الجـواهـري يوقِـظ غـبـطة الـﭘـاطـريـرك لـويس روفائيل الأول ساكـو الموقـر/ مايكـل سـيـﭘـي

سـدني
مقـدمة :
زميل ثاني عـزيز عـلينا وثالـث مخـلِص مثـلـنا ، طـلب منا الكـف عـن الكـتابة بشأن قائـدنا غـبطة ﭘـاطـريـركـنا الكـلي الـوقار ، فـهـناك مَن تشجَّع وعـقــَّـبَ بأن لا بـد من الكـتابة وفي هـذه الأجـواء بالـذات ، أما من جانبي فـكان تعـقـيـبي له :
أخي الموقـر :  أولاً أشكـر دعـوتـك المخـلصة والنابعة عـن نيات صافـية ، ولكـنـك تـدري جـيـداً أن بـيانات غـبطـته هـي الـتي أثارتْ الحـماس فـينا بالإضافة إلى المعـلومات الـتي تأتينا من هـنا وهـناك ، وعـليه فإن رسالة غـبطـته إلى أبناء وبنات أبرشية أستـرالـيا لا بـد وأن نكـتب عـنها ، وساعات معـدودات تـفـصـلنا عـن وصوله إلـينا . نحـن في سكـون يا أخي ، ولكـن أصوات غـبـطـته هي الـتي تـنـبِّـهـنا ، فـلو لم يـقـل ولم يكـتب ولم ينـشر ولم يـصرّح ولم يعـلن ويـبقى بـدون كـلام ! هـل كـنا نـكـتب شيئاً عـنه ؟ لا أعـتـقـد ،  أشـكـرك ثانية ودمت بخـير والجـميع معـك .

لم تـبق إلاّ ساعات ويصل ﭘـاطـريـركـنا الجـلـيل إلى أستـرالـيا بعـد أن وجَّه رسالـته الـتمهـيـدية إلـينا نحـن أبناء الأبـرشية ، بـدأها بتهـدئـتـِنا وأن لا تـضطـرب قـلوبنا قائلاً أن حـياتـنا فـصح دائم ، ومستـشهـداً بقـول الرب المسيح : لا تَـضْـطَرِبْ قُـلوبُـكم . آمنوا بِاللهِ وآمِنوا بي .
فـنـقـول : نحـن يا سـيادة الـﭘـاطـريـرك نبقى مضطربـين طالما نـرى غـبطـتـكم مضطرباً مرتبكاً ، فإذا لـُـوِيَ ذراع الراعي بـيعَـتْ الرعـية في سوق الـرخـص وبالـنـقـود الورقـية المـطـبوعة ــ أضرب الراعي ، فـتـتـفـرق الرعـية ــ  ولا نـريـد أنْ نـقـول أنك تحَـمَّـلـتَ عِـبءاً يتـطـلـب الكـثيـر منـك كي تـنـهـض به .
يا غـبطة الـﭘـاطـريـرك الجـليل ، هـوَ ذا الجـواهـري يناديك من قـبره بصوته الجـهـوري لـتـنـتـفـض ، قائلاً :

أزح عـن صدرك الـزبَــدا....... ودَعـْه يـبثُّ ما وَجـــــدَ
ولا تكـــــبتْ فـمن حـقـب....... ذممتَ الصبـرَ والجـلــدَ
تقـول غـبطـتـك في رسالـتـك : الحـياة تولـد وسْـط المحن والوجع ، عـلى هـذا الأساس يجـب أن نـنـظر إلى الحـياة نظرة شاملة بكـلّ أبعادها .
فـنـقـول لك : آمنا بالله يا سـيـدنا وهـذا صحـيح ، ولكـن حانـت ساعة الـولادة !! والقابلة المأذونة ــ أنـتم ــ تـطـلبون تأجـيل الولادة في وسـط صالة الـولادة ! أمعـقـول هـذا يا سـيـدنا ؟ أتـعـرف ماذا يكـون مصير الجـنين وأنـتم كـكاثـولـيك ضـد الإجـهاض ؟ والمسيح يقـول أنا الحـياة ؟ بالله عـليك ، أنتم سوف تـطـيِّـرون عـقـلـنا ؟؟
أأنت تخاف من أحـــــــــد ٍ....  أأنت مُصانعٌ أحـــــــــدا
أتخشى الناس ؟ أشجعهم ...... يخافـك مغـضـباً حــردا
ولا يعـلـوك خـيــــــــرُهم ...... ولست بخـيرِهم أبـــــدا
وتعـَـقـبُ سيادتـك في رسالـتـك إلـينا قائلاً : يُساهم أبناؤها مساهـمةً فعالة في رسم مستـقـبلها بخـطوط واضحة ، لا بالكلام والإنـتـقادات ، بل بالأفعال والإقـتراحات .
فـنـقـول لك : في الأرض الحـرام من ساحة الـوغى ! لم يعـد هـناك وقـت للرسم والـتخـطـيط ، وإنما هـناك إنـتـباهٌ ، صـدٌ ، إنـدفاعٌ ، ثـباتٌ ، تـثـبـيت الـراية فـوق الـقـمة أو الإستـشهاد لـتحـقـيق الـنـصر ، إقـرأ وأنـت قـرأتَ التأريخ وإلاً  فالأسر هـو المصير وما أدراك ما الأسـر !!! أو ........ مفـقـود في ساحة المعـركة تمزقه الـذئاب وتـنهـشه الجـوارح .
تركـتَ وراءك الـــــــدنيا ...... وزخـرفها وما وعــــــدَ
ورحـتَ وأنت ذو ســـعة ...... تجـيع الأهل والولـــــــدَ
أزح عـن صدرك الزبــدا ...... وهـلهلْ مشرقا غــــردا
وخـــــل "البومَ" ناعـبة ...... تـقيء الحـقـد والحـسدَ
مخـنـثة فإن ولـــــــــدَتْ ...... عـلى ـ سِقـط ـ فـلن تـلـدَ
ثم تـضيف لـنا ﭘـاطـريـركـنا الجـلـيل : شعـبنا عـموماً تـقيّ ، لكن الإيمان ليس معـلومات ، الإيمان علاقة حـبّ ووجـدان (لا مصلحة)، علاقة واعـية وحـرّة (لا جهل وتبعـية) ، علاقة عـميقة وشخـصيّة (لا سطحـية)، علاقة حـوار (إصغاء وتفاعـل) ونمو وإرتـقاء وتجـدد (لا ركـود) ! بدون العلاقة ليس من وجـود، والعلاقة هي دوماً أنا والآخـر، وعـلى صعـيد الإيمان أنا والله والآخـرون .
فـنـقـول لك : شعـبنا عـموماً بسيط ، والمـثـقـفـون ذوو الهـندام الأنيق يطيعـونـكم طاعة عـمياء قـبل الأميّـين ! فإرحـموا بحال شعـبكم ، وقـلتم الإيمان ليس معـلومات ، نـقـول نعـم ولكـن المسيح أوصى أن لا نـتـردد ولا نشك بل قال لـﭘـطـرس ــ تـقـدَّم ولا تـشك !! ــ
قـلـتم الإيمان علاقة حـبّ ووجـدان (لا مصلحة) نقـول نعـم ولكـن إنـتـبهـوا إلى مَن يأتيكم بمصلحة مؤقـتة هـل تريـدنا أنْ نستـشهـد لكم يا سـيـدنا كـل مرة بقـول المسيح لجـميعـنا ؟ قـلتم الإيمان علاقة واعـية وحـرّة (لا جهل وتبعـية) نـقـول نعـم ولكـن مطـلوب منكم كـقائـد أنْ تـتحـدى الـتـبعـية ؟ قـلتم الإيمان علاقة عـميقة وشخـصيّة (لا سطحـية) نـقـول هـذا صحـيح ولكـن هـل سـبرتم أغـوار كـل القـلوب لـتـكـتـشـفـوها ؟ قـلتم الإيمان علاقة حـوار (إصغاء وتـفاعـل) نـقـول نعـم ولكـن إستمع لأبنائـك أولاً وَ ضع الحِـمل الـذي بـيـدك في مكانه المناسب كي تـفـرغ يـديك للمصافـحة ، فـهـل هـناك مَن تـفاعـلَ معـكم وأعـطى أذناً صاغـية لكـم ! أم يـريـدونكم دائماً أنـتم الصاغـون ... تـذكـَّـر ماضي الأيام والمدَوَّنات عـلى الأقـل ؟ قـلتم أن الإيمان نمو وإرتـقاء وتجـدد (لا ركـود) نـقـول بارك الله فـيكم ولكـن هـناك ملفات خاست فـوق الرفـوف من ركـودها وصارت آثاراً يا سـيـدنا وأنـتم تـنـوَون حـرقـها ، في الـوقـت الـذي تـزخـر متاحـف العالم بآثارنا وتـتـباهى بها ! وتـقـول أن الإيمان بدون العلاقة ليس من وجـود ، نقـول نعـم ولكـن ما بالك عـن علاقة يربـطها الآخـر بأواصر خـيوطها عـنـكـبوتية ؟ .
ألا انبـيك عـن نكــــــــــد ٍ ..... تــُـهَوّن عـنده الـنـكـــدَ
بمجـتمع تـثيـــــــــــر به ...... ذئاب الغابة الأســــــــدَ
خفافـيش تبصّ دجـــــىً ...... وتشكـو السحَـرة الرمدَ
ويعـمي الضوء مقـلـتها ...... فـتـضرب حوله رصــدا

وأخـيراً في التمعّـن والتأمل ، وقـول أنطوان دي سانت أكـزوبـيري في كـتابه "الأمير الصغـير" ــ لا يحسن الإنسان البصر إلا بقـلبه ، وجـوهـر الأشياء يـبقى خـفـياً عـن الأنـظار ــ نـقـول إنها كـلمات جـميلة تـصلح لـتـزيـين الـقاعة ولكـن بعـد أن يكـمل بناؤها . 

CONVERSATION

0 comments: