ليست المرة الأولى التي تقترف فيها قوات الاحتلال الصهيوني مجزرة دامية وبشعة بحجم مجزرة حي الشجاعية في غزة ، فسياسة القتل والذبح والتصفيات الجسدية الجماعية فن تحترفه وتتقنه الصهيونية ، وتاريخها الطويل حافل بالجرائم والمجازر الدموية التي لا تنسى ضد الفلسطينيين ، بدءاً بدير ياسين وقبية والدوايمة مروراً بكفر قاسم وصبرا وشاتيلا ومخيم جنين وصولاً إلى مجزرة الشجاعية ، عدا الجرائم التي ترتكبها بحق المدنيين العزل خلال عدوانها البربري الغاشم المتواصل ضد قطاع غزة . ولكن هذه المجزرة الدموية التي يندى لها الجبين ، هي تتويج للجرائم الصهيونية ضد الإنسانية ، وقد فاقت في فظاعتها وهمجيتها ما يعجز القلم عن وصفه والتعبير عنه .
إن حي الشجاعية على الدوام كان حاضراً في قلب المعارك وخضم الحروب التي شنتها المؤسسة الإسرائيلية ، إنه يتصدر الأحداث ، ويتقدم صفوف المقاومة والتصدي للغزاة ، ويقدم أروع آيات وملاحم الصمود والتحدي والقتال . وهو الآن يعيش مأساة حقيقية بعد المجزرة الدموية البشعة التي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والضحايا والجرحى ودفعت بأهله الخروج والنزوح عنه خوفاً من اقتراف مجزرة أخرى بحقهم . ومن الملاحظ أن قوات الاحتلال تعمد استهداف المدنيين الأبرياء والعزل ، واستهداف المستشفيات ومساكن ذوي الاحتياجات الخاصة ودور العبادة وبيوت السكان دون أي وازع أخلاقي وإنساني وقانوني ، وذلك كأداة ضغط على قوى وفصائل المقاومة لرفع راية لاستسلام .
لقد تحولت غزة العزة والإباء إلى مقبرة للغزاة ، وهي عصية على الكسر ، لن تنهزم ، ولن تموت . إنها تعرف الزمن العربي الأخرس ، وتعرف العواصم وملوك وحكام العرب المتخاذلين المتآمرين والمتأمركين ، وتعرف أنها هدفاً للتصفيات الإقليمية ، وأن لا خيار أمام شعبها سوى الصمود في المعركة دفاعاً عن الكرامة والمستقبل والمشروع الوطني الفلسطيني . فمهما تمادوا وارتكبوا من مجازر وجرائم "فلن يقبروا شعباً فجر المقابر وانبعث عملاقاً "، ويا إله الحرب قف على بحر غزة وخذ معك كل المهزومين وكل الرداحين ، وابصق على كل المتطاولين ، وارم حذائك بوجه توفيق عكاشة وجوقة المحرضين . ولنصرخ جميعاً : أوقفوا المجازر ، أوقفوا الحرب والعدوان ، أوقفوا شلالات الدم القاني، ارفعوا أيديكم عن شعبنا المحاصر، اجنحوا للسلام والخيار السياسي وانسحبوا من الوطن الفلسطيني ، فلن تجنوا شيئاً من هذه الحرب الخاسرة سوى الخيبة ، وكما قال شاعرنا سميح القاسم :
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
يموت فينا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن قضاء مبرم .
0 comments:
إرسال تعليق