استراليا بإدارة جديدة/ عباس علي مراد

في العام 2007 عندما خسر حزب الاحرار الانتخابات الفيدرالية، اراد طوني ابوت ان يتولى زعامة المعارضة ولكن عدد المؤيدين لتلك الفكرة من زملائه لم يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، فغضّ ابوت النظر عن الأمر. وفي العام 2009 عندما كان مالكون تيرنبول زعيم المعارضة انذاك يقترب من الاتفاق مع رئيس الوزراء كيفن راد لوضع خطة وطنية لمواجهة التغييرات المناخية وفرض نوع من الضريبة على الكربون للحد من التلوث وانبعاث الغازات في الجو.
على اثر ذلك ،قاد السيناتور الاحراري السابق نيك منشن حملة ضد تيرنبول وجرى التصويت داخل مجلس الحزب ففاز طوني ابوت بزعامة المعارضة بفارق صوت واحد.
اعتقد المراقبون السياسيون ان زعامة ابوت ستكون لتقطيع الوقت الضائع قبل انتخاب زعيم قادر على المنافسة في انتخابات عام 2010. لكن الهدية السياسية لأبوت جاءت من المعسكر الآخر ومن الحكومة العمالية بالذات والتي بدل ان تحافظ على النصر التاريخي في العام 2007 والبناء على نجاحها في انقاض البلاد من الازمة المالية العالمية عام 2008 ،دخلت هذه الحكومة في زواريب الصراعات الحزبية الداخلية الضيقة والتي ادت الى الاطاحة بكيفين راد من رئاسة الوزراء في حزيران عام 2010 وتعيين جوليا غيلارد اول امرأة رئيسة للوزراء.
جرت الانتخابات اواخر عام 2010 واستطاع ابوت ان يعيد تحالف الأحرار الوطني الى الخريطة السياسية بحصوله على 72 مقعداً من اصل  150مقعد عدد اعضاء مجلس النواب ولكنه فشل في الحصول على موافقة النواب المستقلين وحزب الخضر لتأليف الحكومة، حيث نجحت غيلارد في ذلك والفت حكومة اقلية والتي واجهت العواصف السياسية العاتية من عدة  جهات: المعارضة بزعامة طوني ابوت والذي رفع من مستوى هجومه السلبي على اداء الحكومة، الاعلام والذي لعب دوراً محورياً في عجز الحكومة ورئيسها من ايصال رسالتها الى الرأي العام ،وكالات استطلاع الرأي التي كثفت من استطلاعاتها التي اربكت الحكومة، بالاضافة الى الصراعات الداخلية بين اجنحة حزب العمال والتي ادت الى زعزعة زعامة غيلارد واعادة راد الى رئاسة الحزب والحكومة في 27 حزيران 2013.
استطاع ابوت ان ينظم صفوف حزب الاحرار خلفه الى ان كانت الانتخابات الفيدرالية التي جرت نهاية الاسبوع الماضي، فاستطاع الزعيم الذي وصف بأنه غير جدير بالانتخاب ولا يمكن ان يكون رئيساً للوزراء ان يوصل حزبهم الى الحكم بفترة زمنية اقل مما كان يتوقعه اي من قياديو الحزب ليصبح الرئيس الثامن والعشرون لوزراء استراليا بعد حقق نصراً مهماً وان كان بعض الناخبين قد صوتوا للأحرار ليس حباً بهم بل انتقاماً من العمال كما ألمح ابوت نفسه الى ذلك في خطاب النصر عندما تطرق الى من انتخبوا الاحرار لأول مرة .
رئيس الوزراء الجديد طوني ابوت القادم من صحراء المعارضة القاحلة قال انه سيحكم من اجل كل الاستراليين وانه سوف يتخلى عن دور زعيم القبيلة الذي قام به في المعارضة (صنداي تلغراف 08/09/2013 ص 3).
ماذا بعد ان سكتت مدافع المعركة الانتخابية؟
رئيس الوزراء الجديد طوني ابوت كان قد قدم عدداً من الوعود الانتخابية، والآن السؤال الوجيه هو عن كيفية الوفاء بتلك الوعود وهل من عوائق سياسية امامه رغم الاكثرية التي يتمتع بها في مجلس النواب؟.
هناك بعض القرارات الادارية والتي يمكن إلغاؤها بدون العودة الى مجلس الشيوخ مثل التخلص من علاوة المدارس واعادة الحوافز الضريبية لقطاع السيارات، اما في ما يتعلق بوعده بإلغاء الضريبة على الكربون والضريبة على قطاع المناجم فإن ابوت قد يواجه صعوبة الغاء هاتين الضريبتين اذا ما عارضه حزبي العمال والخضر اللذين يمثلان اكثرية في مجلس الشيوخ الحالي والذي تنتهي مدته في تموز من العام 2014.
اعادة الفائض الى الميزانية وسد العجز وهل هناك حقائق اقتصادية ومالية تتطلب التريث في اتخاذ اجراءات قد تؤثر على النمو الاقتصادي الذي وعد به في خطاب النصر عندما قال : أعلن أن أستراليا هي تحت إدارة جديدة ومرة أخرى مفتوحة للأعمال.والحقيقة يجب ان تقال بأن الميزانية بوضع مقبول وهذا ما تعتقده ايضا صحيفة (تذ صن هيرالد في افتتاحيتها 8/9/2013)
اجازة الامومة والتي اعتبرها البعض سخية اكثر من اللزوم حيث تقترح اعطاء المرأة اجازة مدفوعة ل6 اشهر بكامل الاجر حتى ال75 الف دولار
وفي ما يتعلق بقضية اللاجئين"الغير شرعيين" وضبط الحدود قد تواجه حكومة ابوت مشاكل مع دول الجوار خصوصاً اندونيسا اذا ما قررت حل المسألة من جانب واحد واعادة القوارب من حيث اتت،   وتبقى مسألة الشؤون الخارجية فهل ستتخذ حكومة ابوت موقفاً ينأى بأستراليا عن سياسة الولايات المتحدة التي تهدد بضربة عسكرية لسوريا حيث تتهم النظام وبدون ادلة بأستخدام اسلحة كيماوية ، والمعلوم ان ابوت اثناء الحملة الانتخابية وصف الصراع بين طرفي النزاع في سوريا بالصراع بين سيئين.
وعلى الضفة السياسية الاخرى اي المعارضة الجديدة، هل سيستطيع حزب العمال وبعد استقالة راد من زعامة الحزب بعد ان اعترف بالهزيمة في الانتخابات اعادة تنظيم صفوفهم ووضع سنوات النزاع والانقسام الداخلي خلف ظهرهم، والتي اعتبرها معظمهم انها لعبت دوراً في خسارة الحزب ثقة الناخبين (بيل شورتن، تانيا ليبرسك والتي اعطت علامة صفر للحزب في ادارة الازمة الداخلية، غرك كومباي والذي طالب بأستقالة كيفن راد من البرلمان، جايسن كلير وستيفن سميث  وبيني وونغ وغيرهم) وانتخاب زعيم يقفون خلفه كما فعل الاحرار مع طوني ابوت ام سيواصلون خلافاتهم التي تقدم المسائل الشخصية على مصلحة الحزب ودفن الحزب العريق تحت ركام تلك الخلافات؟
اخيراً قد يكون من المبكر جداً الحكم على رئيس الوزراء الجديد او زعيم المعارضة الجديد وفريق كل منهما، لكن الشيء الوحيد المؤكد والذي يجب ان يدركه الزعيمين انهما لا يمكن اعتبار اصوات الناخبين كمنحة يمكن التصرف بها  اي منهما كما يشاء،والدليل على ذلك نتائح انتخابات التي حصلت في 07/ايلول/2013 ، فهل ستؤخذ العبر من هذه النتائج؟
على هامش الانتخابات ونتائجها: تراجع اصوات حزب الخضر بنسبة 3%، حصول حزب العمال على ادنى نسبة من الاصوات الاولية (33%)منذ عشرات السنين، ارتفاع نسبة الاصوات اللاغية من 5.5% الى 5.9%، تنافس بعض المرشحين الغير مؤهلين على لوائح الاحزاب لدخول الندوة البرلمانية مثلا جيمس دايازالذي لا يعرف ما هي سياسة حزب الاحرار الذي كان مرشحه عن مقعد كرينوي وفيونا سكوتس المرشحة عن مقعد ليندزي عن حزب الاحرار التي اتهمت اللاجئين بالتسبب بأزدحام السر على الطريق السريع ام4 في غرب سدني،ارتفاع عدد المرشحين الى 1717 بزيادة 43% عن انتخابات 2010، 14.7 مليون استرالي عدد المسجلين على لوائح الشطب في عام 2013، التحول الكبير ضد حزب العمال حصل في ولايتي تازمانيا وفيكتوريا بعكس ما كان متوقعاً ان يكون في غرب سيدني، 23 دقيقة المدة التي استغرقها كيفن راد قي القاء خطاب الاعتراف بالهزيمة، احتمال كبير لفوز بولين هانسون بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نيوسوث ويلز بعد عدة محاولات.

سدني
E-mail:abbasmorad@hotmail.com 

CONVERSATION

0 comments: