متى إعلان ميشال سليمان طوباوياً!/ الياس بجاني

بحزن وخيبة أمل وقرف نسأل أي زمن هذا الذي نحن فيه، أهو زمن المحل، أم زمن "سدوم وعامور"، وزمن ما قبل "طوفان نوح"؟ أم أنه زمن "سوق عكاظ"؟
بالواقع الحالي الصعب والإسخريوتي المعاش في وطن الأرز، وطبقاً لممارسات وأقول وهرطقات العديد من رجال الدين، وجحود وكفر السواد الأعظم من السياسيين، وموت ضمائر ووجدان وكرامة المسؤولين، نقول براحة ضمير إنه زمن بؤس بامتياز تنطبق عليه كل هذه العناوين والإبليسية مضافاً إليها، عنوان "زمن خمير الفريسيين" و"زمن التخلي والابتعاد عن الله وعدم خوفه".
لا، أبداً، هذا الإحساس ليس قنوطاً ولا اكتئاباً ولا تشاؤما لأن المؤمن يعيش على الأمل والرجاء، أمل ورجاء القيامة يوم الحساب الأخير، والقيامة أيضاً على الأرض من كل عثرة تواجهه بالاتكال على الله ومن خلال التقيد بتعاليم كتابه المقدس. إن الشهادة للحق تحرر وهي ليست تعدياً على أحد وإنما واجباً دينياً ملزماً، والمسيح نفسه علمنا ذلك يوم قال للكتبة والفريسيين الذين طلبوا منه إسكات تلاميذه: "لو سكت هؤلاء لتكلمت الحجارة" (لوقا 19-40)، وحجارة "دير مار انطونيوس خشباو" في غزير رفعت الصوت أمس الأحد معاتبة الأباتي طنوس نعمة.
لماذا هذا الكلام؟ لأنه قد انتابتنا حالة من الذهول والغضب ونحن نقرأ عظة الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية، الأباتي طنوس نعمة، التي ألقاها يوم الأحد خلال القداس الإلهي في "دير مار انطونيوس خشباو" في غزير- مقر الرئاسة العامة للرهبانية اللبنانية المارونية، وكانت موجهة إلى الرئيس ميشال سليمان الذي كان من بين الحضور، لا، بل بالتحديد كانت معدة خصيصاً له ومفصلة غب طلبه وفيها الكثير من خمير الفريسيين ومسايرة مقامات البشر.
العتب كبير على الأباتي نعمة لأنه في عظته هذه غرف بنهم من خوابي خمير الفريسيين، وناقض كلياً قاعدة إيمانية أساسية هي ضرورة عدم مسايرة مقامات البشر تحت أي ظرف ولأية أسباب كانت على حساب تعاليم السيد المسيح والحق والحقيقة، وفي هذا السياق يقول القديس بولس الرسول (غلاطية01/10) "هل أنا أستعطف الناس؟ كلا، بل أستعطف الله. أيكون أني أطلب رضا الناس فلو كنت إلى اليوم أطلب رضا الناس، لما كنت عبدا للمسيح".
هذه حرفياً عظة الأباتي نعمة حسبما جاء في تقرير الوكالة الوطنية للإعلام 29/10/2012:
"والقى نعمة عظة شكر فيها سليمان على حضوره وقال: "أتيتم اليوم مع صحبكم الكريم للصلاة في هذا الدير المبارك، وقلبكم ينبض بمشاعر الإيمان. تحملون هموم الوطن، وتقدرون دقة الظروف المحدقة بالمنطقة، التي تتلاطم فيها أمواج المصالح والمطامع، وتستعر فيها الأزمات وتأخذ تسميات وأشكالا مختلفة، ووجوه العنف تتقلب أدوارا متنقلة والإنسان يدفع من حياته ضريبة الحقد والطمع والمصالح. فخامة الرئيس نحن نعلم يقينا تعلقكم بالإيمان وممارستكم الصلاة والتأمل يوميا، وهذا ما يعطيكم رؤية معتدلة، وحكمة تخولكم اجتياز المحن بسلام والنأي بالوطن وبأبنائه عن الانزلاق نحو التهلكة، عبر اعتدالكم وتحملكم الضغوط من أي جهة أتت. لقد عكستم في خدمتكم روح الوكالة الصادقة، فما ظلمتم ولا استبديتم ولا تسلطتم ولا استضعفتم ولم تغلبوا يوما مصلحتكم الخاصة على الصالح العام. لقد عرفتم يا صاحب الفخامة أن الطعام المؤتمنون عليه هو الخير العام الذي من أجله وجدت السلطة السياسية، وهو مبرر وجودها. الخير العام هو ثمرة عيش السلام وتأمين مقتضياته، ودون الخير العام يصبح السلام كلمة جوفاء، ولا سلام نرجوه ما لم يكن مؤسسا على الحقيقة، ومستنيرا بمبادئ العدالة، ومنطقيا بروح المحبة، ومتمما بحرية". أضاف: "معكم اليوم، ولأجلكم، نصلي ليأخذ الرب دوما بيمينكم ويسندكم بروحه، فتزدادون حكمة وأمانة، ويبعد عنكم وعن الوطن كل مكروه".
إن أعمال القدح والمدح تعود إلى حقبة سوق عكاظ، ولن نزيد، لأن مفردات العظة "العكاظية" هذه والنافرة بامتياز تحكي بوضوح ما أزعجنا وأغضبنا. ومفردات العظة بجحودها وعكاظيتها الفاقعتين، وبغربتها الكاملة عن الحق والحقيقة دفعتنا بمحبة وعفوية إلى توجيه هذا النقد الإيماني إلى الأباتي نعمة لعلى تكون فيه إفادة ولفت نظر حيث من المفترض انه صاحب دعوة وقد نذر "العفة والطاعة والفقر"، وبالتالي مطلوب منه إنجيلياً وكنسياً أن لا يساير مقامات الناس، وأن يبتعد عن خمير الفريسيين، وقد وجاء في إنجيل القديس لوقا 12/01 و02: "إياكم وخمير الفريسيين الذي هو الرياء. فما من مستور إلا سينكشف، ولا من خفي إلا سيظهر. وما تقولونه في الظلام سيسمعه الناس في النور، وما تقولونه همسا في داخل الغرف سينادون به على السطوح".
يبقى، هل بعد هذه العظة التأليهية سيتم العمل على إعلان الرئيس ميشال سليمان طوباوياً؟
ونختم مع الني اشعيا (05/21) قائلين وبصوت عال: "ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما الجاعلين المر حلوا والحلو مرا. ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهماء عند ذواتهم".

وطن النجوم.. وطن التنجيم/ بطرس عنداري

‮ ‬لو‮ ‬عاد‮ ‬الشاعر‮ ‬ايليا‮ ‬ابو‮ ‬ماضي‮ ‬الى‮ ‬الحياة‮ ‬ثانية‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الايام،‮ ‬لرأيناه‮ ‬يطالب‮ ‬بتبديل‮ ‬قصيدته‮ ‬الرائعة‮ ‬في‮ ‬لبنان‮ ‬من‮ »‬وطن‮ ‬النجوم‮»« ‬الى‮ ‬وطن‮ ‬التنجيم‮.‬
لقد‮ ‬دأب‮ ‬اللبنانيون‮ ‬منذ‮ ‬سنوات،‮ ‬وتحديداً‮ ‬منذ‮ ‬انتشار‮ ‬الفضائيات‮ ‬التلفزيونية،‮ ‬على‮ ‬هدر‮ ‬عدة‮ ‬اسابيع‮ ‬من‮ ‬مطلع‮ ‬كل‮ ‬عام‮ ‬للحديث‮ ‬والكتابة‮ ‬وتخصيص‮ ‬البرامج‮ ‬الخاصة‮ ‬والمطوّلة‮ ‬عن‮ »‬تنبؤات‮« ‬المنجّمين‮ ‬وتكهناتهم‮ ‬التي‮ ‬تدور‮ ‬دائما‮ ‬حول‮ ‬نقطتين‮ ‬هما‮: ‬الاولى‮ ‬وجوه‮ ‬ستغيب‮ ‬ووجوه‮ ‬ستظهر‮ ‬وتتألق،‮ ‬اما‮ ‬النقطة‮ ‬الثانية‮ ‬فهي‮ ‬توقع‮ ‬حصول‮ ‬اضطرابات‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬المناطق‮ ‬اللبنانية‮.‬
هكذا‮ ‬يتحول‮ ‬التنجيم‮ ‬الى‮ ‬تدجيل‮ ‬فاضح‮ ‬لان‮ ‬الحياة‮ ‬قائمة‮ ‬منذ‮ ‬وجود‮ ‬الانسان‮ ‬على‮ ‬ظهور‮ ‬وجوه‮ ‬وغياب‮ ‬اخرى،‮ ‬كما‮ ‬ان‮ ‬التنبؤ‮ ‬بحدوث‮ ‬اضطرابات‮ ‬في‮ ‬لبنان‮ ‬المضطرب‮ ‬ابداً‮ ‬يشبه‮ ‬التنبؤ‮ ‬بامتلاك‮ ‬البحر‮ ‬للأمواج‮ ‬والصخب‮.‬
كنا‮ ‬نتمنى‮ ‬لو‮ ‬توقف‮ ‬التنجيم‮ ‬عند‮ ‬حدود‮ ‬برنامج‮ ‬تلفزيوني‮ ‬وقراءة‮ ‬فنجان،‮ ‬ولكنه‮ ‬انتقل‮ ‬الى‮ ‬قمّة‮ ‬القرار‮ ‬السياسي‮ ‬والامني‮ ‬والتجاري‮.‬
منذ‮ ‬سنوات‮ ‬عديدة‮ ‬دأب‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬السياسيين‮ ‬والإعلاميين‮ ‬وغيرهم‮ ‬الى‮ ‬اطلاق‮ ‬التصريحات‮ ‬المتشابهة‮ ‬التي‮ ‬تقول‮ ‬ان‮ ‬حياتهم‮ ‬بخطر‮ ‬وانهم‮ ‬مستهدفون‮ ‬ويتهددهم‮ ‬الاغتيال،‮ ‬وقال‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬سياسي‮ ‬واعلامي‮ ‬انه‮ ‬تأكد‮ ‬من‮ ‬استهدافه‮ ‬بالعبوات‮ ‬المتفجرة‮ ‬والسيارات‮ ‬المفخخة‮.‬
وقد‮ ‬أدى‮ ‬هذا‮ ‬الجو‮ ‬الى‮ ‬انتقال‮ ‬أعداد‮ ‬من‮ ‬المسؤولين‮ ‬والاعلاميين‮ ‬ورجال‮ ‬الامن‮ ‬والشهود‮ ‬المتهمين‮ ‬بالتزوير‮ ‬الى‮ ‬باريس‮ ‬وغيرها‮ ‬من‮ ‬عواصم‮ ‬اوروبية‮ ‬وعربية‮ ‬حيث‮ ‬يحاربون‮ ‬الضجر‮ ‬هناك‮ ‬بالتنقل‮ ‬من‮ ‬الفنادق‮ ‬الفخمة‮ ‬الى‮ ‬المنتجعات‮ ‬السياحية،‮ ‬الى‮ ‬الحانات‮ ‬ومجمعات‮ ‬التسوق‮ ‬وغيرها‮.‬
وتبرز‮ ‬اليوم‮ ‬تقارير‮ ‬جديدة‮ ‬عن‮ ‬خطط‮ ‬يعدها‮ ‬مجهولون‮ ‬لاغتيال‮ ‬رؤساء‮ ‬اجهزة‮ ‬امنية‮ ‬وشخصيات‮ ‬قيادية‮ ‬بارزة‮ ‬من‮ ‬مختلف‮ ‬القوى‮. ‬واتسعت‮ ‬رقعة‮ ‬التكهنات‮ ‬يوما‮ ‬بعد‮ ‬يوم‮ ‬ووصلت‮ ‬الى‮ ‬حد‮ ‬اضطر‮ ‬قيادة‮ ‬الجيش‮ ‬الى‮ ‬فرز‮ ‬نصف‮ ‬فصائلها‮ ‬لترافق‮ ‬وتحمي‮ ‬وتراقب‮ ‬الذين‮ ‬لا‮ ‬يقدرون‮ ‬على‮ ‬الانتقال‮ ‬الى‮ ‬فنادق‮ ‬باريس‮ ‬الفخمة‮ ‬لاسباب‮ ‬مادية‮ ‬عابرة‮.‬
‮ ‬قال‮ ‬معلق‮ ‬سياسي‮ ‬ان‮ ‬قيادة‮ ‬الجيش‮ ‬غير‮ ‬قادرة‮ ‬على‮ ‬تجاهل‮ ‬تكهنات‮ ‬المعنيين‮ ‬بوجود‮ ‬خطط‮ ‬لاغتيالهم‮ ‬او‮ ‬تفجيرهم‮. ‬ولكن‮ ‬المواطن‮ ‬العادي‮ ‬الذي‮ ‬يمتلك‮ ‬قليلاً‮ ‬من‮ ‬الذكاء‮ ‬يسأل‮ ‬ويتساءل‮: ‬اذا‮ ‬كان‮ ‬ذلك‮ ‬السياسي‮ ‬او‮ ‬الاعلامي‮ ‬او‮ ‬الضابط‮ ‬عارفاً‮ ‬ومتأكداً‮ ‬من‮ ‬استهدافه‮ ‬ومن‮ ‬وجود‮ ‬خطة‮ ‬لاغتياله‮ ‬او‮ ‬تفجير‮ ‬سيارته،‮ ‬فلماذا‮ ‬لا‮ ‬يفضح‮ ‬الجهة‮ ‬التي‮ ‬تخطط‮ ‬لقتله؟‮...‬
هل‮ ‬يعقل‮ ‬ان‮ ‬يدلي‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬خمسين‮ ‬سياسي‮ ‬واعلامي‮ ‬وعسكري‮ ‬بمعلومات‮ ‬عن‮ ‬استهداف‮ ‬حياتهم‮ ‬ووجود‮ ‬خطط‮ ‬مؤكدة‮ ‬لاغتيالهم‮ ‬دون‮ ‬ان‮ ‬يعرف‮ ‬ولو‮ ‬واحد‮ ‬من‮ ‬هؤلاء‮ ‬الجهة‮ ‬التي‮ ‬ستفعل‮ ‬ذلك؟
انها‮ ‬خطط‮ ‬دائمة‮ ‬تبدأ‮ ‬في‮ ‬مطلع‮ ‬كل‮ ‬عام‮ ‬لإثارة‮ ‬أجواء‮ ‬القلق‮ ‬قبل‮ ‬مجيء‮ ‬موسم‮ ‬الاصطياف‮ ‬في‮ ‬الربيع‮ ‬والصيف‮... ‬في‮ ‬العامين‮ ‬الماضيين‮ ‬أوهموا‮ ‬المواطنين‮ ‬في‮ ‬الداخل‮ ‬والخارج‮ ‬بان‮ ‬لبنان‮ ‬سينفجر‮ ‬من‮ ‬اقصاه‮ ‬الى‮ ‬اقصاه‮ ‬مع‮ ‬صدور‮ ‬القرار‮ ‬الظني‮ ‬بجريمة‮ ‬اغتيال‮ ‬الحريري‮. ‬قالوا‮ ‬ان‮ ‬الربيع‮ ‬سيكون‮ ‬ساخناً‮. ‬وعندما‮ ‬مر‮ ‬فصل‮ ‬الربيع‮ ‬بهدوء‮ ‬وسلام،‮ ‬قالوا‮ ‬ان‮ ‬الصيف‮ ‬سيكون‮ ‬ملتهباً‮. ‬وبعد‮ ‬انتهاء‮ ‬فصول‮ ‬الربيع‮ ‬والصيف‮ ‬والخريف،‮ ‬قالوا‮ ‬ان‮ ‬الانفجار‮ ‬تأجل‮ ‬الى‮ ‬العام‮ ١١٠٢ ‬حيث‮ ‬عادت‮ ‬اسطوانة‮ ‬التكهنات‮ ‬والتنجيم‮ ‬من‮ ‬جديد‮. ‬ولا‮ ‬نشك‮ ‬ان‮ ‬حملة‮ ‬وجود‮ ‬خطط‮ ‬الاغتيال‮ ‬والقتل‮ ‬ستتواصل،‮ ‬ولا‮ ‬نستبعد‮ ‬ان‮ ‬تحصل‮ ‬عمليات‮ ‬تفجير‮ »‬وهمية‮« ‬لاثبات‮ ‬وجهة‮ ‬نظر‮ ‬المنجّمين‮.‬
مهما‮ ‬قيل‮ ‬ومهما‮ ‬سيقال‮ ‬عن‮ ‬وعي‮ ‬اللبنانيين‮ ‬السياسي‮ ‬والاجتماعي،‮ ‬فقد‮ ‬أثبتوا‮ ‬امتلاكهم‮ ‬للصبر‮ ‬والجرأة‮ ‬وتجاوز‮ ‬ما‮ ‬يقوله‮ ‬السياسيون‮... ‬ففي‮ ‬العام‮ ٠١٠٢ ‬سخر‮ ‬لبنانيو‮ ‬الانتشار‮ ‬من‮ ‬أضخم‮ ‬حملة‮ ‬تخويف‮ ‬وترهيب‮ ‬لمنعهم‮ ‬من‮ ‬زيارة‮ ‬وطنهم‮ ‬لقضاء‮ ‬عطلة‮ ‬الصيف‮ ‬وتفقد‮ ‬اقاربهم‮ ‬وسجلوا‮ ‬ارقاماً‮ ‬قياسية‮ ‬بتدفقهم‮ ‬على‮ ‬ارض‮ ‬الوطن‮... ‬ولم‮ ‬تتراجع‮ ‬هذه‮ ‬النسبة‮ ‬في‮ ‬العام‮ ‬الماضي،‮ ‬وستتكرر‮ ‬هذا‮ ‬العام‮ ‬دون‮ ‬أدنى‮ ‬شك‮.‬
لم‮ ‬يعد‮ ‬للمنجّمين‮ ‬والدجّالين‮ ‬أي‮ ‬أمل‮ ‬لتمرير‮ ‬أكاذيبهم‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬إثبات‮ ‬سلطاتهم،‮ ‬ولا‮ ‬شك‮ ‬ان‮ ‬زمن‮ ‬الاقطاع‮ ‬السياسي‮ ‬وممارسات‮ ‬السياسيين‮ ‬التقليديين‮ ‬كان‮ ‬افضل‮ ‬من‮ ‬التلاعب‮ ‬بأعصاب‮ ‬المواطنين‮ ‬وترهيبهم‮ ‬والإتجار‮ ‬بدمائهم‮.‬

شعب ثائر/ رأفت محمد السيد


"الشعب يريد تطهير البلاد" لم يعد شعارا نردده بل هو أهم ماينادى به ويسعى من اجل تحقيقه الشعب المصري العظيم هذه الأيام لاسيما بعد مرور عام كامل على ثورتنا المجيدة دون تحقيق أهداف عديدة للثورة وأهمها القصاص العادل، وسرعة إصدار الأحكام على القتلة والمجرمين ومن افسدوا الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر ، لقد بات مطلب مصر كلها اليوم أن يرحل هذا النظام الفاسد عنها، بعد أن أذاق مصر ما أذاقها من الجوع والبطالة والخزي والعار، هذا النظام الذي تراجع بمصر من مركز الصدارة بين شقيقاتها من الدول العربية إلى ذيل القائمة ، هذا النظام الذي باع ثروات مصر وخيراتها إلى أعدائها من الصهاينة اليهود والأمريكان، هذا النظام الذي طغى وتجبر،وخنق حرية شعبه، وامتهن كرامته، وابتز أمواله وسخّرها لمصالحه الخاصة ومصالح من حوله، وظلم القاصي والداني من أبناء شعب مصر المغلوب على أمره، لقد أن الأوان لنتطهر من هذا النظام لاسيما بعدما غيّرت ثورة يناير الشعب المصري تغييرا جذريا فاستُبدِل الخوف الذي كان يملأه بالشجاعة، والذل الذي كان يستشعره بالكرامة ، والسلبية التي تعود عليها بفعل فاعل بالإيجابية والفوضى التي عاشها مقهورا بالنظام ، والإحجام عن المشاركة في تحديد مصيره بالإقدام – علينا أن نواصل المسيرة ولا نيأس فنحن في مفترق طرق ، فاليأس قاتل لو تسرب إلى نفوسنا ، علينا أن ننسى خلافاتنا واختلافاتنا وأن نضع نصب أعيننا أن مصر أولا وأنها فوق الجميع ، ولا ننسى في زخم كل هذا أن نتسلح بالإيمان والثقة بالله وهى "سلاحنا الأول" فثورة يناير من صنع الله وحده فمن كان يتصور أو يتخيل أو رد حتى في خاطره سقوط الطاغية فرعون القرن الحالي الرئيس المخلوع وهاماناته ولديه ووزراءه وأعوانه بمشيئة الله النصر قادم مادمنا على الحق ومادام الحق معنا - حفظكِ الله يامصر وحفظ شعبك العظيم .

هدية من دمائنا/ أسعد عطاري


لا يكاد شارع او ميدان في فلسطين الا وتخط عليه هذه العبارة " هدية مقدمة من الشعب الأمريكي" والتي في كل مره تستوقفني لتثير في نفسي الأسئلة و تجعلني أطرق أبواب ذاكرتي متسائلأ ما الذي قدمه لنا الشعب الامريكي , هل قدم لنا هذه الارض التي خلقنا منها لنعيش عليها ؟؟!! , ام قدم لنا الصواريخ والجيبات والاسلحة الامريكية التي يستخدمها الجيش الصهيوني في قتل البشر وتدمير البنية التحتية ؟؟!!

ان الانحياز الأمريكي الدائم للكيان الصهيوني واضح وضوح الشمس , ولا يحتاج الى جهد او تحليل لكي يزيل لنا الغشاوه عن ذلك , ولكن على ما يبدوا اننا نحتاج في هذا الواقع الى شيء ينير العقول ويحي الضمائر الميتة التي تمرر هذه المشاريع الخبيثه و التي تستهدف القضية الفلسطينية مقابل ان تحصل على مكاسب شخصية !!! .

فبحسب بعض المصادر أن هناك وثيقه تجبر اي مؤسسة او مجلس قروي أو بلدية على التوقيع عليها وتسمى " وثيقة ضد الإرهاب " من أجل الإستفادة والحصول على تمويل من ال USAID و باقي مؤسسات ال "NGOS" والتي اصبحت تصول في الكثير من المجالات كقطاع الزراعه و الانتاج و الانشاءات و باقي القطاعات الأخرى التي يعتمد عليها شعبنا الفلسطيني , و أخذت هذه المؤسسات تحاول فرض نفسها على الساحة الفلسطينية وكأنها البديل والمنفذ الوحيد الذي يسد و يشبع الحاجات الأساسية لشعبنا طلما أنه خاضع ومنفذ لشروطها !!.

ان حالة الإنقسام الأسود الذي حل بالقضية الفلسطينية والضعف الذي انتجه كان مبررا اتخذته العديد من الأنظمة العربية في التنصل من واجبها في تغذية الصندوق القومي, وبالتالي اصبح هناك عجز لدى السلطة الفلسطينية في تحمل واجبتها في تشيد المنشأت او تحمل رواتب موظفيها وخصوصا أن الولايات المتحدة الامريكية احتلت العراق العروبي و الذي كان يمد الصندوق القومي والأحزاب الفلسطينية بالأموال وبكل ما يحتاجوه من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وجعله قادرا على تخطي كل العقبات التي تعرقل مسيرته باتجاه تحقيق التحرير الكامل لفلسطين , فكل هذه العوامل شكلت الفرصه المناسبه لهذه المنظمات المشبوهة لكي تستغل الوضع وتحاول فرض نفسها كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وخصوصاً أن هناك العديد من الحركات والأحزاب انجروا خلف تلك المؤسسات والمنظمات المشبوهة وأصبحت مصدر تمويلهم و رُهنت قراراتهم ومواقفهم بها , وكذلك نجد ان هذه المنظمات المشبوهة تطاولت أكثر من ذلك واخذت تهدد في الغاء مشاريعها وسحبها في حال اتخذت القيادة الفلسطينية اي قرار لم يروق لها , وأكبر دليل على ذلك هو اعلان الوكالة الأمريكية لتنمية " USAID" عن سحب جميع مشاريعها من الضفه الغربية رداً منها على التوجه الى الأمم المتحدة للمطالبة بالعضوية الكاملة لفلسطين !!!

ويتضح هنا بان هذه الهدايا التي قدمها لنا الشعب الأمريكي كانت بمثابة ألغام وقنابل استخدمت ضدنا , وهي صورة اخرى عن الهدايا التي قدمها الشعب الأمريكي للعراق بقتل ما يزيد عن مليون ونصف المليون من ابنائه , وكذلك تساوي هذه الهدايا الأسلحة والقنابل التي منحت للكيان الصهيوني ليسقطها على رؤسنا ويوجهها علينا ليقتل بها اخواننا واهلنا , وفي الوقت نفسه نجد بعض الذين اغلقوا عقولهم و باعوا ضمائرهم يخرجوا علينا من حين الى أخر ويطلبوا الشكر لتلك المؤسسات كما فعل احد الأشخاص عندما ظهر على احد شاشات التلفزة في نهاية حفل فني ووقف على المنصة وأخذ يهتف متوجها في هتافه الى الجمهور : " قولوا شكراً لل USAID" وأخذ في تكرارها على مسامعهم وكأن هذه المنظمات المشبوهة و من خلال مشاريعها الخبيثة ومؤتمراتها التطبيعية ومن خلال حفلاتها الفنية اعادت لنا دماء شهدائنا و أرواحهم وأعادت لنا أرضنا السليبه لكي يستحقوا أن نشكرهم ! , فعلى ماذا نشكرهم ؟؟.

تماسيح وخنازير، أفاعي وحيتان/ سعيد علم الدين

تحية اكبار واجلال الى شهداء ثورة الحرية والكرامة السورية الأبطال من رجال ونساء وشيوخ وأطفال وهم يواجهون أعتى الشدائد والمحن والأهوال وفي ظروف صعبة جدا وبصدور عارية عصابات بشار المسلحة المتوحشة وشبيحته الأنذال.
نحن لا نحتاج بعد لكثير عناء، في المجهود العلمي البحثي التطبيقي الدقيق والفكري النظري الفلسفي العميق، لاثبات ان نظرية العالم الفذ داروين في النشوء والارتقاء صحيحة مئة بالمئة.
وان لب الحقيقة التي لا غبار عليها بعد ان نفض غبارها داروين يكمن في ان هذا الانسان الذي تطور خلال ملايين السنين من وحش حيواني بدائي مفترس الى انسان متحضر بضمير ومشاعر وحس ما زال يملك بقايا فلول متأصله في أعماق ذاته وفي ثنايا دواخله بحاجة فقط لمن يشجعها ويحرضها ويفلتها من عقالها لكي تطل برأسها كالكلب المسعور الهائج عائدة بلا حس وشعور وبتلذذ وغرور وتيه الى طبيعتها الوحشية الدموية الحيوانية المفترسة.
عودة الى مراجع التاريخ ومراحله القديمة والحديثة وما يحدث حاليا يوميا امام اعيننا وعلى مسامعنا يؤكد صحة ما نقول.
خاصة وان فلول هذا الانسان الدموي المتوحش المفترس نراها اليوم في سوريا المنكوبة بهذا الوحش البشري الدموي الطاغي المرعب على كل ما هو نضر وخلوق وطيب وجميل وانساني حضاري نبيل والذي التفت حوله قطعان مرعبة شريرة من التماسيح والخنازير والأفاعي والحيتان، التي ليس لها مثيل في القرن الواحد والعشرين قرن التطور الاتساني العظيم بثورته المعلوماتية العلمية السلمية التي قلبت من خلال الفيس بوك كل الموازين وخلعت الحاكم الظالم بنقرة فأر صغير عن عرشه المكين.
هؤلاء تماسيحٌ بشرية متوحشةٌ لا تحس بعد أن تربت وترعرعت ونمت وتوحشت في مستنقعات النتانة والعفن والفساد المخابراتي فاقدة حاسة الاحساس الإنساني بالكامل وأخجلت بممارساتها الهمجية حتى التماسيح.
فالتماسيح هي حيوانات مفترسة لكن أذاها محدود، أما التمساح البشري اذا تَمْسَح فأذاه شر مستطير وشرور ليس له حدود.
وهؤلاء خنازيرٌ بشرية لا تشعر بعد أن فقدت حاسة الشعور الإنساني. فالخنزير حيوان بريء وعلى العموم أليف أما الانسان اذا خنزر وتخنزر فسيغدو وحشا رهيبا ومن توحشه المرعب استر بنا يا لطيف!
وهم ثعابين وأفاعي تبث الفتن والحقد والسموم وتنشر النفاق والدجل والأضاليل والأكاذيب ومن جحورها تلدغ بخبث مريب وغباء غريب.
وهم حيتان من فصيلة القرش ومصاصي الدماء في عز النهار تبلع الأموال ولا تشبع ومن شرب دماء الأبرياء لا ترتوي وتقنع.
هم كل هؤلاء الذين ما زالوا يدعمون اجرام النظام السوري بحق شعبه ويدافعون عن جرائمه ويقفون الى جانبه ويرسلون له الأسلحة والعتاد ويمدونه بالمرتزقة قتلة الأطفال والنساء.
هم كل هؤلاء الذين لم يحسوا ولن يحسوا ولم يشعرو ولن يشعرو بالمآسي الدموية الرهيبة والمرعبة التي يمر بها الشعب السوري يوميا.
هم كل هؤلاء المستفيدين الذين أعمت بصيرتهم مصالحهم الفئوية الضيقة والآنية المادية فأغلقوا أعينهم عن رؤية الحقائق المرة ومآسي العائلات المنكوبة والضحايا البريئة وسدو آذانهم عن سماع صراخ الأطفال المرعوبة والنساء الثكالى.
هم كل هؤلاء الطغاة واتباع الطغاة الظالمين المستكبرين المتجبرين بلا رحمة ولا قلب ولا شعور ولا ذرة من أخلاق وانسانية ورحمة ودين.
هم كل هؤلاء الطائفيين الحاقدين الخارجين من سراديب الثأر ومراتع الجهل ودهاليز الظلام وآفات الغزو والسلب والنهب والسبي والاغتصاب والقتل وسفك الدم البريء بلا حسيب ولا رقيب.
هم كل هؤلاء التماسيح والخنازير والأفاعي والحيتان الذين كانوا يتلذذون بتعذيب الطفلة الرضيعة عفاف محمود سراقبي البالغة من العمر أربعة أشهر أمام أعين والديها ومع صراخها الملائكي المدوي في الكون حتى الموت كانت قهقهاتهم تعبر وحشيتهم القذرة.
نسي كل هؤلاء التماسيح والخنازير والأفاعي والحيتان بأنهم وحوش مفترسة في صورة انسان فقد انسانيته بالكامل خدمة لجور وظلم واستبداد الحكام.
ولكن عودة الى مراجع التاريخ ومراحله القديمة والحديثة وما حدث سابقا ويحدث حاليا امام اعيننا وعلى مسامعنا يؤكد أن النصر الأكيد في النهاية للشعوب الحرة الثائرة.
وان الحرية الحمراء الباهظة الثمن هي اجمل ما في الوجود الانساني وهي تؤخذ من الحاكم الظالم لا تعطى بالمجان.
وان الشعب الذي يقدم الشهداء بسخاء كالشعب السوري البطل سينال حريته بالكامل ويستعيد كرامته في الحياة، رغم انف الحكام الطغاة.
وان الطغاة ومهما تكبروا وتجبروا، ظلموا وقتلوا، احتالوا واغتالوا، كذبوا وضللوا، أرهبوا وأرعبوا، أفسدوا وخربوا، فخخوا وفجروا، قصفوا البنايات بمدافع الدبابات وأنزلوها على رؤوس ساكنيها ودمروا، فهم وتماسيحهم وخنازيرهم وأفاعيهم وحيتانهم وكلابهم المسعورة وشبيحتهم الموتورة ومخابراتهم المغرورة الى مزبلة التاريخ حتما ذاهبون!
عودة الى مراجع التاريخ ومراحله القديمة والحديثة وما يحدث حاليا امام اعيننا وعلى مسامعنا يؤكد صحة ما نقول.

المجلس العسكرى" يسلم مـصر لـ"الفوضى"/ مجدي نجيب وهبة


** كتبنا كثيرا .. وحذرنا كثيرا .. ولكن لا أحد يريد أن يقرأ ، ولا أحد يريد أن يفهم .. هذا الشعب المتعوس ، أصابته البلادة والغباء .. ولم أعد أجد كلمات تعبر عن ما يجيش فى صدرى من براكين الغضب إلا هذه العبارات ..

** الصورة الأن للجميع .. لقد تمكن الإخوان بجميع مؤيديهم من جماعات ، إلى منظمات ، إلى حركات تخريبية .. أن يسيطروا على كل مجريات الأمور ، فى مصر .. وسط حالة فى منتهى الغرابة ممن أطلقوا على أنفسهم "المجلس العسكرى" ..

** المجلس العسكرى يعلم طبيعة الشعب المصرى ، وللأسف رفض سماع صوت الأغلبية الصامتة ، وفضل أن يستمع للإخوان والفوضويين والمخربين ..

** المجلس العسكرى يعلم طبيعة وحساسية المرحلة التى تعيش فيها مصر ، ويقر المجلس أن هناك مخططات خارجية وداخلية ، ومع ذلك لا يفعل أى شئ ، وكأنه ينتظر شئ ما يدبر ضد هذا الوطن ..

** المجلس العسكرى يعلم أن جماعة الإخوان المسلمين ، فى صراع منذ عام 1928 ، للوصول إلى "سدة الحكم" .. وهم جماعة دموية .. لا يؤمنون بالديمقراطية .. ولا بالدولة المدنية .. ولا بالحرية .. ولا بالدستور .. ولا بالأخر المختلف معهم عقائديا وفكريا وسياسيا .. وهناك نماذج عديدة مثلما حدث فى السودان ، حيث أنشئت المحاكم الإسلامية ، ومثلما حدث فى الصومال ، وما يحدث فى أفغانستان والعراق ، وما يحدث فى ليبيا الأن ، وما تعد له اليمن من مستقبل لنفس السيناريو ، وما تعد له سوريا لنفس السيناريو والأحداث .. هم فصيل لا يتعدى تعدادهم مليون فرد ، بفصائلهم ومؤيديهم وأتباعهم والمروجين لهم .. ومع ذلك فالمجلس العسكرى رغم علمه أنهم قد يقودون البلاد إلى الهاية ، فنجد فى منتهى الغرابة أنه يتم تسليمهم مجلس الشعب بل وتسليمهم السلطة التشريعية والتنفيذية .. فماذا تبقى إذن ؟!!! ..

** المجلس العسكرى يعلم أنه تم الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ، والمتطرفين والإرهابيين ، الذين حفلت ملفاتهم بجرائم تشيب لها العقول ، ومع ذلك فالمجلس العسكرى يفرج عنهم ليتصدروا الإعلام ، ويترأسوا المنصات للتحريض على الفوضى ..

** المجلس العسكرى يعلم أنه تم تزييف التاريخ ، فلا يمكن أن تتم إنتخابات برلمانية ، ثم يتم بناء الدستور المصرى .. كان يجب أن يتم إرساء مبادئ الدستور أولا ، التى يشارك فيها نخبة عالية من المثقفين والسياسيين والعسكريين والقضاة ، ليحقق كل رغبات هذا الشعب .. ومع ذلك رضخ المجلس العسكرى لمطالب وتهديدات الإخوان بالإنتخابات أولا ، ثم الدستور لاحقا .. وعندما وجد المجلس العسكرى أنه لا يستطيع أن يقول كلمته ، قال البعض "نحتكم للصندوق" ، فكان الإقتراع هو مهزلة بكل المقاييس ، والتى كشفت عن جهل هذا الشعب بنسبة 90% ، وعن سيناريو مدبر لتوجيه هذا الجهل لصالح الإخوان ، فقد أفتوا بأن من قال "نعم" بعلامة اللون الأخضر فقد دخل الجنة ، ومن قال "لا" باللون الإسود (الكئيب) ، فقد ذهب جهنم .. وتم الترويج لذلك أمام اللجان الإنتخابية ، بل أن القضاة الذين شاركوا فى المراقبة ، كانت تلميحاتهم للمواطن أن يعلّم على الدائرة الخضراء ، لكى تنجيه من عذاب جهنم .. هذا بجانب إستغلال الإخوان لشحن المواطن المسلم ضد الدعوة التى إنطلقت من الكنيسة ، تدعو المواطنين إلى خوض عملية الإستفتاء ، وأوحوا للمواطنين المسلمين أن الكنيسة تدعو إلى قمع الإسلام ، وإلغاء المادة الثانية من الدستور ، وتصليب المجتمع .. فأصبحت عملية الإستفتاء بين فصيلين .. فصيل دينى مسيحى مع مجموعة من الليبراليين (الكفار) ، وفصيل إسلامى تقودهم الجماعات الإسلامية بكل عناصرها ، بما فيها بعض شيوخ الجوامع ودعاة منابر الزوايا ، لشحنهم بزعم أن المرحلة القادمة هى مرحلة جهاد فى سبيل الله ، وفى سبيل إعلاء كلمة "الإسلام" ... ومع جهل شعب وصل إلى 90% يحركهم جماعة الإخوان كعرائس المارونيت ، كانت النتيجة 14 مليون قالوا "نعم" للبرلمان قبل الدستور ، و4 مليون صوتوا للدستور قبل البرلمان .. هذا بجانب شكاوى عديدة من المواطنين ضد اللجان التى وزعت فيها إستمارات باطلة ، ولجان لم تفتح أبوابها ، ومع ذلك كانت النتيجة كما خطط لها الإخوان ، وفازوا ، وقال أحد الشيوخ الأفاضل أن هذا الإستفتاء هو أشبه بغزوة "أحد" ، وأطلق عليها "غزوة الصناديق" ...

** عندما إعترض العديد من المثقفين ، وإحتجوا ، قال المجلس العسكرى "سوف نضع وثيقة فوق دستورية تلزم الجميع" ، ولكن الإخوان ثاروا وهاجوا ، وقالوا "سننزل الشارع" ، وهددوا المجلس العسكرى ، ورضخ لهم أيضا المجلس العسكرى وسحب كل إقتراحاته .. بل أنهم طالبوا "السلمى" بتقديم إستقالته فورا ، وإلا سيهدر دمه .. ووافق المجلس العسكرى على كل مطالب الإخوان ، ولم نعد نسمع عن "السلمى" ، أو "وثيقة السلمى" ..

** فى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة .. أعلن المجلس العسكرى أنه سيتم إجراء هذه الإنتخابات فى جو من الديمقراطية وحرية التعبير ، وستكون الكلمة للناخب .. وأطلق مجموعة تحذيرات ، حتى لا يستبعد أى مرشح من دائرته ، ومع ذلك خرجت الإنتخابات أسوأ إنتخابات برلمانية تشهدها مصر منذ بداية الحياة البرلمانية .. إنتخابات فاحت فى رائحتها العفونة والتزوير والتضليل ، وإستخدام الدين لترويع الناخب ، بل إستخدموا كل وسائل الإعلام الممكنة المرئية والمسموعة والمقروءة ، لتوظيفها فى الترويج لجماعة الإخوان ، وتوجيه الناخب .. ومع ذلك نجد السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للإنتخابات يعلن أن الإنتخابات البرلمانية هى عرس ديمقراطى لم تشهده مصر من قبل ، وأعلن بكل فجاجة ، أن هذه النتيجة جاءت معبرة عن أراء الشعب .. وبالطبع خرجت النتيجة بنجاح ساحق لـ "الإخوان والسلفيين وحزب الأصالة" ، ثم يأتى فى المؤخرة "الوفد والكتلة المصرية والأقباط بنسبة 1/2% .. فمن كان المسئول عن هذه الفوضى؟!!! ..

** قال البعض أننا لم نرى أى أعمال بلطجة أمام اللجان ، وهذا يحسب للمجلس العسكرى .. وفى الحقيقة التى لا تسمع الأن وسط هذا الصخب الإعلامى الحقير والسفيه والمضلل ، أن كل أعمال البلطجة فى برلمان 2005 ، كانت مدبرة من قبل ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين ، من ترويع للجان والقضاة وللناخبين ، لمحاولة السطو على المجلس ، فقد كان الحزب الوطنى يقف لهم بالمرصاد ، ولكن الأن فقد خلت الساحة تماما من أى حزب إلا جماعة الإخوان المسلمين ، بالإضافة إلى بعض الأحزاب الهشة الكرتونية ، التى تحاول أن تبحث لها عن مقعد داخل البرلمان .. وكانت النتيجة المتوقعة هى كما سبق أن أشرنا .. الفوز الساحق للإخوان ، بنفس الأسلوب المراوغ ، وهو الطعن فى الأخر ، وتشويه صورته ، وإلقاء التهم عليه ، والتهمة الشهيرة هى "إزدراء الأديان" .. فى الوقت الذى تلاقى هذه الإتهامات صدر رحب من بعض المحاكم ، التى ربما تكون تجربة لإرساء المحاكم الإسلامية .. ومع كل ذلك وقف المجلس العسكرى صامتا ، وكأن مصر لا تعنيهم .. ودعونا نتساءل .. إذا كان كل ذلك ، فأى وطن يدافع عنه المجلس العسكرى الذى يرأس قادته الجيش المصرى .. هل مصر هى جماعة الإخوان الدمويين .. هل الإخوان تبرأوا من جرائمهم السابقة فى حق المجتمع والمواطن المصرى ؟!! ..

** الإعلام المصرى بكل أطيافه وأشكاله .. من المسئول عنه .. الإعلام المصرى بكل قنواته التى تقود الرأى العام للفوضى والتخريب والتحريض على هدم هذا الوطن .. ومع ذلك أيضا نجد المجلس العسكرى الذى من المفترض أنه يدير شئون البلاد ، لا يعترض ، ولا يراقب ، ولا يحذر من أن الإعلام المصرى صار أكثر تحريضا ضد مصر ، من قناة الجزيرة أو العربية أو بى بى سى .. لقد تفوق إعلامنا المحرض على كل هذه القنوات .. تفوق هذا الإعلام فى الشحن والتحريض .. وأصبح لا عمل لهذا الإعلام الحارق للوطن ، إلا دعوة كل أطياف الإخوان ليفرضهم على الشعب المصرى كله ، لتصل رسالة أن هؤلاء هم المجموعة الحاكمة والمسيرة للوطن فى المرحلة القادمة .. ومع ذلك يقف المجلس العسكرى صامتا ، بل يبدو أنه مؤيدا لهذه السياسة العاهرة التى ينتهجها كل الإعلاميين من أساليب تحريضية ، وأساليب قذرة ، لنقل رأى واحد فقطدون الإلتفاف لرأى الشعب كله ، بل الإكتفاء بنقل الرأى الذى يهدم مصر .. لنجد أمامنا وجوه لا تتغير من الإخوان والشيوخ والقضاة الذين إستبعدوا من نادى القضاة منذ سنين عديدة .. عادوا هؤلاء ليجدوا أن جميع قنوات الإعلام صارت منابر لهم ، ليهددوا الجميع ، ويفرضوا سطوتهم حتى على القضاء المصرى الشامخ ..

** وإنفلت بذلك الزمام .. ولم نعد نسمع عن المجلس العسكرى إلا من خلال بيانات فيسبوكية .. لا تصل إلى هذا الشعب المغيب والصامت والجاهل ...

** فى أول جلسة برلمانية لهذا المجلس الذى لا يمثل إلا الجهلاء ، والمغيبين ، وجماعات الإسلام السياسى .. إنطلقت الحناجر كلها تتحدث عن الثأر للقتلى والمصابين .. وإقترح البعض منهم تعليق مشانق فى الميادين لمحاكمة كل رموز النظام السابق ، وعلى رأسهم الرئيس السابق "حسنى مبارك" .. كما إنطلقت حناجر لبعض رموز الإخوان والذين قضوا أعوام طويلة خلف أسوار السجون ليلهب مشاعر البرلمان الطالبانى ، ويطالب بالقصاص فورا ، ورفض المحاكمات المدنية ، بل يجب محاكمتهم ثوريا ، وسط تهليل السادة أعضاء البرلمان الأفغانى .. ولم يعد المواطن يعلم هل هذا هو البرلمان الشعبى الذى يجب أن يتحصن بالدستور والقانون ، قبل أى شئ ، أم هو برلمان مجموعة من الفتوات يصرون على تحقيق مبادئ الفوضى .. حتى القسم رفض بعضهم الإلتزام به ، فمنهم من أراد أن يغازل بعض المعتصمين فى التحرير ، وهم من يطلقون عليهم "ثوار" ، فقام بالقسم لهم أن يراعى مصالحهم ، والبعض الأخر وهم الغالبية العظمى ، رفضوا القسم إلا بعد أن يربطوه بعبارة "فيما لا يخالف شرع الله" ..

** المجلس العسكرى يرفض سماع أى أصوات أخرى تطالب بالحفاظ على سلامة الوطن ، أو محاكمة الذين قبض عليهم ، ومعهم أسلحة أثناء أحداث 28 يناير ، أو من ضبطوا على أسطح العقارات فى مساء 28 يناير ، وهم يلقون زجاجات المولوتوف ، أو من ضبطوا فى عمارة "البغل" ، ومعهم أسلحة قناصة ومدافع رشاشة ، تصل مداها إلى التحرير ، وباب اللوق أثناء الإعتصامات الأولى من بداية 25 يناير .. كما يرفض المجلس العسكرى ، الكشف عن المخططات الخارجية والأجندات الأمريكية التى تنفذها واشنطن ودول غربية بالإستعانة بمجالس حقوق الإنسان ، ولجان الحريات .. والتى لم تعد هذه المسائل تحتاج إلى تحليلات إجتهادية ، بل صار الكلام على الملأ .. فقد صرحت أمريكا فى أكثر من مناسبة أنها أمدت بعض مجالس حقوق الإنسان ، وبعض الحركات الثورية بملايين الدولارات ، والتى وصلت مليار دولار ونصف مليار دولار ، تم توزيعها على جهات ، تعمل على هدم مصر .. ومع ذلك يقف المجلس العسكرى دون أى إجراء قانونى ، بل أن كل من يجرأ من الشرفاء على كشف هذه المخططات تقوم جهات سياسية ودينية بإخراسه ، وتهديده ، وتقديمه للمحاكمة ، بتهمة إزدراء ثورة 25 يناير المجيدة .. ومع ذلك وقف المجلس العسكرى صامتا دون الكشف عن هذا الملف الحيوى الخطير ...

** عندما حذرنا من عناصر إرهابية من حماس تواجدوا فى التحرير ، بل قبض على بعض هذه العناصر أثناء إشتعال الإحداث ، ومعهم أسلحة وأموال ، لم نسمع شئ عن هذا الملف ، فقد إختفى وتبخر ، وكأن حال لسانهم يقول لن يجرؤ أحد على محاسبتنا أو محاكمتنا ، فنحن ننفذ تعليمات مولانا "أوباما" ، والجهادية الكبرى "كلينتون" .. وكله بثمنه ؟!!! ..

** الأن نحن فى أخر سيناريو ، وهو المطالبة برحيل المجلس العسكرى ، فقد حقق مطالب الإخوان كاملة ، إلا مطلب واحد وهو "الرحيل من الشارع المصرى" ، والمطالبة بعودتهم لثكناتهم ، كما أفصحت عنه أحد الناشطات السياسيات التى أتت بها الفوضى والدمار الذى لحق بمصر ، عندما قالت فى الفضائيات أنها "لا تريد أن ترى أى عسكرى جيش أو شرطة فى الشارع" ..

** فهل تحول هذا الجيش العظيم إلى شئ مخزى ، بل أن هناك نفس الدعوات والنغمات التى أطلقت على "مبارك" ، وهى "الشعب يريد إسقاط المشير" .. "الشعب يريد إعدام المشير" ، فهل صار المشير سعيدا بهذا الشعارات البراقة أو إنه لا يملك السلطة لوضع حد لهذه الفوضى .. والقصة اليومية التى تفوقت على أنفلونزا الخنازير ، أو أنفلونزا الطيور ، وهى قصة دماء الشهداء .. والذى سوف يترتب على هذا الملف وهو "دماء الشهداء" كما صرح بعض النشطاء السياسيين ، وبعض السيدات أنهم ليس لديهم مانع من حرق مصر كلها ، بسبب دماء هؤلاء الشهداء .. والحقيقة أن ملف الشهداء أصبح السبوبة التى تستخدم الأن من قبل كل التيارات الفوضوية والمخربة والهدامة ، وعلى رأسهم جماعة الإخوان لإسقاط مصر ، وإرهاب المجلس العسكرى ..

** وما يدعونا للدهشة أن هناك إصرار على التضليل حول مَن سقطوا مِن الإرهابيين قتلى أثناء هروبهم من السجون ، أو الذين سقطوا أمام الأقسام أثناء محاولتهم لسرقة هذه الأقسام وقتل من فيها من ضباط وجنود ، بل وصل التبجح أن نجد أصواتا تهل علينا من خلال هذا الإعلام العاهر لتطالب بالقصاص من هؤلاء الضباط ، وتعليقهم فى ميادين عامة .. وللأسف يتم الترويج لهذه الدعاوى من خلال قنوات النيل الإخبارية والمصرية والأولى ، وهى قنوات المفترض أنه تكون أكثر حرصا على النظام العام وأمن الوطن ، وأن تكون موضوعية .. ولكن هذه القنوات تفوقت على كل القنوات المحرضة والعاهرة والخاصة .. والذى لا يصدقنا .. ليته يأتى لنا بمواطن مصرى جلس أمام هذه الكاميرات ليقول رأى الشعب دون خوف .. بل أنك لن تسمع إلا رأى التنظيمات الفوضوية والتخريبية التى فجأة وجدناها تتصدر هذه القنوات وأصبحت هى صاحبة الرأى الواحد ليفرضوها على الجميع .. نعم .. لن تسمع إلا كلمات البلطجية والقصاص ، والثورة مستمرة فلم تحقق أهدافها .. طبعا لم تحقق أهدافها بعد فى إسقاط مصر لتتحول مصر إلى ساحة للصراع المذهبى والدينى والعرقى .. وعندئذ سيختفى كل المحرضين ، ولن تجد خيمة واحدة فى التحرير ، فقد حققوا أهداف الثورة ..

** والأن جاء الدور على المجلس العسكرى والدعاوى بالإعتصامات ضد المجلس حتى رحيله ، وعودته لثكناته ، ومع تأكيدنا بأن هذه الدعاوى هى مهزلة بكل المقاييس ، ولا تنطلق إلا من قلة مأجورة يجب تعليقهم فورا فى الميادين وإعدامهم ، وأن هذه الأصوات هى قلة أدب بكل المعانى ، وهى إجرام بكل الأهداف ، لكى يتدنى الكلام لمخاطبة جيش مصر العظيم ومطالبته بالرحيل فورا ، أو الخروج الأمن .. نحن فى إندهاش من هذا السيناريو وهذا الموقف الذى جعل الفوضويين والمخربين والإخوان هم حراس على هذا الوطن ، وجعل من المجلس العسكرى والجيش المصرى هو الخونة والمأجورين الذين يجب طردهم ومحاكمتهم فورا ، وعودتهم لثكناتهم .. .. وتظل هذه الأصوات ترتفع فى الإعلام المصرى والصحف المصرية لتهدد المجلس العسكرى وتعلن أن هذه هى رغبة الشعب .. وهى لم تكن إلا رغبة هؤلاء البلطجية للجيش المصرى ، للمطالبة بالعودة الفورية لثكناته .. ومع كل ذلك نجد أن المجلس صامتا على الإهانة التى توجه إلى الجيش المصرى .. ونحن نضرب كف على كف ..

** لقد أدار المجلس العسكرى وجهه للشعب المصرى ، ولم يستمع إلا إلى الفوضويين والإرهابيين والحركات الثورية التى أعلنت عن نفسها ، وأعلنت عن أهدافها ، ووجهت السباب للمجلس العسكرى .. فهل يتخلى المجلس العسكرى كذلك عن جيش مصر العظيم ليسلمه لقادة حماس ، وحزب الله ، وتنظيم القاعدة ... هذا سؤال صار ملحا يبحث عن إجابة ؟!!!!!!!!!! .........

مجدى نجيب وهبة

صوت الأقباط المصريين



فتوات البرلمان "الأفغانى" بمصر يسقطون "القضاء"/ مجدي نجيب وهبة

* هذا الخبر ليس من نسخ خيالنا .. ولا ممن يدعون ضدنا أننا لنا نظرة متشائمة ، منذ بداية الأحداث فى 25 يناير .. وأعود وأكرر أنها ليست بثورة ، وإنما بنكسة لهدم مصر ..

** إن فى أول إجتماع لهذا البرلمان "الأفغانى" ، إعتلت الأصوات لتفعيل محاكمات جانبية ، تصدر من مجلس البرلمان الأفغانى ضد النظام السابق ، أو ضد أى أحكام لا تتوافق مع البرلمان .. ويبدو أن من أحد دعاة الفوضى أن يطالب أحد النواب وهو النائب "محمد أنور السادات" بعمل جلسة لمجلس الشعب بميدان التحرير ، وإن دل على ذلك بشئ ، فهو يدل على قمة الفوضى التى تسير إليها مصر ..

** فى تصريح أخر للمستشار "أحمد الزند" رئيس نادى القضاة ، لن أعلق على ما كتبه ، ولكن ما كتبه هو دليل دامغ ضد من أتى بهم المجلس العسكرى ليقولوا للشعب المصرى أن هذا هو مجلسكم الذى يمثل الشعب ..

** سأكتفى بما قاله "الزند" ، لكى يدرك القراء وجميع الشرفاء الباكين على هذا الوطن ، أن القادم هو أسوأ مما يتخيله أى إنسان ، وأن الكارثة التى ستدمر مصر والمخطط الذى دفعت به أمريكا لتدمير هذا الوطن هى قادمة لا محالة ، ولكم الحكم على ما قاله المستشار "أحمد الزند" ، رئيس نادى القضاة ..

** شن المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، هجوماً عنيفاً على أعضاء مجلس الشعب الذين وصفوا المحاكمات التى تجرى لرموز النظام السابق بأنها «هزلية»، وطالب القضاة بوحدة الصف لـ«خوض معركة» فى إشارة إلى أن الطرف الآخر هو البرلمان ..

** فى خطاب موجه من «الزند» إلى قضاة مصر، قال فيه إن «الأمل كان يراودنا فى أن يذود البرلمان الجديد عن القضاء والقضاة، ويرد عنه الهجمة الشرسة إرساءً للمبادئ والقيم الدستورية التى تحصن السلطة القضائية من كل عدوان عليها أياً ما كان المعتدى" ..

** واستطرد: «لكن سرعان ما تبدل الأمل وانكشف المستور منذ الجلسة الأولى التى تبارى فيها من أقسموا على احترام الدستور والقانون، فى النيل من السلطة القضائية والحط من قدرها حتى وصل الأمر إلى ما يشبه التحريض ضد القضاة الذين يحاكمون رموز النظام السابق، والضغط عليهم لتصدر الأحكام على نحو معين»، منوها بأنه «عاد من جديد حديث الإفك المتمثل فى العبارة القذرة (تطهير القضاء) ...

** وحذر رئيس نادى القضاة مما اعتبره «مخططا آثما يريد اقتلاع القضاء من جذوره والتمثيل برجاله»، وخاطب القضاة متسائلاً: «ألم تسمعوا أو تشاهدوا ما قيل على لسان أحد النواب بميدان التحرير من أن المجلس سيصدر قانوناً لاستقلال السلطة القضائية حتى يطمئن الشعب أن المحاكمات الهزلية التى تحدث حالياً لن تحدث مرة أخرى؟»، واستدرك متحدثاً إلى رجال السلطة القضائية: «إنى لأقول له باسم قضاة مصر إن ما تفوهت به أيها النائب هو الهزل بعينه، ولن يصدقك أحد لأن قضاء مصر العريق الذى أوصلك إلى مقعدك تحت القبة والذى يشهد له العالم أجمع بكفاءته ونزاهته وحيدته وتجرده لا يجرى محاكمات هزلية، ولا يحيد عن الحق رضى من رضى وغضب من غضب" ..

** وناشد «الزند» القضاة قائلاً: «رهانى الأول والأخير عليكم، فتلك هى معركتنا جميعاً، سلاحنا فيها الحق ودفاعنا فيها الدستور والقانون، ولا سبيل لبلوغ الهدف إلا بالوحدة واستنهاض الهمم مهما كانت المصاعب». واختتم «الزند» خطابه: «وجب التحرك الفورى واتخاذ موقف حازم وحاسم تجاه ما حدث، يعيد الحق إلى نصابه، والمخطئ إلى صوابه"..
صوت الأقباط المصريين

كنتُ في بغداد (9)/ عدنان الظاهر


( تشرين الثاني ـ كانون الأول 2011 )
بغداد اليقظى ـ النائمة
ليتني وجدتها يقظى / نائمة ، ليتني ثم ليتني ! وجدتها كائناً يحاول النهوض نافضاً تراب القبر عن أكفانه . رأيتها امرأةً مُعفّرة من رميم منفوشة الشعر نصفها يتنفس ورأيتُ النصف الآخر ميّتاً مكتوم الأنفاس . رأيتها نُصباً تذكاريّاً ما أنْ يقومَ حتى يتهاوى فيسقط على أمِّ رأسه . جثة تحاول العودة للحياة تتنفس من خلال فتحات مُشبّك حديد قاسٍ بارد لا روحَ فيهِ. رأيتُ الحياة والموتَ يتزامنان ويتعايشان في صراع ظاهر ـ خفيٍّ شرسِ يُحسّه الرائي لكنه لا يدرك كنهه ولا يقف على حقيقة أبعاده . هل ستنتصرُ الحياةُ فيها على عناصر الفناء ومتى ؟ هذا هو السؤال الحيوي الشاخص أمام العيون .
الحركة في بغداد قائمة على ساق وقدم . شوارعها مزدحمة بالبشر والسيارات وباعة الفاكهة والخُضرة والحلوى واللبلبي والتكة والسمك المشوي ثم بالشرطة والجنود والسيطرات ومطبات الشوارع وعثراتها . وفي شوارع وسوح بغداد تسرح الخرافُ وتمرح في مجموعات صغيرة وأعلافها وماؤها معها معروضة للبيع بل وللذبح والسلخ على قارعة الطريق . على أرصفة بعض شوارع بغداد يُشوى السمك حول الحطب شيّاً دائرياً جماعياً كما كان الشأن سابقاً على رمال دجلة في منطقة أبي نؤاس . كل شيء يوحي بالحياة ويبشّرُ بها ويدعو لها ولكنْ ... هل الحياة شرطةٌ وعسكرٌ وكاسرات السرعة في عرض الشوارع وسيارات كيّا وهايونداي وحلوى وذباب ولبلبي وسمك مسكوف ؟ كلاّ ! أرى فيها جميعاً الوجه الآخر للحياة : الموت ! الموت لدى السيطرات وفي زحام الشوارع وفيما تحمل حلوى ولحوم الشوارع من أتربة ومايكروبات وأوساخ وعلل وأوجاع . الموت في الحياة والحياة في الموت . هذه هي المعادلة التي تتحكم في كينونة أهل بغداد خاصةً وفي العراقيين على وجه العموم . قبلوا إحتمالات الموت من أجل الشعور بأنهم ما زالوا على قيد الحياة بعد كل الذي جرى من إستبداد سياسي وتحكّم بالأرزاق والمستقبل وحروب وغزو وحصار . بغداد تحاول النهوض من رمادها وركامها وأوجاعها وعلاّتها لتشغل نفسها عمّا هي اليوم فيه من كوارث ومآسِ وأخطار . بغداد تعاني اليومَ واحداً من أقسى أنواع الإنفصام الشيزو فريني فهي المتقدمة ـ المرتدّة وهي الناهضة ـ الساقطة وهي المنتعشة ـ المتآكلة الفانية . خليط مزدوج لا ينفصم إلى أين سيُفضي ومتى تتوحدُ بغداد وتتحدُ ؟ ترى هذا الإنفصام في كل ظاهرة وكل ملموس ومحسوس . ففي عالم السياسة هناك شيزوفرينيا المحاصصات الدينية ـ الطائفية والقومية والمذهبية والعرقية . وفي الجغرافيا هناك مناطق مقفلة للشيعة وأخرى للسُنّة وهناك مناطق مختلطة يُشار إليها بتحفظٍ وعلى استحياء ! وفي بغداد مناطق شعبية فقيرة مترامية الأطراف وفي وسطها منطقة تُسمّى خضراء هي مركز السلطة والسلطان والثروة والنعيم والرخاء والسلاح ثم السفارة الأمريكية المحصّنة الحصينة . هنا السلطة التشريعية والتنفيذية ( الحكومة ) وهنا رئاسة الجمهورية ونائباها وتوابعها ومستشاروها ومستشارو مستشاريها ولكلٍ أفواجُ حمايتهِ المدججة بالسلاح . عالم عجيب غريب يتشكل كدائرةٍ الجنّةُ في مركزها والجحيم على المحيط في أطرافها . كانت ولم تزل بغدادُ بغداد ألف ليلةٍ وألف ألف ليلة . لياليها طويلة في الشتاء ونهاراتها قصيرة . الظلامُ فيها سريعٌ وبزوغ نور فجرها بطئ . زحامٌ زحامٌ وإختناقات في الساحات والشوارع والتقاطعات وبغداد تظلٌّ مصبوغة بالأصفر يختلط في شوارعها النظام بالفوضى ، المغامرة بالحياة وإحتمالات الموت بعبوّة لاصقة ناسفة أو بحزانم مُفخخ أو بسيارة ملغومة . لا يمنع الموتُ الحياةَ في بغدادَ وباقي أنحاء العراق . في الموت قوة دفعٍ خارقة لمواصلة الحياة وفي الحياة ـ كظاهرة طبيعية بايولوجية ـ قوّة " شفط " مركّبة هائلة تخترق الممكن والمستحيل تدافع عن نفسها وعمّن أنتجت وأنجبت وتقاتلُ ضد قوانين الفناء . صراع بين نور ظاهر وظلام خفيٍّ عنيد قوي . بغداد تشكيلة الضدين الرئيسين وباقي الفروع . رأيتُ على واجهة أحد فروع الحزب الشيوعي العراقي في بغداد بوستراً يقول : يُعزّي الحزب الشيوعي العراقي العراقيين والمسلمين بمناسبة إستشهاد أبي الشهداء الحُسين . هذا وجه آخر لبغداد المتناقضات، وجه عصري فاعلٌ ودينامي إستحسنته وفرحتُ به . في بغداد الإسلام السياسي رأيتُ تمثالاً لرأس سلام عادل الزعيم الشيوعي الذي قتله بعثيو إنقلاب شباط 1963 وقطّعوه إِرباً إربا ... رأيته في إحدى زوايا ساحة الأندلس أمام مقر الحزب . بغداد تنهض ولكنَّ بغداد ما أنْ تنهض حتى تكبو وتسقط على الجبين . ففي المحاصصة تخلّفٌ وسقوط . وفي الشيزوفرينيا السياسية عناصر وبذرات التكسّر والتشرذم فالسقوط في الهاوية وما أدراك ما الهاوية . بغداد غولٌ خرافي لكنه مَهيضُ الجناحين مكسور الإرادة مشلول العزم والعزيمة رأسه في الكرخ وباقيه مُبعّثرٌ في أنحاء الرُصافة .
بغداد عروسٌ تبكي، بياضُ بدلة عُرسها في سوادِ كُحلِ عينيها . متى تتم مراسم هذا العُرس وأين اختفى العريس ؟ دجلة ضاقت بعد أنْ اتسّعت وغاضت بعد أنْ فاضت فيا ويل الأمّهات مما جرى لها ولهنَّ وما سيجري . يا حكومةُ ويا حكّامُ ويا مستوطنو الجنّة الخضراء أزيلوا الغُبار عن وجه بغداد أو اتركوها لغيركم فالغيرة على بغداد ليست فيكم وأنتم لستم منها ما كنتم وسوف لن تكونوا . بغداد تشكوكم وستظلُّ تشكو والويلُ لكم ممن يشكوكم إليكم والتأريخ قاضٍ عادلٌ قاسٍ لا يجامل ولا يرحم وأنتم زائلون عاجلاً أو آجلاً وكلُّ مَنْ عليها فانٍ كما تعلمون . أنتم الموتُ وفي بغدادَ جينات البقاء فالخلود .
الويلُ لكم من أمٍّ ثاكلٍ ومن سيّدة ترمّلت ومن طفلٍ تيتّمَ فتشرّدَ في الشوارع يبيع ما يُباعُ وما لا يُباعُ ! الويلُ لكم أينما ولّيتم فأنتم المُلاحقون المطاردون وأنتم المُتّهَمون في الدنيا وفي الآخرة .
بغداد آهٍ بغداد ! أأبكيكِ أمْ أبكي نفسي ؟ أأبكي الموتَ في بقائكِ أم أبكي بقاءكِ في موتكِ بغداد ؟ إختفت من الأسواق أسماكُ دجلةَ الخير وغير الخير وغزتها أسماك البحيرات الإصطناعية والمستوردة فأين شبّوطُ الفراتِ وأين [ بِزُّ ] دجلة المعروف ؟ أين [ مكتوم ] الفرات الأوسط وأين برحي البصرة ؟
غلبكِ بغدادُ اللونُ الأصفرُ لونُ صفار البيض ( كائنٌ حيٌّ مخنوق سجين ) وطابع الشحوب وعلامة الإعتلال والمرض فمتى كنتِ كذلك وإلامَ ستظلين رهينة هذا اللون ؟ السيارت في شوارعك تجري كأنها في سباق محموم مع الموت فأيّهما سينتصر وأيهما في نهاية الأمر سيفوز ؟ حياتكِ في موتك وموتك في حياتك ، هذه هي جدلية الكون .
هناك في بغداد اليوم جسورٌ وطرقٌ بممر واحد للحركة . أليس في هذا خرقٌ للقانون العام للحياة ؟ للحياة ممران وللحياة بوّابتان تفضي إحداهما لعالم الموت والأخرى لملكوت الحياة.
الغُربةُ في بغداد /
كل شيء غريبٌ لي وعنّي في بغداد . المدينة غريبة وأنا غريبٌ في أمكنة غريبة . غريبٌ في غربتي وغريبٌ عمّا أشعرُ به من غُرية . غُربة في غربة في غربة . الشعور بالغربة كبيرٌ متسّعٌ متشعّب . الشوارع غريبة وسائقو سيارات التاكسي والسيارات نفسها غرباء عنّي لا أفهمهم ولا يفهمونني . دوائر الحكومة ظلامٌ غريبٌ وغُربة حالكة السواد . الموظفون أرقام غريبة غامضة شفراتها عسيرة على الفك والإستيعاب . الأقاربُ أغارب والأقاربُ [ عقاربٌ لاسعات حشايْ / أغنية للكبنجي ] . ماذا تبّقى لي ولأمثالي في بغداد وما ينتظر الغريبُ من الغريبة ؟ إليكِ يا بغدادُ عنّي / فلستُ منكِ ولستِ منّي [ لشاعر أجهل إسمه ] .
بغدادُ يا بلدَ الرشيدِ
ومنارةَ المجدِ التليدِ
؟؟!!
لم أرَ الرشيدَ في بغداد ولا منارةً ولا مجداً تليداً أو غير تليد ! رأيتُ بؤساً وعانيتُ من ذُلٍّ وهوان أثناءَ متابعاتي لمعاملاتي في دوائر الدولة العراقية . لا يهمّني ما قال زيدٌ أو عمرٌ في مديح الوضع السياسي القائم اليوم في بغداد ( العملية السياسية ) ولا البخور المدفوع الثمن الذي أحرقه البعض في تزكية ومديح المالكي وغير المالكي إنما أضع أمام العراقيين في الخارج والداخل تجربتي العملية ومعايشتي اليومية لما رأيتُ وما لاقيتُ وما لحقني من أذىً وعَنَت وسوء معاملة . لا هيبةَ لدولة لا تحترمُ مواطنيها ولا مكانَ لها بين الدول والأمم. لا هيبةَ لحكومة تأتمنُ الجهلةَ وأنصاف الأميين والمرتشين والفاسدين بفرضهم موظفين في هذه الدائرة أو تلك حسب منطق وآليات المحاصصة الطائفية والقومية والعشائرية والإثنية . كنتُ غريباً وعنصراً طارئاً في بغداد وفي عموم العراق وطن آبائي وأجداد أجدادي . ماذا تعني كلمة غريب وما هي مستحقاتها وعواقبها وخواتمها ؟ كارثة ! أجلْ إنها كارثة الكوارث .
أستودعُ اللهَ في بغدادَ لي قَمَراً
بالكرخِ من فَلَكِ الأزرارِ مطلعُهُ
ودّعتهُ وبودي لو يودّعني
صفوَ الحياةِ وإني لا أودّعهُ
( لإبن زُريق البغدادي ) .
كمْ قمراً حيّاً وميّتاً ودّعتُ في بغدادَ والحلةَ والنجف ؟ أجيبي يا نجاة أجيبي يا فريدة أجيبي يا فائدة أجيبي يا إبتهاج أجيبي يا نورة أجيبي يا بغداد !

إلى الجيل العربي الجديد/ صبحي غندور

هو أمرٌ ملفت للانتباه، ما حدث ويحدث في مصر وتونس واليمن. ففي هذه البلدان الثلاثة كان الجيل الجديد، غير الحزبي أو المنظّم سياسياً، هو أساس الحراك الشعبي الذي حدث في كلٍّ منها والذي أدّى إلى تغييراتٍ في الحكم والقوى السياسية الحاكمة. لكن نجد إلى الآن أنّ هذه القوى الشبابية الثائرة لم تقتطف ثمرة هذه الانتفاضات الشعبية بل قام بحصد النتائج السياسية قوًى لها تاريخها العريق في العمل السياسي وفي المعارضة لكنّها لم تقد حتماً الانتفاضات الشعبية، ولم تُشعل شرارتها ولم تصنعها، فهي حصدت (ولو بأسلوبٍ شرعي) ما زرعه غيرها من قوًى شبابية لم تكن أصلاً مسيّسة ولعّلها لا تجد الآن في الحكومات الجديدة من يُمثلها أو يُعبّر عن أهدافها وطموحاتها.

هي معضلةٌ ترمز أيضاً إلى حال كثير من البلدان العربية الأخرى، حيث يحصل حراكٌ شعبيٌّ شبابي بمعظمه لكن بلا وضوح في القيادة والهُويّة الفكرية والسياسية، وإذا حصل أحياناً هذا الوضوح، نراه بعيداً عن السّمة الوطنية العامة ونافراً من الهوية العربية ومتّصفاً بالفئوية الطائفية والحزبية.

إنّ المراهنة دائماً هي على الأجيال الشّابة ودورها الفاعل في صناعة المستقبل. فأيُّ جيلٍ عربي جديد هو الذي نأمل منه الآن إحداث التغيير نحو الأفضل في الأوطان العربية؟

إنَّ " الجيل القديم" في أيّ مجتمع هو بمثابة خزّان المعرفة والخبرة الذي يستقي منه "الجيل الجديد" ما يحتاجه من فكر يؤطّر حركته ويرشد عمله. فيصبح "الجيل القديم" مسؤولاً عن صياغة "الفكر"، بينما يتولّى "الجيل الجديد" صناعة "العمل والحركة" لتنفيذ الأهداف المرجوّة.

هنا يظهر التلازم الحتمي بين الفكر والحركة في أي عمليّة تغيير، كما تتّضح أيضاً المسؤوليّة المشتركة للأجيال المختلفة. فلا "الجيل القديم" معفيّ من مسؤوليّة المستقبل ولا "الجيل الجديد" براء من مسؤوليّة الحاضر. كلاهما يتحمّلان معاً مسؤوليّة مشتركة عن الحاضر والمستقبل معاً. وبمقدار الضخّ الصحيح والسليم للأفكار، تكون الحركة صحيحة وسليمة من قبل الجيل الجديد نحو مستقبل أفضل.

المشكلة الآن في الواقع العربي الرّاهن هي أنّ معظم "الجيل القديم" يحمل أفكاراً مليئة بالشوائب والحالات الذهنيّة المرَضيّة الموروثة، التي كانت في السابق مسؤولة عن تدهور أوضاع المجتمعات العربيّة وتراكم التخلّف السياسي والاجتماعي والثقافي في مؤسّساتها المختلفة.

فالمفاهيم المتداولة الآن في المجتمعات العربيّة هي التي تصنع فكر الجيل الجديد، وهي التي ترشد حركته. لذلك كنّا نرى الشّباب العربي، قبل العام الماضي، يتمزّق بين تطرّف في السّلبيّة واللامبالاة وتطرّف في أطر فئويّة بأشكال طائفيّة أو مذهبيّة، بعضها استباح العنف بأقصى معانيه وأشكاله.

لكن حينما يبحث بعض الشّباب العربي المعاصر عن أطر فاعلة للحركة السياسية السلمية المنظمة، يجدون في معظم الأحيان أمامهم جماعات تزيد في أفكارها وممارساتها من حال الانقسام بالمجتمع، أو قد يدفع بعضها بالعناصر الشّابة إلى عنف مسلّح ضدّ "الآخر" غير المنتمي لهذه الجماعة أو طائفتها أو مذهبها!

فالمفاهيم، التي تحرّك الآن الجيل العربي الجديد، هي مفاهيم تضع الّلوم على "الآخر" في كلّ أسباب المشاكل والسلبيّات، ولا تحمل أي "أجندة عمل" سوى إسقاط أو مواجهة "الآخر" الذي قد يكون في الحكم أو المعارضة أيضاً. وهي بذلك مفاهيم تهدم ولا تبني، تفرّق ولا توحّد، وتجعل القريب غريباً والصّديق عدوّاً!.. فيصبح الهمّ الأوّل للجيل العربي الجديد هو كيفيّة التمايز عن "الآخر" وهدمه، لا الحوار معه للبحث عن كلمةٍ سواء.

ربّما تكمن مشكلة الشّباب العربي المعاصر في أنّه لم يعش حقبات زمنيّة عاشها من سبقه من أجيال أخرى معاصرة، كانت الأمّة العربيّة فيها موحّدةً في مشاعرها وأهدافها وحركتها، رغم انقسامها السياسي على مستوى الحكومات. مراحل زمنيّة كان الفرز فيها بالمجتمع يقوم سلمياً على اتجاهات فكريّة وسياسيّة، لا على أسس طائفيّة أو مذهبيّة أو حتّى إقليميّة. لكن سوء الممارسات والتجارب الماضية، إضافة إلى العطب في البناء الدستوري الدّاخلي والتآمر الخارجي، أدّى كلّه للإساءة إلى المفاهيم نفسها، فاسْتُبدِل الانتماء القومي والوطني بالهويّات الطّائفيّة والمذهبيّة والمناطقيّة، وأضحى العرب في كل وادٍ تقسيميٍّ يهيمون، ويقولون ما لا يفعلون!.

هناك الآن ثلاثة عناصر تصنع الحاضر العربي: أوّلها وأهمّها، اهتراء الأوضاع السياسية الداخلية بوجهيها الحاكم والمعارض. وثانيها، التدخّل الأجنبي في شؤون الأوطان العربية. وثالثها، هو غياب المشروع الفكري النهضوي الجاذب لشعوب الأمَّة العربية ولجيلها الجديد الباحث عن مستقبل أفضل.

وصحيحٌ أنّ هناك خصوصياتٍ يتّصف بها كلُّ بلدٍ عربي، لكن هناك أيضاً مشاكل مشتركة بين أقطار الأمَّة العربية، وهي مشاكل تنعكس سلباً على الخصوصيات الوطنية ومصائرها. لذلك هناك حاجةٌ ماسَّة الآن لخطابٍ عربيٍّ نهضويٍّ مشترَك يستقطب الجيل الجديد، كما هي الحاجة للخطاب الوطني التوحيدي داخل الأوطان نفسها.

أيضاً، هو أمرٌ مهمٌّ جداً أن لا يتمّ فصل المسألة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية عن قضايا الوحدة الوطنية والتحرّر من هيمنة الخارج والتأكيد على الهويّة العربية للأوطان وللمواطنين في عموم البلاد العربية.

فالإدارات الأميركية المختلفة كانت مع الديمقراطية في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلّة بمقدار انفصال هذه "الديمقراطيات" عن قضية "التحرّر الوطني" وعن "مسألة الهوية العربية". وستكون الإدارة الأميركية الآن مع الديمقراطية في كل بلد عربي بمقدار بُعد هذه "الديمقراطية" عن "التحرّر الوطني" و"الهُويّة العربية"، وبمدى التزام الأنظمة الجديدة في بعض هذه الدول بالاتفافات السابقة مع واشنطن، وبما لا يؤثّر سلباً على العلاقات التي كانت قائمة بين هذه البلدان وبين إسرائيل!.

أليس مستغرباً مثلاً أن يتحدّث رئيس البرلمان المصري الجديد الدكتور سعد الكتاتني عن قضايا داخلية عديدة في مصر، لكن دون ذكر كلمة واحدة عن السياسة الخارجية المنشودة لمصر أو عن هُوية مصر ودورها العربي؟!.

إنّ القضايا التي تُحرّك الشارع العربي الآن تتمحور حول "الإصلاحات السياسية والاقتصادية" وقضايا الغلاء والفقر وفساد الحكم وانعدام فرص العمل أمام الجيل الجديد، وهي كلّها مسائل مرتبطة بالسياسة "الداخلية"، وهذا ما تدركه دول "حلف الناتو" ولا تمانع من تغييره. فما يهمّ الحاكم في واشنطن ليس من يحكم في بلدان المنطقة، بل بقاء هذه البلدان تسبح في الفلك الأميركي، والوفاء بالالتزامات التي كانت عليها الحكومات السابقة تجاه أميركا وتجاه إسرائيل أيضاً.

الشباب العربي استفاد ويستفيد من تجارب بعضه البعض في بلدان عربية مختلفة، وقد اتّبع إلى حدٍّ ما أساليب التحرّك نفسها، ولم ينتظر الأحزاب والحركات السياسية من أجل المبادرة والتحرّك والانتفاضة ضدّ النظام الحاكم.. كلُّ ذلك هو بالأمر الجيد والمهم، لكن الثورات وحركات التغيير ليست هدمَ ما هو موجود فقط بل هي بناءٌ لما هو مطلوب، وهذا يعني عملياً ضرورة الربط والتلازم بين الفكر والقيادة والأسلوب.

هنا مخاطر تغييب دور الفكر في عملية التغيير التي يقودها الجيل العربي الجديد، ومساوئ عدم الوضوح في ماهيّة "الأفكار" أو طبيعة "القيادات" التي تقف خلف "الأساليب" الجيّدة التي يقوم بها الشباب العربي المنتفض في أكثر من وطن عربي. إذ لا يجوز أن يرضى هؤلاء الشباب الذين يضحّون الآن بأنفسهم أن تكون "أساليبهم" السليمة هي لخدمة أفكار ومشاريع وقيادات غير سليمة، تسرق تضحياتهم وإنجازاتهم الكبرى وتُعيد تكرار ما حدث في السابق في المنطقة العربية من تغييراتٍ كانت تحدث من خلال الانقلابات العسكرية أو الميليشيات المسلّحة ثم تتحوّل إلى أسوأ ممّا كان قبلها من واقع.

المبادرة العربية عملية قيصرية لابد منها/ محمد فاروق الإمام

بعد أن ضاق العرب بالنظام السوري ذرعاً لم يجدوا بداً من سلوك الطريق الصحيح الذي يمكن أن يوقف تغوله بما يمتلك من أسلحة فتاكة ومدمرة في مواجهة الشعب السوري الأعزل، دون العدو الصهيوني الذي يحتل الجولان السورية منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد أعطوه الفرصة تلو الفرصة لوقف جرائمه البشعة التي يرتكبها بحق السوريين منذ ما يزيد على عشرة أشهر، وقد أسرف في القتل والتنكيل والقمع بأبشع صوره القذرة والسادية وبكل صلف وغرور وحمق وسفاهة وجنون، وقد استنفدوا كل الحلول العربية الممكنة مخافة الانجرار إلى حرب أهلية تكون لها تداعيات خطيرة على العرب ودول المنطقة.
ولم يكن اضطرار العرب إلى توافقهم على رحيل النظام ورأسه إلا السلوك الأرعن الذي تبناه هذا النظام السادي المتوحش، الذي يرفض كل الحلول السلمية التي يمكن أن توقف حمام الدم، وتفتح الباب أمام الشعب السوري لتحقيق تطلعاته وأمانيه، كباقي بني البشر، بانتزاع الحرية والفوز بالكرامة والوصول إلى الدولة المدنية التي يتساوى فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الطائفة أو المذهب، ويتحقق حلمهم بغد أفضل، ليس فيه قهر ولا عذابات ولا ملاحقات أمنية ولا اعتقال ولا إقصاء ولا نفي ولا تمييز ولا فاقة ولا جوع ولا تخلف ولا انكسارات أو هزائم، ويتداولون السلطة بشكل سلمي وآمن.
لقد طاف الكيل بالعرب من هذا النظام الذي يدعي القومية والعروبة وهو الذي يتمرغ في أحضان ملالي قم منذ العام 1979 وينحاز إلى طهران ضد العرب ومصالحهم القومية، ويدعي المقاومة والممانعة والوصاية وتبني القضية الفلسطينية ودعم منظمتها، ويمزق صفها ويذبح عناصرها ويشرد فصائلها ويحول بين المقاومة وبين حدود الكيان الصهيوني المغتصب حفاظاً على سلامة وأمن المستوطنين أبناء خؤولته.
وكان لابد للعرب بأن يقفوا أمام مسؤولياتهم تجاه ما يرتكبه هذا النظام من فظائع وجرائم بحق السوريين، وقد يأسوا من هذا النظام الأرعن الذي لا يستمع إلى صوت العقل من أي طرف يأتيه، فعادى الإخوة والأصدقاء، وانساق وراء غواية شيطانه، يفعل بنفسه وبشعبه أمر وأنكى مما يفعله العدو بعدوه، وكان لابد للعرب أن يحزموا أمرهم ويتخذوا القرار الصائب، للجم هذا النظام والعمل على إزاحته وإبعاده بعملية قيصرية لابد منها، فجاءت مبادرتهم الشجاعة التي تضمنت البنود التالية:
- "تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين تشارك فيها السلطة والمعارضة برئاسة شخصية متفق عليها تكون مهمتها تطبيق بنود خطة الجامعة العربية والإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية تعددية حرة بموجب قانون ينص على إجراءاتها وبإشراف عربي ودولي".
- "تفويض رئيس الجمهورية نائبه الأول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من أداء واجباتها في المرحلة الانتقالية".
- "إعلان حكومة الوحدة الوطنية حال تشكيلها أن هدفها هو إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي يتساوى فيه المواطنون بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ويتم تداول السلطة فيه بشكل سلمي".
- "قيام حكومة الوحدة الوطنية على إعادة الأمن والاستقرار في البلاد وإعادة تنظيم أجهزة الشرطة".
- "إنشاء هيئة مستقلة مفوضة للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون والبت فيها وإنصاف الضحايا".
- "قيام حكومة الوحدة الوطنية بالإعداد لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية على أن تكون شفافة ونزيهة برقابة عربية ودولية خلال ثلاثة أشهر من تشكيلها وتتولى هذه الجمعية إعداد مشروع دستور جديد للبلاد يتم إقراره عبر استفتاء شعبي وإعداد قانون انتخابات على أساس هذا الدستور".
لقد تقدمت الجامعة العربية بهذه المبادرة وهي تعلم علم اليقين أن النظام سيرفضها ولن يقبل بها، وهذا ما حصل، فقد أعلنت وكالة سانا صباح الاثنين 23 كانون الثاني رفض دمشق للقرارات الصادرة عن مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري واعتبرتها "انتهاكاً لسيادتها الوطنية وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية وخرقا فاضحاً للأهداف التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها". ولم يكتف هذا النظام برفض المبادرة بل راح يكيل للعرب التهم بالخيانة والتآمر، فقد نقلت وكالة أنباء النظام صباح الاثنين عن مصدر مسؤول فيه قوله: "إن سورية تؤكد إدانتها لهذا القرار الذي جاء في إطار الخطة التآمرية الموجهة ضد سورية من قبل أدوات تنفذ هذه المخططات التي باتت مكشوفة لجماهير شعبنا في سورية والوطن العربي".
أمام هذا التعنت والغرور لم يعد أمام الجامعة العربية إلا رفع مبادرتها إلى مجلس الأمن، ليتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الشعب السوري الذي ينزف دمه منذ ما يزيد على عشرة أشهر، قدم خلالها ما يزيد على ستة آلاف شهيد وأضعافهم من الجرحى والمفقودين والمعتقلين والنازحين والمهجرين.
وهذا ما أكد عليه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس اللجنة الوزارية الشيخ حمد آل ثاني اللذان سيتوجهان إلى نيويورك لتسليم الملف السوري إلى مجلس الأمن، ليتخذ القرار الذي يكف يد النظام السوري عن التغول بسفك دماء السوريين بالطريقة التي يفهمها هذا النظام، وقد سمعنا من عدد من زعماء العالم تأكيدهم على أن مجلس الأمن سيناقش هذا الموضوع خلال الأسبوع القادم بحالة مستعجلة، لإصدار قرار يدين النظام السوري على جرائمه بحق شعبه ويطلب منه وقف العنف فوراً والالتزام ببنود المبادرة العربية، ولا أعتقد أن روسيا صديقة النظام ستقف بمواجهة المجتمع الدولي إلى جانبه، وقد سمعنا المسؤول الروسي البارز ميخائيل مارجيلوف يقول: "إن موسكو لا يمكنها عمل المزيد للرئيس السوري بشار الأسد"، وهذا التصريح أشارة إلى بشار الأسد أن لصبر موسكو حدود، وعليه أن لا يفهم أن الموقف الروسي سيكون إلى جانبه إلى ما لا نهاية، وأعتقد أن روسيا لن تقف ضد أي قرار يتخذه مجلس الأمن لدعم المبادرة العربية، فموسكو هي من طرحت ما جاء في المبادرة العربية، وهي من طلبت من النظام السوري الموافقة عليها والالتزام الحرفي بتنفيذ بنودها، وأن رشوة شراء طائرات التدريب العسكرية هي الأخيرة التي يمكن أن يقدمها النظام المفلس إلى موسكو، وموسكو تعرف عجز النظام عن تقديم المزيد، وأنه عليها أن تدير ظهرها إليه وتبحث عن طرق أجدى نفعاً لسد جوعتها.
الأيام القابلة حبلى بما لا يشتهي رأس النظام السوري ويريد، ولا خلاص له من قفص العدالة الدولية التي ستكون بانتظاره لتقول فيه حكمها العادل جزاء ما اقترفت يداه من آثام وفواحش وجرائم بحق السوريين العزل، إن لم تسبق كل ذلك يد الشعب وتقتص من قاتلها كما حدث لطاغية ليبيا القذافي.

القدس تحتضر في زمن الخطابات العربية!/ مأمون شحادة

لم يكن يتوقع فخري ابو دياب ان عام 1967 المتزامن مع باكورة مراحله الابتدائية في المدرسة العمرية المطلة على المسجد الاقصى المبارك، سيشهد احتلالاً صهيونياً لمدينة القدس.
فمنذ ذلك العام وأبو دياب يطل على مسرى سيدنا محمد تماماً مثل باكورته التعليمية، وعيناه مليئة بالمشاهد العدوانية التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني لتهويد اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وها هو اليوبيل المقدسي لتلميذ المدرسة العمرية، السيد فخري ابو دياب، رئيس لجنة الدفاع عن بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى، يكتمل بعمره الخمسين عاماً، حيث رفض ان تقام له حفلة يوبيلية الا بين احضان مسرى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
اللافت للنظر ان الحزن كان مسيطراً على تقاسيم وجهه، تماماً مثل الافكار التي تضرب أخماس عقلي بأسداس الخطاب العربي والعين تعجز عن وصف المشهد التهويدي للمدينة المقدسة.
ما آلم تلميذ المدرسة العمرية ان بلدة سلوان المقدسية تتعرض لحملة تهويد شرسة من قبل سلطات الاحتلال في الوقت الذي يجهل فيه المجتمع العربي اين تقع تلك البلدة؟ واين حيثياتها ووجهتها في جسم الخارطة العربية؟
لم يستطع ذلك التلميذ ان يخفي ألمه وحزنه في كينونته الداخلية، فاخذ قلماً وورقة يعودان الى عصر كانت فيه الحروف العربية عُمَرية، ليكتب رسالة ممزوجة بتراب القدس لتحتضن الامة العربية كما هي بلدة سلوان الحاضنة "الجنوبية - والجنوبية الشرقية" لبلدة القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك.
ليس من الغريب ان نجد تلك البلدة بمحتواها التشابهي قريبة لمواصفات مدينة القاهرة باكتظاظها السكاني، حيث ان مساحتها 5640 دونما يسكنها 52000 نسمة، وكذلك حدودها الشمالية المحاذية لسور المسجد الأقصى المبارك وحتى محراب المسجد الاقصى من اراضي البلدة، متطابقة لـ"مكة" بقبلتها ووجهتها وقداستها.
وكما هي السودان سلة الغذاء للوطن العربي، فان البلدة تعتبر مصدر المياه وسلة الغذاء للبلدة القديمة في القدس، فهي اصل القدس القديمة وقد بناها اليبوسيون العرب، وبها حي الفاروق في جبل المكبر، حيث كبَّر الخليفة عمر بن الخطاب عند فتح القدس، وكانت سلوان وخاصة حي البستان وعين سلوان أول وقف في التاريخ الإسلامي، حيث وقفها الخليفة عثمان بن عفان لعبّاد ونسّاك وزوّار المسجد الأقصى، وعلى الرغم من انها مشابهة ومتطابقة لاخوة يسكنون الطرف الاخر من صخرة الاسراء وحدودها الاقليمية، الا انها تفتقد احتضان امة الضاد!،،، فأين الماضي العُمَري من حروف اعلنت الهزيمة بخطاب يعشق الشجب والاستنكار؟!.
توقف صاحب اليوبيل المقدسي عن الكتابة المغيّبة من عقل العروبة على امتداد خارطة الوطن العربي، وشرع يتفقد البلدة واحياءها المستهدفة من قبل نجمة صهيون واذرعها وادواتها، وايقن ان حي البستان، وحي وادي حلوة، وحي بطن الهوا، الاقرب من الناحية "الجنوبية- والجنوبية الشرقية" للمسجد الاقصى المبارك، ستتحول بسبب العجز العربي والاسلامي الى ما تسمى" بالحوض المقدس ومدينة داوود"، ليكتمل اول طوق حول المسجد الاقصى ليسهل عليهم تقويضه وهدمه، لاقامة هيكلهم المزعوم.
امام هذا العجز العربي امسكت صحيفة اخبارية وبدأت اقلب صفاحاتها فوقع ناظري على خبرٍ لم تكتبه تلك الصحيفة، "ان نجمة جابوتنسكي تحاول ان تجعل تلك البلدة البوابة الاولى لهيكل كيانها المزعوم!!".
هنا ادرك تلميذ المدرسة العمرية، السيد فخري ابو دياب ما يدور في كينونة عقلي، فتدخل مجيباً عن فحوى الخبر المغيّب من عناوين ومانشيتات الصحف العربية، قائلاً: ان وجود سلوان في خط الدفاع الاول عن المسجد الاقصى والبلدة القديمة، ولوجود اكبر كثافة سكانية قريبة من المسجد الاقصى، فقد بدأ الكيان الصهيوني منذ احتلال القدس بعمليات هدم لمنازل المواطنين، ورفض إعطاءهم تراخيص للبناء، واخذ يضيّق عليهم في كل مناحي الحياة، حتى وصل عدد المنازل التي هدمتها نجمة صهيون اكثر من 3000 منزل منذعام 67.
ولتنفيذ عملية التهويد فقد انشأ الاحتلال جمعيات استيطانية يهودية خاصة بالبلدة مثل جمعية العاد الاستيطانية، وتم منحها كل الدعم المادي والقانوني واللوجستي للاستيلاء على منازل المواطنين وأراضيهم، بتزوير كثير من الحقائق والمستندات وتحت كثير من المسميات والقوانين، مثل: قانون املاك الغائبين، واسترداد ارث الاجداد، والاراضي الاميرية.
وكانت الهجمة الاولى من قبل الجمعيات الاستيطانية على منازل مواطني البلدة عام 1990، حيث استولت جمعية العاد على منزل في وادي حلوة تحت قانون املاك الغائبين، والان وصل عدد البؤر الاستيطانية الى 56 بؤرة، يسكنها 1450 مستوطنا، منهم 400 في وادي حلوه و50 في بطن الهوا و1000 فيما يسمى مستوطنة" نوف هزيتيم".
ومنحت سلطات الاحتلال جمعية العاد السيطرة الكاملة على الأماكن الاثرية، كـ"عين سلوان والاملاك الوقفية"، وسمحت لها بحفر الانفاق، واغلاق بعض الشوارع، وتنفيذ المشاريع حسب مخططها ورؤيتها التلمودية: كالحدائق والمتنزهات، والقبور الوهمية، وخاصة في المناطق القريبة من المسجد الاقصى.
اخذت اضرب اخماساً بأسداس لكي استنتج من رسالة وحديث ابو دياب حقيقة تنفع الخارطة العربية للابتعاد عن هيامها الخطابي، ليعرفوا ان هدم حي البستان بالبلدة اصبح مسألة وقت، والقدس اصبحت مجرد عبارة تكتب في كتب التاريخ!!
تدخل صديقي المقدسي وقال لي: كن على قناعة!! ان الخطاب العربي يعرف تماماً ان الهدف من هدم حي البستان هو انشاء حدائق توراتية مطابقة لمواصفات المشروع التوراتي" اورشليم المقدسة"، الذي يسمونه بالحوض المقدس، وان هذا الخطاب المتحنط يعرف ان الصهاينة يريدون محو الهوية الاسلامية والعربية للقدس، وتغيير طابعها الجغرافي والديموغرافي، وطرد السكان المقدسيين الى مناطق بعيدة عن المسجد الاقصى، لتقليل عدد العرب في القدس الى أقل من 12% من مجمل سكانها بشطري المدينة حتى عام 2020، وهذا مايسمى بمخطط (20/20)، وهو يعرف ان تغيير وتحريف المناهج الدراسية في مدارس المدينة يندرج ضمن تهويد الانسان المقدسي وتهويد عقليته، لابعاده عن هويته العربية والاسلامية، وتحريف تاريخه وانتمائه لعروبته ودينه، ويعرف ايضاً ان الثورات العربية أدت الى تسارع وتيرة الاستيطان في القدس، لان المؤسسة الاحتلالية تريد أن تحسم الوضع الجغرافي على الارض، بسبب غياب معرفة النتائج المستقبلية لتلك الثورات.
كذلك يعرفون ان المؤسسة القضائية الصهيونية لا تختلف كثيراً عن الخطاب العربي، فالاحتلال يستعمل الامور القضائية كغطاء تجميلي، لذر الرماد في العيون، لاعطاء بلدية الاحتلال الوقت المناسب للتحضير اللوجستي والتقني للبدء بعمليات الهدم، تماماً – ولو في صيغة الاختلاف- مثل الخطابات العربية التي تمارس مشروعها النظري بعيداً عن التطبيق.
امام هذه الحقائق ادركنا سوياً ان تغيير وطمس معالم مدينة القدس، وسلخها عن ماضيها العربي والاسلامي هو لب المشروع التهويدي للمدينة، سيما وان شبكة الانفاق التي تحفرها سلطات الاحتلال كثيرة ومتجذرة كسرطان صهيوني، ولم يعلن الا عن 7 انفاق، 5 منها في سلوان تتهجه شمالا الى البلدة القديمة والمسجد الاقصى، وواحد في منطقة باب العامود متجها جنوبا الى المسجد الاقصى ويرتبط بشبكة الانفاق في سلوان عند حائط البراق، والآخر في منطقة عين ام الدرج في سلوان متجهاً الى المسجد الاقصى ثم غربا تحت القصور الاموية الى باب المغاربة ليصل الى بداية حارة الشرف وصولاً الى مايسمونه " متحف دافيدسون".
بالمقابل امام هذه المشاريع التهويدية، التي يواصلون الليل بالنهار بكل امكانياتهم ومقدراتهم، لا نجد اية استراتيجيات ولا سياسات حقيقية عند المؤسسة العربية الرسمية، ولا نسمع منها الا خطابات الشجب والاستنكار والشكوى للمؤسسة الدولية.
توقف صديقي ابو دياب عند باب العامود الذي يحتضن رافع الآذان وقارع الأجراس، وهو يرتجل مخاطباً الحدود الاقليمية والدولية: ايها الخطاب العربي المستتر، يا صاحب العبارات السريالية التجميلية، عليك تحمل مسؤولياتك، لتثبت ولو لمرة واحدة ان على الاحتلال ان يلتزم بالقانون الانساني والدولي، فكثير من المقدسيين كانوا يظنون انك – ربما- ضوء الامل في نهاية النفق المظلم، ولكن سرعان ما اكتشفوا انه ضوء الجرافة والآلية الصهيونية القادمة لهدم منازلهم وتشريدهم وطردهم واعتقال أطفالهم.

كاتب فلسطيني
wonpalestine@yahoo.com


الإحتراقيون/ علي مسعاد

صورة الشاب المعطل ، الذي أحرق نفسه بالرباط و التي انتشرت كالنار في الهشيم ، بالشبكات الاجتماعية و المواقع الإلكترونية كما القنوات الفضائية ، كشفت بالصوت و الصورة ، عمق المأساة التي يتخبط فيها ، مجموعة من الشباب الذين لم تتح لهم فرصة ، إيجاد عمل بعد مسار دراسي جامعي ، يقيهم مهانة السؤال و الذل و المهانة و الحكرة ، في مجتمع انقلبت فيه الموازين و المعايير و أصبح ماديا بامتباز .
وما الرسالة النارية التي أقدم الشاب العاطل ، على إيصالها للحكومة الجديدة ، من أجل التسريع بملف تشغيل المجازين و الحاصلين على دبلومات و شهادات عليا ، في الوظائف العمومية و الحكومية ، بعد أن ملوا من الوعود و التسويفات التي لم تعرف طريقها إلى العلن ، و بقيت حبرا على ورق و لعل الخطوة التي أقدم عليها ، هؤلاء المعطلون ، بعد الوقفات الاحتجاجية و النضالية الطويلة ، ما هي إلا ترجمة حرفية لقمة الحيف و السخط و الإحباط الذي عشعش طويلا في نفوس هؤلاء المعطلين الشباب ، على إمتداد الحكومات السابقة .
و شريط الفيديو ، الذي شاهده العديد من المبحرين، عبر الشبكة العنكبوتية ، و جاء ليكشف الوجه الآخر ، لمعاناة المعطلين الشباب لوضع حد لمأساتهم الإجتماعية ، ما هو إلا غيض من فيض ، و يأتي كخطوة لدق ناقوس الخطر ، أمام استفحال ظاهرة البطالة ، التي بالقدر الذي تفشت فيه ، بين صفوف الحاصلين على الإجازة و الدكتوراه و الماستر ، هي بالقدر نفسه الذي تغلغلت بين فئة الشباب ، الذين لم يسعفهم الحظ في إستكمال دراستهم و تكوينهم الأكاديمي ، لسبب من الأسباب ، و الذين غالبا ما يتم تغييب النقاش عنهم ، سواء في الصحافة المكتوبة أو حتى في الوقفات الإحتجاجية و النضالية العشرينية .
ما يفيد أن ظاهرة البطالة في صفوف الشباب ، هي في حاجة إلى مزيد من البرامج الحكومة ، و إعادة النظر في المساطر الإدارية و التمويلية ، التي تدفع بالشباب إلى عدم الإقبال على إنجاز مشاريع ذاتية ، بسبب البيروقراطية و تعقد مساطر التمويل
التي تحول دونهم ودون تحقيق أحلامهم في التشغيل الذاتي .
أما الانتحار و إشعال النار في الأجساد ، و إن كانت أسلوب من تاهت به السبل و أقفلت في وجهه كل الأبواب ، فإنها في اعتباري ، ليست هي الطريقة المثلى لمعالجة المشاكل ، لأنها أولا ، محرمة في الدين الإسلامي و ثانيا فإن إقدام الفرد على الانتحار لن يزيد المأساة إلا عمقا عوض حلها و ثالثا و هذا هو بيت القصيد ، لنفرض مثلا ، أن الحكومة استجابت لملفهم المطلبي ، فلن تجد إلا أجسادا معطوبة و نفوسا جريحة غير قادرة على العطاء بله الزواج و تربية الأبناء ووو .
وعدم اتفاقنا ، على الطريقة " البوعزيزية " في إيجاد الحلول ، فهذا لا يعني ، البتة أن واقع البطالة في المغرب ، لا يعتبر من بين الرهانات الكبرى و التي تتطلب معالجتها السرعة و الآنية ، تماما كالصحة و السكن و التعليم ، لأنها كلها أولويات و تبقى من أهم الملفات الضخمة ، أمام طاولة الحكومة الجديدة ، بالنظر إلى درجة إستفحالها و إنتشارها ، بين مختلف الفئات العمرية و الشرائح الإجتماعية ، فهي لست وقفا على شريحة دون أخرى أو فئة دون فئة ، وذلك لأسباب معقدة و متشابكة ، منها الأزمة الإقتصادية و طبيعة التكوين الجامعي و التي لا تتماشى و سوق الشغل فضلا عن عدد الشركات التي أقفلت أبوابها و طردت مشغليها و تفشي ظواهر مثل :" الرشوة و المحسوبية و الزبونية و الوساطة "، التي لم تزد الظاهرة إلا عمقا و تجدرا و دفعت بالتالي بالكثيرين إلى أنصاف الحلول ، كالبطالة المقنعة و شركات الوساطة و الهجرة عبر قوارب الموت أو عبر المخدرات ، إلا أن عدد العاطلين لم يزدد إلا ارتفاعا و تفشيا في المجتمع .
الحل هو مزيد من المشاريع و الاستثمارات الاقتصادية .
 

وساطة يعرف راعيها الأردني أنها فاشلة/ نقولا ناصر

(يمكن مجادلة وزير خارجية الأردن ناصر جودة في أن الرعاية الأردنية للمحادثات الفلسطينية الاسرائيلية هي حقا "مصلحة عليا" أردنية، لكن لا يمكن بالتأكيد إلا الاختلاف معه في قوله إنها ليست "وساطة"، فهي بكل المقاييس كذلك)

بعد عشرين عاما تقريبا من انطلاق "عملية السلام" وتوقيع سلسلة اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي و"التنسيق" الأمني وغيره تحت مظلة "الحكم الذاتي" الفلسطيني، تبدو مفارقة مثيرة للكثير من الأسئلة الجادة حول جدوى هذه العملية أن تجري في العاصمة الأردنية هذه الأيام، أو في غيرها لا فرق، محادثات "استكشافية" لاستشراف مرجعيات استئناف مفاوضات بين الجانبين بهدف انقاذ هذه العملية من انهيار كامل يكنس إلى مخلفات التاريخ كل ما تمخضت عنه حتى الآن.

لكن المفارقة الأكثر إثارة للاستهجان تكمن في أن راعي "الوساطة الأردنية" في هذه المحادثات "الاستكشافية" يعرف مسبقا أنها فاشلة، وتكمن في قلة قليلة تتحدى كل معطيات الواقع ناهيك عن مجافاة المنطق عندما تتوقع أن تنجح الرعاية الأردنية لهذه المحادثات في أن تحقق خلال أقل من شهر ما فشلت رعاية القوى العظمى الممثلة في اللجنة الرباعية الدولية في تحقيقه منذ إنشائها عام 2002، خصوصا بعد أن رفض الجانب الفلسطيني تمديد الموعد النهائي الذي حددته الرباعية في السادس والعشرين من الشهر الجاري، بالرغم من الضغط الأميركي عليه من أجل التمديد، في الأقل حتى الثالث من آذار / مارس المقبل كما يريد رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبالتالي ستكون الجولة الرابعة للمحادثات المقرر انعقادها في الخامس والعشرين من الشهر هي الأخيرة.

ويمكن مجادلة وزير خارجية الأردن ناصر جودة في أن الرعاية الأردنية للمحادثات الفلسطينية الاسرائيلية هي حقا "مصلحة عليا" أردنية، لكن لا يمكن بالتأكيد إلا الاختلاف معه في قوله إنها ليست "وساطة"، فهي بكل المقاييس كذلك.

إن تصريح وزير الحرب في دولة الاحتلال، ايهود باراك، يوم الثلاثاء الماضي بأن "المؤسسة الأمنية في اسرائيل" "تتوقع" و"تستعد" لمواجهة "فترة من عدم اليقين" في الضفة الغربية المحتلة يعزز الادعاء بالمصلحة الأردنية العليا لتسويغ رعاية هذه المحادثات، لكن تصريح رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، د. عزيز الدويك، بعد اعتقال سلطات الاحتلال له نهاية الأسبوع الماضي بأن مشاركة منظمة التحرير في محادثات عمان هي "خروج عن الشراكة السياسية" مع حركة حماس التي ينتمي اليها هي مؤشر في الاتجاه المضاد، إذ تكمن المصلحة الأردنية العليا في وحدة الصف الفلسطيني.

وحلل ويحلل كثير من المراقبين بأنها وساطة تسد الفراغ الناتج عن وساطة نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك التي ظلت طوال ثلاثين عاما من حكمه دورا مصريا مرفوضا شعبيا داخل مصر، ومستهجنا قوميا لأن الدور الذي كان وما زال كل العرب يتوقعونه من الدولة العربية الأكبر والأقوى هو دور يدعم الكفاح الوطني لعرب فلسطين ولا يتوسط فيه.

ومن المؤكد أن أي دور أردني يرث دور نظام مبارك، حتى ولو لمرة واحدة ربما اقتضتها "المصلحة العليا" الأردنية ومستجدات اقليمية ودولية، هو دور لن يكون مرحبا به لا شعبيا داخل المملكة ولا عربيا، ف"الربيع العربي" الذي استهدف أولا نظامين في مصر وتونس كانا يلعبان دور "الوساطة" هذا قبل أن ينحرف هذا الربيع باتجاه أنظمة تعارض المرجعيات والفلسفة السياسية التي تسوغ أي وساطة كهذه هو مؤشر لا يخطئ إلى أين تشير بوصلة نبض الشارع العربي، وبخاصة الأردني والفلسطيني منه.

لكن إغلاق بوابة عمان أمام نتنياهو حتى الآن، خلافا لفتح ابواب القاهرة له في عهد حسني مبارك، وعدم وجود سفير اردني في تل ابيب منذ عامين ونصف العام، مما دفع رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بالكونجرس الأميركي اليانا روس - ليهتاينن الى مطالبة الملك عبد الله الثاني خلال استقباله لها أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن بتسمية سفير اردني لدى دولة الاحتلال، هما مؤشران يرجحان بأن استحقاقات العلاقات الثنائية الأردنية – الأميركية والمستجدات الاقليمية كانا عاملين حاسمين لقيام الأردن بهذه الوساطة، كما يرجحان بأن تكون هذه وساطة يتيمة لمرة واحدة لن يشجع على تكرارها لا فشلها، ولا الرفض الشعبي الأردني لها، ولا رد الفعل السلبي الفلسطيني عليها، ولا عدم صدقية التجاوب معها من الجانب الاسرائيلي الذي استغلها كثغرة تكسر طوق العزلة الدولية عليه، وغير ذلك من العوامل.

إن الملك عبد الله الثاني عندما قال في مقابلته الأخيرة مع الواشنطن بوست إن الوقت الحالي ليس هو الوقت الصحيح لدفعة أميركية هامة لمحادثات السلام مضيفا ان لا أحد من الأطراف المعنية يتوقع أن يتدخل الأميركيون الآن بقوة وبوزن كامل إنما أكد بأن الدبلوماسية الأردنية عندما قررت رعاية محادثات كهذه فإنها كانت تعرف سلفا بانها تفتقد العامل الأهم لنجاحها في حده الأدنى وهو الدور الأميركي المفقود، مما يرجح صحة الاستنتاج بأن هذه المبادرة الأردنية إنما كانت تستهدف خدمة مصالح المملكة في إطار علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية أكثر مما كانت تستهدف حقا إنجاح محادثات تعرف مسبقا بانها تفتقد العوامل الأساسية لنجاحها.

وعندما يتذكر أي مراقب بأن الملك الذي كان دقيقا في قوله للواشنطن إنه كان "حذرا في القول إنني متفائل بحذر" من جولات المحادثات "الاستكشافية" بين المفاوضين الفلسطنيين والاسرائيليين برعاية بلاده كان دقيقا أيضا عندما وصف ما أنجزته هذه المحادثات بأنه "خطوات أطفال".

فهذا الوصف المجازي فيه من الدقة بقدر ما فيه من السخرية المبطنة، فخطوات الأطفال ليست ثابتة ومتعثرة ويمكن أن تسبب وقوعهم في حوادث قد تكون أحيانا قاتلة، فهذه كذلك هي مواصفات "خطوات" من تقدم بهم أرذل العمر أيضا، ومن يشاركون في المحادثات الجارية برعاية أردنية هم مفاوضون بلغوا أرذل العمر التفاوضي الذي ضيعوه عبثا، وقد تعثر الفلسطينيون منهم في شبابهم التفاوضي فوقعوا وأوقعوا قضيتهم الوطنية في سقطات كارثية كانوا طوال العام المنصرم وما زالوا يحاولون البحث عن مخارج منها وبالتالي فإنهم على الأرجح لن ينجحوا بعد ان هرموا تفاوضيا في تحقيق ما فشلوا في تحقيقه وهم في عز شبابهم التفاوضي.

ويظل أن يفسر العاهل الأردني في وقت ما في المستقبل ما إذا كان يقصد أو لا يقصد هذه السخرية المبطنة في انتقائه لكلماته.

لكن المراقب يتذكر بان الملك "الحذر من التفاؤل بحذر" الآن هو نفسه الذي قال في مقابلة مع ال"سي ان ان" قبل حوالي ثلاثة أشهر فقط إنه كان لأول مرة "متشائما جدا" من فرص إنهاء الصراع العربي الاسرائيلي، "لأن إسرائيل ليست مهتمة حقا بحل الدولتين"، ليتذكر المراقب أيضا بأن مستجدات هذه الشهور الثلاثة الأخيرة أضافت إلى عوامل التشاؤم ولم تنقصها، مما يعزز الاستنتاج بأن المبادرة الأردنية إنما استهدفت خدمة مصالح المملكة في إطار علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة، الحريصة على توفير أدوار تبقي "عملية السلام" التي ترعاها منذ عشرين عاما مستمرة في المراحل التي تنشغل فيها عنها بالانتخابات أو بغير الانتخابات، أكثر مما استهدفت إنجاح محادثات تعرف مسبقا بانها تفتقد العوامل الأساسية لنجاحها.

إذ إضافة إلى حقيقة أن "لا أحد من الأطراف المعنية يتوقع أن يتدخل الأميركيون الآن بقوة وبوزن كامل" في جهود استئناف "عملية السلام"، كما قال عبد الله الثاني، فإن العوامل الأساسية الأخرى التي تدفع في الاتجاه المعاكس ليست غائبة بالتأكيد عن صانع القرار الأردني ودبلوماسيته الذين يعرفون كذلك بأنه لولا التدخل الأميركي لما كانت هناك عملية سلام أصلا وأن عدم التدخل الأميركي معناه فقط توقف هذه العملية إن لم يعن موتها.

فهم يعرفون بأن عام 2012 هو سنة انتخابية في الولايات المتحدة، وأن الانتخابيات الاسرائيلية على الأبواب كذلك، ويعرفون بأن "قضية سورية هي الهم الرئيسي" للادارة الأميركية خارجيا الآن، كما قال الرئيس باراك أوباما بعد لقاء قمته مع الملك عبد الله، وليس القضية الفلسطينية، يليها اهتمامها باستمرار التزام مصر ما بعد مبارك بسلامها مع اسرائيل وبعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، كما ضعف الدور الأوروبي عما كان عليه قبل خمس سنوات وبالتالي ضعف تأثيره في كبح الانحياز الأميركي السافر لجدول الأعمال الاسرائيلي في "عملية السلام"، بينما يبدو المشهد الفلسطيني الذي ارتهن لهذه العملية طوال العقدين المنصرمين من الزمن على مفترق طرق يحث الخطى نحو فك ارتباطه بها بالرغم من استمرار الرئيس الفلسطيني في التمسك بهذه العملية كالقابض على الجمر، إلى غير ذلك من العوامل التي تدفع باتجاه الانفكاك العربي الاقليمي عن هذه العملية.



فهذه العملية التي قامت على أساس مبادلة الأرض بالسلام قد انهارت، أو هي على وشك الانهيار، بنسف الأساس الذي قامت عليه بواسطة الجرافات الاسرائيلية التي تمهد الأرض لتهويدها بالاستعمار الاستيطاني المتسارع في الضفة الغربية المحتلة.



وقد حان الوقت لدفن "عملية السلام" التي يمنع استمرارها، أو خلق الوهم باستمرارها، ظهور بدائل جادة لتحرير الأرض وإنهاء احتلالها وحصول شعبها على حقه في تقرير مصيره فوق أرضه، بحيث تبدو أي وساطة لاستمرار هذه العملية، أو لبعث الحياة في رميمها، من أجل الحفاظ على الوضع الراهن المستمر منذ انطلاق عملية السلام قبل حوالي عشرين عاما، والذي تكاد تجمع كل أطراف العملية على كونه وضعا غير قابل للاستمرار، مجرد محاولة يائسة تسير ضد حركة التاريخ، ومنها طبعا الوساطة الأردنية التي يعرف أصحابها بأنها محكوم عليها بالفشل قبل إطلاقها.



لذلك سوف يجد من يتساءل عن الحكمة من إطلاق الوساطة الأردنية في هذا السياق أجوبة على تساؤلاته في علاقات الأردن الثنائية مع الولايات المتحدة على الأرجح.



*كاتب عربي من فلسطين

*nassernicola@ymail.com


بعد ان وضعت انتخابات الشعب اوزارها بدأت الشوري بجنوب سيناء/ نبيل عواد المزيني

مرت اول تجربة ديمقراطية لانتخابات مجلس الشعب في جنوب سيناء بمخاض عسير ، بعد ان تم صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية قضى بإلغاء الانتخابات التي جرت في اوائل يناير بجنوب سيناء ، وكان ذلك نتيجة تقدم 12 مرشحا بالطعن على نتائج الجولة الأولى من المرحلة الثالثة ، وتمت الاعادة والتي اسفرت عن فوز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين بمقعدين فى القوام الحزبية لكل من المرشحان عبد اللة الدسوقى واحمد قاسم وفوز قائمة حزب الاصلاح والتنمية بمقعد للمرشحة فضية سالم عبيد الله بنت قبيلة مزينة اكبر وأقوي قبائل جنوب سيناء ، وفوز حزب الوفد بالمقعد الرابع للقوائم الحزبية للمرشح احمد وهدان من الوافدين المقيمين بجنوب سيناء ، أما النظام الفردى فقد أسفرت النتائج عن فوز المرشح الفردي لحزب النور السلفي محمد فراج سالم موسي فئات الذي ينتمي لقبيلة بني واصل ، وفوز المرشح غريب أحمد حسان عمال ابن قبيلة المزينة ، والذي جاء فوزة مطابقا لتوقعات الكاتب في مقال بعنوان "يوم الحسم للمعركة الانتخابية بجنوب سيناء" .

وفور إعلان النتائج خرج انصار المرشحين الفائزين في تظاهرات احتفالية ، فقد طافت تظاهرة أحياء المناطق السكنية بمدينة الطور حتي الساعات الأولي من الصباح للتعبير عن فرحتهم بفوز النائب غريب حسان للمرة الثانية على التوالي بمقعد العمال في مجلس الشعب ، في حين قام ابناء ربع ولاد علي من قبيلة مزينة في مدينة نويبع ووديانها بذبح الذبائخ وإقامة الولائم للاحتفال علي الطريقة البدوية بفوز النائبة فضية سالم عبيد الله بنت قبيلة مزينة بمقعد فئات في مجلس الشعب ، وقد جاء فوز النائبة فضية مصدقا لتوقعات كاتب هذة السطور في مقال نشر قبل الانتخابات بعنوان "هل تحصل المرأة السيناوية علي مقعد في برلمان الثورة " .

وما كادت الاحزاب والقبائل البدوية يجنوب سيناء تلتقت انفاسها من عناء الحملات الانتخابية لمجلس الشعب حتي بدأت في الاستعداد لانتخابات مجلس الشوري ، يقول احد شيوخ مزينة في منطقة الطور "قبل ان يتم انزال لافتات مرشحين مجلس الشعب رفعنا لافتات مرشحين مجلس الشوري " كما بدأت القبائل في حشد الدعم والتأيد لمرشحيها من خلال الاجتماعات وعقد التحالفات رغم برودة الجو وانخفاض درجة الحرارة علي مختلف ارجاء سيناء .

ويتقدم الي انتخابات مجلس الشوري التى ستعقد نهاية الشهر الجارى بجنوب سيناء مجموعة رائعة من ابناء سيناء المرموقين نري في طليعتهم المحامي صالح عودة من مدينة الطور الذي ينافس علي مقعد الفردي فئات وهو ابن قبيلة مزينة ، وسلام مدخل سليمان بالمعاش فئات من قبيلة العليقات ، ورمضان رويبض صباح ينافس علي مقعد العمال ضمن قائمة الحزب العربي للعدالة والمساواة ، ويحيي بدر عويد عمال فردي ، وحمد سلامة سالم فئات علي قائمة حزب الوسط من قبيلة الترابين ،وضيف الله أحمد رشدان فئات مستقل من قبيلة الحويطات ، وحميد محمد خضير فئات مستقل من قبيلة اولاد سعيد ،

وايضا من مدينة دهب جمعة زيدان فرج محامى مستقل. ومن شرم الشيخ أحمد سائق عفيفى مقعد (فئات) ، ومن قائمة حزب الحرية والعدالة حسنى محمد محمد حسن (فئات) و فوزية معوض إسماعيل (عمال) ، وقد دخل الشيخ عبد الحليم محمد خليل الجمال "فئات" علي قائمة حزب النور السلفي بعد ان اعلن خالد أبو حسين انسحابة من المارثون ، ومن قائمة حزب الوفد سليمان عطيوي محمد "فئات" وغيرهم الكثير، وسوف نكتب بالتفصيل عن جميع مرشحين مجلس الشوري بجنوب سيناء في مقالنا القدم مع توضيخ أيهم اوفر حظا ، مع تمنياتنا لجميع المرشحين فردي وقوائم بالتوفيق .


الباحث. نبيل عواد المزيني
رئيس مركز المزيني للدراسات والابحاث
وسفير الجمعية المصرية لعلوم وابحاث الاهرام بأمريكا