مذبحة البلقان وشوارب النسوان/ صالح الطائي

بالأمس القريب جدا قتل الصرب ثلاثمائة ألف مسلم وهجروا مليون ونصف من المسلمين خارج بيوتهم وأرضيهم واغتصبوا ستين ألف امرأة مسلمة تتراوح أعمارهن بين الأربع سنوات والثمانين عاما بمعسكرات يفوق عددها السبعة عشر معسكرا كبيرا معدة لهذا الغرض الدنيء. ومع أن هذه النكبة المريرة وقعت بالأمس القريب إلا أن أي من شوارب الأعراب (حماة الإسلام) في السعودية وقطر والكويت لم تتحرك ليس لأنهم كانوا بلا شوارب ولكن لأن شواربهم كانت مبلله برشفات الويسكي أو منطبقة على شفاه غربية شقراء جاءت لتروح عنهم عناء الجلوس بلا عمل.
كما أن أي وخزة ضمير لم تصب العالم الغربي الذي تعلل بان ما يحدث في البلقان حربا أهلية لا تستوجب التدخل الغربي الأوربي حتى ولو استمرت هذه الحرب التي يقولون أنها أهلية أكثر من أربع سنوات من القتل والحرق والذبح والتجويع والحصار والترويع وهتك الأعراض، وحتى ولو أحرق الهمج الرعاع خلالها مكتبة "سراييفو" التاريخية القيمة، وحتى ولو هدموا وخربوا ثمانمائة مسجد بعضها اثري يعود إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
 في هذه الحرب القريبة البعيدة اعتقل جيش الأغلبية الصربية أعدادا كبيرة من المسلمين  وحشروهم في معسكرات اعتقال وجوعوهم بشدة لمجرد أن المسلمين يرفضون أكل لحم الخنزير الذي يقدموه لهم، فلا ضمير العالم الغربي تحرك، ولا شوارب عرب البترودولار تحركت مع أنهم لم يكونوا أمواتا فهم كانوا يرون ويسمعون ومع ذلك كانوا يلهون ويلعبون ويأكلون ويشربون ويتسافدون كالسخول في موسم التكاثر.
في هذه الحرب القريبة حاصر الصرب جيبا إسلاميا منزوع السلاح بقرار دولي، وبسبب ذلك وضع تحت حماية الأمم المتحدة صيف عام 1995 اسمه" سربرنتسا" المسلمة عامين كاملين، وكان هناك جنودا دوليين تمثلهم الكتيبة الهولندية من المفروض أنهم يتعاملون مع الأمر بشكل محايد ولكنهم وللأسف كانوا يقضون الليالي بالرقص والشرب مع مقاتلي الصرب المجرمين، وكانوا يعطونهم جزءاً كبيراً من المساعدات الدولية التي من المفروض أنها مخصصة لأهل سربرنتسا، وكان بعضهم يساوم المرأة المسلمة على شرفها مقابل لقمة طعام لأطفالها الجياع. ثم بعدما استهلكوا المدينة بالكامل وأذلوا أهلها ولوثوا عرضها تدخلت الكتيبة الهولندية وأقنعت المسلمين المنهكين حد الإذلال بتسليم أسلحتهم لفك الحصار عنهم مقابل حماية كاملة توفرها لهم، وحينما انطلت عليهم الخدعة بسبب اليأس والتعب والجوع الذي أصابهم وسلموا أسلحتهم زحفت ذئاب الصرب في 11 تموز 1995 إلى داخل المدينة فقاموا أولا بعزل النساء عن الرجال ثم بدأوا باغتصاب النساء أمام الرجال، ولا من شارب عربي اهتز لعرض المسلمات المسلوب، ثم قاموا بذبح وحرق أكثر من اثني عشر ألف ذكر بعضهم كانوا أطفالا بعد أن عذبوهم أشد التعذيب واستمر حفل الافتراس التوحشي هذا أمام العرب والمسلمين والرأي العام العالمي والأمم المتحدة عدة أيام بلياليها ولم يهتز أي شارب قطري أو سعودي أو كويتي أو أممي، لم يهتز شارب أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا اللواتي نشاهد شواربهن اليوم ترقص التويست على أرض الشام الجريحة تزامنا مع رقصة "الجوبي" التي تؤديها الشوارب العربية.
لقد أدان العالم الغربي محرقة "الهولوكست" التي ارتكبها هتلر في الحرب الثانية ولكنه لم يدن محرقة ومجازر البلقان  التي تعتبر وفق القاموس القانوني والأخلاقي الأوروبي متطابقة تماما مع هولوكست اليهود في الحرب العالمية الثانية. أما العرب والمسلمين بما فيهم الذين لا زالوا يتباكون على مصير الاستعمار العثماني فلم تهتز شواربهم حتى بعد سماعهم مقولة الجنرال الفاشي "راتكو ملاديتش" قائد جيش الصرب في البوسنة: "الآن انتهت الحرب العالمية الأولى، وانتقمنا من الأتراك"
السيد "كوفي عنان" الذي أخذ على عاتقه حل القضية السورية بعد أن وخزه ضميره الشفاف، والأستاذ العربي المصري الأفريقي "بطرس غالي" الأمين العام للمنظمة الدولية في حينه، لم ينبسا ببنت شفة ولم يعترضا على ما كان يحدث بل هناك مؤشرات تفيد أن بطرس غالي رد على من انتقد سكوته بالقول: "هناك كثيرا من الناس يموتون في أفريقيا لظروف مختلفة، ولمَ لا يموت أناس من هؤلاء البوسنيين في أوروبا؟"
في البلقان ويوغسلافيا السابقة اغتصبت وذبحت مدنا مسلمة منها البوسنة وسراييفو وبانيالوكا وسربرنتسا وغيرها فما تحرك ضمير العالم ولا اهتزت شوارب الأعراب، فلماذا اليوم تتحرك بكل هذا العنف بسبب ما يجري في سوريا مع أنهم هم الذين جيشوا الجيوش واعدوا العدة وقدموا الأسلحة والعتاد والمال لتثوير أو تجنين الشعب السوري، فإلى أين سيأخذنا العربان الغربان الذين أصبحوا الأدلاء لقافلتنا التي تحيط بها الضواري الجائعة؟ 


CONVERSATION

0 comments: