فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان المحترم
تحية لبنانية
14 أيار 2011
قبل أقل من شهر، وبمناسبة ذكرى قيامة السيد المسيح، وجهنا إليكم كتاباً مفتوحاً قدمنا لكم أفضل التمنيات مع الأمل أن تبادروا، مع الرئيس المكلّف، إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تنتشل البلاد من مخاطر تترصده لاختراقه فيما لو استمرت الثورات الشعبية في تمددها في منطقتنا واستمر تجاهل السياسيين اللبنانيين هذه المخاطر.. إسمح لنا اليوم أن نلحق رسالتنا تلك بهذا النداء الحار نضمنه حرصنا الشديد على كيان الدولة التي ننتمي إليها آملين أن تحظى بمطالعة فخامتكم..
سيدي فخامة الرئيس،
ها إن المخاطر التي نراها تقترتب من حدود ديارنا وقد استفحل أمرها في الجوار، ومع أملنا أن تصل إلى خواتم طيبة، فإننا، لبنانيو المهاجر، نتابع باهتمام كبير أزمة تشكيل حكومة لبنانية سيادية من صنع لبناني صافي، وقد آلمنا ما بلغ إليه الإستهتار السياسي المُريب الذي يمارسه بعض السياسيين، في الأكثرية الجديدة، غير آبهين بما قد يتعرّض له الوطن من مخاطر جرّاء التسيُّب التام في الشئون الوطنية والمجتمعية..
إن التخبط السياسي القائم وانطلاق الأفرقاء إلى تحقيق ما يصبون إليه باعتماد التصلب والتعنُّث يدفع إلى قيام ثورة حقيقية على النظام السياسي، الأمر الذي أثبتته تصرفاتهم إزاء تسهيل تشكيل الحكومة الموعودة؛ ولم يعد يخفى علينا أن أهداف الأكثرية الجديدة، وعلى رأسها زعيم تكتل التغيير والاصلاح، ليست قط من أجل الإصلاح بل لتغيير النظام ذاته طبقاً لنظرياته الخاصة، وهذا تأكّد جرّاء مشاركته في الحكومة الوطنية السابقة التي أتاحت له ( مع كونه أقلية ) فرص الإصلاح من داخل المؤسسات لكنه آثر الإصرار على إلغاء أدوار باقي الوزراء تحت شعار محاربة الفساد وإصدار البيانات وطرح الشروط العرقوبية والهمايونية التلفزيونية، لاسيما منذ توليكم رئاسة الجمهورية وإلى اليوم..
فخامة الرئيس،
مواقفكم الشجاعة في حماية الوطن، إبّان توليكم عمادة الجيش اللبناني وإلى اليوم ودفاعكم المستميت عن حياض الوطن وحماية أمنه وصيانة دستوره، شهادة يحملها لكم بإجلال كل لبناني حرٍّ وأبي، في حين مواقف زعيم الرابية، طوال توليه، رئاسة حكومة لبنان المؤقتة وإلى اليوم، منذ نهاية عهد الرئيس الجميّل، حين أُنيطَ به تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية فأهمل قسَمَه وانطلق في حروبٍ تدميرية أرهقت الوطن وجيشه وتسببت بهجرة أكثر من نصف مليون لبناني، وفوق كل هذا استجرت الوصاية السورية إلى تمتين يدها الحديدية على البلاد.. كل هذه الأمور يحفظها اللبنانيون شهادةً قاسية عليه وعلى مآثره في إعاقة الوطن لزمنٍ تجاوز الربع قرن من السنين..
الموقف اليوم،
في نظرنا، فخامة الرئيس، إن ما تردده وكالات الأنباء والصحافة المحلية والدولية، وما نسمعه من تهجمات على مقام الرئاسة وصلاحية الرئيس ومحاولات زعيم الرابية فرض رأيه على الرئيس المكلّف تشكيل حكومة العهد الثانية، ما هي إلاّ خطوات مدروسة تماماً للإستيلاء على كامل السلطة، وما ادعاءاته المتناقضة عن التعدي على الدستور، إنما تأتي ضمن السياق الذي اتّبعه هذا الرجل منذ أمد بعيد؛ وربما علينا التذكير بأنه كان رفض اتفاقاً هو اليوم يعيش في إطاره الدستوري والسياسي هو اتفاق الطائف ومع ذلك يتلاعب بمعاني محتوياته، فيقبل به حيث يجد مرمى في شباكه ويرفضه حين يرى العكس؛ وهو لم يعي بعد أنه، لو تسنى له احتلال موقع الرئاسة لما تخلّى عن معنى من معانيه الداعمة لصلاحياته التي يدعوكم إلى تعطيلها؛ كما أن ادعاءاته تمثيل المسيحيين فلا تعدو كونها أكذوبة كبرى يتمنطق بها هذا الرجل الذي انضم إلى تكتله جميع الذين يحملون اسم مسيحيين فيأخذوا مال قيصر ومال الله معاً ليضعوه في جيوبهم ويستعملونه لقاء انضمامهم إلى تكتل المرابين ذاك عُصيّاً لوقف عجلة الوطن ووقف نموه، فالمسيحيّون، وأنتم أدرى، لم يتخلوا، في أحلك الظروف، عن رسالة لبنان الانسانية في المحبة والتآخي والتعايش! لعلّه من المفيد التذكير بأنكم كرئيس للبنان فأنت الممثل الأول للمسيحيين والمسلمين وباقي الطوائف اللبنانية..
إدعاءات زعيم تكتل الاصلاح والتغيير ببطلان توافقية انتخابكم رئيساً وتحوّلكم إلى من يعتبرهم أعداءه، تبرهن بشكل فاضح عما يضمره هذا الرجل من إبعاد موقع الرئاسة عن اتخاذ دور هو في صلب صلاحياتها الدستورية حيث أقسم الرئيس على الحفاظ على البلاد وصون دستوره، فالتوافقية لا تعني قط الحياد، إذ لا يمكن لأي رئيس جمهورية أن يقف على الحياد أمام محاولات تفكيك الدولة والنظام أو لاستنبات فتنة طائفية تؤدي إلى انهيار الوطن.. إنها في نظرنا دعوة مفضوحة ترمي إلى محاولة إنهاء دور الرئيس أو حتى المطالبة باستقالته!
فخامة الرئيس،
نلاحظ برعب مقيم ما يجري في بلدان المنطقة الشرقأوسطية، لاسيما العربية منها وبشكل خاص الجارة الأقرب إلينا، ورعبنا يعود إلى الخشية من إمتداد الأحداث إلى وطنا وإدخالنا مجدداً في حمأة الصراع الدائر بين الشعوب العربية وأنظمتها مطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والإنسانية، في الوقت الذي ينهمك سياسيونا، جميع سياسيينا في تسجيل نقاط الانتصارات الوهمية على بعضهم البعض تاركين المجتمع اللبناني بكافة فئاته تحت رحمة التسيُّب الذي فاق كل تصوُّر في الحياة السياسية والمعيشية وكأن المجتمع اللبناني بات يعيش في كوكب غير كوكب الأرض وهو ليس بحاجة لحكومة ترعى شئونه وتحصِّن مناعته أمام المخاطر العديدة التي باتت على أبوابه وحدوده وربما أتت من الداخل بنتائج الخارج!
مصلحة لبنان العليا، فخامة الرئيس، على المحك ولم يعد من الجائز الإستمرار في سياسة المحابات والوقوف على الخواطر، فإما أن يكون للوطن حكومة تنتشله من وهدة الضياع وإما أن يُعلن الوطن دولة فاشلة تتطلّب حماية دولية تدفع عنه غائلة الإنقضاض الغريب عليه والإطاحة بنظامه.. لذلك ندعوكم بدالّة المواطنين الحانّين إلى وطن الأرز أن تأخذ بعين الاعتبار النقاط النالية:
1- جميع فئات المجتمع المدني، الاقتصادي والسياسي، وجميع القيادات السياسية والروحية يطالبون بإلحاح مستمر بتشكيل حكومة تعني بشئون البلاد والعباد وتنقذ الوطن ونظامه من الانهيار أو الانحدار إلى كارثة الفتنة الطائفية أو المذهبية رغم ادعاء الجميع ترفّعهم عنها..
2- بارتياح تلقينا نتائج اجتماع القمة الروحية التي انعقدت في الصرح البطريركي الماروني والبيان الجامع الشامل لكل مطالب الأمة، على تنوع مكوناتها، في ضرورة تشكيل الحكومة الموعودة تحمل عبئ مسئولية تثبيت الثوابت الوطنية القائمة على التعايش الكامل، والمحمية من الدستور ومن إنتماء لبنان إلى المؤسسات الدولية والعربية..
3- الظروف العصيبة التي تعصف بالمنطقة تدفعنا إلى ضم أصواتنا إلى أصوات الجميع ونلفت انتباهك وإنتباه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة إلى أننا:
أ) نرفض رفضاً قاطعاً التنازل عن حق الرئاستين في ضمان أمن الدولة والنظام في تأكيد وجود الوزارات الرئيسية، الدفاع الوطني والداخلية والمالية، تحت سيطرتكما المباشرة لأن نوايا أصحاب المشروع الأكثري الجديد والمُدّعي الاصلاح والتغيير تنذر صراحةً إلى أنهم سيستعملون هذه الوزارات لمصلحتهم الخاصة..
ب) نرفض رفضاً قاطعاً قبولكم والرئيس المكلف ابتزاز أصحاب المشروع الأكثري، اعتماداً على رغبتكما أنهاء الأزمة ولو بالتخلي عن تلك الوزارات، إذ بتخليكما عنها كأنكم تسلمون الحكم برمته إلى أيدي لم تثبت قط اهتمامها بغير مصالحها الخاصة لاستكمال استيلائها على النظام.. يقول المثل العامي: ( ركّبتو وراي مد أيدو على الخرج )
ت) نرفض رفضاً قاطعاً إدعاء مدعي الاصلاح والتغيير بأن قبول الرئيس بوزير داخلية أسماه... أدعاء بدا وكأنه كسرٌ لشوكة فخامة الرئيس ونكايةً بالرئيس المكلَّف، وفوق هذا إطلاق أبواق صوت سيدهم بتهاليل الانتصار، وهذا ما لا يمكن للشعب اللبناني أن يقبل به قط أنى كانت النتيجة!.. والكرامة الوطنية تتكامل مع الكرامة الشخصية التي لا يفرّق بينها إلاّ كلُ مارق..
ونحن نعتبر مقام الرئاسات الأولى والثالثة لا يمكن السماح بالسيطرة عليهما حتى ولو كانت هذه السيطرة من أجل تشكيل حكومة، والأولى بفخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلّف أن يبادرا إلى إلغاء كافة المشاورات الجارية حالية والتي لن تنتهي بسوى المزيد من التنازلات لمن لا ولم يراعي المقامات ويدّعي، بغرورٍ قاتل، أحقيته في إدارة البلاد رغم أناف الجميع، فلبنان سيدي الرئيس لم يقبل قط في تاريخه السياسي مثل هذه السياسات الفوقية والاستخفاف بكل القيم والتقاليد وإذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال علينا الترحُّم على ما نسميه نظاماً ديمقراطياً.. لذلك، فإن اللبنانيين على شتى مشاربهم السيادية يرون:
- بعد أن تعدّت المطالب السياسية كافة الحدود، التي قد يُصار إلى تجاهلها في الأوقات العادية، إلاّ أنه لم يعد من الجائز ترك البلاد تنجر إلى ما لا يُحمد عقباه في خضم ما تتغرض له المنطقة ككل، وابتآس الشعب جرّاء المماطلة والمماحكة وفرض الشروط، ووضع الجميع أمام مسئولياتهم التاريخية..
- أن الوقت قد حان للمبادرة إلى وقف التعدي على الدستور وحماته ورفض وضع اليد عليه من قِبَل أية فئة، أكثرية كانت أم أقلية، ووضع الجميع أمام أمرٍ واقع وطني وذلك بتأليف حكومة أنقاذ وطني ( طوارئ ) ولو لفترة محددة، تتكون من أقطاب السياسة اللبنانية مجتمعين ( وزراء دولة ) وبضع عشر شخصية غير سياسية ومستقلة تتولى باقي الحقائب الوزارية.. باعتبارها حكومة طوارئ وليس من الضروري أن تعتمد التوزيع الطائفي!.. إنها خطوة لا يُقدم عليها سوى الشجعان من الرجال وأنتم لها..
وليكن برنامجها الأساسي، أو ما يُسمى البيان الوزاري: الاهتمام بالشأن الاجتماعي والأمني في الدرجة الأولى وتشبُّث لبنان بالقرارات الدولية والعربية واقتراح تأسيس لجنة وزارية خاصة تكون مهمتها معالجة اللأمور المُُختلف عليها، وتكون نواة مؤتمر وطني عام..
تشكيلة على هذه الكيفية سوف تؤمِّن الردع التام لأي معترض ومن أية فئة سياسية طالما كان السياسيون ( وزراء الدولة يمثلون ذلك التوزيع ) وأي سياسي يرفض هكذا حكومة سوف يكون عليه مجابهة الشعب اللبناني بأسره..
أمر وحيد نتمنى على فخامتكم ودولة الرئيس المكلّف وضع نص قَسَم يؤديه الوزراء لدى تسلمهم مهام مناصبهم... لعلّ هذا يكون رادعاً لتراجعهم عن الارتباط بكلمة الشرف إبان أتفاق الدوحة والتي استُهلِكَت بعدئذ!..
من المهم جداً إعلان هذه التشكيلة الوزارية أمام الشعب اللبناني وبواسطة الاعلام الرسمي ( تلفزيون واذاعة )،
تحت شعار حكومة إنقاذ وطني،
ثقوا سيدي فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلّف أن خطوة كهذه سوف تضع الشعب اللبناني، المقيم وفي المهاجر يسارع إلى دعمكم المطلق حتى لو اقتضى الأمر النزول إلى الشوارع.. كما ولا شك أن العالم كله سوف يقف معكم ويآزركم وليعلم الجميع أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار سياسي أو طائفي..
صانك الله لبنان
التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق