في ذروة التخبط والإنفعال وردات الفعل غير المنضبطة والمتسرعة،والتي جاءت على خلفية الهجمات الواسعة والكبيرة والمنسقة التي نفذتها ما يسمى بالقوى الجهادية والسلفية من عصابات إجرام وقوى إرهابية مدعومة من الخارج ضد وحدات الجيش المصري في العريش وسيناء،والتي طالت اكثر من موقع ومقر وكتيبة عسكرية،مخلفة عشرات الشهداء من الجيش وأكثر من ذلك بكثير من الجرحى،إتخذت محكمة مصرية ليست ذات إختصاص حكماً بدائياًً بإعتبار كتائب القسام الجناح العسكري ل"حماس" مجموعة "إرهابية"... وانا لا اعتقد بان مثل هذا القرار يخدم العلاقة التاريخية بين مصر والشعب الفلسطيني،وهذا القرار بالقدر الذي يسيء لمصر فهو يسيء للشعب الفلسطيني،ومهما كانت حدة أو هوة الخلاف السياسي بين "حماس" والنظام المصري،فمثل هذا القرار يفتح الطريق على مصرعيه أم القوى المعادية لوسم النضال الوطني الفلسطيني وقوى المقاومة الفلسطينية ب"الإرهاب".
وفي الوقت الذي بات فيه الان مطلوب من "حماس" ان توضح موقفها بشكل واضح ولا يقبل التاويل بشان ما يجري في مصر وتحديدا في سيناء،حيث أن إستهداف الجيش المصري يندرج في إطار المشروع المعادي،مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي الرامي الى ضرب حوامل المشروع القومي العربي في عصبه ودوله المركزية العراق الذي جرى تدميره وسوريا الحلقة التي اوقفت زحف هذا المشروع نحو مصر،ومصر التي تجري محاولات حثيثة لتحطيم وتفكيك جيشها كما حصل في العراق ويحصل في سوريا الان.
حماس رغم ما يربطها من علاقات وروابط فكرية وسياسية وتنظيمية مع حركة الإخوان المسلمين،فعليها أن تراجع هذه العلاقة بشكل جدي وحقيقي،وتقدم الوطني على الأيديولوجي،وان تقدم مصلحة الشعب الفلسطيني على أي مصالح أخرى،فموقفها الداعم للنظام السابق في مصر،نظام مرسي والإخوان" وعدم إعترافها بالنظام الجديد في مصر،وكذلك عدم إعتبارها ما يجري في مصر وسيناء اعمال إرهابية تستهدف مصر جيشاً وجغرافيا وامناً وإستقراراً ودوراً،وإستمرار إحتضانها لمجموعات ممتاز دغمش المسماة بالسلفية الجهادية،والمسؤولة بشكل مباشر مع قوى إرهابية أخرى عن ما يجري من جرائم وإعتداءات على الجيش المصري في سيناء،يجعل العلاقات المصرية – الحمساوية،يشوبها الكثير من الريبة والتشكك وفقدان الثقة،وهذا يفتح المجال امام المصريين لتوجيه إتهامات لحركة "حماس" بالمشاركة فيما يجري من أعمال إرهابية وإعتداءات ضد مصر والجيش المصري،وتعميق الخلافات المصرية – الحمساوية يلقي بظلاله على مصالح اهلنا وشعبنا في قطاع غزة،فما تقوم به مصر من إجراءات وممارسات على الحدود من هدم وتدمير للأنفاق والمنازل،وإغلاق لمعبر رفح وتشديد الإجراءات والقيود تحت حجة وذريعة حماية امنها وحدودها في وجه الجماعات الإرهابية،من شانه ان يعقد ويصعب من ظروف الحياة على اهلنا وشعبنا في القطاع،ويعطل مصالحهم وصلتهم بالعالم الخارجي.
الفرصة كانت مؤاتية ل"حماس" بعد الإعتداءات الكبيرة والواسعة والمنسقة التي شنتها القوى الإرهابية على الجيش المصري في سيناء والعريش،لكي تأخذ مواقف واضحة من ما يجري في مصر،بحيث تاكد على وحدة الأراضي المصرية،ورفضها القاطع وإدانتها لكل الأعمال الإرهابية التي تستهدف الجيش المصري،وإستعدادها للعمل مع النظام المصري،من اجل قطع دبر الفتنة وملاحقة الإرهابيين والمجرمين،ولكن يبدو أن "حماس" ردت على الخطأ المصري الفاضح بخطأ اكبر،حيث انبرى قادة "حماس" السياسيين والعسكريين منهم،لكيل الإتهامات لمصر،والحديث عن إنتهاء دورها وعلاقتها بالوساطة بين "حماس" والعدو الإسرائيلي،وذهب احد قادة القسام إلى ما هو أبعد من ذلك،بالقول بان مصر دخلت في "خانة" العدو.
بالقدر الذي نعتبر فيه القرار المصري خطير وضار بالنسبة لمصر قبل فلسطين،فإن مواقف حركة حماس الملتبسة والضبابية وغير المنسجمة،تبعث برسائل سيئة وتثير الكثير من الريبة والشكوك عند المصريين،فاليوم "حماس" احوج ما تكون فيه لكي تراجع علاقتها بالإخوان وبالنظام المصري،فحكم الإخوان قد ولى في مصر الى غير رجعة،وهناك الان في مصر نظام جديد على حماس الإعتراف بشرعيته والتعاطي معه،وليس العيش على الأطلال،وخاصة بأن محور السعودية – الإمارات قد اعتبر حركة الإخوان حركة إرهابية،وشمل هذا القرار حتى الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بها في الخارج،ورغم تمرد قطر على المصالحة بينها وبين مصر التي رعتها السعودية،فمن غير المستبعد أن تمارس ضغوط قوية على قطر،لكي تلتزم بشروط المصالحة،والتي من ضمنها طرد قيادات الإخوان المصرية الموجودة في قطر،وتسليم عدد منها لمصر،وحماس شئنا ام بينا ستتأثر من تلك القرارات،وإن كانت طبيعة الصراع والمواجهة مع المحتل الإسرائيلي،تعيق وتعطل سحب مثل هذه القرارات على حركة "حماس"،ولكن هذا يجب ان يشعل الضوء الأحمر أمام حركة"حماس" لكي توضح المسافة بينها وبين حركة الإخوان المسلمين،وان تكون قراراتها نابعة من مصالح شعبنا الفلسطيني،وليس مصدرها ووظيفتها خدمة مصلحة الإخوان،على "حماس" فك علاقتها بالإخوان التنظيمية والأيديولوجية،ويجب ان تكون مسافة واضحة بين قراراتها وقرارات حركة الإخوان المسلمين،ولا يحق ل"حماس" أن تدمر وتقامر بمصالح شعبها في سبيل رهن مواقفها ومصالحها بمواقف ومصالح حركة الإخوان المسلمين.
كتائب القسام عليها ان لا تنساق الى أية ردات إنفعالية،فهي حركة مقاومة واعية ،هدفها الدفاع عن قضية وحقوق شعبنا،وسلاحها يجب ان يبقى له وجهة واحدة،ولذلك عليها ان تلعب دوراً فاعلاً في تصويب موقف "حماس" مما يحدث في مصر،على قاعدة المراجعة للموقف،وبما يخدم مصلحة الشعبين المصري والفلسطيني،وبأن هناك نظام مصري جديد على "حماس" ان تعترف به وتتعامل وتتعاون معه،فليس من مصلحة "حماس" او شعبنا إستعداء النظام المصري،بل يجب العمل على تطوير العلاقة معه بما يخدم قضيتنا وشعبنا.
0 comments:
إرسال تعليق