حلب أم المعارك أو معركة الحسم/ الدكتور حمدى حمودة

بعد أن قام الجيش العربى السورى ومعه المقاومون من الشعب من كل المدن السورية بالأنضمام له والعمل تحت امرته لتحرير وطنهم من مجموعات التكفيرين والأرهابين مما يسمون " داعش والنصرة " وما تنضوى تحتهما من جماعات أيا كان مسماها ، استطاعوا معا ومعهم حلفائهم ( موسكو وطهران وحزب الله اللبنانى ) أن يطهروا أكثر من ثمانون فى المائة من المدن التى تمددت فيها تلك الجماعات جنوبا وشمالا تحت غرف عمليات أقامتها واشنطن والرياض وأنقرة وتل أبيب بالأردن منذ 2013 يدربون الجماعات على هذه الأرض ويدفعون بها الى المدن السورية مسلحين بأحدث الأسلحة ، وبعد سنتين ونصف باءت كل هذه الدول بالفشل بعد عشرات المحاولات للتمكن من التغلغعل والأستيلاء على هذه المدن ، وكانت الخسارة والهزائم تلحق بهم خاصة بعد معركة القلمون الكبرى وصولا الى عرسال فى لبنان ، حيث فقدوا آلاف المسلحين قتلا وأسرا واصابة ، لقد تم تطهير القلمون ثم حمص القديمة والجديدة وريفها وريف دمشق الجنوبى والشمالى واللاذقية وريفها وحماة وريفها الى أن تحررت الرقة من قبضة داعش ومابقى الا الشمال الذى تضع عيونها عليه كل من أنقرة وواشنطن والرياض الذين يحلمون ويمنون أنفسهم بالأستيلاء على أم المدن الصناعية.. حلب ، وذلك منذ سنتين وجماعة النصرة وخمس جماعات تابعة لها ومايزيد عن عشرة آلاف مسلح بكل المعدات الحربية الحديثة حتى غاز الخردل التى تمنحه حكومة أردوغان لهذه الجماعات من أجل اقامة دولة خاصة بهم فى الشمال عاصمتها حلب !
ولكن هنا السؤال يطرح نفسه ، لماذا حلب .؟ كان المخطط من البداية أن تفتح أنقرة كل حدودها مع سوريا للتكفيرين من جميع فصائلهم وجنسياتهم التى تفوق الأربعة والثمانون دولة وتزودهم بالسلاح والعتاد التى تدفع أثمانها بأموال خليجية بعد شرائها من واشنطن وتل أبيب ودول أوروبا الغربية وبعض دول أوربا الشرقية ، لم يقصر أردوغان ولا حكومته السابقة والجديدة حتى أتاه الأنقلاب من حيث لايعلم أو الأنقلاب الذى حاك السيناريو الخاص به واشنطن وأنقرة ، وقبله بأسابيع كان يمهد السلطان الطيب ورئيس وزرائه الجديد بالتلويح نحوعمل مصالحة مع موسكو ورغبته فى اعادة العلاقات مع الجيران سوريا والعراق ، الا أن ذلك كان مشهد من مشاهد السيناريو المحبوك لكى يقنع به الرأى العام العالمى ، لكنه لم يلبث كثيرا وحدث الأنقلاب سواء كان مدبرا أو غير ذلك فقد أجهز بعده على نسبة كبيرة من الشعب بالأعتقال والتنكيل من مختلف المؤسسات خاصة الجيش الذى أعتقل منه 12 ألف أو يزيد وكل القادة الكبار، ومن القضاة أربعة آلاف واغلاق بعض المدارس والجامعات ولم يترك أى مؤسسة الا وتم الأعتقال منها من أجل التطهير كما يدعى ، وهذا مما يدل على فشله وعدم رضاء الشعب عن سياسته الخارجية والداخلية على وجه الخصوص .
مايهمنا هنا هو أن ما ادعاه برغبته فى عمل مصالحات مع جيرانه خاصة بعد مغازلته للأدارة الروسية وتنازله عن كثير من شروطه التى كان يشرطها على تل أبيب لأعادة العلاقات معها ، هى نفس التنازلات التى تنازل بها لموسكو لكى يقبلوا باعادة العلاقات معه خاصة بعد أن تعاطفت معه الأدارة الروسية بعد الأنقلاب وقد تحدد موعد لأستقباله الأسبوع القادم ، فهل سيطلب منه بوتن فى هذا اللقاء غلق الحدود ومنع المسلحين من العبور الى سوريا ووقف تزويدهم بالسلاح من هذه الحدود وتشفيفها .؟ وهل هناك نية بالفعل لديه للتصالح مع الجيران بعد أن تدهور اقتصاد بلاده الى هذا المستوى المتدنى .؟ اذا كان ذلك كذلك فلماذا حتى هذه اللحظة مصر على بقاء هذه المجموعات التكفيرية بحلب خاصة بعد أن خطط الجيش العربى السورى وحلفاؤه باقتلاعهم منها منذ شهر تقريبا ، والطيران الوسى والسورى والمدفعية والمدرعات تنال وتقتل منهم المئات وتصيب الآلاف ، وتؤسر العشرات .؟ هو يعلم وحلفاؤه واشنطن وتل أبيب والرياض أن لحلب مركزا اقتصاديا كبيرا لأنها تتمتع بجل الصناعات التى استولت عليها أنقرة فى السنة الأولى من الأعتدداء عليها وتفكيك مصانعها ونهب خيراتها وآثارها وتراثها وبترولها، وبيع جزء منه الى تل أبيب ودول أخرى ، هو يعلم أن لحلب مكانة كبيرة فهى عاصمة سوريا قديما قبل دمشق وهى رأس الحربة التى اذا سقطت ربما تسقط سوريا ، لذلك قام هو وحلفاؤه بعمل المستحيل من أجل احتلالها ولكنها أبت أن تسقط بفضل الجيش وأهل حلب الشرفاء وكل من تطوع من المدن المجاورة والقرى والنقوع للدفاع ذودا عنها ، أبت واستكبرت ووقفت عنيدة صلبة أمام جحافل التكفيرين والأرهابين الى أن شردت بهم فى معركة كبرى مازالت مستعرة حتى الآن ، فهذه المحاولة العاشرة لهم من أجل احتلال أى بقعة بحلب أو ريفها الا أن الجيش لهم بالمرصاد أينما كانوا ، اليوم والأمس ادعوا بأنهم استولوا على بعض الميادين وكلية الدفاع الجوى ، وأعلنوا ذلك على قنوات وصفحات اعلامهم وتضامنت معهم كل قنوات الأعلام المضلل ، ولكن جاء الرد بالتكذيب بالصورة الحية بدخول المراسلين والأعلامين السورين وقناة الميادين ليحبطوا اداعئهم الكاذب المفضوح ، فلا وجود ولا أثر لأى ارهابى من أى فصيل كان فى حلب وريفها ، فماذا بعد .؟ أعتقد أن تحرير حلب وانتصارها سيكون الفيصل فى التسوية السياسية التى ستجرى الأسبوع القادم بجنيف والتى حاول البانتجون والآى سى الأمريكى أن يقنع أوباما يالتدخل العسكرى الأمريكى من أجل قلب الموازين على الأرض حتى يتمكنوا من وضع شروطهم عند أى تسوية سياسية ، لكن يبدوا أن هذه الأمور سترجئ الى مابعد أوباما .

                                                         
Dr_hamdy@hotmail.com  

CONVERSATION

0 comments: