القدس تنتصر للفئات المهمشة رغم قيدها وألمها/ راسم عبيدات

بدأت جريدة القدس المقدسية منذ أكثر من عام تنشر على صفحاتها نداءات وصرخات ألم ومناشدات من عائلات فلسطينية بحاجة الى دعم ومساعدة في اكثر من مجال،فئات وأشخاص لم تقم الجهات المنوط بها القيام بهذه المهمة والمسؤولية تجاههم،من وزارات وجهات رسمية مختلفة،أو اتحادات ومؤسسات شعبية،وحتى من يدعون تقديم العون والمساعدة لتلك الفئات من مؤسسات وجمعيات تتمول عربيا ودولياً،والمشكلة او القائمة على اساس تقديم الدعم والخدمات لها وبإسمها،وتتنوع الصرخات والمناشدات والنداءات ما بين المساعدة في تركيب طرف صناعي او توفير كرسي متحرك عادي او كهربائي أو سماعات طبية لطالب او رب اسرة او مواطن/ة من ذوي الإحتياجات الخاصة،من أجل ان يأخذ دوره/ا وحقه في الحياة والمجتمع،ويساهم في تحقيق حلمه او جزء منه بالعيش بحياة كريمة في هذا الوطن،حالت ظروف قاهرة من مرض أو عجز أو عوز او حادث أو نتيجة رصاص أصيب به بفعل الإحتلال...وغيرها،وكذلك ايضاً هناك نداءات من أهالي طلبة متفوقين في الثانوية العامة وحالت ظروف واوضاع أسرهم دون تلبية احتياجاتهم في استكمال تعليمهم الجامعي،لأن عائلاتهم بالكاد توفر احتياجات حياتها الأساسية.

وهذا المشروع الذي تبنته وساهمت به جريدة القدس وتحديدا من رئيس تحريرها ونائبه ومراسل الجريدة وعنوانها في جنين القسام الصحفي الملتزم والمنتمي على السمودي،عزز الثقة بهذا المشروع،حيث تجري عملية توزيع المساعدات او التبرعات لهذه الحالات بشفافية عالية،وعبر تواصل مباشر او من خلال جريدة القدس ما بين العائلة المستفيدة ومن يقدم لها الدعم والمساعدة لها،ويوثق ذلك عبر النشر في جريدة القدس...وبهذه الطريقة ومنذ شهر رمضان الفائت إستطاعت جريدة القدس ان تؤمن مساعدات لتلك الأسر والحالات المحتاجة ما قيمته (350 ) ألف شيكل....وهذا الرقم لم تستطع ان تقدمه جمعيات او مؤسسات لفئاتها المستهدفة او التي تدعي خدمتهم ورعايتهم منذ عشرات السنين،فالجريدة ليست بحاجة لمصاريف ادارية او رواتب،تاكل القسم الأكبر من ميزانيات الجمعيات او المؤسسات المشكلة لتلك الأغراض،ولا يحتاج أصحاب الحاجة الى واسطة او محسوبية حتى يتمكنوا من نيل او الحصول على حقهم في هذا الدعم او تلك المساعدات او المنح التي تأتي باسمهم،او على حساب عذاباتهم والآلامهم ولكنهم لا ينتفعون بها بشيء وهم على رأي الماثور الشعبي"يسمعون طحناً ولا يرون طحيناً"،وكذلك لا يحتاجون الى ان تمتهن كرامتهم او تمس وتجرح إنسانيتهم في المراجعات المتكررة والطرق على ابواب تلك الجمعيات والمؤسسات بدون فائدة.

هذا الدور الإنساني والإجتماعي يحسب لجريدة القدس وللقائمين على هذا المشروع الإنساني،الذي يعزز اللحمة والتكافل والشعور بالإنتماء بين ابناء الشعب الواحد،وكذلك هو يحقق النفع والفائدة لطرفي المعادلة فالأسر المستحقة لتلك المساعدة او ذلك الدعم تحقق جزء من امنياتها وحقوقها وتشرع بأن الأمل والخير والوفاء والانتماء في هذا المجتمع ما زال قائماً وكبيراً،والأسر او الشخصيات التي تقدم الدعم،تشعر بأن ما قدمته او ساهمت به ذهب الى العنوان الصحيح،وهي بذلك تشعر براحة ضمير ورضاء عن النفس،وحققت ما تريده في ان يكتب لها الأجر والثواب فيما قدمته،وضمنت وصول المساعدة إلى من يستحقها.


وخصوصاً للشعور المتسرب والمتكون عند الكثيرين منا بأن هناك مأسسة للفساد وغياب للمحاسبة والمساءلة وتخوف الناس الداعمة،من ان لا تصل الأموال التي يتبرعون بها الى الجهات او الأشخاص المحتاجين حقاً،هو من يدفعهم للإحجام عن تقديم أموالهم وتبرعاتهم لتلك الجمعيات او المؤسسات،ونحن هنا لا نعمم،بل ناسف أن الشواهد والحوادث والقرائن والدلائل التي حصلت في اكثر من مؤسسة او جمعية،جعلت الناس تحجم او تتخوف من تقديم دعمها ومساعدتها لهذه الجمعية او تلك.
نعم شعبنا الفلسطيني معطاء ومضحي،ولكن لا توجد قيادات بحجم تلك العطاءات والتضحيات،والشيء الذي يشعرنا بالفخر والإعتزاز بأن مدينة القدس،تلك المدينة التي يتعرض اهلها الى اكبر واشرس هجمة صهيونية عليها،هجمة تطال البشر والحجر والشجر،من اجل طرد سكانها واقتلاعهم منها،عبر ما يمارسه الاحتلال بحقها من سياسة تطهير عرقي،وهي التي يحتاج اهلها الى الدعم والمساندة من اجل تعزيز صمودهم ووجودهم في مدينتهم وعلى ارضهم،هم الأكثر عطاءاً وتضحيةً وانتماءاً،وهم على رأس المبادرين في هذا المجال،وفي أغلب القضايا والحالات التي أثارتها ونشرتها جريدة القدس على صفحاتها من أهالي طلبة وعائلات او افراد بحاجة لدعم ومساعدات في قضايا حياتية وانسانية وإجتماعية ومرضية، كان اهل الخير والنخوة والشهامة من القدس ، واول من يبادر في تقديم الدعم والمساندة لتلك الحالات التي تحتاج لهذا الدعم.

أهل القدس...هم اهل نخوة وعزة وكرامة،وهم السباقون الى فعل الخير ،والى نصرة اهلهم وشعبهم،وهم المرابطون الصابرون،والذين يشكلون راس الحربة في الدفاع عن قدسهم ومقدساتهم،وفي المقدمة منها المسجد الأقصى الذي يتعرض خطر التقسيم الفعلي.
وهم يطمئنون شعبنا وامتنا العربية والإسلامية،بأن ما يحتاجونه بالأساس ليس مالاً على الرغم من الأهمية القصوى له ولدوره في تدعيم وتثبيت الصمود والوجود،بل قراراً سياسياً وإرادة تحميهم من غول الإستيطان المتوحش والمنفلت والإقتلاع،هم يريدون ان يشعروا بأن هناك قيادة تلتفت الى همومهم وقضاياهم الإقتصادية والإجتماعية،يريدون ان لا يطعنوا بكرامتهم وانتمائهم من اقرب المقربين.

نعم ما تقوم به جريدة القدس والمبادرين لهذا المشروع من عامليها،يستحقون الشكر والثناء،فهذا جهد يختصر على تلك الحالات والشخوص الكثير من المسافات والكثير من المعانيات والألم،ويحميهم من أن لا تمتهن كرامتهم او تمس إنسانيتهم،من قبل افراد ومؤسسات طرقوا ويطرقون ابوابها مرة ومرات ولكن دون جدوى.

وكثير من الحالات التي كانت قضيتها او حاجتها،لم تلبى خلال سنين،جرى حلها بفترة زمنية قصيرة وقياسية،وليساهم ذلك في عودة الأمل والبسمة والفرح الى تلك العائلات والأفراد،وليشعرهم ذلك بأن هناك الكثير من الخيرين في هذه الأمة وهذا الشعب،رغم كل القيد والألم،وتحية خاصة للقدس والمقدسيين ولجريدة القدس على هذا العطاء والإنتماء والوفاء.

القدس- فلسطين

CONVERSATION

0 comments: