الوجدان الشيعي ضد تقسيم العراق/ أسعد البصري

أراقب الثقافة العراقية بحزن
من الواضح أن المثقفين الشيعة وطنيون
لا يريدون تقسيم العراق ولا يريدون حربا أهلية
لا يريدون هكذا ببساطة طلاق العرب والثقافة العربية
أراقب من بعيد صمتهم وانغمارهم بالأسئلة الثقافية العربية
نعم طبلوا لحقوق الشيعة ومظلوميتهم فيما مضى
لكن ليس عندهم استعداد لتقسيم العراق
ولا لحرب أهلية ولا لبناء سواتر وحجابات مع الوطن العربي
لا يريدون وحدة اندماجية بإيران
ولا قتالا إلى جانب الجندي الإيراني
الشيعة العراقيون عرب أبطال
حاربوا إيران دفاعا عن العراق ثمان سنوات
إن وجدانهم يتحفز ضد فكرة التقسيم وبشكل عفوي
خفتت الزيارات الشيعية ونغمة الخطابات الطائفية
ليس بسبب الضعف بل بدافع الخوف على العراق
بدافع الذاكرة المشتركة والحنين الوطني
حتى حديث الشيوعيين المبالغ فيه هذه الأيام
عن اعتقال السلطات الإيرانية
 لرجل الدين المشلول أحمد القبنجي
وعن محاولة اغتيال بكاتم صوت للشاعر عبد الزهرة زكي
كلها علامات تكشف ورطة الوطنيين في هذا المطب
كأنهم يعلنون مسافة بين شيعة العراق و سياسة إيران
وبينهم وبين حكومة المالكي
هناك بحث غريب عن مؤاخاة و حل من طرف الوجدان الشيعي
إنهم فقط ذهبوا أبعد من اللازم في شهوة الإنتقام من السنة
بحيث صارت القضية لا تُطاق من الطرف الآخر
صار السنة يبحثون عن أرض محررة
من حوزة النجف و سلطة السيستاني
هذا الوضع سيتغير بمعجزة والعراق أرض معجزات
السني يفضل حرب استنزاف وتقسيم البلاد
على أن يكون مواطنا درجة ثانية
يتعرض للإحتقار والمداهمة والإغتصاب في السجون
أهل الفلوجة يدفنون شبابهم كل ليلة
وأهل النجف يعقدون الصفقات التجارية
 و يملأون أرصدتهم بالملايين
شباب الفلوجة أكثر غضبا و حقدا من شباب النجف بكل تأكيد
مَن يريد أن يقول جملة واحدة في العراق اليوم
عليه أن يكون بصدق الأنبياء و أوضح من النور
لأن ما تركه الكذابون والمنافقون جعل رائحة الكلام كريهة
لا توجد ثقة ولا أدنى رغبة بتصديق أو سماع أي شيء
العقد الإجتماعي العراقي انتهى
لم يعد هناك عقد بين الناس والدولة ولا بين الناس والناس
حتى عهد الله لم يعد موجودا بين العراقيين
انتهت حكاية قديمة عمرها آلاف السنين بطريقة مأساوية
الشعب العراقي اليوم كله طائفي
ألم ينتخب هذا الشعب بإرادته هذه الأحزاب الطائفية ؟
ثم كيف للسنة أن يطمئنوا وهناك مَن يقول
بفتوى واحدة من السيستاني نذبح السنة جميعاً
كيف لأهالي سامراء أن يناموا مع أطفالهم وهم يعلمون
أن المراقد المشؤومة في مدينتهم أهم من حياتهم
لو فجرها مجانين بليل
فإن مجانين الشيعة يذبحون الأحياء في سبيل القبور ؟
هذه ليست حياة بل كابوس
يجب المطالبة بإقليم فيه قوات مسلحة قوية تحمي الناس
إن أكبر كارثة حدثت هي التغيير الديموغرافي لبغداد
حوالي مليون ونصف مواطنا سنيا هجروا بغداد
بعد عاصفة العنف التي سببها تفجير المرقدين في سامراء عام ٢٠٠٦م
انخفضت نسبة السنة في بغداد من ستين بالمئة
إلى ٢٥ بالمئة وبعضهم يقول خمسة عشر بالمئة
إعادة هؤلاء و تثبيتهم في مدينتهم سيكون من أهم المشاريع
من المؤسف أن سياسة التغيير الديموغرافي هي الأكثر إيلاما
وتمت تحت أنظار الإحتلال و نشاط القاعدة المشبوه
ما قيمة تفجيرات سخيفة تختلقها إيران وسوريا في الأسواق
ما قيمة تفجير قبر إمام أو نبي أمام تغيير ديموغرافي في بغداد ؟؟
إن عاصفة كبيرة ستهب على بغداد بكل تأكيد
ربما تهجير معاكس سيحدث لا أحد يعرف
هذه مشاكل لا يتم حلها بمقال سياسي
ولا بقصيدة أو بدعاء المؤمنين
أو بصلاة جمعة نجسة مشتركة
رجال قساة فعلوا ذلك ببغداد
ورجال أقسى منهم
لا يعجبهم هذا الفعل وسيأتي الرد حتما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق