيرنا"، الأمر الذي اضطر معه الضيف على الرد بامتعاض قائلا: "أن الصين تتفهم ذلك جيدا، وتحترم خيارات الشعب التايواني، وتدعو كل التايوانيين بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية أو الحزبية للمساهمة في تنمية علاقات سلمية بين ضفتي مضيق تايوان"، خصوصا وأن زيارته قوبلت بمظاهرات جعلته يلغي جزءا من جولاته واجتماعاته.
وجملة القول أنه على حين ترى بكين أن تايوان إقليم متمرد يجب إخضاعها بالقوة المسلحة إنْ تجرأت ــ حتى بطريقة ديمقراطية ــ على إعلان إستقلالها التام، لكن مع اتباع سياسات تنطوي على مزيج من الصبر والدعوة إلى التوحيد السلمي، وفتح أبواب الاستثمار أمام المستثمرين التايوانيين، والكف عن مقاضاة التايوانيين الذين ارتكبوا جرائم في البر الصيني قبل عام 1949، فإن تايبيه ترى في المقابل أن الصين تسعى لفرض هيمنتها عليها ومحو كل ما اختطها لنفسها من هياكل ديمقراطية ونظام اقتصادي حر ضمن مخططها للتمدد في الشرق الأقصى، وأن ما فعلته بهونغ كونغ بعد عودة الأخيرة إلى سيادتها من دكتاتورية وفرض قيود على حرية التعبير لا يغري التايوانيين بفكرة "بلد واحد ونظامان" التي بموجبها تخلت بريطانيا عن هونغ كونغ للصين في عام 1997 .
د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة: يوليو 2014 
البريد الالكتروني: Elmadani@batelco.com.bh

الشعب الفلسطيني يتوحد ويقاوم/ ابراهيم الشيخ

تشكل التحركات الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية ارهاصات الانتفاضة الثالثة ضد دولة الاحتلال، يأتي هذا التحرك بعد ارتكاب المجازر تلو المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة من قبل الة الحرب الصهيونية،  في ظل كل ما يحدث كان من غير المعقول الصمت.
ان الذي يحدث في الضفة الغربية هو تعبير عن الغضب الذي يشعر به الفلسطينيون والذي ترجم الى افعال على الارض وبدء مقاومة المحتل في الضفة بكل الوسائل المتاحة لتخفيف الضغط عن قطاع غزة، ولاثبات ان الشعب الفلسطيني في الضفة وفي غزة وفي الشتات واراضي 48 شعب واحد، وله هدف واحد وهو انهاء الاحتلال الاسرائيلي.
ردأ على جرائم الاحتلال انصهرت جميع الفئات والقوى الفلسطينية في بوتقة واحدة لمقاومة المحتل، وان الوحدة التي أعلن عنها سياسيا منذ مدة ها هي تتجسد في الميدان، فالضفة تعاني من احتلال يقطعها ويستبيح بيوتها ويزداد عدد المستوطنين فيها، ولهذا فالانتفاضة على المحتل اصبحت من الضرورات للتخلص من هذا الاحتلال. 
دولة الاحتلال دائما كانت تكرر ان الفلسطينيين غير موحدين،  ومن غيرالممكن التفاهم معهم
لانهم مختلفين سياسيا بما يخص عملية السلام، ولا يمكن التوصل الى حل معهم فهناك سلظة تؤمن بالحل السلمي والمفاوضات سبيلا للوصول الى الحل مع دولة الاحتلال، ومقاومة ممثلة بحركة حماس وحركة الجهاد وتنظيمات اخرى تؤمن بالكفاح المسلح للوصول الى تحرير الاراضي المحتلة، ولكن هذه الحجج التي يسوقها الاحتلال كانت من اجل التهرب من الاستحقاقات وقام هذا العدو بإفشال المفاوضات. 
منذ اعلان حكومة الوفاق الفلسطينية والتقارب الذي حصل بعد سنوات الانقسام حاولت دولة الاحتلال تخريب هذه المصالحة االتي تمت بين حركة فتح وحركة حماس، وذهبت دولة الاحتلال في وقاحتها الى حد تخيير السلطة الفلسطينية بينها وبين حركة حماس، ولكن بالرغم من كل هذه المحاولات اصرت السلطة على خيار الوحدة مع حركة حماس وعدم الاصغاء لدولة الاحتلال التي لا يهمها سوى بقاء الانقسام. 
ان المفاوضات التي استمرت اكثر من عشرين عاما قد فشلت ومن غير المعقول الاستمرار في هذه المفاوضات لمدة اطول، لانه تبين ان اسرائيل لا تريد اعطاء الفلسطينيين حقوقهم، المفاوضات التي اجرتها السلطة الفلسطينية لم تحقق اي هدف للشعب الفلسطينبي، وذلك لاسباب عديدة، وأولها تعنت المحتل وفرض رؤيته على الحل فقط بما يتوافق مع مصلحته، وما شجع هذا الاحتلال أيضا هو ضعف الطرف الفلسطيني الذي يملك الحق، ولكن هذا الحق يجب ان يقترن بفعل مقاوم بما فيها الكفاح المسلح الذي يعتبر ايضا من حق الشعوب التي ترزح  تحت نير الاحتلال.
  ومن اخطاء السلطة الفلسطينية التي انتهجت المفاوضات كحل وحيد للقضية الفلسطينية لم تستعمل ورقة المقاومة الوحيدة القادرة للضغط على الاحتلال وارغامه على تقديم التنازلات، ونسيت السلطة ان هناك شعب قلسطيني مستعد من اجل تقديم التضحيات الوصول الى اهدافه، ولا يجب التوهم ان اسرائيل ستقدم الحقوق الفلسطينية على طبق من ذهب دون امتلاك اوراق ضغط قوية كالوحدة الفلسطينية وامتلاك استراتيحية لمقاومة المحتل، لانتزاع الحقوق الفلسطينية،  لا استجداء العدو الذي جربت معه القيادة الفلسطينية سنوات من المفاوضات دون فائدة. 
وهنا يتبين وبوضوح زيف وادعاءات الاحتلال، اذ ان وحدة الفلسطينيين هي التي تزعجه، وما هذه الحرب التي تشن على قطاع غزة الا واحدة من هذه الاسباب، فهذا الاحتلال يريد شعبا خانعا  مقسما، دون مقاومة ليسهل التفرد به، فالاوطان تبنى بالدم والتضحيات وليس بمهادنة العدو والتنسيق معه.
ان الوضع الذي كان قائما قبل العدوان على غزة يجب ان يتغير، وان تغير السلطة من منهجها، وانتهاج سياسة جديدة اكثرحزما تجاه دولة الاحتلال، واول هذه الخطوات هي وقف التنسيق الامني المشين مع الاحتلال الذي تعارضه اكثرية الشعب الفلسطيني، وبالتالي الانضمام الى المعاهدات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الذي اقترفوا ويقترفون الجرائم اليومية بحق ابناء واطفال الشعب الفلسطيني. 
ان العالم العربي والعالم الذي يدعي انه حر تركا غزة لوحدها لالة الحرب الاسرائيلية تنفذ الابادة ضد الشعب الفلسطيني، وها هي الضفة تقول لهم ان غزة ليست وحدها، اننا شعب واحد وجرحنا واحد ونضالنا واحد ضد عدو واحد وهو الاحتلال الاسرائيلي، فالتحركات في الضفة لا يجب ان تنتهي بعد انتهاء العدوان على غزة، ولكن الهدف الاكبر هو انهاء الاحتلال وكنسه. 

لتتوقف جرائم التطهير العرقي ضد المسيحيين في العراق/ شاكر فريد حسن

في حين تشهد ارض فلسطين حرباً إجرامية دموية بحق شعبنا في قطاع غزة ، وترتكب خلالها أفظع المجازر بحق المدنيين العزل ، أطفالاً وشباباً ونساءً وشيوخاً ، وأبشع جرائم الحرب ضد الإنسانية على أيدي قوات الغزو الاحتلالية الإسرائيلية ، يواجه المسيحيون في بلاد الرافدين ، العراق ، وبالذات في الموصل ، بحكم انتمائهم الديني ، جرائم تطهير عرقي  وإبادة جسدية جماعية من قبل عصابات تنظيم "داعش" الإرهابي وتيارات سلفية وظلامية وتكفيرية أخرى بمسميات مختلفة ، تمارس القتل والذبح واقتراف الجرائم الوحشية ضد أبناء الديانات والطوائف المتنوعة ، وبحق المسلمين والمسيحيين الذين لا يتفقون مع فكر هذه الجماعات والعصابات التكفيرية المتطرفة ، وكل ذلك تحت يافطة الإسلام ، والإسلام منها براء .
ومنذ أن وطأت أقدام الإرهابيين الداعشيين تراب الموصل ، وبعد أن استولت عليها وأعلنت قيام" دولة الخلافة الإسلامية " فيها ، بدأت بتطبيق نهجها العدواني المجرم الذي اختارته لدولتها تجاه أتباع الديانات والمذاهب الأخرى ويكشف طبيعتها وحقيقتها ، فأخذت تقتل  كل من لا يتفق مع فكرها ، وتحصد أعداد هائلة من الشيعة وأئمة المساجد الذين رفضوا مبايعة الخليفة . وانطلاقاً من مبدئها ومعتقدها أن لا وطن لغير التكفيريين من أبجديات تنظيم دولة الخلافة ، فقد خيرت مسيحيي الموصل بين إشهار إسلامهم ودفع الجزية أو مغادرة مدينتهم التي أحبوها وعاشوا فيها قروناً ودهوراً جنباً إلى جنب إخوانهم المسيحيين ، الأمر الذي دفعهم واضطرهم للهجرة والنزوح . وهكذا أفرغت  الموصل من أهلها الأصليين من بناة الحضارة والثقافة العراقية ، ومن احد مكوناتها الدينية والثقافية ، وتغيرت معالمها بعد سيطرة داعش عليها ، التي راحت ترفع الآذان على كنائسها .
إن المسيحيين  في العراق هم جزء عام ومكون أساسي من مكونات الشعب العراقي الواحد ، ذي الأصول المتعددة ، وامتداد لشعوب تاريخية سكنت واستوطنت بلاد دجلة والفرات ، وبنت حضارات وثقافات وأمجاد ما تزال بصماتها وملامحها ظاهرة في العراق ، من البابليين والأشوريين والكلدانيين والسومريين وسواهم . وما تقوم فيه هذه الحركة الداعشية المجرمة الهدامة من ممارسات اضطهادية دينية وعرقية هي جرائم ضد الإنسانية وعمليات إبادة وتصفية للحضارات والمقدسات والثقافات الإنسانية وشطب للتاريخ الحضاري العراقي . 
إنها ممارسات غير أخلاقية وغير إنسانية بعيدة عن روح الإسلام وتعاليمه ، وتفسد جوهره ، وتسيء لصورته المشرقة السمحة ، وتشوه ديننا الإسلامي الحنيف الذي يقول بصريح العبارة " لا إكراه في الدين " و" لكم دينكم ولي دين " .
في الحقيقة أن ما يجري في العراق هو من إفرازات ونتاج الاحتلال الامبريالي الأمريكي البغيض ، الذي زرع وغرس نظام المحاصصة الطائفية القمعي الإجرامي الاقصائي  ، وعمق الطابع الطائفي في العراق كخطوة أولى على طريق تقسيم وتجزئة وإضعاف وتفكيك هذا البلد العربي العريق . ولا ريب أن إفراغ الموصل من سكانه المسيحيين لهو جريمة كبرى بحقه وتاريخه العربي الإسلامي ، وبحق شريحة عريقة ممتدة وضاربة جذورها في التاريخ العراقي منذ آلاف السنين ، ويشكل وصمة عار لا يمكن السكوت والتغاضي عنها ، وعليه فان إنقاذ المسيحيين كبشر هو واجب إنساني وأخلاقي يتجاوز كل الفوارق والاختلافات الدينية والقومية والمذهبية .
إننا إذ نقف وندين كل أشكال الاضطهاد والملاحقة بسبب الانتماء الديني والعقيدة المتعلقة بالدين ، ندعو المجتمع الدولي والعالم التدخل السريع لوقف جرائم داعش في العراق وإنقاذ مسيحيي العراق من عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري ، ومن واجب القوى الوطنية التقدمية والعلمانية والمدنية والديمقراطية ومؤسسات المجتمع الديني العراقي أن تأخذ دورها الحقيقي الفاعل في التصدي لهذه الجرائم الداعشية ، لأنها لن تبقى محصورة في العراق وسورية بل ستمتد إلى دول أخرى  ، والوقوف بالمرصاد لهذه الحركة السلفية الظلامية الهدامة المجرمة التي تريد إعادتنا على كهوف الظلام ودياجير التخلف ، والعمل على اجتثاث جذورها وسحقها بالكامل في المجتمع العراقي وكل مجتمعاتنا العربية .

رفعت السعيد والموقف من العدوان على غزة/ شاكر فريد حسن

رفعت السعيد سياسي يساري مصري عريق ، واسم معروف في الحركة الشيوعية المصرية منذ أربعينيات القرن المنصرم ، يرأس المجلس الاستشاري لحزب التجمع المصري ، ومن أشد المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين ، وله العديد من المؤلفات النقدية لحركات الإسلام السياسي .
وعبر مسيرته الحياتية والسياسية والفكرية كان لرفعت مواقف وزلات وسقطات أثارت انتقادات شديدة بين رفاق دربه ومجايليه . واليوم ، وفي خضم العدوان البربري الغاشم على غزة والحرب الدائرة بين رجالات وفصائل المقاومة الفلسطينية وقوى الغزو الإسرائيلي ، ينضم هذا "المفكر" و"المثقف" و"المناضل" اليساري التقدمي إلى جوقة المطبلين والمحرضين والرداحين ، التي يترأسها ويتزعمها "بهلوان الإعلام " المصري المدعو توفيق عكاشة وغيره من إعلاميي الفضائيات المصرية ، التي نزلت وسقطت إلى الدرك الأسفل في كلماتها وخطاباتها ، ووجدت في الحرب على غزة مادة دسمة لشتم وسب أهل غزة والطعن بهم ، والتطاول على المقاومة ، وتصفية الحسابات مع حماس ،  واتهامها بضرب إسرائيل ، وإنها السبب وراء هذه الحرب ..! 
وكان رفعت السعيد ، هذا "اليساري" العريق ، قد صرح وقال : "لا يمكن تبرئة حماس من العدوان الحالي على الشعب الفلسطيني خاصة أن هناك احتمالاً كبيراً بان تكون الأحداث الحالية تهدف لتفكيك حكومة الوفاق الوطني والمصالحة الفلسطينية وذلك وفقاً لمخطط إخواني سابق ..!!!
يا سلام عليك يا رفعت ! صحيح اعتقادك أن الهدف  الأساس هو نسف المصالحة الوطنية وضرب وتفكيك حكومة الوفاق الوطني ، ولكن كيف تبرئ المعتدين والغزاة ، وتتهم حماس والإخوان عن ذلك ، وتقول إنه مخطط إخواني سابق ؟!!
لست مع حماس وفكرها ومعتقدها ونهجها وممارساته وأساليبها ، ولا أدافع عنها وإنني من أشد المعارضين لإيديولوجيتها والمنتقدين لمسلكها وأفكارها ، ولكن حين تصل الأمور إلى اقتراف المجازر والمذابح الدموية البشعة بحق أطفال ونساء وشيوخ شعبنا في قطاع غزة ، فمن الواجب الأخلاقي والإنساني والمبدئي عدم الصمت والسكوت وعدم دفن الرؤوس في الرمال ، وإنما التضامن والوقوف مع شعبنا في وجه الغزاة وإطلاق نداء وصرخة إنسانية بضرورة وقف العدوان الذي يحرق الأخضر واليابس ، ويوقع الخسائر الفادحة ومئات الشهداء وآلاف الجرحى . فالوقت الآن ليس للمناكفات السياسية وكيل الاتهامات وتصفية الحسابات مع حماس ، واتهامها بأنها سبب الحرب المجنونة الغاشمة ، التي هي في الحقيقة والواقع ضد شعبنا بأكمله وليس ضد حماس- كما تروج وسائل الإعلام العبري - ، فهذا موقف يتوافق ويتماشى ويتماثل مع الموقف الإسرائيلي - الأمريكي .
 كنا نأمل ونريد من رفعت السعيد أن لا ينزلق ، وأن يبدي موقفاً أكثر مبدئية من العدوان الصهيوني ، والدفاع عن شعبنا وحقه في المقاومة الشعبية لتحرير أرضه وكنس الاحتلال الجاثم والربض واستعادة حقه المسلوب ، وليس الانضمام لجوقة الرداحين والشامتين والشاتمين والمحرضين ، التي ستتكسر على صخرة صمود المارد الفلسطيني، الذي يغير المعادلات ،ويصنع تاريخ جديد ، ويسطر بدمه الطهور  ملاحم المقاومة والصمود .

زمن اللامعقول/ محمد فاروق الإمام

ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية أن وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، شن نقداً قوياً على قناة الجزيرة، ودولة قطر، ودعا ليبرمان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيرته الرواندية في القدس، مساء يوم الاثنين 21/7/2014، إلى منع بث قناة الجزيرة الإخبارية في إسرائيل، والبحث عن سبل قانونية لطرد طاقمها من الأراضي الإسرائيلية.
إنه الزمن غير المعقول عندما يتهم كبير الإرهابيين ليبرمان وزير خارجية الدولة العبرية الذي يصفه عقلاء اليهود ومنصفيهم بأنه كبير المتطرفين في إسرائيل وبأنه صاحب الأفكار العنصرية التي تسود الدولة العبرية في هذه الأيام، وهو من طالب حكومته بقتل الفلسطينيين واستئصالهم وطردهم من فلسطين، وهو من طالب بمحاكمة أي عضو في الكنيست يلتقي بأعضاء حماس بتهمة الخيانة العظمى.. هذا الإرهابي يتهم في مقابلته الصحفية دولة قطر بأنها "دولة إرهابية" وأنها من أكثر البلدان التي تدعم الإرهاب في المنطقة وأنها الشريك الأساسي للإرهاب، وأنها عدو لإسرائيل مثل حركة حماس، ويبرر هذا الاتهام بأن قطر تأوي زعيم حركة حماس خالد مشعل.
كما شن ليبرمان في المقابلة حملة قوية على قناة الجزيرة متهماً إياها بعدم المهنية وأنها لا تمارس عملاً صحفياً وإعلامياً بل تحاول غسل الأدمغة من خلال بث أخبارها وأفكارها "الإرهابية". 
وسام على صدر قطر عليها أن تزهو وتفخر به وقد جاءها الزم والقدح من كبير الإرهابيين ليبرمان عدو العرب الأول وعدو الإنسانية الذي لا يجارى، كما وأن على قناة الجزيرة أن تفخر بوسام الاتهام الذي كاله هذا العنصري المهووس ليضاف إلى سلسلة الأوسمة التي تزين صدر كل عامل في قناة الجزيرة التي أثبتت في كل المجالات مهنيتها وحيادها وصدقها وتبنيها لقضايا العرب وتفاعلها مع ثورة الشعوب العربية على الظلم والظالمين والفساد والفاسدين.
وحتى تكتمل صورة هذا الإرهابي فإنني أضع القارئ أمام نسب وحسب هذا العنصري مستعرضاً بإيجاز سيرة هذا الأفاق الذي دنّس أرض فلسطين:
ولد ليبرمان في الخامس من حزيران 1958 في بكيشيناو في مولدافيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وكان ليبرمان أحد مؤسسي المنتدى الصهيوني ليهود الاتحاد السوفيتي.
قدم إلى إسرائيل في 18 حزيران 1978، وتعلّم اللغة العبرية، وخدم في الجيش الإسرائيلي لعدة أشهر. 
تواصل في سنة 1988 مع بنيامين نتنياهو الذي عاد إلى إسرائيل بعد إنهاء مهامه كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة ونجح ليبرمان بالدخول بقائمة حزب الليكود وأن يكون عضواً في الكنيست ورافق نتنياهو لمدة عشرة سنوات "إن الطيور على أشكالها تقع".
بعد انتخاب نتنياهو رئيساً لحزب الليكود سنة 1992، تم تعيين ليبرمان مديراً عاماً لحركة الليكود، في سنة 1996 وبعد اختيار بنيامين نتنياهو رئيساً للحكومة الإسرائيلية عُيّن ليبرمان مديراً عاماً لديوان رئاسة الوزراء حتى عام 1997 وتخلى عن منصبه، لفتح ملف تحقيق ضده بتهمة أخلاقية. 
في انتخابات سنة 2009  حصل حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يرأسه ليبرمان على 15 مقعداً وبات ثالث أكبر حزب في إسرائيل، في آذار 2009 مع تسلم بنيامين نتنياهو رئاسة الوزارة عين ليبرمان نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للخارجية وعضواً في مجلس الوزراء الأمني لإسرائيل وأيضاً عضواً في المطبخ الإسرائيلي.
ويعد ليبرمان في أوساط الدولة العبرية من اليمين المتطرف، وله رأي متعصب بالصراع العربي- الإسرائيلي، ومع استلام ليبرمان مهامه كوزير للخارجية أعلن أنه غير ملزم باتفاقيات مؤتمر أنابوليس، وبهذا غير ليبرمان مسار توجه الحكومة السابقة برئاسة إيهود أولمرت لحل الدولتين .
على خلفية الوضع غير المستقر بعلاقات السلام بين مصر وإسرائيل يقول ليبرمان بلقاء مع سفراء اتحاد الدول المستقلة خلال انتخابات 2001 أنه في حال نشبت حرب بين مصر وإسرائيل على إسرائيل أن تفجر السد العالي وتغرق بالمياه بحيرة ناصر والمناطق المحاذية لها، وفي هذا السياق نذكر قائد الانقلاب في مصر بأن يحبب حبيبه هوناً ما عسى أن يكون بغيضه يوماً ما. 
عند استلام ليبرمان مهام وزير الخارجية أعلمت مصر إسرائيل أن مندوبها لن يلتقي بليبرمان حتى يعود عن أقواله، ومع هذا جاء رئيس جهاز المخابرات المصري السابق عمر سليمان للقاء ليبرمان، وحسبما عرض بالصحف أن عمر سليمان قد دعا ليبرمان لزيارة مصر. 
يعتقد ليبرمان أنه يجب إدخال تعديلات في "حقوق المواطنة" لدولة إسرائيل، وبحسب هذه التعديلات يُلزم كل مواطن في إسرائيل التوقيع على "إعلان وفاء" لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية ولمبادئها ولقوانينها. ومن يرفض التوقيع يخسر صلاحياته بالانتخاب والترَشُح وربما تؤخُذ منهُ بطاقته الشخصية، ويعتقد ليبرمان أنه يجب إلزام كل مواطن إسرائيلي عند وصوله إلى عمر 16 سنة بالتوقيع على هذا التَعَهُد.
بنهاية عام 1991  قدمت دعوى ادعاء ضد ليبرمان تتهمه بالاعتداء على قاصر (دون سن 18)، وقد هدد ليبرمان الفتى القاصر بالاعتداء عليه مرة أخرى في حال عودته لمستوطنة "نوكديم". في أيلول 2011  أدين ليبرمان بالاعتداء على قاصر وتهديده، وأمر بدفع 7500 شيكل تعويضاً للفتى و10.000 شيكل غرامة.
اتهم وابنته بقضايا فساد بينها فضيحة كازينو "واحة لادن" في الخليل الذي أعيد فتح التحقيقات به والمستمرة منذ سنوات. في كانون الثاني 2008  بعيد مغادرته بأسابيع كوزير للشؤون الاستراتيجية.
 وخلصت الشرطة أن أرئيل شارون تلقى 3 ملايين دولار كرشوة في نفس القضية. ولايزال ليبرمان يخضع للتحقيق لتلقيه رشوة من رجل الأعمال النمساوي اليهودي مارتن شلاف.
هذا هو سجل حياة هذا الإرهابي العنصري البغيض الذي تطاول على دولة قطر واتهمها بدعم الإرهاب واتهم قناة الجزيرة بعدم المهنية في هذا الزمن غير المعقول، ورحم الله فيلسوف الشعراء وحكيمهم المتنبي عندما قال:
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ          
           فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ

لن تقبروا شعباً فجر المقابر وانبعث عملاقاً/ شاكر فريد حسن

ليست المرة الأولى التي تقترف فيها قوات الاحتلال الصهيوني مجزرة دامية وبشعة بحجم مجزرة حي الشجاعية في غزة ، فسياسة القتل والذبح والتصفيات الجسدية الجماعية فن تحترفه وتتقنه الصهيونية ، وتاريخها الطويل حافل بالجرائم والمجازر الدموية التي لا تنسى ضد الفلسطينيين ، بدءاً بدير ياسين وقبية والدوايمة مروراً بكفر قاسم وصبرا وشاتيلا ومخيم جنين وصولاً إلى مجزرة الشجاعية ، عدا الجرائم التي ترتكبها بحق المدنيين العزل خلال عدوانها البربري الغاشم المتواصل ضد قطاع غزة . ولكن هذه المجزرة الدموية التي يندى لها الجبين ، هي تتويج للجرائم الصهيونية ضد الإنسانية ، وقد فاقت في فظاعتها وهمجيتها ما يعجز القلم عن وصفه والتعبير عنه . 
إن حي الشجاعية على الدوام كان حاضراً في قلب المعارك وخضم الحروب التي شنتها المؤسسة الإسرائيلية ، إنه يتصدر الأحداث ، ويتقدم صفوف المقاومة والتصدي للغزاة ، ويقدم أروع آيات وملاحم الصمود والتحدي والقتال . وهو الآن يعيش مأساة حقيقية بعد المجزرة الدموية البشعة التي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والضحايا والجرحى ودفعت بأهله الخروج والنزوح عنه خوفاً من اقتراف مجزرة أخرى بحقهم . ومن الملاحظ أن قوات الاحتلال تعمد استهداف المدنيين الأبرياء والعزل ، واستهداف المستشفيات ومساكن ذوي الاحتياجات الخاصة ودور العبادة وبيوت السكان دون أي وازع أخلاقي وإنساني وقانوني ، وذلك كأداة ضغط على قوى وفصائل المقاومة لرفع راية لاستسلام .
لقد تحولت غزة العزة والإباء إلى مقبرة للغزاة ، وهي عصية على الكسر ، لن تنهزم ، ولن تموت . إنها تعرف الزمن العربي الأخرس ، وتعرف العواصم وملوك وحكام العرب المتخاذلين المتآمرين والمتأمركين ، وتعرف أنها هدفاً للتصفيات الإقليمية ، وأن لا خيار أمام شعبها سوى الصمود في المعركة دفاعاً عن الكرامة والمستقبل والمشروع الوطني الفلسطيني . فمهما تمادوا وارتكبوا من مجازر وجرائم "فلن يقبروا شعباً فجر المقابر وانبعث عملاقاً "، ويا إله الحرب قف على بحر غزة وخذ معك كل المهزومين وكل الرداحين ، وابصق على كل المتطاولين ، وارم حذائك بوجه توفيق عكاشة وجوقة المحرضين . ولنصرخ جميعاً : أوقفوا المجازر ، أوقفوا الحرب والعدوان ، أوقفوا شلالات الدم القاني، ارفعوا أيديكم عن شعبنا المحاصر، اجنحوا للسلام والخيار السياسي وانسحبوا من الوطن الفلسطيني ، فلن تجنوا شيئاً من هذه الحرب الخاسرة سوى الخيبة ، وكما قال شاعرنا سميح القاسم : 
كل سماء فوقكم جهنم 
وكل ارض تحتكم جهنم 
يموت فينا الطفل والشيخ 
ولا يستسلم 
وتسقط الأم على أبنائها القتلى 
ولا تستسلم 
لن تكسروا أعماقنا 
لن تهزموا أشواقنا 
نحن قضاء مبرم .  

الجرف الثابت وخطايا الخيارات/ سعيد نفاع

يقف المرء منّا في كلّ عدوان إسرائيليّ على أمتنا أمام أشلاء الأطفال من بحر البقر المصريّة 1969 إلى قانا اللبنانيّة 1996 و2006 إلى غزة هاشم الفلسطينية 2014، متخبطّا بين ألم وإحباط يشلان القلم في يد الكاتب منا، فالألم في الحالة الإنسانية العاديّة يستفزّ العزيمة لكن الألم عندنا صار على ما يبدو يقتل العزيمة إحباطا في أنفسنا ومن أنفسنا.    
يتفتق العقل المؤسساتي الإسرائيلي في كل عدوان تشنّه إسرائيل عن تسمية للعدوان وشعار له، يحتار المرء في محاولة هضم معانيهما لتعسر في هضمهما عقليّا وبطنيّا، واختار لعدوانه الأخير "الجرف الثابت" أسما، وشعارا "نحن نحمي مواطنينا من صواريخهم وهم يحمون صواريخهم بمواطنيهم".
ولكن يظل السؤال المحيّر: هل ممارسة هذه الشعارات باليد المطلقة على راحتها عالميّا غربيّا لا حاجة به لتسميات أو شعارات، وإسرائيليّا شعبيّا تسكره الشعارات والتسميات، وعربيّا "عهريّا" والعاهرة لا تحرجها التسميات ولا الشعارات، هل كلّ هذا وراء إحباطنا؟!
إذا كان أهل غزة وبقيّة الشعب الفلسطينيّ بكلّ أماكن تواجده هم جمهور الهدف، فما من شكّ أن لا التسمية تهمهم ولا الشعار يهمهم، ما يهمهم هو أشلاء الأطفال التي تتعفر دماؤهم وبقايا ألعابهم التي ضموها وخوفهم عليها كخوفهم على أنفسهم، برمال غزّة، وإن كان "الجرف الثابت" هو المًعفر المباشر لكن المُعفر المجرم الحقيقيّ هو ذاك المختزَل في قول أم غزيّة تحتضن أشلاء طفلها متسائلة: "أين العرب والمسلمين؟!" ودون حاجة بها أن تقول، فنحن نفهم أنها تقصد الحكام العرب والمسلمين والماسكين في ركابهم من الرعايا القُصّر.
وها أنا أجيبها: هؤلاء العرب يمرحون في مواخير الخليج وتل أبيب والعواصم الغربيّة، واولئك المسلمون يجاهدون في سوريّة والعراق ضدّ الكفار والمشركين من المسيحيين والرافضة.
بعد هذا لا بدّ من بعض كلمات ولو من باب "فشّة الغلّ أو الخلق" ونحن الفلسطينيوّن في الداخل جزء من هذا الباب، فلا أعتقد أني أعرف عن القضيّة العربيّة برمتها والمشاريع ضدّها أكثر مما يعرف غيري ومهما اختلفت مشاربي عن مشاربه، ولكن القضيّة هي ليست في المعرفة وإنما في ممارسة هذه المعرفة.   
وحتى أعرّف القاريء إلى أين ترد إبلي، أدّعي أنه صار من نافل القول أن نقول أن القضيّة الفلسطينيّة هي كلّ وأساس ما يخطر على بالك ولا يخطر في حياة المنطقة، ولعلّ في قول أحد القيادات الصهيونيّة، والذي يغيب اسمه عن بالي الآن، في لقاء مع ممثلي الحكومة البريطانيّة أيام الانتداب: "نعرف ما تريدون منّا في الشرق الأوسط ونحن مستعدون لذلك فامنحونا القوة لنقوم في الدور!".
مُنحوا الدور وكانت فلسطين الضحيّة، والمعنى أن الترابط بين إسرائيل ككيان ومصالح الغرب في المنطقة هو عضوي لا ينفصم وإن كنّا بحاجة لبيّنة أخرى فقول ذاك الصهيوني يزودنا بها، ومن هنا فالترابط بين القضيّة الفلسطينيّة وما يستهدف الشرق كله مرتبط كذلك لا ينفصم، ولا فرق بين المعارك في سوريّة ولبنان والعراق وغزّة لا أدواتيّا ولا جوهريّا.
المقاومة الفلسطينيّة بكل شرائحا وفي مقدمتها "حماس" تخوض اليوم مواجهة مع عدوان شرس حلقة أخرى من المشروع أعلاه، وهي أي حماس كانت وما زالت شوكة في حلوق أصحاب المشروع الغربيّ لن يهدأ لهم بال قبل اقتلاعها، هي تعرف ذلك ونحن على مشاربنا اتفقنا معها أو اختلفنا، نعرف ذلك.
ولكن هذا لا يمنع البتّة أن تُسأل حماس اليوم الأسئلة الصعبة وبغض النظر عن الموقف الذي يمكن أن نحمله تجاهها فكريّا وليس وطنيّا، ولا يمنع أن تُسأل الفصائل الفلسطينيّة والحركات الفلسطينيّة والأحزاب الفلسطينيّة ولا نستثني الأحزاب العربيّة (الفلسطينيّة) في إسرائيل، والمثقفين الفلسطينيين، ولا يقولنّ أحد أن هذا "مش وقته" فهذه ال"مش وقته" كانت في الكثير من الأحيان وراء خراب بيوتنا، لأننا دائما أجلنا الأسئلة الضروريّة خوفا أو أجلوها لنا قمعا جسديّا أحيانا وفكريّا أخرى وبحجة "مش وقته".
أولا: لماذا قلبت حماس ظهر المجن لأصدقائها الصدوقين إيران وسوريّة وحزب الله، فبدّلت الأولى بتركيا الطورانيّة وبدّلت الثانية بقطر آل ثاني وبدّلت الثالثة بإخوان مصر؟! فهل فعلا هذا الخيار كان سيكون سندها أو هو سندها اليوم، وهي العارفة أو التي كان يجب أن تعرف أن مثل "الجرف الثابت" لا بدّ آت؟!
ثانيا: كيف سيفسّر لنا أولئك حركات كانوا أو أحزابا أو مثقفين وقوفهم اليوم مع حقّ حماس في تصديها للعدوان، وبالأمس القريب واليوم يقفون ضدّ سوريّة وحزب الله وإيران؟!  فما الفارق بين مجزرة حي الشجاعيّة في غزة ومجازر الموصل في العراق ومجازر الضاحية في بيروت، وحدّث ولا حرج عن مجازر سوريّة؟!    
ثالثا: هل دم المسيحي والكلداني والأشوري والمسلم الشيعي في سوريّة والعراق ولبنان يختلف لونا عن دم الفلسطيني في غزّة ؟! أو هل الدم الذي تسفكه  داعش والنصرة هنالك من فصيلة "B" والدم الذي يسفكه الإسرائيليّون هنا من فصيلة "O" ؟! أو هل يُحللّ الدم المسفوك بسيف "الله وأكبر" ويحرّم الدم المسفوك بإف ستة عشر –""In God we Trust وقذائف مركفاة "הקדוש ברוך הוא"؟!
لا أحد يعرف كيف سينتهي عدوان "الجرف الثابت" على غزّة وكم من أطفال غزّة سيتقطعون أشلاء وبعد أن وقعت الخيارات وتبدّل الظهير، ولكن المعروف أنه لن يكون حال من كان ظهيره أيران وسوريّة وحزب الله وليس لتبدّل خيارات فما غيّروا ولا بدّلوا تبديلا، كحال من صار ظهيره تركيا وقطر والاخوان من لا خيارات لهم ليس لأنهم بدلّوا إذ لم  يملكوا يوما خيارات ولن يملكوا، وإن غدا لناظره قريب.
 فهل تُصحح الخيارات و"الجرف الثابت" ربّما يكون المفترق الأخير في التحوّل التاريخيّ الذي يحدث بعد أن تمخض "ربيع" من لا خيارات لهم فأنجب فأرا يحمل الطاعون؟!  
وهل سيعود الخاطيء عن خطاياه أو أخطائه في أضعف الإيمان؟!     


اليوم الأحد الواقع في مجزرة الشجاعيّة الموافق 2014|07|29 

يا لاذقية/ مفيد نبزو


 سافرتُ ما كنتُ أهوى الحبَّ والسفرا
حتى التقينا ، وما كان الهوى قدرا
يا لاذقية ُسحرُ البحر أعشقهُ
والبحرُ عيناكِ يا أحلى الورى نظرا
لي فيك ِعاطفة ٌبالحبِّ ناضرٌة
يراقصُ الليلُ من ألحانها الوترا
تقدِّسُ البحرَ يعطي الناسَ جوهرهُ
تقدِّسُ الطيرَ والينبوعَ والشجرا
تقدِّسُ الجبلَ العالي بنفحتهِ
والوردَ والزهرَ والعشاقَ والسهرا
يالاذقية ُهذي الجنة ُانبسطتْ
على البسيط فذابتْ كلهُّا صورا
بالله يا بحرُمَنْ قالَ الرمالُ هنا؟
على الشواطئ مالاقيتهُ دررا
على الشواطئ عذراواتُ تسألني
إنا نخافُ الهوى يا شاعرَ الشُّعرا
ناديتها وجنونُ الحبِّ يصلبني
من كان مثلي بطهر ِالحبِّ ما كفرا
هيا إلى البحر والأمواجُ زورقنُا
هيا إلى البحر نجني السِّحروالسَّحرا
ما خاف من يهتدي بالحبِّ أشرعة
وفارس الموج يهوى الموتَ والخطرا
يالاذقية ُ إنِّي  عاشقٌ   كلفٌ
فلا تلومي الذي بالعشق ما صبرا
قولي لمن في غروب البحر نشوته :
قلبي على الصخر مثلُ الموجة انكسرا
إن يغزل ِالشعرَماجَ الموجُ في خفرٍ
أو هاجَ بالشعر، بركانٌ به انفجرا
واليومَ ينشدُ لي أحلى قصائده :
من عَّلقَ النجم َفي صدري إذا نثرا
كمْ قالَ : من أزل ِالتاريخِ لي أثرٌ
إنِّي أقدِّس من آثارها الحجرا.
الأربعاء -3  – 8  -  1988   -
-       اللاذقية  -

خفايا التهدئة 2- مصر والمعادلة الفلسطينية/ رائف حسين

كثر الكلام والتعليق حول الدور المصري، المُبهم للوهلة الأولى، في محاولات التوصل الى هدنة طويلة الأمد بين الإحتلال الإسرائيلي والمقاومة الوطنية والإسلامية في غزة. 
لفهم ما يحصل على الساحة وفي الكواليس السياسية لا بد من نظرة وتقييم سريعين بإتجاه مصر شعبا وقيادة وسياسة.

الهزة التي حصلت في مصر بعد الإطاحة بنظام الإخوان الذين ربحوا إنتخابات نزيهة بعد إسقاط عرش مبارك، هي هزة كبيرة تُلقي تأثيراتها بظلها على السياسة المصرية وليس فقط الخارجية بل الداخلية ايضا وسيستمر هذا الوضع دون شك لفترة زمنية طويلة. بإختصار شديد تم تقسيم الداخل المصري الى مؤيدين للإخوان ومُعادين لهم وما بينهم لا شيء. وليس هذا فحسب بل تم تقسيم العالم الخارجي شعوباً وأفراداً وحكوماتٍ حسب هذه القاعدة البسيطة التي تعلمها السيسي من الأمريكان. هؤلاء قسمو العالم بعد 11 نوفمبر أيضا حسب معادلة المؤيد للإرهاب والمُعادي له.

أدرك الفريق السيسي في المعركة الانتخابية أن هذه المعادلة رغم خطرها على وحدة مصر هي طريقه الوحيد الى عرش الرئاسة، وبدأ بحرب مفتوحة على الإخوان وهذا ليس فقط في مصر بل في أنحاء الشرق العربي. كما أن سياسة الإخوان الإقصائية في مصر والتسرع في أسلمة المجتمع على هواهم والدعم الذي لاقوه من حركات إخوانية عربية وتركية وتدخلهم غير الموفق بالشأن السوري، ساعد السيسي لاحقاً بمشروعه للإستيلاء على الرئاسة وسهّل عليه أن يلعب ورقة الخيانة الوطنية التي لف بها الإخوان.
والآن يعمل السيسي لتثبيت قدميه على العرش وهو على يقين من أن تهدئة مصر واستقرارها داخلياً لا يتم إلا بعودتها إلى الساحة السياسية الشرق أوسطية كقوة إقليمية وإنعاش الإقتصاد المصري. وهو مدرك تماماً للربط الجدلي بين الموضوعين وأن تحقيق الأمر الثاني لا يمكن تحقيقه في المرحلة الحالية والقريبة دون إنجاز المهمة الأولى وتثبيت مصر قوة إقليمية إلى جانب إيران، التي سلّم العالم بمكانتها السياسية في المنطقة.
السيسي يستغل الوضع الراهن بسقوط تركيا الإخوانية كقوة إقليمية بعد أن غدرت بالعالم العربي ووقفت ضد سوريا شعباً ونظاماً ودعمت القوات التكفيرية عسكرياً ولوجستياً وسياسياً لتقديرها الخاطئ للوضع السوري الداخلي. إن إصطفاف تركيا المستمر وخاصة بعد إنفجار الوضع في العراق في مشروع سايس بيكو الجديد لتقسيم العالم العربي الى دويلات، وإدخاله في حرب قذرة بين الشيعة والسنة  لفتح الباب أمام إستعمار كولونيالي جديد، أحط من مكانتها وتأثيرها في الشرق الاوسط. والسيسي على إدراك تام أن السعودية التي دخلت بداية وعن قلة إدراك سياسي طويل الأمد مستنقع المشروع الصهيوأمريكي لإدخال الشرق الأوسط بصراعات دامية بين المِلَل تحضيراً لتقسيم جديد للشرق تنتج عنه دويلات ضعيفة مرتبطة سياسياً وإقتصادياً بقوى خارجية، لن تعد في القريب العاجل منافساً لمصر كقوة إقليمية. والآن وبعد تراجعها الاولي عن دعم القوى التكفيرية وحظرها لحركة الإخوان في الأراضي السعودية واستنجادها بالجيش المصري لرد هجوم داعشي من الاراضي العراقية لشمال السعودية لم يعد بإمكانها أن تقوم بدور إقليمي مركزي. إضافة الى هذه العوامل المساعدة لعودة مصر كقوة إقليمية، إن السيسي من الحنكة الكافية ليعرف أن الصراعات الكبرى المؤثرة في الشرق الزوسط والسياسة العالمية الآن كالحرب في سوريا والعراق والخطر التكفيري والحرب السنية الشيعية التي تم إشعالها لا يمكن التغلب عليها بمساعدة مصر. فالورقة في هذه المعادلة هي بيد إيران ولا منازع لها بهذا. هذه الحقيقة يدركها كل من السيسي، الخليج العربي والغرب أيضا. اضافة لذلك، الصراعات المقلقة الأخرى في الشرق والتي يمكن لمصر لعب دور بها كالصراعات القائمة في ليبيا والسودان واليمن لا تشكل خطراً جدياً على مصالح الغرب ولا تعنيهم بالدرجة الأولى ولذا تتطاير قوة إحتمالات مصر السيسية في لعودة الى الساحة الإقليمية من هذه الأبواب. 

وعليه، يبقي باب رئيسي ومركزي يمكن للسيسي إستغلاله للعودة بمصر كقوة إقليمية في الشرق الاوسط - باب الصراع العربي الإسرائيلي. وقد جاءت حرب غزة كعجل إنقاذ للسيسي وحبل يسهل التسلق عليه للعودة الى المكانة المرموقة كقوة إقليمية.
سارع السيسي مدعوماً بحلفائه من الغرب والسعوديين للوساطة بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الوطنية والاسلامية بغزة للوصول الى هدنة. وفُتح له الباب على مصراعيه ليتسلق سلم الخروج من عالم النسيان السياسي الذي وقعت به مصر بعد إسقاط نظام مبارك والعودة الى موقع إقليمي مرموق منافساً لإيران القوة الاقليمية الثانية في الشرق. الزوبعة التي حاول الأمريكان إثارتها كتعبير عن غضبهم لإعلان السيسي عن مبادرة الهدنة قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة هي لعبة دبلوماسية لرفع مكانة مصر وإظهارها داخلياً وعربياً „بطل يتحدى الامريكان سياسياً“ ورفع أسهمها في التحدي الشرق أوسطي. الحرد التركي القطري ومحاولتهم التأثير على حلفائهم في الساحة الفلسطينية لعدم قبول إتفاق الهدنة المصرية هو ليس من باب الحرص على المصالح الفلسطينية بل هو خوف من نجاح اللعبة الديبلوماسية المصرية والرمي بالقطري والتركي في قبو الدبلوماسية الشرق أوسطية لزمنٍ طويل. وهذه الخطوة تتماشى الآن مع التوجه السعودي وتلقى إستحسان الغرب لما بها من ضمانٍ أكبر لمصالحهم في الشرق. 

أنا لم أفاجأ من ردات فعل الشارع الفلسطيني الوطني الصادق من المبادرة المصرية التي رافقها أيضا ترويج إعلامي صهيوعربي في الإعلام المصري. هذا الإعلام المُوجه لتسويق المعادلة السيسية القائلة إن الإخوان ودون تفرقة بين تياراتهم بالشرق ومنهم حركة المقاومة الإسلامية حماس، هم العدو الحالي للعروبة. ولديّ شخصياً مآخذ عديدة على سياسة الإخوان وأيدولوجيتهم الإقصائية والمعادية للقومية العربيه إلا أن هذا موضوع آخر وليس إستغلال الدم الفلسطيني للثأر من الإخوان إلا سياسة بخيسة تخدم العدو قطعاً. ومحاولة هذا الإعلام الترويج للدعاية أن حماس دعمت القوى التكفيرية في سيناء تهدف لشيطنة الحركة وزيادة الشرخ داخل المجتمع الفلسطيني في تصديه للعدوان الصهيوني. الحقيقة هي أن حركة حماس قامت بأخطاء سياسية خارجية جسيمة خصوصاً في السنوات الماضية، وهذا دون شك موضوع يستحق النقاش والمراجعة ولكن ليس من باب التخوين والشيطنة، خاصة وأن حماس الآن تشكل العمود الفقري لمقاومة العدوان الصهيوني على فلسطين المحتلة، ومراجعة هذا الأمر لا تكون بكيل التهم والوقوف الى جانب المحتل الصهيوني الذي لا يفرق بإجرامه بين حمساوي وغير حمساوي في ساحة المعركة.

وعودة بنا الى مبادرة التهدئة المصرية التي لم يتكلل لها النجاح الان ولكنها سوف تجد الطريق الى التحقيق عندما تصل الأطراف كلها الى ما وصفته ب  win win sitation في المقالة الأولى بهذا الشأن. 
السيسي لن يكتفي بالوصول الى إتفاقية تهدئة، بغض النظر عن فترة إستمرارها، إذ أنه يدرك أن هذا هو فقط نصف الطريق للوصول الى الهدف الأكبر وهو عودة مصر كقوة إقليمية منافسة لإيران في الشرق الأوسط لتضمن بذلك دعم الغرب العسكري والمادي لها، وضغط الأخير على بعض الدول الخليجية وخصوصاً السعودية والإمارات للإستثمار في مصر لدعم الإقتصاد المصري وخلق فرص عمل قادرة على تثبيت أقدام السيسي على العرش المصري. 

نهايةً أود أن أرسم سيناريو للسياسة المصرية تجاه غزة قد يظهر للوهلة الاولى غريب وآتٍ من عالم آخر، لكن قراءة الواقع بتمحص سوف تُظهر أن هذا السيناريو يمكن أن يتحقق وعلينا تتبع أخبار تحقيقه ولو جزئياً. الهدف الصهيوني الأول هو القضاء نهائياً على المقاومة المسلحة في غزة بجميع أطيافها السياسية والأيديولوجية، والحلم اليومي لكل غزاوي والذي يعيه كل متابع للأمر، أن يعيش بكرامة ويتحرك بحرية ويطعم أبناءه ويؤمّن لهم حياة سهلة. في نفس السياق، يتمحور الهدف المصري بإيجاد حسم عسكري للتواجد التكفيري المسلح بسيناء ومحاصرته من كل الجهات. وقد بدأ الحديث الآن عن قوات دولية بمساعدة عربية تضمن أمن الحدود المصرية الفلسطينية وتمنع تسرب السلاح الى غزة. 
السيناريو المحتمل الذي قد يراعي ما ذكرته أعلاه هو أن تكون هناك قوات دولية رمزية ووجود مكثف لقوات مصرية وليس فقط على الحدود بل أيضاً داخل غزة، وفي المقابل تقوم مصر بفتح الحدود للمسافرين وللتبادل التجاري إضافة الى ذلك تقوم مصر بتزويد القطاع بالوقود والغاز والكهرباء وكل هذا يتم بإتفاق مع السلطة الفلسطينية التي تتوق لبسط سيادتها على القطاع ولو بحماية مصرية وتقزيم الدور الحمساوي السياسي والنضالي. هذا السيناريو الخطير يضمن تحقيق عدة أهداف ويرضي الأطراف المتورطة بالصراع.

محاولات ترويض الشعب الفلسطيني باءت بالفشل/ ابراهيم الشيخ

منذ تسلم محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، وهو يرفع شعارات لا انتفاضة، لا مقاومة، لا انضمام مكتملاً إلى المنظمات الدولية، إلى الحد الذي أدت فيه هذه السياسة إلى حالة من الارتخاء في قطاع من الشارع الفلسطيني، خصوصاً في أوساط المؤيدين للسلطة، أو بالأحرى، المستفيدين من وجودها. وعليه، أدركت دولة الاحتلال أن في وسعها عمل ما تشاء من دون رادع، وأن توغل في القتل، وتتعنت في المفاوضات، وتسرق مزيداً من الأراضي الفلسطينية من دون أي حسابات قلق                                           .
معروف أن إسرائيل تريد للشعب الفلسطيني أن يختفي من الوجود، لكي تعيش بسكينة واطمئنان، وتحقق أحلام الصهيونية، هذا نعرفه. لكن، ما يتأكد يوماً بعد يوم، أن هناك قوى ودولاً غير دولة الاحتلال تريد للشعب الفلسطيني أن يستكين، وأن لا يقاوم الاحتلال، وكأن الشعب الفلسطيني يشكل استثناء على الكرة الأرضية، ولا يجب السماح له بمقاومة احتلال وطنه، ولا أن يطالب بحقوقه.                                           .
من بالغ الأسى، أن أول من يحاول ترويض هذا الشعب هو سلطته التي نشأت نتيجة اتفاقيات أوسلو المشؤومة، والتي لم تحقق للشعب الفلسطيني شيئاً، سوى بناء سلطة تعمل وتسهر على راحة المستوطنين وأمنهم في الضفة الغربية، في تنسيق أمني مذل مع دولة الاحتلال. وتعمل هذه السلطة كل ما في استطاعتها، للحفاظ على بقائها وبقاء الطبقة المستفيدة من وجودها، بالقيام بالمهمات الموكلة لها من الاحتلال                                 .
من الثابت أن في وجود السلطة الفلسطينية مصلحة للإسرائيليين، وحماية لهم أكثر من أي فلسطيني. فإذا كانت هذه السلطة لا تريد، وهي حقاً لا تريد، المقاومة ومحاربة إسرائيل، وإذا كان هذا هو شعار محمود عباس، فلماذا لا تترك الفلسطينيين لحالهم، وأن تتوقف عن التضييق على المقاومة. ماذا تريد السلطة أكثر من الجرائم التي تحصل على الأرض الفلسطينية، للتوجه إلى الأمم المتحدة، وتستكمل الانضمام إلى المعاهدات الدولية، وتبدأ في إجراءات معاقبة الاحتلال في المحاكم الدولية المختصة                                                     .
مقابل سياسة السلطة الفلسطينية، تحاول حركة حماس العمل على الاستمرار في نهج الكفاح المسلح، وهنا، ليست حماس وحدها من تنتهج هذا الدرب، إنما أكثرية الشعب الفلسطيني وفصائله معها، لكن السلطة الفلسطينية التي لا تجيد سوى لغة التلعثم في المفاوضات مع عدو متغطرس، تعمل، ليل نهار، على عكس ما تريده أغلبية الشعب الفلسطيني.                                                            
عربياً، منذ زمن، أصبحت القضية الفلسطينية لا تشكل الهم الأكبر للدول العربية، وبعد انطلاق الربيع العربي، وبدء مشروع شرذمة العرب طائفياً، زاد الانشغال عن فلسطين، وليس هذا فقط  ما يضير، إنما يجري محاصرة قطاع غزة من مصر، وهي أكبر دولة عربية، بسبب ارتهانها لمعاهدة سلام مع إسرائيل، ومن أجل إرضاء إسرائيل، تختفي الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، عند حكام مصر من العسكر، ويغلق معبر رفح أمام الفلسطينيين الذين يحتاجون الدواء والغذاء، كما السلاح والبارود، وكأن إسرائيل أصبحت أقرب وأعز على مصر من الفلسطينيين.
الدول العربية أعلنت، منذ زمن، أنها لا تريد محاربة إسرائيل، وهي لا تساعد الشعب الفلسطيني على ذلك، بل تعمل على ترويضه وقمعه، لكي لا يحمل بندقية، ويدافع عن حقوقه، فالحدود المتاخمة لإسرائيل محمية جيداً، وأصبح الفلسطيني الذي يريد محاربة إسرائيل يلاحق بتهمة الإرهاب في هذه الدول.                                              
أما الدول الغربية، فتعامل إسرائيل كدولة استثنائية، يحق لها من جرائم ما لا يحق لغيرها، عبر دعمها بكل الوسائل السياسية والعسكرية والمادية، ودعمها في أروقة الأمم المتحدة، واستعمال حق النقض "الفيتو"، ضد أي قرار يدين جرائمها، ما يزيد من شراسة إسرائيل، ويشجعها على مزيد من القتل والتهجير، وإقامة مزيد من المستوطنات وسرقة الأراضي، بتسهيلات غربية وتواطآت عربية                                                          .
كل هذا التآمر لم يوقف الفلسطينيين عن النضال والمقاومة، لأجل حقوقهم وأرضهم، ومحاولات ترويض هذا الشعب جميعها باءت بالفشل، أمام إصرار الشعب الفلسطيني على مقاومة محتليه.

أضرّ من بلبلة/ جواد بولس

تحت عنوان "اللجنة القطرية تتبرّأ من بيانات "التعايش" التي أعقبت مظاهرات الغضب"، نشرت بعض المواقع الإخبارية المحلّية نبأً نفت من خلاله اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربية في إسرائيل حقيقة إصدار بيان مشترك ضم تواقيع اثني عشر رئيس مجلس محلي عربي من قرى ومدن الجليل العربية وتوقيعين لرئيسين يهوديين. وأكد بيان اللجنة القطرية أن "رؤساء السلطات المحلية العربية الذين ذكرت أسماؤهم في البيانات المشار إليها، لم يوقّعوا على تلك البيانات، ولم يطّلعوا على نصّها ومضمونها، وبالتالي فان هذه البيانات لا تمثّلهم". 
لا أعرف مَن من القرّاء سيقبل، هادئ البال مقتنعًا، رواية النفي كما وردت، وذلك من دون أن نفهم من كان وراء تزييف عشرات التواقيع لرؤساء مجالس عربية، لا سيّما ومعظم هؤلاء الرؤساء لم ينفوا مباشرة تلك البيانات، وبعضهم كان قد شارك في لقاءات مصوّرة مع وزراء ومسؤولين رسميين إسرائيليين، وتحدث ودعا لما هو أكثر من وجوب التعايش بين اليهود والعرب في هذه البلاد. 
ولئن بقيت الحقيقة مغيّبة وفي موضع سر المتنبي الذي "لا يناله نديم ولا يفضي إليه شراب"، فلن يخفى على كل مراقب نبيه أننا نعيش في واقع تغرقه البلبلة المتعمّدة، ويسوده شطط وفائض من "الضحك على اللحى". 
هذه البيانات، وما يتبعها من حراك، تفضح عمليًّا رداءة حالتنا العامة وما يتحكّم فيها من بلبلة ومن قيم سقيمة تتكاثر في دفيئات الانتهازية والتوهيم والمزايدات. ففي مجتمعنا تفشّت، في السنوات الأخيرة، ظاهرة "الكذب الوطني" الذي استحكم في مفاصل العمل السياسي الحزبي المباشر. 
فطيلة سني نضالاتها، جابهت القيادات الوطنية الفاعلة في حياة الأقلية الفلسطينية، سياسات حكام اسرائيل وأفشلتها على مستويين رئيسيين: البقاء في وجه التهجير والاقتلاع، والانتماء الوطني السليم في وجه العدمية القومية والتصحّر الثقافي. 
وحتى بعدما انتهت إسرائيل من احتلالها لغزة والضفة الغربية، ثابرت قيادات الجماهير العربية ومضت في كفاحاتها ضد الاحتلال دون أن تتوقف عن نضالاتها ضد سياسات القمع العنصرية إزاء من أصبحوا مواطنين في دولة بلعتهم وشرّدت شعبهم إلى مجهولِه وخيامه.
ولعقود رسّخ قادة العمل الوطني نضالاتهم على الجبهتين بأساليب "كفاحية واقعية" ووعي "وطني ناضج". كانت برامج العمل تستهدف المحافظة على وحدة الجماهير وصقل وعيها وتحصين هويّتها الوطنية، وبالمقابل استهداف مجتمع الأكثرية اليهودية، ومحاولة التأثير عليه، وكسب دعمه في قضايا عينية وعامة.
اختلفت الأحزاب والحركات السياسية التي عملت بين الجماهير العربية على عدد من المفاهيم والمبادئ السياسية، لكنها طوّرت، بشبه إجماع مفاهيم واضحة لأساليب النضال المحظورة وطنيًا وتلك المسموحة. 
الواقعية الكفاحية ونضوج قيادة مسؤولة أفشلا مؤامرات السلطة الاسرائيلية المتعاقبة، وبكفاح عنيد حكيم مضوا من ذروة إلى ذروة  في طريق المقاومة الشعبية السلمية حتى وإن حوّلتها، منذ الخمسينيات، عصي الشرطة الاسرائيلية وبنادقها في بعض المحطات لصدامية حتى الدم . 
أمّا اليوم، فلقد صارت "الواقعية الكفاحية" مسبّة ووصمة وكأن البعض يعيدنا إلى زمن "لندن مرابط خيلنا"، وغدا الأخذ بموازين القوى، مثلًا، مضحكة وتهمة على كونه سلاح المهزومين! فمنذ سنوات هنالك من يصنع لنا منظومات مفاهيم ومصطلحات قد تكون صحيحة، وهي على طاولات الباحثين ومعاهد الدراسة والتخطيط، لكنها تستغيث لمن يشرح كيف من الممكن والجائز تحويلها في الداخل الإسرائيلي إلى برامج عمل تحقق أهدافها في دولة يهرول نظام حكمها باتجاه هاوية الفاشية. 
لن يكون النقاش على مدى صحّة بعض تلك المقولات بمطلقها، ولكن إبقاءها مقولاتٍ أكاديميةً يردّدها بعض قادة الأحزاب من غير رصيد عملي يضر بمصلحة الجماهير، وفي كثير من الأحوال يخلق جوًّا ضبابيًا يسمح لكثير من الطفيليات "التعربش" على بطن الخيمة الوطنية وإنهاكها، تمامًا كما هو حاصل في السنوات الأخيرة، وقد تمظهر ذلك جليًا في الانتخابات للمجالس المحلية وما أفرزته من نتائج قاسية تغذت على وجبات من شعارات وطنية كاذبة. ظاهرة أدّت إلى نشوء مناخ يضخ ارتجالية وانفعالية مضرّة من جهة، وانتهازية فاضحة وحالة من شبه الحمل الوطني الذي لن يؤدي الى أي نصر وسلامة.
عن أهمّية الشعار السياسي كتب الكثيرون وسيكتبون، وهنا أوكد أن الشعار الفقاعي يتيح حتى للمتأسرلين الحقيقيين أن يدخلوا داخل حيّزه، ويعيشون ويعتاشون على لحم كذبهم، بينما يسقم وطن ويتهالك حلم. 
تاريخ الأمم مليء بحكايا الصمود والخسارة والوهم. فلكلّ حزب وحركة حق باختيار برامجه وشعاراته. والسياسة احتضنت دومًا أحزابًا تعتمد الإثارة العاطفية وسيلة تجييش ناجعة، أو أصبح إيمانها بقضية العدالة المطلقة بوصلة لعملها السياسي، مهما كان محدودًا أو مغامرًا؛ ولكننا نعيش واقعًا خطيرًا قد يفسد ثمار عقود من النضال والصمود، فمن غير الصحّي أن يبقى في الساحة من يعتمد على السماء فقط، أو على الحلم الجميل، ويغيب عنها من استشرف المستقبل حينما سدّت جهات الريح والسماء.
عجيب أمر من آمن بأن النصر لن يتحقّق إلا بوحدة داخلية صلبة ومؤازرة قوى عالمية حرّة ومساندة فعلية من داخل مجتمع الدولة الغاصبة والقامعة؟ أينأولئك؟ وهل تراجعوا لأن البعض أفتى بأن "واقعيتهم الكفاحية" كانت أشهر علامات أسرلة الجماهير العربية وأفدح أخطائها النضالية؟ 
وأخيرًا، ما أحكم المجرّب حين قال: 
"ولكن الجناح إذا أصيبت          قوادمه يرفُّ على الأكام"
 إنها حكمة الطير في كفاحه من أجل البقاء، فهل لنا فيها موعظة؟!