لقد احتجت من الوقت لإجراء ترتيبات حفلة خطوبة ابني شادي شهراً كاملاً ما بين دعوات وحجز قاعه وغيرها،وحتى في هذا الوقت كانت هناك هفوات وثغرات،هناك من عتب علي لعدم دعوته،وهناك من لم تسعفني الذاكرة بدعوته،وكيف بمجلس لم يعقد منذ عام 1996 لم يعرف عدد اعضاءه من منهم اضيف لمرة واحدة لحين الطلب ولغرض واحد محدد المصادقة على تعديل الميثاق الوطني، ومن منهم عضو،ومن منهم متوفي او اصابه الخرف ويبول على حاله،ومن منهم لم يعد يعبر عن وجهة نظر حزبه او التنظيم الذي انتدبه لعضوية هذا المجلس،ورئاسة المجلس المكلفة بالتحضير لعقد دورة عادية لما يزيد عن 714 عضو،أكثر من البرلمان الصيني يتوزعون على كل جغرافيا العالم،تحتاج لوقت لا يقل عن ثلاثة شهور من اجل التحضير واعداد التقارير وتوزيع الأوراق على الأعضاء وأخذ ملاحظاتهم وردودهم...الخ،وما هو جدول الأعمال ...الخ.
ولكن كل ذلك غير مهم فاللحظة مصيرية وبحاجة لقرارات مصيرية؟؟؟،وسبحان الله كل المنعطفات الخطرة والحادة والخطيرة التي مرت وتمر بها قضيتنا الفلسطينية لم تستدعي عقد دورة جديدة للمجلس الوطني، والآن المستجدات والتطورات خطيرة وبحاجة الى جلسة مجلس وطني،بداية كانت استثنائية،وحيث انها لم تعارضت مع مقاسات واهداف الداعين لها بإخراج المناكفين أو من يراد طردهم او ركنهم للتقاعد،استعيض عن ذلك بدورة عادية تؤدي الغرض والهدف.
واذا كانت الحجة والذريعة الإصلاح والتغيير والتطوير في بنى وهياكل ومؤسسات منظمة التحرير المتيبسة منذ عقود بفعل من جعلوا السلطة" تتغول" عليها وتجوفها وتسطي على صلاحيتها ودورها.
فالدعوة للتجديد والإصلاح في منظمة التحرير ليست بالجديدة،وأظن من بعد تأسيسها ومجلسها الوطني الثالث،ودائماً كانت الجبهة الشعبية ترفع شعار الإصلاح في المنظمة،ولكن هذا الشعار كان يذهب أدراج الرياح،فلا الجبهة قادرة على فرض ذلك ولا القيادة المتنفذة كانت تقبل بذلك،أي كما يقول المأثور الشعبي " طبل عن أذن أطرش".
الحجة التي يتسلح بها الذين طبخوا ويطبخون دورة المجلس الوطني على عجل،أن حماس والجهاد ترفضان المشاركة في الدورة القادمة،وبأن حماس تدير مفاوضات متقدمة مع "اسرائيل" لتمرير مشروع سياسي يؤدي الى دولة في حدود مؤقتة،ويفصل جناحي الوطن،وهذه الحجة والذريعة لا تتسم بالصدقية،حيث لم تبذل أية جهود جدية وحقيقية لإشراك حماس والجهاد في المنظمة.
بدون لف او مواربة وخداع وتضليل،فهذه الدورة ليس لها علاقة لا بالوحدة الوطنية،او المصالح العليا للشعب الفلسطيني،او تجديد المنظمة وتفعليل هيئاتها وتطهيرها من الأدران والطحالب الفاسدة المعشعشة في كل ركن وزاوية من زواياها،أو إنهاء الإنقسام،بل هي ستعمل على تعميق وتكريس وتسييد الإنقسام،وحتى أبعد من ذلك تقسيم المقسم.
هذه الدورة فقط لها وظيفة محددة،وحيده واحدة،هي إحكام الدائرة الضيقة المغلقة المحيطة بالرئيس وتشديد قبضتها على القرار الفلسطيني وطنياً وفتحاوياً،وطرد كل المشاغبين والمناكفين او الطامحين في التغيير بخلاف وجهة نظر او رؤية هذا الفريق،وكذلك على غرار الأنظمة العربية الأخرى،في عهد قبل ما يسمى ب"ثورات" الربيع العربي التمهيد للخلافة والتوريث.ونحن لا نقول بأن أبناء حركة حماس أنبياء وليس لديهم اخطاء،وليسوا بالبريئين من تعطيل مسار المصالحة،او ليسوا طلاب سلطة والإستئثار بها،فهم في سبيل ذلك راهنوا على سيطرة الإخوان على الحكم في مصر،والآن يراهنون على محادثاتهم ومفاوضاتهم مع "بلير" والتهدئة المستديمة أو المستدامة،ولذلك هي تتحمل المسؤولية الى جانب فتح والفصائل الأخرى في عدم تحقيق المصالحة،ولكن من اجل تحقيق ذلك كان حرياً بمن يستعجلون عقد دورة المجلس الوطني،المبادرة الى تفعيل الإطار القيادي المؤقت،هذا الإطار على علاته،يضم كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،ويشكل قاعدة وأساساً للحوار الفلسطيني- الفلسطيني،ويمكن إذا خلصت النوايا وغلبت مصالح الوطن على المصالح الفئوية والخاصة أن يؤدي إلى واد الإنقسام،ولكن بقي وجود هذا الإطار شكلاني لا قيمة لوجوده.
حتى لو جدلاً تريد حركتي حماس والجهاد المشاركة،فسنجد بأن الجغرافيا ستكون عائقاً أمام مثل هذه المشاركة،فالوصول الى رام الله قد لا كون متاحاً لأهل رام الله،فكيف بالموجودين في قطاع غزة؟؟؟.فالإحتلال هو من يسيطر براً وبحراً وجواً وتنقلاً وحركة.
حتى لو سلمنا جدلاً أنه من الصعب الآن جلب حماس للمشاركة في جلسة المجلس الوطني،فكما يقال دورة "تاريخية" في لحظة "تاريخية" فارقة بحاجة الى إعداد طويل ومعمق،لكي تكون هناك نتائج عملية مقنعة للجماهير،بأن هناك تغيرات جدية في البنى والهياكل والمؤسسات وآلية التفعيل واتخاذ القرار،وفي البرامج والرؤى والسياسات،وليس فقط مجرد تغييرات شكلانية،في الشخوص والمواقع والأسماء،وإعادة انتاج الطبقة السياسية "الجهذبية" و"الألمعية" ذاتها المسؤولة بشكل مباشر عن الأزمة البنيوية للمشروع الوطني.
الذين يريدون من حماس والجهاد ان يلتحقوا في هذا الإطار المثقوب،ماذا تبقى منه؟؟ كل هياكله ممسكة بها مؤسسة الرئاسة وأمانة سر المنظمة الجديدة،ودورها منذ قيام السلطة بعد اوسلو اختزل كممثل شرعي وحيد،بدور وظيفي ضيق انتهازي،يدعى وقت الحاجة،من أجل غرض او غاية محددة في الغالب لا تمت بصل للحقوق والمصالح العليا لشعب الفلسطيني.
اسرائيل ومن خلفها أمريكا والغرب الإستعماري سعوا لتقويض المنظمة وتفريغها من محتواها،
ومنذ قيام سلطة أوسلو "تغولت" وأستولت على دور وصلاحيات المنظمة،وفرغت وجوفت بناها وهياكله.ولذلك سعوا من أجل إحلال السلطة محل المنظمة لكي يتخلصوا من قضية اللاجئين،فبقائها وبقاء مخيمات اللجوء،يعني بقاء قضية حق العودة واللاجئين حية وقائمة في وعي وذاكرة شعبنا،ولذلك هم يريدون اختزال المنظمة بالسلطة والشعب الفلسطيني بسكان الضفة والقطاع حتى دون القدس.
ومن هنا أرى بأن التحضيرات لخطوبة ابني شادي،أخذت وقتاً أطول في الإعداد والتحضيرات من الإعداد والتحضيرات للدورة "التاريخية" للمجلس الوطني في لحظة "تاريخية" لن ينتج عنها سوى المزيد من تقزيم دور المنظمة،وتفريغ وتجويف مؤسساتها وبناها وهياكلها على نحو اوسع وأشمل، ليصل الأمر لحد تحويلها الى كيان مشلول،ناهيك عن أن هذه الدورة ستؤدي الى تكريس الإنقسام،وتقسيم المقسم،والقادم اخطر فهل تتحرك فتح والفصائل والجماهير قبل فوات الاوان؟؟؟.
0 comments:
إرسال تعليق