أيَّ شرف يقصد السيّد رئيس جمهورية مصر وبأيَّ قرآن يُقسم متعهداً بالحفاظ على الدستور وسلامة تطبيقه وصيانة أمن مصر والشعب المصري في كل مرة يفوز بها بالتزكية برئاسة أخرى لجمهورية مصر ؟ هل حافظ على سلامة شرفه هذا حين كان ضالعاً أو ساكتاً عمّا كان يجري أمام عينيه من تزوير للإنتخابات التشريعية والرئاسية ومن خروقات للدستور الذي أمر أو أوعز هو نفسه لأعضاء البرلمان من عناصر حزبه المُسمّى الحزب الوطني الدمقراطي الذين يُشكّلون الأغلبية في هذا البرلمان ... طلب منهم أو أوعز لهم أنْ يُصوّتوا لصالح تعديل بعض مواد الدستور لإتاحة الفٌرصة أمامه للترشيح المرّة تلو المرّة لإنتخابات الرئاسة ؟ أي شرف هذا يُقسم به سيادة الرئيس وبأي قرآن أقسم ؟ ثم ، هل حافظ على أمن مصر واستقلالها وسلامة أراضيها وهو المنبطحُ أبداً أمام رغبات ومطامع وأوامر إسرائيل ونواهيها وأمامنا فعاله مع غزة والحصار الذي ضربه على أهل غزة وإقامته الجدار الحديدي العازل حولها ثم غلق معبر رفح لخنق فلسطينيي غزة ؟ بأي شرف يُقسم هذا السيد وعلى أي قرآن يضع يمينه ؟ ما هذا السُعار الكلبي أو الذئبي للتشبث بالسلطة والجاه والجبروت والإمعان في كبت الحريات وخنق الأنفاس ؟ ما الذي أفاده الشعب المصريُّ من قانون الطواريء المُسلّط على رقاب أبناء مصر ولمن هذه الملايين من عناصر الشرطة والأمن والمخابرات والإستخبارات ، لمن ؟ لأعداء مصر ؟ كلاّ ، فإنه أجبن من فأر أمام أعداء مصر ، إنمّا أعدّهم لإرعاب الشعب المصري وخنق أيَّ صوتٍ معارض ورأيٍّ مخالف حتى فجّر الشباب ثورة النيل العظمى ففرّت أجهزة شرطته وأمنه ومخابراته لتحتلَّ المسرحَ عصابات التخريب والقنّاصة التي أعدّها لأيام النزال مع شعب مصر وهذا ما شاهدناه على شاشات الفضائيات التي تنقل الأحداثَ حيّة ساخنةً مُضمّخةً بدماء الشباب المصري الزكية .
طالبته جموع شباب مصر بالرحيل الفوري فوعد بالرحيل ولكنْ في نهاية ولايته الحالية ووعد بأنْ لا ترشيحَ جديداً ولا توريثاً لولده جمال مبارك ! لم يأتِ بجديد فيما وعد فهذان مطلبان قديمان لم يُصغِ لهما القُبحي البارِك اللامبارك وواظب على ممارسة عاداته السيئة والمشبوهة على الصمت والتقلّب والمراوغة كأي ثعلب جبان لئيم وسارق كبير هرّب وأفراد عائلته مليارات الدولارات إلى خارج مصر وما زال هو وعائلته غير المقدّسة يطمعون بما هو أكثر . هذا هو أحد أسرار تشبثه بالسلطة وهو في الثانية والثمانين من العمر وقد حكم مصراً ثلاثين عاماً دكتاتوراً على شاكلة فرانكو وبنوشت .
نعم ، وعد السيّد الرئيس بالرحيل لكنه أعد لحكم مصر من بعده مجموعة من ذات خامته وطينته من طلاب وأيتام السادات من فريق كامب ديفيد سيء الصيت . أعدَّ خلفاً له لواء الإستخبارات عمر سليمان وأعدَّ لهذا خلفاً من عناصر كامب ديفيد هو وزير الدفاع الطنطل الطنطاوي نائب رئيس الوزراء المعين في تشكيلة وزارته الجديدة . لا أحد يعرف طبيعة إتجاهات وميول قادة الجيش المصري الآخرين لكنّهم وعلى الأغلب لا يختلفون في إعدادهم وتربيتهم وعقيدتهم العسكرية عن نهج وعقيدة أصحاب كامب ديفيد من أيتام وأذناب أنور السادات وأصدقاء أمريكا وإسرائيل حتى إلى ما هو أعمق من نخاع عظامهم . هذه هي مصر التي يريدون : جداراً عازلاً لإسرائيل وخط دفاع يحمي ظهرها من جهات عدّة وحليفاً أبدياً لها .
إرحلْ يا بارِكُ إرحلْ ... عَجّلْ يا بارِكُ وأرحلْ
عرض مبارك ورؤوسُ مسؤولي حكومته الجديدة التي هندسها وشكلها مُجبراً وتنازلاً أمام ثبات وإصرار الشعب المصري الأبيّ الحر وما قدّم من دماء زكية طاهرة ... عرض بعض المشاريع المشبوهة والمتهرئة التي مرَّ زمانها وتجاوزتها الأحداث المأساوية وما أُريق من دماء في ساحات وشوارع القاهرة وسواها من حواضر مصر ... عرض خانعاً متوسلاً متنازلاً عن بعض عنجهيته وطاووسيته العسكرية وما يحيط نفسه به من إسناد أمريكي ـ إسرائيلي ... قدّم عروضاً ومقترحات للشروع بتنفيذ [ إصلاحات ] لا علاقة لها بمطاليب الأحرار المنتفضين ومثقفي ومفكري مصر القاضية بكل وضوح بإسقاط النظام الذي وضع أنور السادات أُسسَهُ وأركانه وأقام مبارك بعد رحيل سيّدهِ السادات سلطته وسلطانه عليه ومنح لنفسه فيه صلاحيات لا حدود لها أوصلته إلى مقام حاكم عسكري دكتاتوري بملابس مدنية من المهد إلى اللحد . فهو رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة والحاكم العسكري العام ثم هو رئيس الحزب المسمّى الوطني الدمقراطي . له صلاحيات تشكيل الحكومات وحلّها وحل البرلمان المصري ومجلس الشورى وأُعطي حق إختيار عشرين شخصاً غير منتخبين أعضاءَ في برلمانه !! الآن ما هي مطاليب الشعب المصري والثائرين الميامين فيه ؟ أدرجها مسلسلةً :
1ـ حل الحكومة التي شكّلها على عجل .
2ـ حل مجلسي البرلمان والشورى
3ـ حل الحزب الوطني الدمقراطي ومقاضاة الذين أثروا فيه ومن خلاله .
4ـ تشكيل لجنة من كبار قضاة ورجال القانون في مصر لكتابة دستور جديد يتضمن مبدأ تحويل النظام السياسي في مصر إلى نظام برلماني وليس رئاسياً .
5ـ إستصدار قانون جديد ينظم شؤون الإنتخابات التشريعية وينص صراحة على تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية وتحديد فترة رئاسته لأربع سنوات قابلة للتجديد مرةً واحدة فقط .
6ـ إجراء إنتخابات تشريعية خالية من التزوير والإبتزاز وشراء أصوات الناخبين بالمال .
7ـ محاكمة ومقاضاة المخربين والمفسدين وسارقي مال وأقوات الشعب مهما كانت سماتهم وصفاتهم ومسؤولياتهم السابقة والراهنة ومن بينهم مباركٌ نفسه وولداه وزوجه .
8 ـ إعادة النظر بشكل جذري بمعاهدات كامب ديفيد وكشف البروتوكولات السرّية المُلحقة بها التي غيّبها أنور السادات وبطانته يومذاك عن علم الشعب المصري .
9 ـ إجراء تغييرات جذرية في مجمل علاقات مصر بالولايات المتحدة الأمريكية وإنتهاج سياسة الحياد والإستقلال التام .
هذه هي الشروط المطلوبة والمتوقعة لتغيير النظام في مصر بدل محاولات ترقيعه والإلتفاف عليه تحت زعم أنَّ لا يأتي من بعد مبارك ونظام حكمه وتلامذته من بقايا وأيتام ( أكاديمية كامب ديفيد الساداتية ) إلاّ الفوضى والطوُفان كأنْ لم تكنْ مصرُ في زمانه في حالات وحالات من الفوضى والطوفانات المدمّرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق