المنظمة هي (الدولة) وليست (حزبا) بالدولة/ سري القدوة

مرة اخري اري نفسي مطرا للكتابة تحت هذا العنوان الهام (منظمة التحرير الفلسطينية هي الدولة وليست حزبا بالدولة ) لما يحتويه من دلالات مهمة علي صعيد العمل السياسي والدبلوماسي والبنية الاساسية لحياة الشعب الفلسطيني السياسية .. ومن اجل توضيح الموقف السياسي علي صعيد نتائج وجدول اعمال قمة عدم الانحياز والمنعقدة في ايران .

وللتوضيح بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأيضا هي البيت والكينونة الفلسطينية وهي عنوان الشعب الفلسطيني الذي جسد بالدم خلال مسيرة طويلة من الكفاح والنضال والتضحية والشهداء ولم تكن المنظمة مجرد صدفة عابرة في حياة شعب فلسطين ..

ومما لا شك فيه ان إعادة ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني وتطوير أداء المؤسسات الفلسطينية لمواجهة سياسية الاحتلال والبدء في تنفيذ سلسلة من الخطوات الهامة لبناء الإنسان والمؤسسة الفلسطينية القادرة على صياغة أسس التوجه الفلسطيني وإقامة دولة المؤسسات التي تخدم القانون وتعزز الأداء الوظيفي احتراما لحقوق الإنسان وحماية إنجازات ثورتنا الفلسطينية والانطلاق لتفعيل الحوار الوطني وبناء أوسع جبهة وطنية لحماية الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه ترسيخًا للثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها ضمان حق العودة وتقرير مصير الشعب الفلسطيني وضمان إنهاء حالة الانقلاب التي نتج عنها انقسام المؤسسات الفلسطينية .

إن المهام الملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية باتت مهام واضحة وصريحة في نفس الوقت فليس هناك مجال للتشكيك في مصداقية التوجه الوطني لصياغة أساس موضوعي هادف لحماية الحقوق الفلسطينية والدفاع عن المستقبل الفلسطيني ليعيش الإنسان الفلسطيني حر كريم علي أرضه وبين شعبه ..

إن مستويات العمل في المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع مضاعفة الجهد لتوحيد الإمكانيات لتشكيل موقف وطني موحد وإجماع شامل نحو تعزيز العلاقة الفلسطينية لصياغة المستقبل انطلاقا من قاعدة الوحدة الوطنية وحماية إنجازات الشعب الفلسطيني التي هي فوق أي اعتبار.

 إن حرص الفصائل الوطنية والإسلامية على صياغة المستقبل هو الذي وضع الجميع إمام المسؤولية التاريخية والعمل بصورة جدية لتشكيل وفد فلسطيني برئاسة الرئيس محمود عباس والذي يزور ( ايران كدولة محورية ) وكأول زيارة له منذ انتخابه لتمثيل فلسطين في مجموعة عدم الانحياز وللمشاركة في القمة الـ16 لدول حركة عدم الانحياز ويضم الوفد الرئاسي: عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ووزير الخارجية رياض المالكي، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، والمستشار السياسي للرئيس مجدي الخالدي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، والمراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير رياض منصور، وسفير فلسطين لدى إيران صلاح الزواوي وتأتي هذه الزيارة والمشاركة بعد الضجة والإرباك الذي حدث فور دعوة ( اسماعيل هنية القيادي في حماس ) لحضور اعمال المؤتمر وهذا يعكس جو من الاهمية بعد سحب ايران دعوتها وتوضيح الموقف بان لا خيار امام ( ايران ) الا التعامل مع شعب فلسطين وإرادته وان عنوان الشعب الفلسطيني هو ( منظمة التحرير الفلسطينية ) والعمل علي تشيكل اوسع جبهة موحدة لحماية إنجازات الشعب الفلسطيني والاتفاق على وضع برنامج موحد لحماية إنجازات شعبنا ، ومن أجل قراءة مستقبلية أفضل وتفعيل الواقع ومتطلباته وفق رؤية شمولية لحماية الأرض الفلسطينية ، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه ووضع هذا الحق ضمن أولويات العمل.

إن المهام الملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير هي مهام واضحة وتتطلب حشد الجهود والإمكانيات ليتحمل الجميع المسؤولية التاريخية بهذه المرحلة الحساسة والدقيقة من حياة شعبنا الفلسطيني التي تتكالب فيها قوى الشر للنيل من صمود الإنسان الفلسطيني وحقه المقدس في العودة لأرضه و إقامة دولته الفلسطينية المستقلة ، وهنا تتجسد رؤية القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في تحقيق أماني وتطلعات شعبنا الفلسطيني في صياغة وجودنا والكينونة الفلسطينية تأصيلا لروح الكفاح الوطني ومجمل إنجازات ثورتنا.. أعظم ثورة في التاريخ المعاصر لتحقق رؤية واقعية هدفها بناء الأجيال والحفاظ على الإنسان الفلسطيني صامدًا مرابطًا في ربوع أرضه أرض الحضارة والتاريخ ومهد السلام .

لقد كانت رؤية القيادة الفلسطينية رؤية تاريخية ثاقبة من خلال حرصها الشديد على مواصلة العمل  الوطني رغما عن حالة ( الانقلاب ) وما نتج عنها من سيطرة حماس علي قطاع غزة بالقوة وفرض الهيمنة علي الحياة السياسية بمجملها واحتلال حماس لمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسة الرئاسة وتحويلها الي مكاتب تتبع حركة حماس  .

لقد تجلت الرؤية للقيادة الفلسطينية في تحقيق التواصل وملئ الفراغ السياسي وحرصت القيادة الفلسطينية على تشكيل جبهة وطنية من خلال تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني وتحديد برنامجها السياسي تمهيدا للإعلان عن الانتخابات السياسية الشاملة تحقيقًا لوحدة الصف الوطني وحفاظًا على المشاركة الجماهيرية الفاعلة في صنع القرار , وهذا بالتأكيد يدلل على مدى أهمية العمل الوطني في خلق حالة التفاعل ما بين القيادة الفلسطينية وجماهير شعبنا ومشاركة أوسع لكل التنظيمات والقوى الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية في تفعيل البرنامج السياسي لمنظمة التحرير على طريق التحضير الموسع للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة بدلا من فرض أجندات سياسية بالقوة والهيمنة علي القرار السياسي ..

إن برنامج القيادة الفلسطينية هو برنامج سلام حقيقي قائم على احترام المعاهدات الدولية وفرصة حقيقية لتحقيق السلام ومواصلة المفاوضات والمشاركة بفعالية لضمان نجاح تطبيق الرؤيا العربية للسلام  تحت رعاية دولية .. فهذا يعكس أهمية العمل على صعيد جدولة المهام التفاوضية وترتيبها لتأخذ دورها الطبيعي ضمن مسار فلسطيني يكفل حماية إنجازات شعبنا والدفاع عن حقوقنا الوطنية في ظل مرحلة هامة من حياتنا السياسية..

إن المرحلة الراهنة تتطلب من جميع القوى السياسية على الساحة الفلسطينية أن تقف صفًا واحدًا لدعم منظمة التحرير الفلسطينية والحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني والتأكيد على الالتزام بقراراتها وفقًا للمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني لتعرية ( حركة الانقلاب في قطاع غزة ) بعيدًا عن البرامج الذاتية وتفعيلا للصوت الفلسطيني القادر على تحقيق أهداف شعبنا واحترامًا لتوجهات القيادة الفلسطينية في تسيير مرحلة هامة من مراحل العمل الفلسطيني في غاية الصعوبة والدقة ..

إن دعم القيادة الفلسطينية في هذه المرحلة بعيدا عن صراعات ( حماس الداخل وحماس الخارج ) هو واجب وطني ويتطلب من الجميع المساهمة في مواصلة الحوار لإنهاء حالة الانقلاب وإعادة قطاع غزة للشرعية الفلسطينية بكل الطرق الممكنة وحماية شعبنا الفلسطيني وأرضنا المقدسة ومواصلة المسيرة إلى بر الأمان والتصدي لكل المؤامرات التي تحاك للنيل من مشروعنا الوطني الفلسطيني والحفاظ علي منظمة التحرير الفلسطينية والتي هيا الدولة وليست حزبا بالدولة  .


رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين

المذهبية والطائفية تهددان المجتمعات العربية/ راسم عبيدات

في مرحلة المد القومي والثوري العربي،مرحلة استخدام العقل والفكر قبل أن يتم الحجر وإقامة الحد عليهما من قبل الجماعات المتأسلمة والتي أصبحت تنتشر انتشار النار في الهشيم على طول ساحات الوطن العربي وجغرافيته،بفعل ما تغدقه عليها مشايخ الغاز والنفط من أموال مشروطة الهدف،كان ما يوحد العرب ويجمعهم هو الوطن والقومية،وكان حقيقة يتجسد النشيد القومي العربي على الأرض،نشيد بلاد العرب أوطاني // من الشام لبغداد// ومن نجد الى يمن .....الى مصر فتطوان // فلا أحد يباعدنا ..... ولا دين يفرقنا.
ولم نسمع عن تقسيمات مذهبية وطائفية لا على مستوى القطر أو على مستوى الوطن لا سني ولا شيعي ولا مسيحي ولا درزي ولا علوي ولا صفوي،بل كان الانتماء للوطن والقومية فوق كان تلك التقسيمات المذهبية والطائفية،ولم تكن هناك أحزاب تريد أن تعلي انتماءاتها الدينية فوق انتماءاتها الوطنية والقومية سوى بعض القوى الإسلامية الطامحة لإقامة الدول الدينية ودول الخلافة،ولكن مع تراجع المد القومي وشدة الهجمة التي تعرض لها المشروع القومي من قبل القوى الاستعمارية والتي رأت في هذا المشروع خطراً على مصالحها ووجودها في المنطقة،فهي ترى في توحد العرب قوة هائلة اقتصاديا وعسكريا وبشرياً يجب ان لا تسمح بحصولها وتحققها بأي ثمن،ومن هنا كانت الهجمة على عبد الناصر وما مثله من زعيم وقائد لهذا الفكر،والذي برحيله شهدنا تغيرات كبيرة في بنية ووظيفة ودور النظام الرسمي العربي،لجهة التحلل من الالتزامات القومية والإغراق في القطرية،وهنا نشدد على أن أموال البترودولار الخليجي لعبت دوراً كبيراً في عمليات تخريب النظام الرسمي العربي وإحداث تغيرات كبيرة في بنيته وتركيبته لصالح الشرائح العليا من الكمبرادورية والبرجوازية التجارية والمالية في ذلك النظام،والتي كانت تعمل على إحكام السيطرة على اقتصاد الدولة وكل مفاصل العمل فيها من خلال تدمير القطاع العام وطحن الطبقات الوسطى وتحويل أقطارها الى مزارع وممالك خاصة،مع توظيف للمؤسسة الدينية من أجل تشريع خطوات واجراءات الأنظمة والتنظير لها والدفاع عنها.
ونحن هنا لا نريد ان نسرد المراحل التي مر بها النظام الرسمي العربي وصولاً الى ما يسمى بالربيع العربي والثورات العربية،ولكن ما نريد قوله هنا أن القوى الاستعمارية الغربية وفي المقدمة منها أمريكا،عندما شعرت بأن تورطها في أفغانستان والعراق وما يسمى بالسياسة الاستعمارية العدوانية التي تبنها بوش الاب ومن ثم بوش الابن وحتى أوباما مكلفة لأمريكا عسكرياً ومادياً وبشرياً،رأت أن أفضل وسيلة تؤمن لها مصالحها وتحقق لها أهدافها،بدون أن تعرض حياة جنودها للخطر أو للموت،هي العمل على إرساء قواعد سياسة جديدة للتعامل مع أزمات وقضايا المنطقة،سياسة تقوم على تمويل تكاليف عمليات قتل العرب والمسلمين لبعضهم البعض منهم أنفسهم،وهذا الجانب تكفلت به مشيخات النفط والغاز مقابل بقاءها وتربعها على العروش،وكذلك العمل على إغراق أوطانهم وأقطارهم في حروب ومعارك طائفية ومذهبية،تفضي إلى تقسيم وتجزئة وتفتيت وتذرير جغرافية اوطانهم الى كيانات اجتماعية هشة وضعيفة وإعادة تركيبها بما يخدم المشاريع الاستعمارية في احتجاز تطور البلدان العربية واستمرار نهب خيراتها وثرواتها وتبديد كل ممكنات نهوضها وتطورها عبر اغتيال علماءها ومفكريها،وقد اصطلح على تسمية تلك السياسة بسياسة الفوضى الخلاقة،وهي نتاج للتورط الأمريكي في أفغانستان والعراق،حيث وجدت أمريكا أنه من الأجدى لها إخراج قواتها من العراق،والإبقاء على قواعد عسكرية ونظام مرتبط باتفاقيات ومعاهدات امنية معها،وعدم اقامة حكومة قوية موحدة ومركزية،مع تسعير لحدة الخلافات المذهبية والطائفية،تمهد إلى تقسيمات جغرافية على أساس طائفي،وواضح ان خرائط التقسيم جاهزة لثلاثة دول كردية وسنية وشيعية في العراق.
ومن بعد ذلك ومع ولوج ما يسمى بالربيع العربي أو الثورات العربية،وجدنا أن هناك إرساء لقواعد هذا المشروع المتبلور،حيث جرت حالة من تزاوج للمصالح غير المسبوق بين دعاة الفوضى الخلاقة وفقه البداوة والبترودولار والمتأسلمين الجدد والأخوان،تزاوج يقوم على إطلاق يد الحركات الإسلامية وبالذات الإخوان في الحكم مقابل توظيف تلك الموافقة لتنفيذ هذا المشروع،بالمقابل تقوم مشيخات النفط بفتح خزائنها ومزاريبها المالية لمن يقومون بالتنفيذ،على إن تشارك المؤسسة الدينية وفي مقدمتها دار الإفتاء في إصدار الفتاوى المتوافقة والخادمة لتلك السياسية من طراز التحريض المذهبي والتكفير والتخوين وتبرير الاستعانة بالقوى الأجنبية لاحتلال البلدان العربية،وهذا ما حصل بالفعل،حيث استحضرت القوات الغربية الى ليبيا وانتصرت ما يسمى بالثورة الليبية وليوضع النفط الليبي تحت سيطرة القوى الاستعمارية،وتكون ليبيا مرشحة لتقسيمها جغرافيا مع مواصلة الحروب القبلية والمذهبية الداخلية،وهذا المشروع جرى سحبه لتدمير والعبث بالقوى المركزية العربية سوريا ومصر كما حصل في العراق،فسوريا حالياً جاري العمل على تدميرها ودفعها نحو الاحتراب الداخلي والاقتتال المذهبي من أجل تقسيمها جغرافيا،ومصر يجري العبث بأمنها واستقرارها من خلال تسعير حدة الخلاف الطائفي مسلمين وأقباط،عبر النفخ في الورقة القبطية،وايضا تقوم الجماعات السلفية وبدفع من بعض مشيخات النفط بالعبث باستقرار مصر،وعملية قتل الجنود المصريين في شهر رمضان الفضيل تندرج في هذا الاطار والسياق حيث كشفت التحقيقات المصرية عن تورط مجموعات سلفية صدر بحقها عفو من الرئيس المصري مرسي في تلك العملية.
ان ما يجري في الوطن العربي ليس مسألة لها علاقة بالحرية والديمقراطية ،أو حماية الشعوب من قمع الأنظمة وديكتاتوريتها،بل هناك مشروع سياسي يجري ترتيبه لكامل المنطقة،مشروع يقوم على احتجاز تطور الأمة العربية ومنع تبلور مشروع قومي عربي لمئة عام قادمة يشكل خطر على وجود دولة إسرائيل والمصالح الأمريكية والأوروبية الغربية في المنطقة،فالغرب والأمريكان "يعهرون" كل المعايير والقيم والمبادئ في سبيل خدمة مصالحهم وأهدافهم،والذين يتباكون على الأطفال والنساء والمواطنين العزل الذين يقتلون في سوريا،لم نسمع منهم مجرد إدانة أو حتى تغطية إخبارية لعمليات الحرق والذبح الجماعي للمسلمين في بورما،فبورما تقتل، تشنق، تبيد المسلمين فهم في نظر الغرب الاستعماري كم زائد.
إن سايكس- بيكو الجديد يقوم على أساس تعريب وتسعير الصراعات الداخلية وإعطاءها صفة المذهبية والطائفية،بحيث يقوم العرب والمسلمين بقتل بعضهم البعض وأيضا تمويل عمليات قتلهم ودفع إثمان الأسلحة التي تستخدم في عمليات القتل لمشغليهم،وأن تقسم وتجزأ بلدانهم إلى كيانات اجتماعية ضعيفة على أساس طائفي ومذهبي،وكذلك على أساس الثروات والعوائد.

رسالة إلى الشعب الأمريكى .. والشعب المصرى/ مجدى نجيب وهبة


** ماذا أصاب شعوب العالم ؟!! .. هل نهاية العالم تقترب ؟!! .. أم الغضب السماوى صار يهدد الأرض بمن فيها .. بسبب البعد عن الإيمان والمحبة والعدل ...
** هل الشعب الأمريكى .. والشعب المصرى أصابتهم لوثة النداهة .. أم أن الهواء صار معبأ بالبانجو ، بدلا من الأكسجين .. وأصبح تناول الترامادول بدلا من الأسبرين ؟؟!!! ..
·        رسالتنا الأولى للشعب الأمريكى
** لقد صمتتوا كثيرا على غباء الرؤساء الأمريكان فى إدارة شئون البلاد .. لم يختلف "جورج بوش" عن "أوباما" .. كلاهما إمتلك ترسانة من الأكاذيب والتضليل والخداع .. دمروا العراق بعد أن أوصلوا للشعب الأمريكى والعالم كله .. إنهم سيحررون الكويت من قبضة "صدام" .. بلع الجميع الطعم وصدقوا الأكذوبة ، ولم يدرك العالم أن من حرض على دفع العراق لإبتلاع الكويت .. هى أمريكا نفسها .. وكانت هذه القصة هى الذريعة لتحريك ترسانة الأسلحة والهجوم على العراق !!! ...
** أوهموا العالم أن العراق يمتلك أسلحة بيولوجية وكيماوية ، وصواريخ عابرة للقارات ، وقنابل ذرية .. وصدق العالم هذه الأكاذيب .. وصدق الشعب الأمريكى هذه الخزعبلات ، وهللوا للعسكرية الأمريكية .. لأن الهدف هو تحرير الكويت .. ولم يصدقوا أن هناك إشارات مررت لصدام لإحتلال الكويت ، وإنه نفذ هذه الإشارات ..
** هجم العالم على العراق بقيادة أمريكا .. ودمروها فى بضعة دقائق .. ولم تطلق العراق رصاصة واحدة ، وليس صاروخ .. ولم يكن هناك أى أسلحة للدمار الشامل ، ولا أسلحة بيولوجية ، أو أسلحة كيماوية .. ولم يكن هناك أى خط دفاع يحصن العراق ضد هذا الهجوم البربرى الذى تزعمته أمريكا .. بل أنه بعد مرور سنين عديدة سقط ألاف من الجنود الأمريكان فى مستنقع الحرب ضد العراق .. وفقدت أمريكا بلايين الدولارات من حصيلة إيرادات المواطن الأمريكى .. وتعرضت أمريكا لهزات إقتصادية مروعة .. أصابت المواطن الأمريكى فى مقتل .. ومع ذلك لم نسمع عن ثورة إندلعت من الشعب الأمريكى .. تطالب بمحاكمة "بوش" كمجرم حرب ... وبصفته أكبر مخادع وكاذب .. ولكن الذى حدث .. فوجئنا بخروج الشعب الأمريكى وهو يرفع علامات النصر ، ويكرم "جورج بوش" الإبن ، وحصل على أعلى النياشين والأوسمة .. ولكن فى نفس الوقت .. حصل على قذيفة صاروخية من حذاء أحد أبناء شعب العراق "منتصر الزيادى" .. الذى عبر عن غضبه ، فإنفجر فيمن كان سببا فى دمار دولة العراق .. ناهيك عن حالات الإغتصاب الجماعى للفتيات العراقيات ، أو القتل الجماعى من قبل الجيش الأمريكى ، بل صمت الجميع وأقاموا الحفلات الماجنة لتقديم فروض الطاعة والولاء للجيش الأمريكى ، قاهر النساء والأطفال والشيوخ ..
** ثم يأتى دور "أوباما" .. هذا النصاب ، البهلوان السياسى ، الذى إستطاع أن يضحك على الشعب الأمريكى .. ويسلب عقول الشباب بأكاذيبه المخادعة .. إنه محترف أكاذيب ونصب وإحتيال .. ضم إليه العديد من المساعدين الأفاقين والمضللين .. وعلى رأسهم "جون كيرى" ، والأفعى وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلارى كلينتون" .. والحرباء السفيرة القاهرة للسيناتور "أوباما" .. لإلقاء خطابه الشهير .. هو من سوء طالع الشعب المصرى .. عندما ذهب إلى جامعة القاهرة ، وإستخدم نفس الأسلوب وهو اللعب على وتيرة السلام والعدالة والحرية ..
** لقد أجاد هذا المخادع دغدغة مشاعر البسطاء من الشعب المصرى والطلبة .. عندما بدأ يردد بعض الأيات القرآنية التى تحض على السلام والمحبة .. كما بدأ يردد بعض تعاليم وكلمات الحب والسلام التى دعا إليها السيد المسيح ..
** نعم .. ضحك هذا الكذاب على الجميع .. وتحدث عن الديمقراطية والحرية ، والتغيير الحتمى للدول والشعوب للوصول إلى ما أسماه "الربيع العربى" .. وهو فى الحقيقة "الطاعون الأمريكى" لتدمير الشرق الأوسط ..
** وعقب الزيارة الميمونة .. بدأت القلاقل فى المنطقة العربية .. وإنطلقت الذئاب المسعورة فى كل إتجاه .. تشاركها كل فصائل الإرهاب المتأسلم .. لتدمر الحكومات وتستولى على الأوطان بمساعدة الإدارة الملعونة الأمريكية .. ولم يتبقى على هذا السقوط .. إلا سوريا ، ثم يعقبها السعودية ، والبحرين ، والكويت ، وكل دول الخليج .. ومع ذلك لم يتحرك الشعب الأمريكى ضد هذا الأفاق .. بل لقد عليت أصوات الإرهابيين والجماعات التكفيرية فى كل دول العالم .. تطالب بالمزيد من الدمار والدم .. وظل الشعب الأمريكى صامتا .. بل وأحيانا مهللا ومباركا ..
** وعندما بدأت تخبو نجومية هذا الأفاق .. لجأ لحيلة ماكرة .. فقد إدعى أنه أجهض على زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" (الذى كان قد قتل فى إحدى الغارات على تنظيم القاعدة فى أفغانستان) .. وخرجت الجماهير الأمريكية تتراقص فى الميادين .. وعندما طالبه البعض بالكشف عن صورة جثمان القتيل .. قام بعمل تمثيلية وكذبة حقيرة .. ووضاع تابوت بداخله دمية ميكى ماوس ، وقام بإلقائها من فوق أحد البوارج الأمريكية .. وصدق بلهاء الشعب الأمريكى هذا الأفاق .. وأغلق هذا الملف ..
** أما أخر أكاذيب هذا المضلل .. وهو ما نشرته بعض الصحف ، وتردده وكالات الانباء عن إكتشاف مؤامرة الجيش الأمريكى ، لإغتيال أوباما والإطاحة بحكومته .. وغدا سيربط "أوباما" ذراعه .. ويدعى أن بعض الإرهابيين أطلقوا عليه النار .. لكسب تعاطف الشعب الأمريكى معه .. وتأييده فى الإنتخابات الرئاسية القادمة ..
** أقول لهذا الأفاق واللقيط .. وصديقته صاحبة العفة والدلال ، الشمطاء "هيلارى كلينتون" .. لقد دمرتم العالم العربى وأسقطتم العراق والسودان وتونس واليمن ومصر والأن الدور على سوريا .. ولم تكونوا بمفردكم الذين أسقطتم مصر ، بل يتحمل المجلس العسكرى النصيب الأكبر فى إسقاط وتدمير هذا الوطن .. وإذ كانوا لا يعرفون عقيدة جماعة الإخوان المسلمين .. فكان يجب عليهم اللجوء لإستفتاء 85 مليون من أبناء الشعب المصرى وليس بإستفتاء مليون واحد فقط .. لكى يقرروا هم ويحددوا هم .. مصير وطن وأمة بأكملها ...
** لقد أقسم المجلس العسكرى على أن يدافع عن هذا الوطن ، وأن يراعى مصالح شعبه ، وأن يحمى مقدراته ، كما أقسم أمام الشعب ألا يسلم مصر للإخوان ، وألا يحكم مصر فصيل أو حزب واحد .. ومع ذلك كذب علينا المجلس العسكرى ونقض عهده ، ونقض قسمه ، وأعطى مصر بكل طواعية ، لكى يديرها جماعة الإخوان المسلمين ويحكمها رئيسا لم تكتمل شرعيته طبقا للقانون والدستور ، ليصبح رئيسا لمصر يمتلك كل  السلطات ليقرر ويسجن وينفى ويعزل .. والشعب لا يملك المواجهة ..
·        رسالتنا الثانية للشعب المصرى
** ماذا دهاكم .. هل قمة أحلام ثورتكم على الفوضى والفساد التى تفشت فى زمن مبارك .. هى إستيلاء الإخوان على مصر .. هل صمتت الأقلام الشريفة ، والصحفيين الشرفاء على الإنتهاكات ضد زملاءهم ، التى بدأت تفرض سطوتها ضد الأقلام ، لتكميم الأفواه ، وكسر الأقلام الحرة لنعود بمصر إلى الوراء مئات الأعوام ، وعصور الظلمة .. بل أكثر من عصور الظلام ، ومن زمن "بدران" الحاكم ..
** أين تلاحمكم لمواجهة الفاشية الإخوانية .. لقد هللتوا لسقوط مبارك ، علما بأن مبارك لم يأمر بغلق صحيفة أو يقوم بإقصاء رأى ، أو قصف قلم .. فى الوقت الذى هاجمته أقلام كثيرة ، وبصورة مباشرة .. وتعرض للسب والقذف من أقلام عديدة .. وكان هناك بعض البلاغات ولكنها لم تصل إلى هذه الدرجة .. والجميع صامت !!!..
** أين أنتم ياشرفاء العدالة .. ونحن نرى .. وأنتم ترون سقوط العدالة فى مصر .. وإنهيار القضاء وكسر هيبة الأحكام .. ومحاولة هيمنة دور الحاكم .. وإلغاء المحكمة الدستورية العليا .. بل وإلغاء الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا من قبل رئيس الدولة ، وإلغاء الدستور المكمل ، والتكويش على كل السلطات .. ويتم ذلك أمام الشعب صاحب السلطة العليا فى البلاد .. وللأسف يصمت حماة العدالة .. وكل ينتظر دوره .. إما لإقصائه أو الزج به فى المعتقلات والسجون ..
** أين أنتم ياشعب مصر .. وهناك فوضى وبلطجة فى كل الميادين والشوارع .. وحالات تسمم بالألاف على إثر شرب مياه ملوثة .. وهذا لم يحدث فى أى عصر من العصور .. ومع ذلك صمت الجميع ..
** أين أنتم ياشعب مصر .. والفوضى عمت الشوارع وتلال القمامة تحولت إلى اطنان وأهرامات فى كل الميادين ، والشوارع ..
** أين أنتم ياشعب مصر .. والبلطجة أصبحت لغة التعامل لأصحاب بعض المقاهى .. لم يكتفوا فقط بأشغال الأرصفة .. بل تعدت الفوضى إحتلال الشوارع ، والأمثلة كثيرة فى هارون بمصر الجديدة .. وشارع صعب صالح بمنطقة عين شمس .. وميدان المطرية .. وشارع منشية التحرير .. ومنطقة الزاوية الحمراء .. وجميع شوارع شبرا .. بل القاهرة بأكملها ..
** أين أنتم ياشعب مصر .. ومصر تعود للخلف مئات السنين فى كل المجالات .. "إعلام – صحافة – فن – تعليم – سياحة – خدمات" .. فهل نحن فى غفلة من أمرنا .. أم نحن فى كابوس مخيف .. وهل نفيق منه أم نظل فى غيبوبة ؟؟!!!!
صوت الأقباط المصريين

بين المؤتمر الصهيوني الأول والآن: 115 عاماً من الإرهاب الصهيوني المتواصل/ محمود كعوش

عودتنا بعض الصحف الصهيونية أن تطل علينا بين الحين والآخر بافتتاحيات خاصة تحذر فيها حكومات كيان العدو من مغبة ما قد تؤول إليه الأوضاع في هذا الكيان المصطنع نتيجة سياسة التمييز العنصري الحمقاء التي درجت على ممارستها ضد الفلسطينيين على مدار الأعوام الأربعة والستين الماضية التي مثلت تاريخ اغتصاب فلسطين بشكل مخالف للقوانين والأعراف الدولية.
وأذكر أنه عشية قيام الصهاينة بإحياء مرور قرن على رحيل زعيمهم تيودور هرتزل في التاسع من شهر تموز 2004، حذرت تلك الصحف من مغبة حدوث كارثة حقيقية قد تهدد الوجود المصطنع لكيان العدو القائم بقوة الحديد والنار فوق ثرى فلسطين منذ عام 1948، إذا ما استمر قادته بممارسة سياسة التمييز العنصري بحق الفلسطينيين الذين كان قد مضى على اغتصاب أراضيهم في حينه سبعة وخمسون عاماً.
ولربما أن صحيفة “هآرتس” كانت الأكثر وضوحاً بين الصحف الصهيونية، إذ قالت يومها في افتتاحيتها التي خصصتها للمناسبة ما نصه: “إنه يتعين علينا ـ أي على الإسرائيليين ـ القول دون خشية أو تردد أن صهيونية الألفين لن تبقى على قيد الحياة في حال ظل تفسيرها لدولة اليهود على أنها دولة الأبارتهايد التي تتحكم بالفلسطينيين خلافاً لإرادتهم ورغباتهم. ويجب أن نذكر أن معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلال إسرائيل قاسية مثل معاناة يهود أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر. إن مستقبل دولة اليهود مرتبط بمستقبل الشعب الفلسطيني الذي يعيش إلى جانبها وفي داخلها. والحل المنطقي والأخلاقي لهذا لا يمكن العثور عليه في الحلم وإنما في إصلاح الواقع”.
إن بإمكان كل مهتم أن يلقي نظرة على أدبيات المنظمات الصهيونية وممارسات هذه المنظمات ليستدل على أن “الحلم الصهيوني” كان قد بدأ يعبر عن نفسه بشكل سافر ومستفز مع التئام شمل المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد قبل 115عاماً في مدينة بازل على الحدود السويسرية الألمانية، وتحديداً في شهر آب 1897.
ففي ذلك المؤتمر تم وضع الأساس النظري للدولة العبرية، التي قامت فيما بعد على أنقاض فلسطين الحبيبة في قلب الوطن العربي، في ظل خنوعٍ عربي وتواطؤ أممي وتآمرٍ دولي. وقد عرفت الفترة الممتدة بين التاريخ المذكور واللحظة الراهنة محطات خطيرة ومؤلمة كثيرة حاول الصهاينة خلالها تمزيق وتفتيت الوطن العربي واختراق كل خطوطه الدفاعية، بدعمٍ وتأييدٍ مطلقين من الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة.
ومما لا شك فيه أن خيوط الصهيونية التي نُسجت قبل 115 عاماً انتشرت في العالم كالهشيم في النار وتمددت كالسرطان بشكل مدروس ومتسارع لتطال معظم أرجاء المعمورة، وذلك من خلال استئثارها بزمام الأمور الاقتصادية والإعلامية في معظم البلدان وتزعمها للانقلابات العسكرية فيها تمويلاً وتنفيذاً، وامتلاكها لأضخم إمبراطورية مالية تغذت خزانتها من مساعدات المنظمات الصهيونية والجاليات اليهودية والتيارات المسيحية المتصهينة المتعاطفة معها ومن التعويضات الألمانية والمساعدات الأميركية التي ما تزال تتدفق عليها حتى الآن والتي اقتربت من حدود 250 مليار دولار.
انعقد المؤتمر الصهيوني الأول بين 29 و31 آب من عام 1897 تحت شعار “العودة إلى صهيون”، وأشرف على تنظيمه ورئاسته المفكر والكاتب اليهودي المجري تيودور هرتزل الذي يُعدُ أبو الصهيونية العالمية والمُنّظِر الأكبر للإرهاب الدولي. وصهيون كما نعرف هو جبل في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة. وقد شارك فيه أكثر من 200 مندوب يهودي، 117 منهم مثلوا جمعيات صهيونية مختلفة، وسبعون آخرون جاءوا من روسيا وحدها، إضافة إلى مندوبين من القارتين الأميركيتين والدول الاسكندنافية وبعض الأقطار العربية.
وكان مقرراً للمؤتمر أن ينعقد في مدينة ميونيخ الألمانية، إلا أن الجالية اليهودية هناك عارضت ذلك لأسباب خاصة بها مما استوجب نقله إلى مدينة بازل السويسرية. وافتتح الإرهابي تيودورهرتزل المؤتمر بخطابٍ “ناري وعاطفي” كشف فيه عن الهدف الحقيقي من وراء عقده، والذي تمثل بما أسماه “وضع الحجر الأساسي للبيت الذي سيسكنه الشعب اليهودي في المستقبل”! وأعلن في ذلك الخطاب “أن الصهيونية هي عودة إلى اليهودية قبل العودة إلى بلاد اليهود”! كما حدد فيه مضمون المؤتمر فاعتبره “الجمعية القومية اليهودية”.
وفي ختام المؤتمر أقر المؤتمرون أهداف الصهيونية التي عُرفت منذ في ما بعد ب“برنامج بازل” الذي حسم موقف الصهاينة من موقع دولتهم، التي لطالما حلموا بها!! وبرغم اقتصار أبحاث المؤتمر، إلى حدٍ ما، على المناقشات والمداولات دون أن يكون هناك التزام واضح من قبل هرتزل بقيام هذه الدولة “الوطن” في فلسطين بالتحديد، إلا أن المؤتمر شكل بدايةً حقيقية لمشروع الدولة الصهيونية، في ظل توفر العديد من الخيارات والأوطان بينها الأرجنتين وأوغندا. ومع ذلك فقد شكل المؤتمر الانطلاقة الأولى باتجاه فلسطين. وقد سبق لهرتزل أن فكر في مثل هذا قبل عامٍ من انعقاد المؤتمر، اي في عام 1896، كما ظهر جلياً في كتابه “الدولة اليهودية”.
ومما لا شك فيه فإن المؤتمر الصهيوني الأول قد شكل نقطة تحول هامة وخطيرة جداً في تاريخ الحركة الصهيونية، إذ نجح منظموه في جمع معظم صهاينة العالم تحت سقفٍ واحد وفي إطار أطلقوا عليه تسمية “المنظمة الصهيونية العالمية”، وهي المنظمة التي تولت من حينه الإشراف على مجمل الأجهزة الصهيونية في العالم.
 ووفق ما جاء في “الموسوعة الفلسطينية” فإن إنشاء المنظمة المذكورة كان قد شكل فاتحة عهدٍ جديد من النشاط الصهيوني الهدام استهدف تحقيق جميع مخططات الحركة الصهيونية. وقد تفرع عن المؤتمر لجنة تنفيذية تكونت من 15 عضواً كانت بمثابة مجلس شورى وأخرى صُغرى تكونت من خمسة أعضاء كانت بمثابة حكومة. وتم تأسيس مكتبة مالية لجمع الاشتراكات الصهيونية السنوية من جميع اليهود في العالم، إلى جانب فتح المصرف اليهودي الاستعماري برأسمال بلغ مليون جنيه إسترليني. ووضع المؤتمر برنامجاً سارت عليه جميع المؤتمرات الصهيونية التي جاءت بعد ذلك، كما وناقش تقارير مفصلة عن فلسطين والنشاط الاستيطاني فيها. ونصبَ المؤتمر تيودور هرتزل رئيساً له ورئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية.
وبنتيجة تزايد الضغوط اليهودية، عرضت الحكومة البريطانية على المنظمة الصهيونية العالمية بعد مضي عام واحد على انعقاد المؤتمر ستة آلاف ميل مربع من أراضي أوغندا في القارة السمراء لإقامة الوطن القومي اليهودي المنشود، إلا أن “منظمة الأرض اليهودية” التي كانت تشكل أحد أبرز أذرعة تلك المنظمة، رفضت ذلك العرض وأصرت على أن يكون في فلسطين، متذرعة بما أسمته زوراً وبهتاناً “الرؤية التوراتية”!!
 وبنتيجة الضغوط المماثلة على الولايات المتحدة الأميركية والمعسكر الغربي الذي تشكل منه “الحلفاء” إبان الحرب العالمية الأولى، أصدر وزير الخارجية البريطاني آنذاك جايمس بلفور وعده المشؤوم الذي سُمي باسمه في عام 1917 والذي قضى بإقامة “الوطن اليهودي” على أجزاء من فلسطين، ليكون نقطة حماية استراتيجية للدفاع عن قناة السويس وطريق الهند، وليكون قاعدة متقدمة للإمبريالية في الوطن العربي.
 وتبنى الرئيس الأميركي هاري ترومان ذلك الوعد بحماس كبير و”طيب خاطر طبعاً”!! وتطور الحال إلى أن جاء المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون الذي انعقد في بازل السويسرية أيضاً في عام 1946 وتبنى بدوره مشروع “بلتمور 1942″ الذي قضى بإنشاء دولة يهودية في فلسطين.
 ومما لا شك فيه أن المشروع الصهيوني قد رمى بظلاله القاتمة والكارثية على الأرض الفلسطينية والفلسطينيين في آن معاً. فبعد خمسة عقود من مؤتمر بازل، تمكنت الحركة الصهيونية من إقامة الكيان الصهيوني على 78 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية، بعد أن طردت بالإرهاب والإكراه والتنكيل والتعذيب 850 ألف فلسطيني من أراضيهم. ثم أجهزت في عام 1967 على ما تبقى من فلسطين، بعد طرد وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين الجدد. وبالنسبة للهجرة اليهودية إلى فلسطين، فقد اتخذت بعد مؤتمر بازل الأول طابعاً منظماً، حيث ارتفع عدد اليهود من 30 ألفاً في عام 1897 إلى 650 ألفاً في عام 1948، وهو تاريخ نكبة فلسطين وولادة “الدولة العبرية القيصرية”. وقد تواصلت سياسة التهجير “الإسرائيلية” ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات والهدم والحفر والعزل وتغيير المعالم في فلسطين بالشكل الذي تناسب وتلاءم مع المطامع اليهودية الصهيونية، كما وتواصلت سياسة الهجرة اليهودية ليصل عدد اليهود إلى ما يزيد عن خمسة ملايين من أصل يهود العالم الذين لا يتجاوزون 13 مليوناً.
 وليس من قبيل المبالغة القول أنه ومنذ اغتصاب فلسطين في عام 1948 وحتى اللحظة الراهنة، يمارس ”الإسرائيليون” السياسة في إطار الأيديولوجية الصهيونية ويتعايشون مع الخوف المتواصل والمفتعل، وسط اللجوء إلى الغرب وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية لتأمين الأسلحة الفتاكة والمفاعلات النووية والتكنولوجيا المتطورة، والحصول على الدعم السياسي والمعنوي لسياساتهم العدوانية ومخططاتهم التوسعية. ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة والألم الفلسطيني في تصاعدٍ مستمر ومتنام نتيجة تلك الممارسة وذلك التعايش والانحياز الغربي ـ الأميركي الأعمى “لإسرائيل”.
وإذا ما دققنا في ملفات منظمة الأمم المتحدة بما في ذلك ملفات مجلس الأمن الدولي لوجدنا أن الولايات المتحدة الأميركية لم “تكلف نفسها” عناء تسجيل أي إدانة للممارسات الإرهابية اللاأخلاقية واللاإنسانية التي ارتكبها “الإسرائيليون” بحق الفلسطينيين والعرب منذ بدء حلم تيودور هرتزل في عام 1897 وحتى إرهاب أيهود أولمرت في وقتنا الحاضر.
والثابت حتى الآن أن الأيديولوجية الصهيونية ما تزال هي المتحكمة بعقليات وسياسات قادة “إسرائيل”، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم اليمينية أو اليسارية. فقد حرص اسحق رابين كل الحرص عند طرحه “إعلان المبادئ” الذي أبرمه مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أمام أعضاء الكنيست “الإسرائيلي” على الادعاء بأن “الصهيونية قد انتصرت”!! أما بنيامين نتنياهو، فقد حرص هو الآخر على أن يقتفي أثر سلفه ويدعي في كتاباته “أن للصهيونية دوراً هاماً يجب عليها القيام به من أجل توطين ثمانية ملايين يهودي حفاظاً عليهم من عداء السامية المستشري في العالم، على حد زعمه!!
وبرغم جميع الاجتهادات والأفكار “البروباغندية” التي طرحها زعيم حزب العمل الأسبق والرئيس الحالي لدولة الاغتصاب شمعون بيريس في كتابه “الشرق الأوسط الجديد” بغية الفصل بين جيلين “إسرائيليين” سابق قامت سياسته على الأحلام والتطلعات الأيديولوجية وحالي تقوم سياسته على حقائق العصر، إلا أنه لم يستطع أن يعدل عن مواقف الصهيونية الخاصة بدعوى أرض “إسرائيل التوراتية” والتي تشمل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، تماماً مثله مثل أي قائد “إسرائيلي” أخر!!
قرن وخمسة عشر عاماً مر على تاريخ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية وما زال قادة كيان العدو من الأحزاب الرئيسية الثلاثة العمل والليكود وكاديما عاجزين عن تطوير الصهيونية بما يتفق مع حقائق العصر بمعناها الحقيقي ومفهومها الواضح، بمن فيهم إسحق رابين.
فحين خطا رابين أولى خطواته على طريق “السلام” المزعوم، لم يجرؤ على الإقرار بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة في الضفة والقطاع والقدس الشريف، لا بل تمسك ببقاء المستوطنات اليهودية في مواقعها ووضعها تحت حماية قوات الأمن “الإسرائيلية” وإشراف سياسي كامل من قبل السلطة السياسية “الإسرائيلية” في تل أبيب.
وعندما يكون الحال هكذا مع رابين “شريك الفلسطينيين في سلام الشجعان” كما كان يصفه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فمن البديهي أن يكون أدهى وأمر وأشد تصلباً مع القادة الآخرين الذين خلفوه في رئاسة حكومات تل أبيب المتعاقبة.
ربما يكون من المفيد الإشارة إلى أن الألم الفادح الذي أوقعته الصهيونية العالمية بالفلسطينيين والعرب عامة من خلال ممارستها الإرهاب المتواصل ضدهم قد بدا في بعض الأحيان ثقيلا على ضمائر بعض المفكرين والسياسيين والعسكريين اليهود أنفسهم في تل أبيب وعواصم الغرب، من أمثال ألبرت أنشتاين ومكسيم رودونسون والبروفسور تالمون وناحوم جولدمان وعيزرا وايزمان وآخرين، وفق ما جاء في تصريحاتهم وكتاباتهم.
لكن الوقائع على الأرض ستظل تشهد على أن كيان العدو لم يزل يُصر على التمسك بوضعية دولة الأبارتهايد التي تتحكم بالفلسطينيين خلافاً لإرادتهم ورغباتهم، الأمر الذي يُستبعد معه احتمال قرب نهاية الصهيونية، كما تكهنت صحف صهيونية كثيرة، من بينها صحيفة “هآرتس” التي أشرت إلى بشكل صريح ومباشر في افتتاحية عددها الخاص بالذكرى المئوية لرحيل “ملهم الصهاينة والمنظر الأكبر لإرهابهم” تيودور هرتزل!!
محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن في آب 2012
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

سوريّة وفلسطين...المحور والبوصلة/ سعيد نفاع


فلسطين هي المحور في العدوان على سوريّة وكل من يحوّر الأمور وفي أي اتجاه وتحت أي مسميّات فهو مخطِيء ومخطّيء في أضعف الإيمان، وكل انتصار تحققه اليوم سوريّة بغالبيّة شعبها العظمى وجيشها وقيادتها داخليّا وخارجيّا هو انتصار لقضيّتنا الفلسطينيّة وإن تأخرت ثماره.   
قال الفيلسوف الساخر برنارد تشو: "لم تبلغ بي السخريّة حدّا أن أزور الولايات المتحدة الأميركيّة لأرى تمثال الحريّة"، ولا أعتقد أن السذاجة يمكن أن تبلغ حدّا عند أحد أن يصدّق أن "الملوك والأمراء والشيوخ والخلفاء" وفضائياتهم ومأجوريها من "شيوخ" و"مفكرين" قلقون فعلا على حريّة الشعب السوريّ وعلى الدماء السوريّة التي تُسفك، وكذا الناتو وعلى رأسه صاحبة تمثال الحريّة.
الأمر الطبيعي أن يُشغلنا نحن الفلسطينيين في كل مكان وفي ال-48 ما هو حاصل في العالم العربيّ ليس فقط من منطلق انتمائنا لهذه الأمّة، فقضيّتنا هي المحور ومن هذا المحور تُشتق المواقف والتحرّكات في تشابك وتقاطع مصالح وعْريّ شائك يتيه فيه الضالعون في الأمور فكم بالحري بسطاء الناس.
عودة إلى هذا المحور وانطلاق منه يوصلانا ودون عناء إلى سبر غور ما يبدو مجهولا أو عصيّا على فهمنا وبالذات في هذا الالتقاء الغربيّ- إسرائيلي، التركيّ، العربيّ- ملوكي، الأصولي، وبعض "المعارضيّ" السوريّ وبعض "اللبراليّ" من دعاة حريّة الشعوب الفرديّة ودون أن يرى هذان الأخيران في هذا الالتقاء ولو غضاضة.
هنا تحضرني حكاية من تراثنا الشعبيّ عن:
بلدة سادها إجماع رغم تناقضاتها اللهم إلا "شقيّا" من سكانها عكّر صفو هذا الإجماع، فقرروا بعد يأس من "إصلاحه" ومشاورات مضنية واستفتاء شيوخ واستشارة مفكرين أن يدفنوه حيّا. ألقى "قبضاياتهم" القبض عليه وربطوه على المحمل وساروا فيه بجنازة قلّت مثيلاتها لم يتأخر أحد منهم عن المشاركة فيها.  مرّوا أمام شرفة زعيم البلد القاعد فيها يتشمّس ولا علم له براحل في البلد، فصاح فيهم مستغربا مستنكرا تجاهله طبعا:
"من المرحوم؟".
رفع "المرحوم" رأسه صائحا معتقدا أنها فُرجت:
"يا سيدي بدهم يدفنوني حيّ!".
فما كان من الزعيم إلا أن أجابه:
"تريدني أن أصدقك وأكذّب كل هؤلاء؟!".
طبعا لا تخلو جعبة المعارضين ولا اللبراليين دعاة الحريّة الفرديّة من حجج لا تعدّ ولا تُحصى تميط اللثام عن هذه ال و"لو غضاضة" في الالتقاء وإذا أخذنا هذه الحجج مستقلّة لا قبلها ولا بعدها فهي في ظاهر غالبيتها محقّة، ولكني وبكل تواضع كما الكثيرين غيري يرونها وكما قال الراشد عليّ بن أبي طالب "كلام حقّ يراد به باطل"، ولا يستطيعون أن يكونوا جزء من هذا الالتقاء ولو "الصّدفي" على طريقة ونستون تشرتشل "سأتحالف مع الشيطان من أجل مصلحة بريطانيا"، ونرى في ذلك كثيرا أكثر من غضاضة وعلى الأقل ندّعي كوطنيّين قوميّين أن نقطة أساسيّة في انطلاقنا هي القضيّة المحور، قضيّتنا الفلسطينيّة والتي ما زلنا نعتقد، وعلى ما يبدو مخطئين، أنها القضيّة المحور والأولوية لكل العرب والمسلمين. وينبئك بالأخبار من لم تزوّد فلنذكّر لعلّ تنفع الذكرى:                 
عام 1852 كتب السياسي البريطاني هولنغورت في كتابه اليهود في فلسطين: "إن إقامة دولة يهوديّة في فلسطين هي ضمان حماية طريق الهند".
وعام 1853 كتب الكولونيل شارلز هنري تشرتشل في كتابه جبل لبنان: "إذا كنّا نريد الإسراع في تقدّم المدنيّة وأردنا توطيد سيادة انجلترا في الشرق فعلينا أن نعمل أن تكون سوريّة الكبرى تحت سيطرتنا بشكل ما".
من أشهر أقوال حاييم فايتسمان رئيس المنظمة الصهيونيّة حينها والرئيس الأول لدولة إسرائيل لاحقا: "إن بريطانيا كانت ستخلق الصهيونيّة لو لم تكن قائمة".
وفي المؤتمر الصهيونيّ السادس في بازل عام 1903 قال ماكس نوردو بحضور بلفور ولويد جورج: "نعرف ما تتوقعون منّا، تتوقعون أن نكون حراس طريقكم إلى الهند (إقرأ: مصالحكم) عبر الشرق الأدنى. نحن على استعداد لتنفيذ هذه الخدمة العسكريّة ولكن من الضروري تمكيننا أن نصبح قوة حتى نتمكّن من القيام بهذه المهمّة".
هنا مربط الفرس، فعندما نتكلّم عن المفروغ منه، مصالح الغرب ومطاياهم في الشرق يجب ألا يغيب عن البال أنّ لهذه المصالح قاعدة وهذه القاعدة ليست التي يستضيفها أمراء قطر والبحرين وملوك السعوديّة وخلفاء تركيا، هذه المصالح تُختزل كلّها في وجود القاعدة الأماميّة الثابتة، إسرائيل. وإسرائيل قائمة على أنقاضنا ومن هنا يجب ضرب كل من يحاول رفع أو حتى نفض هذه الأنقاض ولو قولا وكلّ ما عدا ذلك من حريّة وحقوق إنسان وكلام جميل يُشتقّ من هذا المربط.
لقد كشف العماد أميل لحّود الرئيس السابق للبنان في مقابلة مطوّلة خفايا لم تجر العادة أن يكشف مثلها من كانوا في مواقع مسؤوليّة، وتكفي الإشارة إلى ما كشف عن أن مبادرة الملك السعودي عبدالله والتي صارت المبادرة العربيّة بيروت 2002 خلت من أي إشارة إلى حقّ اللاجئين الفلسطينيين، علما أن طيّب الذكر أبو عمّار كان محاصرا في المقاطعة ولم يحضر مؤتمر القمّة، لولا إصرار الرئيس اللبناني رئيس القمّة، مدعوما من الرئيس السوريّ بشّار الأسد على وضع هذا الحق من أسسها، هذا هو معنى للممانعة والمقاومة للمشاريع الأميركو- صهيونيّة، فمقتل إسرائيل هو حقوق اللاجئين، والقدس والحدود وغيرها مقدور عليها. وماتت المبادرة " البوشيّة- العبداللاتيّة" وعلى هذا وعلى غيره "شالوها" للنظام السوريّ ولكن هذه هي نقطة البداية.
وإذا عطفنا هذا على خطط إعادة تأهيل الجيش الإسرائيلي في "تدريبات نقاط التحوّل" السنويّة، فيها يتدرّب على حرب جبهاتها لبنان وسوريّة وإيران وحتى العراق وغزّة والضفة وحتى فلسطينيي ال-48 "مواطني" دولة إسرائيل، يحقّ لنا أن نسأل وأن نتساءل:
هل فعلا حريّة الشعب السوريّ ودماؤه هي القاضّة مضاجع آل كلينتون وآل أشتون وآل سعود وآل ثاني وآل خليفة وآل الصُّباح وآل أردوغان؟!
ويحقّ لنا أن نتساءل ونسأل اللّبراليين دعاة الحريّة الفرديّة (وكأن مثل هكذا حريّة تكتمل دون الحريّة الجمعيّة):
لماذا يغيب عن بالكم وتقللون من دوافع ومعاني هذا التأهيل الذي تقوم به إسرائيل لجيشها، عند الحديث عن سوريّة ؟! أفي هدوء جبهة الجولان الظاهر حجتكم؟!
النظام البعثيّ في سوريّة ليس بريئا "براءة حمام مكّة المكرّمة" وليس كامل الأوصاف ولكن ليست هذه القضيّة في سياقنا، ومن بابين: باب "ديموقراطيّة" البحرين وحدّث فيه ولا حرج، وباب الإصلاحات السوريّة. قانون الأحزاب مثلا الذي أصدره الرئيس الأسد وأقرته الحكومة السوريّة وصادق عليه مجلس الشعب أكثر تطورا من قانون المدلّلة "أم الديموقراطيّات" إسرائيل بكثير، وعلى المدى البعيد القريب سيحدث في سوريّة تغييرا جوهريّا في النظام. فلماذا لا يريد هؤلاء ليس فقط التعامل معه حتى أن يقرأوه لا يريدون؟!   
عطفا على ما جاء، لن يدع هؤلاء الأمر ينتهي في سوريّة إن استطاعوا، ولن يستطيعوا، مثلما يريد شرفاء سوريّة في المعارضة وفي النظام وفي الشعب السوري، لأن سوريّة في الأزمة حصانة للقاعدة- إسرائيل وسوريّة في اشتداد الأزمة حصانة أكبر للقاعدة- إسرائيل وسوريّة في عراق ثانيّة كلّ الحصانة للقاعدة- إسرائيل (هذه هي البدائل المنظورة أمام سوريّة)، وستوفر إسرائيل حينها بعض المصروفات في إعادة تأهيل جيشها لإسكان شبابها والعناية بعجزتها، وستُشقّ الطريق للمبادرة "المؤامرة" العربيّة تجاه فلسطين بعد تنظيفها ممّا "علق" فيها في بيروت! 
قضيّتنا الفلسطينيّة هي المحور ومن قضيّتنا تُشتق المواقف كانت وما زالت وستبقى، لا بل قضيّتنا هي البوصلة وهي الأولويّة، شاء من شاء وأبى من أبى وليست "علّاقة" كما يحلو للبعض اختزالها. فلا الحكم الأسلامويّ الوهابيّ، المنسّق مع الغرب في لقاءات ومشاورات لندن من السنة الماضية، هو البوصلة وهو الأولوية. ولا الحريّة الفرديّة على الطريقة اللبراليّة الراديكاليّة الغربيّة ومراكزها المُمولة نقدا من صناديق العربان وفكرا من ال-CIA هي البوصلة وهي الأولويّة.
من "يجاهد" ميدانيّا في سوريّة ضدّ الجيش السوريّ وضد القيادة السوريّة بمواقفها وليس بشخوصها وضد غالبيّة الشعب السوريّ (اعتراضيّا: لو كانت غالبيّة الشعب السوريّ ضدّ القيادة كما يتغنى نشازا أعداء سوريّة لزحفت هذه الغالبيّة على القصر الجمهوريّ كما زحفت جماهير مصر وتونس على القصور الجمهوريّة ولا جيش يردها ولا براكين تردها) من يجاهد هكذا إنما "يجاهد" ضدّ فلسطين، ومن "يجاهد" ضدّ سوريّة وقيادة سوريّة فكريّا إسلاميّا تكفيريّا وفكريّا ليبراليّا راديكاليّا إنما يجاهد ضد فلسطين.
المطلوب في سوريّة هو ليس رأس الأسد أو البعث، المطلوب رأس الدولة الموقع والموقف من الأولويّة فلسطين وما تعني وطنيّا ومصالحيّا، ولا أعتقد أن هذا غاب أو يغيب عن بال طفل عربيّ، وأجزم أنه لم يغب ولا يغيب عن بال الوطنيّين من المعارضين السوريّين ولا العرب بعامتهم ونخبهم الوطنيّة الداعمين لمعارضة لا ترى حتى غضاضة في تحالفاتها التشرتشليّة، وهذه الخلاصة صحيحة وبغض النظر عمّا تنتهي الأمور في سوريّة، مع ثقتنا التامّة أنها لن تنتهي إلا كما يحب كل وطنيّ عروبيّ قوميّا كان أو أسلاميّا وكل وطنيّ عروبيّ محافظا كان أو ليبراليّا، وليس هذا من باب التمنّي.      
 

اوضاع التعليم العربي في اسرائيل/ شاكر فريد حسن

 افتتحت المدارس ابوابها اليوم لاستقبال آلاف الطلاب العائدين من عطلة صيفية قضوها في النشاطات المختلفة . وبدوري اهنئ جميع الطلاب واتمنى لهم سنة دراسية ناجحة وموفقة .
وفي واقع الأمر انه يوماً بعد يوم تزداد الاوضاع التعليمية في الوسط العربي سوءاً بسبب التقليصات في الميزانيات الناجمة عن السياسة العنصرية، التي تمارسها السلطات والدوائر الحاكمة في اسرائيل ضد جماهير الشعب الفلسطيني والقائمة على الاضطهاد والتمييز والقهر والبطش والاستيطان والاحتلال وخدمة المصالح الامبريالية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.
ان نظرة سريعة على هذه الاوضاع التعليمية كافية ان تبين لنا النقص الذي تعاني منه مدارسنا العربية، فهناك نقص في الغرف التدريسية والمختبرات والحواسيب والمكتبات وقاعات الرياضة وفي عدد الممرضات والاخصائيين في علم النفس والعاملين الاجتماعيين والمستشارين التربويين . كذلك فان مدارسنا العربية غير مشمولة في اطار المشاريع التشجيعية المختلفة لوزارة المعارف والرفاه الاجتماعي ، والتعليم الصناعي والزراعي غير متطور في الناحية العربية.
وعلى صعيد المناهج التدريسية فالمحافل والاوساط الحاكمة انتهجت منذ العام 1948سياسة تجهيلية ضد طلابنا العرب واجيالنا الفلسطينية الناشئة ، استهدفت تحويلهم الى حطابين وسقاة ماء ، وذلك عن طريق نشر العدمية القومية وابعادهم عن الأدب الفلسطيني التقدمي والانساني الثوري العالمي ، وتزوير التاريخ الفلسطيني وطمس التراث الشعبي الفلسطيني عدا عن تشويه نضالات الانسان الفلسطيني من اجل الاستقلال ونيل الحرية. ولكن جماهيرنا العربية وقواها السياسية والفكرية احبطت المخطط السلطوي التجهيلي بتعميق ونشر الوعي السياسي ـ الاجتماعي بين الاجيال الصاعدة . وقد اسهمت الصحافة الشيوعية (الاتحاد) و(الجديد) و(الغد) في المعركة ولعبت دوراً هاماً في تسليح طلابنا وشبابنا بالفكر العلمي الثوري وبالادب الفلسطيني والانساني التقدمي . وفي هذا المجال اورد الحقائق الموضوعية الدامغة ، التي اكدها الفقيد الراحل طيب الذكر الدكتور اميل توما في كتابه الهام (طريق الجماهير العربية الكفاحي في اسرائيل)بخصوص المناهج التعليمية في المدارس العربية ، وهي:
*تنفي مادة التاريخ التي تدرس في المدارس العربية في هذه البلاد وجود الشعب الفلسطيني وتقفز عن المراحل التاريخية الكاملة لتؤكد تواصل تواجد اليهود بدون انقطاع في ارض اسرائيل.
*تشوه مقاومة الشعب العربي الفلسطيني لممارسة الصهيونية ، التي تميزت بالاحتلالات الثلاث ، احتلال الأرض، احتلال العمل، واحتلال السوق.
*تلغي كتب اللغة العربية كلمة "الوطن"في مادتها وحين يدرس الأدب العربي يمسح القيمون على هذه المادة "الأدب الوطني والتقدمي".
*تقتصر مادة الأدب العربي على الوصف والهجاء والمديح والرثاء والغزل.
اما بخصوص الكتب التعليمية فقد اصبحت المسألة تجارية بحته،فتعقد صفقات ربحية بين المديرين والمفتشين والمؤلفين ودور الطباعة والمسوقين.
وبالنسبة للتعليم العالي فالحركة الطلابية في الجامعات والمعاهد العليا تواجه هجمة شرسة على حقها في الدراسة وخطط الحكومة رفع القسط الدراسي . وفي جامعة تل ابيب تتجه نية القبول لمساكن الطلبة بشرط الخدمة العسكرية الامر الذي يطال الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعة.كذلك هناك آلاف الأكادميين العرب الذين الذين انهوا دراستهم في جامعات ودور المعلمين منذ سنوات عديدة لم يتم استيعابهم في سلك التدريس لاسباب شتى ولعدم وجود "واسطه" او بسبب الانتماء والنشاط والمعتقد السياسي.
وازاء هذه الأوضاع فان طلابنا وجماهيرنا العربية وهيئاتها ومؤسساتها التربوية والمدنية مدعوون الآن ، اكثر من اي وقت مضى، الى تصعيد المعركة الشعبية النضالية من اجل تغيير الاوضاع التعليمية المزرية ورصد الميزانيات للتعليم ،وتوفير ما تحتاجه المدارس من نقص في العاملين الاجتماعيين وخبراء علم النفس، وفي سبيل رفع مستوى التعليم العربي والتحصيل العلمي لطلابنا في امتحانات البجروت.

سمعاً وطاعة لك حماس/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لأجلك حماس ينكسرُ قلمي ويجفُ مدادُه، فلا يخطُ إلا حباً أو نصحاً، ولا يكتب إلا دفاعاً وحرصاً، ولا يكون معك إلا جندياً، يصد عنك الهجمات، ويذود عنك في الملمات، ويخوض من أجلك الصعاب، ويتحدى معك من يتطاول عليك أو يسيئ إليك، وفي سبيلك ينعقد لساني وتنحبس كلماتي، إلا على منابر الحق مدافعاً، فلا أكون إلا في الصفوف الأولى منافحاً، أرد السهام وأميط اللثام، وأرد على من أساء بقلمي ولساني وبياني، فلحركة حماس كل الحب والولاء، ولها كل التقدير والوفاء، ولها عليَّ وعلى كل الأمة حق النصرة والدفاع، وواجب الدعم والمساندة، وعلى الأمة كلها أن تكلأها بالرعاية، وتحميها بالدعاء، وتدافع عنها بالدم والروح، فهي حركةٌ إسلامية ذات أصولٍ وجذور، تضربُ في عمقِ الأرضِ والتاريخ، وتنتصبُ قامةً شامخةً على مر الزمان، تواجه الصعاب، وتتحدى الاحتلال، وتقدمُ الشهداء، ويخرجُ منها الرجالُ والأبطالُ، وينبري للشهادة فيها قادتُها ورموزُها ومؤسسوها الشجعان، ما أصبح لها أثراً في كل مكانٍ، وعلامةً في كل ميدان، وفعلاً يخشاه الأعداء، وكانت في كل بيتٍ حاضرة، وعند كل معركةٍ سابقة، وفي ميادين القتال مبادرة، لا تبالي بجرحٍ ولا تبكي من ألم، ولا تضجُ ولا تفجرُ، ولا تخونُ ولا تغدرُ.
مخيمُ جباليا الذي فيه نشأتُ وترعرعتُ، ومنه كانت شراراتٌ كثيرة، وانطلاقاتٌ عديدة، وفيه سكنَ وانطلقَ رجالٌ كبارٌ وقادةٌ عظام، قال رجالُه وحملةُ الرايةِ فيه بصريحِ العبارة وبيانِ الكلمة والمعنى، نحن أم الولد، نحبُه ونخافُ عليه، نحرصُ عليه ونرفقُ به، لا نعرضه للخطر، ولا نغامرُ به ولا نفرطُ فيه، ولا نقبلُ بقسمته ولا التخلي عنه، حركتنا واحدة، داخلٌ وخارج، غزةٌ وضفة، سجناءٌ وأحرار، نحب كل أبنائنا، وندافعُ عن كل المنتسبين إلينا، نحنوا على أنفسنا، ونرفقُ على بعضنا، تتسعُ صدورنا لأخطائنا، ونتجاوزُ بمحبةٍ عمن أساء إلينا، نشملُ أبناءنا بمحبتنا، ونحيطُ أنفسنا برحمةٍ ومودة، نقربُ ولا نقصي، نجمعُ ولا نفرقُ، نبرُ ولا نفجرُ، نتراحمُ ولا نتلاعنُ، نوفي ولا نجحدُ، نساندُ ولا نهربُ، نحمي ولا نتخلى، ننصرُ ولا نخذلُ، نكون عوناً لبعضنا، وسنداً لإخواننا، نعينُ على الحق أنفسنا ولا نعينُ الشيطان على بعضنا، نفرحُ لبعضنا ونحزنُ إذا أصاب المكروه أحدنا، فنحن يداً واحدة، وكلمةً موحدة، نحرص على بيتٍ يشملنا، وسقفٍ يظللنا، ورائدٍ يقودنا، يكون بنا رحيماً، وعلينا رؤوفاً، وعلى حقوقنا أميناً.
بموضوعيةٍ قالوا أننا لسنا ملائكة، كما أننا لسنا شياطين، فنحن بشرٌ نصيب ونخطئ، ننجح ونفشل، نحقق غاياتنا ونصل إلى أهدافنا، ولكننا قد نضل الطريق وقد نعجز عن تحقيق بعض أهدافنا، فنحنا لسنا أنبياءً وقد عجزوا، ولسنا رسلنا وقد فتنوا، ونحن لسنا فوق النقد، وأكبر من النصح، لا نتعالى ولا نتكبر، ولا ندعي الكمال ولا ننفي النقصان، ولكننا نحب أن يكون صوتنا بيننا، ونقدنا لأنفسنا، وحرصنا على التصويب من الداخل، والتصحيح من الصف، فغسيلنا في الشوارع لا ننشره، وعوراتنا بين الناس لا نشيعها، فهذا أرجأ وأحسن، وأفضل وأنفع، فلا يطلع على سوءتنا أحد، ولا يفضح سرنا كاره، ولا يهدم بنياننا حاقد، نطلب من الله الستر ونسأله العافية.
نعدل بين إخواننا ولا نظلم، ونساوي بينهم ولا نفرق، نمد أيدينا إلى بعضنا وننتشل من طلب المساعدة، ونعين من احتاج إلى العون وطلب النصرة، ونعدل ولا نظلم، ونسوي ولا نهدم، بالقسط نحكم وبالعدل نمضي، فما دام حكمٌ على ظلم، وما كان للملك أساسٌ غير العدل، فهو مركب النجاة وسبيل الفوز، وهو آلة البقاء ووسيلة الدوام، نحفظ العهود ولا ننسى عطاءات السنين، والأولون السابقون هم المقربون، لهم الحظوة وعندهم المكانة، أهل الفضل والمنزلة، لا يسامون ولا يضامون، ولا يعانون ولا يهانون، تحفظ حقوقهم وتصان أعراضهم، لا يبهتون ولا يظلمون، عهداً لله نقطعه، نحفظه ونلتزم به، نصونه ولا ننحرف عنه.
قلتُ سمعاً وطاعة لكم أحبتي، احتراما وإيماناً، التزاماً ووفاءً، فلكم مني ملء السمع والطاعة في المنشط والمكره كما تعلمتُ، ولكم علي الولاء والوفاء كله كما بايعتُ، حرصاً على الحركة التي إليها انتميتُ، وفيها عملتُ، ومن أجلها ضحيتُ، وبسببها عانيتُ وقاسيتُ، فلا كلمةً مني تقرأون غير ما تحبون، ولا صوتاً مني تسمعون غير ما تتمنون، ولا مكاناً فيه تجدوني غير ما تأملون، أوفيكم حقكم، وأحافظ على عهدكم، وأكون كما قد كنتُ فيكم أحد جنودكم، باراً بكم، مخلصاً لكم، حريصاً عليكم، فسمعاً وطاعة إخواني الذين شرفتُ بهم، ومرحى بك مخيم جباليا وقطاع غزة، الأرضُ التي عشقتُ وأحببتُ، أرضُ الرجال الذين عرفتُ وخبرتُ.

مِصــرُ مُحتـَـلـَّة/ مهندس عزمي إبراهيـم

ما كنت أود أن يأتي يوم في حياتي لأكتب مثل هذا المقال.. وما كنت أود أن ياتي يوم في حياتي واشعر بما أشعر به اليوم من خزي وكآبة وإحباط وعار. كل الأمور والأدلة والمعالم من حولنا تشير إلى أن وطنّا مصر الحبيبة محتلة. ولا يمكن لعاقل مصري مسلم أو مسيحي أن يشك في ذلك أو ينكره.
وتعريف الاحتلال هو "عملية استيلاء دولة أو قوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". وبموجب القانون الدولي "يكون هناك احتلال حين تمارس دولة أو قوة ما سيطرة فعلية غير مقبول بها على أراضٍ لا تملك حق السيادة عليها"  الاخوان المسلمون "قوة أجنبية" تمارس سيطرة فعلية غير مقبول بها على أرضٍ مصرية لا تملك حق السيادة عليها.
معظم العامة يفكرون في نوع واحد من الاستعمار وهو الاحتلال العسكري لأنه الأقدم تاريخياً والأكثر وضوحاً كالاستعمار البريطاني والفرنسي والتركي في العصور القريبة. وهو استعمار بغيض ولكنه ليس أخطر أنواع الاستعمار. فالاستعمار الايديولوجي أشد خطورة وتأثيراً وسلبية على الدول المستعمَرة وتزداد خطورته عندما يجمع الصفتين: العسكرية والايديولوجية، كما هو في الاستعمار العربي الاسلامي عندما غزا واحتل دول الجوار الأربعة:مصر وفارس والشام والعراق وما تبعهم من دول أخرى شرقاً وغرباً. فقد كان استعماراً عسكرياً وايديولوجياً.
قامت عبر التاريخ حروب وغزوات كثيرة. ومصر بحكم امتداد تاريخ وجودها في أعماق الزمن ولأهمية ثرواتها الانتاجية وموقعها الاستراتيجي تعرضت لعديد من الاستعمارات العسكرية التي مهما تراوحت فترات بقائها بمصر ورغم وضوح آثارها وتأثيرها على المجتمع المصري لم تَمحُ هوية الوطن ولا لغته ولا ثقافته ولا تقاليده ولا كرامة مواطنيه.
أما الاستعمار العربي لمصر (ولغيرها) فكان استعماراً إلى جانب طابعه العسكري البربري له طابعه الايديولوجي أو ما يسمى الغزو الديني أو العقائدي أو المذهبي. هذا اللون من الاستعمار أو الاستيطان هو أقسى أنواع الاستعمار قاطبة. فالمستعمر العربي استعمر الدول بحد السيف وفرض الدين على مواطنيها عنوة وقسراً (الأختيار الثلاثي الشهير: الإسلام أو الجزية أو القتال أي القتل) وتبع ذلك بطرق أخرى كالضغط والظلم والتمييز والتهجير والكبت والقمع والإذلال والارهاب والتعصب والاغتصاب والاستبداد والاستعباد والسبي، والتصفية الجسدية الفردية والجماعية، والاستنزاف المعنوي والاقتصادي، وتقييد بل تحريم وتجريم ممارسة الأديان الأخرى.
نتج عن ذلك أن صار أبناء مصر (وشقيقاتها الشام والعراق وفارس وغيرها)، حتى من أسلم منهم، مُذَوَّبين على المشاع فيما يسمى "الدولة الدينية الكبرى" أو "الحكم الديني الإقليمي" ضائعين عرقاً وهوية، منسيين تاريخاً، فاقدين لغة، مندثرين تقاليداً، مُداسين حضارة، محتَقرين عقائداً وأدياناً، ومواطنين من الدرجة الثالثة عشر في عقر أوطانهم. فتلك الدول محتلة بكامل معنى الاحتلال. ولا يختلف في ذلك عاقل. وعلى العموم فهذا فصلٌ من التاريخ ومُقـَدَّرٌ واقع ولن يفيد البكاء على اللبن المسكوب، أذكره بقصد الانتبـاه إليه فلا تنزلـق أقدامنا عليه مرة أخرى!!
كما أدرجت في مقدمة المقال أن تعريف الاستعمار هو "استيلاء دولة أو قـوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". نعم، الاخوان ليسوا "دولـة"، ولكن مخطيء من يظن أنهم ليسوا "قـوة أجنبيـة". الاخوان المسلمون "قـوة أجنبيـة" وليسوا مصريين، أو تابعين لمصر أو حتى تابعين لأي دولة عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة. فهم جماعة على "المشاع" في كل أنحاء العالم حتى في الدول الغير مسلمة. الاخوان أعضاء جمعية عالمية أقسَم أعضاؤها يمين الولاء "للجماعة" لا "لوطن معين".. لأن ليس لهم وطن!!
فوَلاء الاخوان ولاء انتماء "شائع" أو "على المشاع" كما يقال في علم المساحة والعقارات، أي غير محدد بحدود وطن. ولاؤهم وانتمائهم ليس لمصر. هذه هي الحقيقة!! وأدرج هنا قسَم الولاء الاخواني حرفياً ولن يجد به القاريء أي ذكر لولاء لوطن: ((بسم الله الرحمن الرحيم. أُبَايِعُكَ بِعَهْدِ اللهِ ومِيثَاقِهِ عَلَىْ أَنْ أَكُونَ جُندياً مُخلِصًا، عَامِلاً في جَماعَةِ الاخوان المُسْلِمِينَ، وعَلَىْ أَنْ أَسْمَعَ وأُطِيعَ في العُسْرِ واليِسرِ والَمنْشَطِ والمَكْرَهِ إلاَّ في مَعْصِيةِ اللهِ، وعَلَىْ أَثَرَةٍ عَلَىّ، وعَلَىْ ألاَّ أُنَازِعَ الأمرَ أَهْلَهُ، وعَلَىْ أنْ أَبْذُلَ جُهْدِي وَمَاليِ ودَمِي في سَبيلِ اللهِ ما استطعتُ إِلى ذَلِكَ سَبِيلاً واللهُ عَلَىْ مَا أَقُولُ وَكِيلٌ" "فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ")).
مرة أخرى.. لا ذِكر بقسَم الاخوان لولاء لوطن، أي وطن. فمخطيء من يظن أن عضو جماعة الاخوان المسلمين له ولاء له لمصر. نعم، منهم ملايين ولدوا بمصر من أباء وجدود مصريين وعاشوا ويعيشون بها ويحملون جنسيتها. ولكنهم أعضاء تابعين لجماعة "الاخوان المسلمين" وهي جماعة بلا وطن معين. شأنها شأن الجماعات الإرهابية العالمية كـ"القاعدة" منظمة أسامة بن لادن الإرهابية.التي تتبرأ منها كل الدول، وتتبرأ من أعضائها الدول التي ولدوا بها والتي يقيمون عليها
وتاريخ الاخوان بمصر معروف.. هم موجودون في مصر منذ عام 1928، ولم تقم لهم قائمة إلا اليوم. لقد طفوا على السطح فترات وطوردوا واختفوا تحت االسطح وفي بطون السجون والمعتقلات فترات أطول. وذلك بسبب مطامحهم السلطوية التوسعية الشمولية واستعدادهم الدموي "أعِـدُّوا" لتحقيقها بأي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة، الاغتيالات المعنوية والتصفيات الجسدية أنواع منها.
عرض عليهم جمال عبد الناصر فرصة أن يشاركوا في الساحة السياسية ولكن أطماعهم الأنانية كانت أكبر من "المشاركة"، كانت في "السلطة الكاملة" و"امتلاك الكل" فرفضوا ودبروا محاولة اغتياله التي فشلت، فطواهم وطاردهم. أعطاهم السادات نوافذاً وأبواباً ليساندوه ضد الناصريين وغيرهم لكن أطماعهم الأنانية كانت أكبر فاغتالوه. ولعب مبارك بورقة الدين والتفرقة بين المواطنين فتضخمت الاخوان وتفرعت منها جماعات وتفريعات اسلامية متطرفة إرهابية عديدة سَرَت وتسربت في نخاشيش ومؤسسات ونقابات مصر، وخارجها.
ولكن لم تصل الاخوان إلى مأمولها السلطوي حتى قامت "زوبعة 25 يناير 1011"، بمجموعة من الشباب المصري الحر المنتفض والمتشوق إلى الحرية والديموقراطية وإصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي بمصر. وكان ينقص هؤلاء الشباب القيادة والتخطيط والخبرة السياسية. فاندست الاخوان بين صفوفهم وتضامنت مع الجماعات الاسلامية الأخرى واقتنصوا منصات ميدان التحرير وميكرفوناتها اقتناصاً. سرقوا ثورة الشباب وأعلنوا ملكيتها رغم رفضهم المشاركة فيها في أيامها الأولى. ثم بالتضامن مع الاسلاميين وبتخاذل أو تضامن القيادة العسكرية الحاكمة أشاعوا في مصر جواً لم تره مصر في أي عصر من تاريخها الطويل. غمروا مدنها وقراها، وشوارعها وحواريها، وميادينها ونواصيها بالفوضى والارهاب والقتل والحرق والنهب والخطف والسحل والاغتصاب وقطع الطرق ودهس الأبرياء وهتك العرض وتعرية العذارى.. حتى كتابة هذا المقال.
وكما سرقوا ثورة الشباب أو ثورة التحرير، سرقوا عمليات الانتخاب الثلاثة بمساعدة العسكري (شاء أم لم يشاء) باصرارهم أن تتم الانتخابات قبل وضع الدستور. بدءاً بالالعوبة الفاجرة بالتصويت بـ "لا" تؤدي لجهنم و"نعم" تؤدي للجنة، تلاها انتخابات البرلمان المفبركة، ثم انتهت بانتخابات رئاسة الجمهورية التي قيل فيها ما قيل. تمت تلك الثلاث مراحل الانتخابية التي يدَّعي الاخوان أنها ديموقراطية بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير ديموقراطية، بل هي غير نزيهة محشوة بالتزوير والتزييف والارهاب والتلفيق والرشاوي. لخصها الدكتور خالد منتصر بمهارة وصدق فى مقال له بعنوان "ديمقراطية الزيت والسكر والمسطرة". وأستسمحه بنقل فقرة منه حرفياً "تزييف وتزوير الوعى بدأ من منابر المساجد التى احتلها الاخوان والسلفيون الذين لا يحتاجون إلى مقار أو لافتات، فكل مسجد أو زاوية فى مصر صارت مقراً انتخابياً ولافتة دعائية، وبعدها نقول ديمقراطية! تبدأ الخطبة بذكر أفضال وعظمة وجمال وتقوى وورع حزب الله الاخوانجى، وتنتهى بالدعاء على الفسقة الفجرة أعداء الله من الليبراليين والعلمانيين من حزب الشيطان، ومن أفلت من مفرمة تزييف الوعى المنبرية ، دخل فى مغسلة الفضائيات الدينية التى تمارس نفس الدور بشكل أكثر مهارة وبفلوس ورواتب أكثر وفرة!! ومن أفلت من هذا وذاك اشتراه الاخوان بكيس رز وزيت ولحمة، واشترى أولاده بقلم ومسطرة مكتوب عليها اسم الحزب!! وبعدها نقول ديمقراطية."
بكل ذلك.. وبالضغوط المغرضة من دول شرقية وغربية، وبالتهديدات والتحالفات الغير سوية تسرب الاخوان إلى نواصي السلطة بالشارع المصري. وبالصفقات المريبة السرية والعلنية التي أدت لركوب الدكتور محمد مرسي عضو جماعة الاخوان وأحد قياداتها على صهوة مصر. وبتبعية الرئيس للأخوان مقسَماً بالولاء لمرشدها وأهدافها التوسعية التي "على المشاع"، أي لا ولاء لها لوطن بعينه، فيمكن الجزم بعدم ولاء مرسي حاكم مصر لمصر، ولا إخلاصه لها لأن تكون دولة حرة مستقلة!! لأن ولاءه للجماعة التي جوهر أهدافها أن تكون مصر ولاية أو دويلة شأنها شأن الصومال وأفغانستان في خلافة وهمية خرافية جوفاء لا قوائم لها ولا فائدة منها إلا أغراض شخصية سلطوية بحتة لمن ينادون بها. خلافة بعيدة عنا جغرافياً وفكرياً وقلبياً ومعنوياَ واقتصادياً.. خلافة لا تنتج ولا تعمل ولا ترعى ولا تراعي. خلافة تحكمنا بالريموت كنترول وتسحب أموال الوطن (الخراج السنوي) ليثرى الخليفة وحاشيته وذبانيته وجواريهم وما ملكت أيمانهم.. ويجوع الغلابة المستعبَدين أبناء الوطن دويلة مصر وأخواتها!!.
هل في هذا المنطق تجَنـّي على السيد الرئيس محمد مرسي؟  طبعاً لا. فكل الدلائل تؤيد اعتقادي. قراراته ليست مصرية الهدف. خطبه يلقيها من منابر المساجد، تحياته في افتتاح خطبه موجهة إلى "أهلي وعشيرتي" لا "لأبناء وطني"، تعاطفه مع التيارات الاسلاميين والجماعات المتطرفة دينياً والمتأسلمين حماس وقادة غزة والقاعدة والسلفيين والوهابيين وغيرهم خريجي السجون، والترحيب بحاملي سلاح الجهاد الإرهابي الدولي، وعفوه عن الارهاببين المعتقلين لجرائم أمنية وطنية، وفكرة بيع قناة السويس لامبراطورية قطر، وزيارة أمير قطر المشبوهة للرئيس مرسي سرياً بمصر دون التصريح بأهدافها أو نتائجها، ومحاولة تقسيم مصر واهداء أرضها المقدسة لغيرها. وفتح حدود الوطن لمن يشاء من الارهابيين والمغرضين يدخل ويخرج كالبارات وبيوت العواهر.. كل هذا وغيره صارفاً النظر عما تعانيه مصر من مشاكل في جميع حناياها الحيوية الداخلية من مياه وكهرباء وخبز إلى بطالة وفوضي أمنية وفساد اجتماعي وانحلال أخلاقي وركود اقتصادي. هذا علاوة على مناورات اللجنة التأسيسية الاخوانجية لتفصيل دستور ديني عل مقاسه ومقاس الجماعة والضغط على المعتدلين من أعضائها حتى اضطرارهم للانسحاب منها. واصدار المشايخ الاخوانيين والاسلاميين عامة لفتاوي عديدة تعسفية مغرضة بتكفير واهدار دم المواطنين الأبرياء المختلفين معهم في الرأي دون رادع من قانون. واستبدال رؤساء التحرير ورجال الصحافة والأعلام المعارضين والمعتدلين بآخرين اخوانيين. واغلاق الفضائيات المعارضة في الرأي رغم اطلاق العنان للفضائيات الدينية المتطرفة التي تبث البذاءة والحقد والتلفيق والتحريض على سفك دماء المواطنين. هذه عينات فقط من تمكين الرئيس مرسي للأخوان للسيطرة على مقاليد الدولة ومفاصل اجهزة ومؤسسات ووزارات وسلطات تشريعية وتنفيذية والسعى الى الاستحواذ على السلطة القضائية.. الأمر الذي لا يترك مجال للشك على أن مصر محتلة باحتلال بحكم عسكري ديني أخواني قمعي سلطوي يطرد فكرة المدنية الحرة والديموقراطية الحقة من مصر ويغلق الباب خلفها لأمـد طويـل (لا قـدَّر اللـه).
الاستعمار العسكري يمكن التخلص منه بثورات شعبية أو نضال قومي خلال سنوات معدودة، وهناك استعمارت عسكرية لم تبق حاكمة إلا بضعة شهور. أما الاستعمار الايديولوجي الديني وهو عسكري في نفس الوقت فيشهد التاريخ أنه لا يمكن التخلص من براثنه وأنيابه في قرون. حيث يتسلح المستعمر الديني بسلاحين: فكل أعضائه وتابعيه مجاهدون مجندون مسلحون في مليشيات منظمة عسكرية وإعلامية مدربة لقمع وتحطيم وتخوين وتهشيم وتهميش أي معارضة، كما أنه يلعب بمشاعر العامة البسطاء والأميين وهم غالبية الشعوب في دول الشرق، ويقنعهم أن المعارضة له نضال ضد "اللــه" وكأن المستعمر هو "اللــه" أو موكل منه، ويتهم معارضيه بالكفر والزندقة ويحلل قتلهم باسم "اللـــه" وباسم "الديــن".
لقد بدت هذه الأيام بشائر ومعالم هذا التيار الاستعماري فارتفعت أصوات اخوانية متطرفة تتشدق بالتكفير والتمييز وفرض الجزية..لا يفرض الجزية على أبناء الوطن إلا مستعمِر. مقالي هذا ليس ضد الإسلام بل ضد "الإسلام السياسي" و"الاستعمار الاسلامي الاخواني". فقد حكم مصر في أزهي عصورها الحديثة عصر "الزمن الجميل" مصريون مسلمون مؤمنون لم يرتفع في عصرهم صوت متطرف بمثل هذه الترهات.. لأنهم كانوا مصريين مسلمين مؤمنين حقيقيين. ولم يكونوا مستعمِرين.
الرئيس الحاكم لمصر  اليوم اخواني، أي أنه عضو في جماعة الاخوان بل ومن قياداتها، ولم يكن يصل إلى كرسي الرئاسة لولا اجتهادات الاخوان التى يعلم الشعب المصري أنها اعتمدت على التزوير والتلفيق والخداع والتخوين والتخويف والتهديد والارهاب والصفقات المشوبة سرية وعلنية بداخل مصر وبخارجها خاصة بحماس وقطر وإيران وأمريكا واسرائيل.
وهنا أستسمح الأستاذ إسماعيل حسني في اقتباس فقرتين من مقال رائع له "فشل الرئيس في إقامة توافق وطني يضمن الإستقرار في البلاد... أننا كسائر المصريين نرجو لبلادنا فسحة من استقرار تعود فيها الحياة لمجرياتها الطبيعية، إلا أن الرئيس مرسي لم يمنحنا هذا الترف، وضن علينا بهذا الهدوء سواء بما اتخذه أو بما لم يتخذه من قرارات.
فالقرارات الأولى التي أصدرها الرئيس مرسي لم تكن قرارات مصرية الطابع وتحقق أهداف ثورة 25 يناير، بل كانت قرارات إخوانية صرفة تهدف لتمكين الجماعة من مفاصل الدولة وأجهزتها. فبدلا من الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة جرى تحدى أحكام القضاء وتقرر إعادة مجلس الشعب المنحل، وبدلا من إعادة تشكيل تأسيسية الدستور المطعون عليها جرى تحصينها بقانون، وبدلا من الإفراج عن المعتقلين من الثوار تم الإفراج عن المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم إرهابية، ثم خالف الرئيس تعهداته بتشكيل فريق رئاسي من مختلف الإتجاهات وتعيين نوابا بينهم قبطيا وامرأة، ثم جاءت الهجمة الاخوانية على الصحافة والإعلام وتشكيل الحكومة الصادم ليؤكدا أن المائة يوم الأولى من حكم الرئيس سوف تستنفد في الإسراع في فرض هيمنة الجماعة على أجهزة الدولة، مما دفع القوى الوطنية للإسراع بالتحرك لإيقاف هذا المخطط المدمر."
ومن جانب آخر.. الاخوان ما زالوا يرفضون توفيق أوضاعهم وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية، حتي لا يتم إخضاع أنشطتهم لرقابة أجهزة الدولة، غير معترفين أن الشعب المصري من حقه معرفة ماهية الجماعة ومبادئها الوطنية وموقفها السياسي ووجودها القانوني ومصادر تمويلها المختلفة. فهم يضعون أنفسهم فوق الدولة وفوق قوانين الدولة. بل يعتقدون أنهم هم الدولة.. ولذلك أعتقد أنهم محتلون لمصر وجارين توطيد احتلالهم لها.
وأعجب كل العجب من د. محمد مرسي رئيس جمهورية مصر. الرجل الذي عاش وعمل ورَبّى أولاده وذاق طعـم الحياة الكريمة الحرة هو وأسرته في أمريكا منبع الحرية وحصن الديموقراطية والإنسانية ومعقل احترام القانون والإيمان بأن رعاية الفرد من رعاية الوطن، كيف يرضى للمصريين أبناء وطنه بأقل من تلك المحاسن!!  ولكني أعرف السبب، ومتى عُرف السبب بطل العجب. السبب سببان أولهما أنه اخوانجي والاخوان جماعة قمعية سلطوية ضد الحريات بصفة مطلقة. والسبب الثاني أنه أقسم للولاء للأخوان، والخنث بقسَم الاخوان ثمنه الاغتيال الصريح.
مصر اليوم محتلة بالفاشية الدينية المتأسلمة. ولن ينكر ذلك إلا.. إخواني.. أو جاهل أو مخدوع.
مصر محتلة.. ولكن إلى أجل ليس ببعيد حين يستيقظ رمسيس مصر الجديد. إبن مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وغيرهم من الأبطال الأوفياء لمصر.
فلتقف مصر اليوم وقفة الحر مع أبنائها الأحرار لإيقاف "أخونة الوطن". فيمد كل نجم ورائد بالساحة السياسية المصرية يده لباقي نجوم ورواد الحرية بالساحة ليوحدهم ويحتضن أتباعهم ويؤلف شمل أحرار وشباب وكل شعب مصر من فلاح وعامل ومدرس ومهندس وطبيب ورجل وامرأة ومسلم وقبطي صفاً واحداً، ويقودهم نحو الحرية البيضاء أو الحمراء ويرفع عن مصر هذا الكابوس الثقيل الكئيب.. فتعود مصر حـرة أبيَّـة ديموقراطيَّـة تكفل لمواطنيها نقاء وكرامة الحياة وحرية الإبداع والتعبير وحرية الأديان لجميع مواطنيها.

العار .. الجيش والشرطة والإعلام .. ضد الشعب!/ مجدي نجيب وهبة

** قد أكتفى بالعنوان .. وأترك للقارئ حرية التعبير عن صدمته فى كل هؤلاء .. فما فائدة ما نكتبه ، وقد بيعت مصر بأبخس الأثمان .. نعم ، أترك للقارئ أن يضع سيناريو نهاية فيلم الموسم .. الساقط الفاشل "العار" !!..
** لم أكن أتصور فى أحلك الظروف ما فعله المجلس العسكرى .. الذى دافعنا عن أفراده بالحق أحيانا .. وبالباطل أحيانا أخرى .. حتى لا تسقط مصر .. حتى لو كنت تنبأت بهذا السيناريو الفاضح والفج .. الذى أنهى به المشير طنطاوى ، والفريق عنان .. نهاية خدمتهم بالقوات المسلحة ..
** أقول ذلك للرد على أكاذيبهم ، مهما كانت المبررات التى حاولوا أن يسوقوها للشعب لتبرير تسليمهم مصر للإخوان والفوضى .. فكل ذلك غير مقبول من رجل الشارع .. فكيف يكون مقبول من المسئول الأول عن الجيش المصرى ، والرجل العسكرى ، الذى أقسم على حماية الوطن وحماية إرادته ..
** لم أكن أتصور أن يتورط الجيش المصرى ، ويقوم بحماية جماعة الإخوان المسلمين ، وحماية مقراتهم .. بعد أن إفتعلوا ونشروا بالأكاذيب أن هناك دعاوى وتهديدات لحرق مقراتهم ..
** لم أكن أتصور أن يسقط جيش مصر ، الشعب من حساباته .. ولا يرى أمامه إلا فصيل واحد ، هو جماعة الإخوان المسلمين .. ورئيس غير مقبول من الشعب ، ولكن فرضته علينا العاهرة "كلينتون" ، واللقيط "أوباما" ، والإدارة الأمريكية ..
** نعم .. إنه سيناريو العار الذى حذرت منه ، عندما حذرت المجلس العسكرى ، بألا يسلم مصر للفوضى .. وحذرته بألا يسلم مصر للإخوان .. وحذرت مما أطلق عليه صفحة أدمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة .. والتى دأب المجلس العسكرى على إطلاق تصريحاته الفاشينكية من خلال هذه الصفحة ... وتساءلت ، هل يمكن مخاطبة شعب مصر من خلال صفحة على الفيس بوك .. هل يمكن مخاطبة أكثر من 90 مليون مواطن مصرى .. البعض ليس لديه أى وسائل إتصال ، والكثير يجهل القراءة والكتابة .. والبعض وصل به حد الفقر إلى أن يعجز عن شراء صحيفة واحدة ، فهل يمكن أن يكون التواصل بين هذا المجلس المسئول عن أمن وسلامة وحماية هذا الوطن من خلال هذه الصحفة التى أطلقوا عليها "أدمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة" .. كما تساءلت .. لماذا لا يخرج علينا قادة المجلس العسكرى لمخاطبة الشعب ، ومواجهته ، وكشف الحقائق .. ولم تأتى لنا الإجابة إلا فى نهاية السيناريو الفاضح ، عندما تنازل أعضاء المجلس العسكرى ، المشير طنطاوى ، والفريق "سامى عنان" عن مكانتهم العسكرية ، وتم إقالتهم من رئيس ليس له صلاحية إقالة أعضاء المجلس العسكرى ..
** جاءتنا الإجابة عندما صمت المجلس العسكرى ، عندما قرر رئيس الدولة الغير شرعى ، والمطعون على نتيجة فوزه فى الإنتخابات ، أن يقوم بإلغاء الدستور المكمل ، ويعطى لنفسه كل الصلاحيات .. لاغيا أحكام القانون ، وأحكام المحكمة الدستورية العليا ..
** نعم .. سقط المجلس العسكرى ، عندما وقف ضد إرادة الشعب المصرى الحقيقى .. ولا عزاء لوطن .. لا يجد من يدافع عن شعبه .. بل فى الحقيقة أن الجيش يحمى ويدافع عن جماعة الإخوان .. وإذا كان المجلس العسكرى يجهل جرائم جماعة الإخوان .. وإنها حتى الأن مازالت جماعة محظورة بحكم القانون والدستور .. فلا عزاء لوطن بلا جيش !!! ..
** لم أكن أتصور أن تستميت الشرطة المصرية ، وهى تدافع عن مقرات جماعة الإخوان .. حتى أن أحد ضباط المباحث أصيب بطلق نارى من بعض الأفراد الخارجين عن القانون والبلطجية ، ومعه مجموعة من أفراد وجنود الشرطة أثناء خدمتهم لحماية مقر الإخوان المسلمين .. وبالطبع معروف من أطلق الرصاص .. ومعروف الهدف هو إثارة الشرطة ضد الشعب ، وتحقيق أهداف الجماعات الإرهابية ، والجماعة المحظورة ..
** لم أكن أتصور عندما سمعت بالأمس .. من أكثر من سائق أن على الطرق السريعة وضعت كمائن عديدة للشرطة .. تجبر السائقين  على العودة إلى أماكنهم .. وعدم إستكمال المسيرة .. للذهاب إلى القاهرة فى حالة علمهم أن الركاب خارجين للتظاهر والإحتجاج ضد الإخوان .. بل وصلت سفاهة بعض ضباط الشرطة إلى سحب رخص السائقين لمنعهم من السير وإستكمال مسيرتهم ...
** لم أكن أتصور أن تقوم أجهزة الشرطة بالوقوف ضد إرادة الشعب المصرى ، وتهديدهم ، وحماية مقرات الإخوان ، وهو ما يعنى حماية جماعة الإخوان المسلمين من الشعب .. وأتساءل .. من يحمى من وممن ؟!!!...
** هل تناست الشرطة هجوم الجماعات الإرهابية والبلطجية ، وجماعة 6 إبريل على أقسام الشرطة ، وقتل ضباط وجنود الشرطة .. يساعدهم تنظيم حماس وكتائب القسام والجيش الإسلامى وحزب الله .. الذين قاموا بإقتحام الأقسام والسجون وحرقها ، وإجبار السجناء على الهروب ، ليتمكنوا من تهريب بعض كوادر حزب الله ، وحماس من السجون المصرية .. وأحدهم يدعى "سامى شهيب" الذى ظهر على التليفزيون الفلسطينى بعد هروبه من السجن ، فى خلال ساعتين .. لقد تبدلت الأدوار الفكاهية .. وأصبح الجيش والشرطة يحمون الإخوان من الشعب المصرى .. وعجبت لك يازمن !!!...
** أما الإعلام المرئى .. فلم أجد أحقر ولا أكثر كذبا ولا أكثر تضليلا لإرادة الشعب من هذا الإعلام المنبطح والمتخاذل .. الذى وصف مليونية الرافضين للإخوان بأنهم عشرات .. بل قالوا أنهم بعض المئات .. ولم يكن أمام المشاهد إلا تصديق هؤلاء الخونة المأجورين .. وفى الحقيقة أنه كان هناك أكثر من مليون شخص أمام قصر العروبة .. هذا بخلاف الملايين التى خرجت فى كل الميادين .. ولكن الإعلام الوقح قال أنهم عشرات ... وأتساءل ، ألا يخجل هؤلاء المأجورين والمضللين والكذابون من أنفسهم ؟!! .. كيف يواجهون أبنائهم وجيرانهم وأهلهم ؟!! .. وهم يعلمون أنهم يكذبون ويضللون .. كيف يواجهون ضمائرهم التى توفت ، وسقطت ولم يعد لها أى وجود ... كيف ينظرون فى وجوه المارة وماذا يروا فى عيونهم التى تقول لهم .. كفاكم حقارة أيها المضللون .. لقد أسقطتم مصر بكذبكم وتضليلكم ..
** أما عن الصحف الإخوانية .. فماذا تنتظرون من صحف باعت أقلامها لمن خانوا الوطن .. فخرجت عناوين جريدة "أخبار اليوم" الكاذبة تقول "مليونية فشنك" .. ماذا يكون الرد على هذه الصحيفة المضللة .. التى بالقطع سيتأسف الراحل "مصطفى أمين" ، والراحل "على أمين" على أنهم كانوا أول من أسسول تلك الجريدة التى لما يتخيل أحد أن يصل تدنيها إلى هذه الدرجة من الإنحطاط والإسفاف ..
** ولم تختلف عناوين جريدة "المصرى اليوم" الإخوانجية عن صحف العار منذ تأسيسها ، والتى يمتلكها الملياردير "نجيب ساويرس" .. فقد خرجت هذه الجريدة بعناوين أكثر إستفزازا تقول .. "مظاهرات بلا جماهير ، وإعتصام أمام الإتحادية" ..
** فى ختام المقال .. تحية لكل أقباط مصر .. الذين خرجوا على قلب رجل واحد .. تحية لكل أقباط ومسلمين مصر الذين إمتزجت أصواتهم .. فخرجت أحلى أصوات لملايين الشرفاء .. تهتف بسقوط  "مرسى" .. وسقوط "المرشد" .. وسقوط "الإخوان" !!!
** فى النهاية .. أقول .. لكِ الله يا مصر .. ولكَ الله ياشعبها العظيم ... ولكم الله أيها الكتاب الشرفاء !!!! ...
صوت الأقباط المصريين

العربي يجب ان يموت!!/ نبيل عودة

"انه عربي ليمت" – هذا ما قاله احد الزعران من مجموعة ضمت خمسين شابا يهوديا هاجموا شاب عربي في القدس وكادوا ان يتسببوا بمقتله لولا ان أسعفه طالب طب يهودي لم يفقد قيمه الإنسانيه.
"عربي هذا مرض" قال مشارك آخر في الاعتداء البربري على الشاب العربي.
لماذا تغضبون من تصريحات الرئيس الايراني حين يقول "سنقذف إسرائيل الى سلة قمامة التاريخ" وتستكثرون على العرب الاحتفال بذكرى نكبتهم؟
اذا كان الاعتداء على الشاب العربي هو المقياس الأخلاقي والتربوي الذي يجري تنشئة الشباب اليهود عليه، من شباب المستوطنات وشباب التلال وشباب الاعتداء على حقول الفلسطينيين وقطع أشجارهم المثمرة وحرقها ولم يسلم منهم لا النبات ولا الحيوان، وأخيرا شباب المدن في الساحات العامة، فما الذي ينتظر العرب في إسرائيل مستقبلا، وما ينتظر الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال؟
لم نسمع حتى اليوم عن عقاب يقدم درساً أخلاقياً للمتطرفين، او عن قلق وزير المعارف على التربية الشاذة، وتعميق الكراهية العمياء للعرب بين الأجيال الشابة كما بينت استطلاعات الراي ان نسبة كبيرة تتجاوز ال 70% موقفهم عدائي من العرب. يتجاهلون الجرائم التي ترتكب في المناطق المحتلة وبعضها من الجنود انفسهم، رغم ان جمعيات انسانية يهودية هي التي توثق الجرائم باشاريط مصورة، فهل تملكون الحق بان تعتبروا ما يقال ضد إسرائيل او اليهود في ايران وغيرها من دول (نحن ايضا كبني بشر نرفضها وندينها بقوة) تحريضاً، وما يرتكب ضد العرب "طوشة عمومية" كما قررت شرطة القدس في اليومين الأولين بعد الاعتداء ثم اقرت امام الحقائق التي لا يمكن تزويرها ان الموضوع "لينش" من زعران نفذوا اعتدائهم لأن "العربي مرض" و "عربي يجب ان يموت"؟
المستهجَن ان رئيس بلدية القدس نير بركات قال انه "يجب إدانة كل عنف شفوي او جسدي من أي طرف كان، وانه يجب انتظار انهاء الشرطة لتحقيقها". وامتنع عن إدانة مباشرة للاعتداء الهمجي الواضح الذي لا يحتاج كثيرا الى تحقيق الشرطة، يكفي تصريحات قادة الاعتداء بانه "عربي ليمت والعرب مرض"، على الأقل كان عليه إدانة هذه التفوهات اللاسامية ضد العرب. ألسنا من أبناء سام ايضا ولنا الحق في رفض كل تفوّه لاسامي ضد الجماهير العربية، في بلاد جعلت مسألة "اللاسامية" سلاحها الدولي الذي تلوح به ضد كل من ينتقد حتى سياسة إسرائيل الاحتلالية والقمعية والعنصرية؟
يبدو ان اللاسامية قررت تغيير منزلها القديم بعد أن ملّها العالم. اليوم يمكن اعتبار اللاسامية ظاهرة إسرائيلية بجدارة يقصد منها العداء للعرب وكل شعوب الشرق الأوسط.
كيف؟
هناك تعبير سياسي هو "لينش" Lynch)) ومعناه: "اعدام من غير محاكمة" وهذا الاصطلاح انتشر في اوروبا القديمة حيث واجهت اقليات كثيرة سياسة اللينش، ومنهم ابناء الشعب اليهودي، وكان اللينش النازي هو القمة. فهل نحن اليوم امام لينش ضد الجماهير العربية؟ ضد العرب عامة في الشرق الأوسط؟ ضد كل من هو ليس يهوديا في الشرق الأوسط، ايران مثلا؟ لا أقول ذلك دفاعا عن نظام الملالي، انما عن ظاهرة العربدة الإسرائيلية وسَنّ رماح الحرب لضرب ايران في مغامرة قد يعرفون كيف يبدأونها، ولكن لا إحد يعرف كيف ستنتهي وما هي إسقاطاتها المستقبلية. لنفترض نجاح ضرب المشروع النووي واعاقته في ايران؟ وانا شخصياً، مثل ملايين الناس في العالم، لا اريد ايران نووية ولا إسرائيل نووية، ونرى الحلّ ببدء تنظيف الشرق الأوسط من السلاح النووي ومختلف أسلحة الدمار الشامل، الإسرائيلية والعربية والايرانية. هل سنواجه بسبب المغامرة العسكرية الإسرائيلية ضد ايران حرباً لسنوات طويلة اخرى تحرق الأخضر واليابس في إسرائيل وكل الشرق الأوسط؟
إسرائيل تتصرف كفرفور دمُه مغفور. هل من ضرورة لاستعراض احداث السنوات ال 64 الماضية بكل ما يتعلق بالنكبة الفلسطينية وسياسة الاضطهاد القومي ضد العرب في إسرائيل؟ هل من ضرورة لتذكير القراء بما جرى في الأسابيع الأخيرة بقذف زجاجة حارقة (مولوتوف) على سيارة تكسي عربية سببت الأصابات الصعبة لعائلة كاملة؟ حستا، ادان قباطنة السلطة تلك الحادثة وسموها "ارهاب يهودي". وماذا بعد؟ هل الإدانة غيرت العقلية التي تحرك الجرائم ضد العرب؟
المقلق أيضا من اللينش الذي تعرض له الشاب العربي ابن السابعة عشر، هو ان مئات المواطنين اليهود شاهدوا اللينش، وشاهدوا الشاب يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة وضربه يتواصل ولم يتدخلوا لوقفه. الجنازة حامية والميت كلب.. هل هذه عقلية وتصرفات مجتمع بشري حضاري؟
السؤال المقلق، وهو يتجاوز كلمات الإدانة التقليدية من رئيس الحكومة نتنياهو ووزرائه أمام غوغائية هذه الجريمة، هل انتهت مهمتهم بادانتها؟
ألم تكن سياستهم الاحتلالية والعنصرية ورفض الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هي القاعدة الأخلاقية التي غرست بعقلية الشباب اليهود؟ هل جهاز التعليم بريء من هذه النتيجة التربوية والتثقيفية المدمرة اجتماعياً وأخلاقياً لكل الظلال الانسانية لمجتمع بشري حضاري؟ هل التربية التي يتلقاها الشباب اليهود والمجتمع الإسرائيلي بكل مركباته، نقية من المسؤولية المباشرة عن عقلية "عربي ليمت" او بالصيغة القديمة المعروفة "عربي جيد هو عربي ميت"؟
حتى في ألعاب كرة القدم بين فريق عربي وفريق يهودي ترتفع الشعارات العنصرية مثل "الموت للعرب" وأدينت وتكررت وتكررت الإدانة دون خطوات عملية حاسمة هي من واجبات الدولة، ماذا تغير؟ لم ننسَ بعد الاعتداء (اللينش) على العمال العرب في المجمع التجاري المالحة قبل عدة أشهر، أيضا أُدين واعتقل بعض المعتدين، ثم ماذا ؟!
الم تصبح سياسة التحريض ضد العرب سياسة رسمية تتعمق وتتصاعد وتعتبر تسويقا لبعض السياسيين وبعض الأحزاب؟
لماذ يجري تجاهل الدور العنصري التحريضي لرجال الدين اليهود (الحاخامات)، الذين دعوا ويدعون رسمياً لعدم تأجير بيوت للطلاب العرب، ورفض التعامل معهم، وان العرب دخلاء على "ارض إسرائيل"، ويثقفون سوائب المستوطنين على الكراهية والعنف وكأنه أمر من التوراة، وان العنصر اليهودي عنصر ارقى من العنصر الفلسطيني، وهذا أكده وزير التعليم غدعون ساعر في حديثة عن اليهود والفلسطينيين في الخليل (ألا تذكّركم هذه الخزعبلات العنصرية باحداث تاريخية مؤلمة في اوروبا في القرن السابق؟)، وتمادى بعض الحاخامات لحدّ الدعوة الفاشية للقتل المباشر دون ان يحاكموا أو يعزلوا من مناصبهم؟
لا يمكن اعتبار الحادث الأخير خارقاً للقاعدة السياسية والاجتماعية المريضة بوباء العنصرية في إسرائيل. اصبحت العنصرية والعنف هي القاعدة والشكل المميز نسبياً، هنا نجد ترجمة للسياسات العنصرية التي لم تبدأ مع هذه الحكومة، انما تعمّقت مع حكومة لم تقم باي خطوة نحو تغيير واقع الاحتلال والقمع ضد الشعب الفلسطيني، بشكل بات يرى به مفكرون يهود خطراً على مجتمعهم ومصيرهم الانساني ويصفون الحكومة ورئيسها بأنها حكومة "مكانك عد" والبعض يصفها "خلفا در".
المجتمع اليهودي، وخاصة الشباب، يتثقفون سياسياً على سلسلة القوانين العنصرية التى طرحت امام الكنيست، بعضها سحب بضغط من رئيس الحكومة، لأنها غير ملائمة الآن في هذه الظروف السياسية الدولية، ولم ترفض لأنها تشكل اقتراحاً عنصرياً فاشياً.
من الخطوات العنصرية البارزة في الفترة الأخيرة، والتي تثقف على عقلية الاحتلال وعدم شرعية الحقوق الفلسطينية، قرار وزارة المالية، ووزير المعارف بالاعتراف بكلية اريئيل في المناطق الفلسطينية المحتلة كجامعة إسرائيلية. اول جامعة في منطقة محتلة في العالم كله ، بل وفي التاريخ البشري كله. وقد اوقف الاعتراف وزير الدفاع ايهود براك لأسباب لا علاقة لها بفكره الاحتلالي الإستيطاني، انما لأن الظروف السياسية غير ملامة الآن للاعتراف بجامعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد يسبّب الاعتراف مشاكل لدولة إسرائيل وعلاقاتها مع العالم.
هل من المستهجن إذن اعتبار العربي في إسرائيل شيئاً زائداً، مرضاً، يجب ان يموت؟

كل "لينش" ونحن سالمون/ جواد بولس

لم يكن الاعتداء الهمجي "اللينش" في وسط مدينة القدس الغربية على أحد الشبان العرب هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير. في القدس وفي غيرها من المدن والبلدات هوجم شبّان عرب من قبل مجموعات من الشباب اليهود.
في جميع هذه الاعتداءات لم تكن أية معرفة سابقة بين الجناة وبين الضحيّة ولم يكن للهجوم أيّ مبرر. ألحدث عرضي وسوء حظ الضحيّة أوقعها فريسة في طريق مفترسين. الاعتداء ينفّذ ببساطة وبدون حرفيّة تذكر. ساحة الجريمة المعدّة: كل مكان. الزمن: كل زمان، والشمس ضوء وإنارة. الجمهور: خَلقٌ من المارة كالقردة في الحكمة الصينية، لا يقشعون ولا يسمعون ولا يتكلّمون.
يشم الجناة دم العربي فينقضّون كقطيع من الضباع. الضحيّة على الأرض، غالبًا بدون وعي، تنزف. تُنقل إلى مستشفى قريب، عادة من قبل مجهولين يخشون تربص الجناة. الشرطة لا تعرف شيئًا، حتى وإن تواجدت عناصرها في محيط الجريمة فلديها دائمًا ذرائع وأسباب تستشفع بها وتنجو. لا يعتقل من الجناة أحدٌ وهو متلبس بجرمه. لاحقًا تكتشف الشرطة أن هنالك كاميرات منصوبةً في المكان ولكن، يا للعجيبة، يتبيّن أن هنالك عطلًا في الكاميرات أو أن ما وثّقته لم يكن واضحًا وكافيًا ليصير بيّنة تدين أيّا من المعتدين.
في البدايات تعتقل الشرطة بعضًا من المشبوهين. تمدد اعتقال بعضهم ببضعة أيام وتطلق سراح الأغلبية بذرائع وذرائع. في النهاية لا يدان أحد وإن أدين لا يسجن وإن سجن لا يمضي إلّا بضع أيام تكون أقل وأقصر ممّا قضت الضحية على فراش المرض والعلاج.
تمامًا كما كان متوقّعًا وكأنّه سيناريو مكرر وجاهز، بدأنا نقرأ عن هذه الجريمة، أن جميع الكاميرات المنصوبة في تلك الساحة المركزية في القدس الغربية كانت معطّلةً بسبب تصليحات جارية عليها!. كذلك بدأنا نقرأ أن للحادث تداعيات سابقة وحيثيات لاحقة والصورة ليست جليّة كما اعتقدت الشرطة وأعلنت في بيانها الأول حينما وصفت ما جرى لذلك الفتى العربي بأنه اعتداء دموي شارك به عشرات من الفتية والفتيات اليهود بسبب عنصري، وأسمته بـ"اللينش"، وكاد الاعتداء أن يقضي على حياته لولا الحظ.
على جميع الأحوال أستطيع أن أجازف وأقامر مخمّنا أن الشرطة لن تفلح بالقبض على العشرات من الجناة، كما جاء بالخبر وكما كانت الحقيقة، وفي النهاية لن يبقى في السجن جناة فمحاكم الدولة ستعمل بنزاهة قصوى! ولن تدين من في حقّه ظَنٌ وستنصف جميع المشبوهين وسيبقى الملف وصمة عار على جبين مجهول، وللعربي ستبقى أبواب السماء مشرعة، إليها يرفع الشكر والدعاء لأنّه نجا ولم يمت.
لقد قلت في الماضي وحذّرت أن الجميع مرشّح ليكون ضحيّة قادمة. لا أحد يستبعد أن يلقى ابنه أو ابنته، في كل مكان وكل زمان، مجموعة من تلك الضباع السائبة، فاصطياد فريسة عربية أصبح إحدى الرياضات المتفشية والوسائل متاحة (هاتف، ميل، وماسيج!) والأهم أنّها رياضة تشفي النهم وغير مكلفة.
قلنا إن السوس بدأ ينخر في جذع السلطة القضائية، الركن الثالث والأهم في مجتمع صحيح ومعافى، ويوقعه. بعض القضاة وأعدادهم في تزايد، تحوّلوا أبناء هذه العقلية وإفرازًا من هذا المناخ المسموم القاتل.
إنّها مسيرة انحطاط طويلة. لم تبدأ اليوم ولكنّها تستفحل اليوم وتكمل حلقة الدم الخطيرة. فالمحكمة العليا الإسرائيلية تستوعب قاضيًا مستوطنًا، واستوعبت لسنين طويلة قاضيًا اسمه إدموند ليڤي، شارك في مئات من الملفات وقضى باسم القانون والعدل وتستر بحرفية عن حقيقة ما يؤمن به، وها هو ينكشف على حقيقته مجرد أن خرج إلى التقاعد. بدون أعذار ولا مبررات وبدون خجل يجاهر بتقرير يشرعن الاحتلال وموبقاته، يشهر، دون أن يندى له جبين، سيفه ويعلن، احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية مشروع وقانوني والاستيطان جائز. الخطورة ليست في مضمون التقرير فحسب، الخطورة أنّه معد من قاضٍ أنهى عمله قبل مدة وجيزة ولسنين كان يحكم في تظلّمات آلاف الفلسطينيين بينما كان يؤمن بشرعية الاحتلال الإسرائيلي وشرعية نشاطاته.
قصتي في أروقة المحاكم الإسرائيلية بدأت قبل ثلاثة عقود وهي مسيرة شهادة على سقوط هذه المنظومة. قصص من الخيال ومن العبث والمأساة "أبطالها" من لحم ودم. ضحايا مرتين ودومًا مظلومين. ضحايا السياسة والممارسة الإسرائيلية وضحايا الكذبة الكبرى أن محاكم هذه السياسة ستنصف وسترضع حليبها للعطاش والجائعين.
لعقود تعاطى الفلسطينيون مع واقع هذه المحاكم كقدر محتوم وأجل لا غنى عنه ولا بدائل. واليوم، وعلى خلفية ما يعتري هذا الجهاز من عطب وتغييرات خطيرة، هنالك حاجة ماسة لإعادة النظر ودراسة ما يمكن وما يجب أن نفعله نحن العرب كزبائن لهذه المحاكم.
من القاطع والواضح عندي أن هنالك فوارق جوهرية ومبدئية في ردَّي الفعل الجائزين في الحالتين الفلسطينيتين. فالفلسطينيون، سكان المناطق المحتلة عام ١٩٦٧، لديهم من الخيارات كثرة وفي طليعتها دراسة جدوى التعاطي مع هذه المحكمة لا سيما على ضوء تقييم جدي ومدروس لتاريخ طويل من الخسارة المزمنة في أروقتها وخاصة بعدما تكشفت رؤيا مبدئية سياسية واضحة من عدة قرارات مفصلية "درّتها" بلا شك ما أفصح عنها تقرير القاضي "ليڤي" وتعيين قاض مستوطن.
بالمقابل علينا، نحن الفلسطينيين سكان إسرائيل، وضع رؤية إستراتيجية مدروسة تصوغ علاقتنا المرجوة والمفيدة لمصالحنا مع المنظومة القضائية في الدولة وفي طليعتها المحاكم على تفرّعاتها. أعتقد أننا، إذا نوينا وقررنا، قادرين على التأثير وتغيير واقع الحال وفي بعض الحالات سننجح بوقف النزف وتضميد بعضٍ من جراحنا.
لن نبقى طرائد لعمليات "لينش" متزايدة فلننصب كاميراتنا، عساها تكشف وتضبط بعض الضباع السائبة. وإلّا فكل "لينش" ونحن سالمون.

قطعان وأغنام وزرائب ومسالخ/ الياس بجاني

إنه لأمر مهين ومعيب ان يقبل أي انسان طوعاً دور "الزلمي"، أي دور النعجة ودور التابع المربوط بحبل حول رقبته والمتلذذ بأكل التبن من على المعالف والنوم في الزرائب. هذا المخلوق التعيس والبائس الذي يتزلم لزعيم أو لجماعة سياسية أو دينية يصبح مسيراً وليس مخيرا أي عبداً لا أكثر ولا أقل.
من المؤسف أن أرتال كبيرة من ابناء شعبنا اللبناني في الوطن الأم وبلاد الإنتشار ومن المذاهب كافة هي غنمية بعقلها وثقافتها وذلها والغباء، وبعيدة عن كل مفاهيم ومعايير وممارسات الحرية والإيمان واحترام الذات، ولا وجود في دواخلها لشيء اسمه كرامة.
هذه الأرتال الغبية هي زلم الأحزاب وخدم الزعامات السياسة وعبدة رجال الدين المشعوذين، وهي السبب الأساس لكل مصائب لبنان والكوارث ولولا غنميتها وكفرها لما كان وطن الأرز المقدس على ما هو عليه من شقاء وفوضى وعذاب وتفلت واسخريوتية. 
هؤلاء الأرتال من المتزلمين والأغبياء عقولهم وعواطفهم مبرمجة عن بُعد فيفرحون مع الزعيم ويحزنون معه غب طلبه، ويتظاهرون ويتقاتلون مع الغير ويشتمونهم بناء لأوامره، ومن ثم يتعانقون ويتصالحون وأيضاً بناء لأوامره. إنهم أرتال من الإذلاء الذين لا فكر ولا ذرة عقل في داخل جماجمهم.
باعوا أنفسهم مقابل زر يعلق على صدورهم، أو فولار يربط حول رقابهم، أو مقابل مال أو وظيفة، وغرقوا في حياونية غرائزهم وفي عبادة مقتنيات الأرض الترابية الفانية.
هؤلاء البشر من ابناء شعبنا هم وراء استمرارية وجود قادة ورجال دين وزعماء واحزاب وسياسيين منحطين وأوباش على شاكلة 99% من اللذين يسرحون ويمرحون حالياً على الساحة اللبنانية ويتاجرون بدم وعرق وكرامة وأمن ولقمة عيش اللبنانيين.
هذه الطبقة المجرمة من القياديين ورجال الدين موجودة ومتحكمة بمصير وطننا الغالي، وسوف تبقى كذالك طالما بقيت أرتال من شعبنا على غبائها وغنميتها وقلة إيمانها وخساستها وعشقها للتبن والمعالف.

 من هنا فإن القائد والسياسي والزعيم الأصيل يبقى ويستمر ويزدهر فيما المأجور والبديل والعبد والتابع يرمى في مزابل التاريخ. إن الزوال والاندثار هو الأجل المحتوم لكل الطرواديين والمارقين والمرتدين الذين يهجرون قضايا وتاريخ ووجدان ومصير وأمن شعوبهم وأوطانهم ويبيعون أنفسهم للغريب من أجل مصالح أو نفوذ أو منافع كلها أرضية وفانية.
بناء على كل ما جاء أعلاه فإن ميشال عون الذي خرج بجنون لافت من كل ما هو لبناني وبشيري وإيماني ووطني وتحول إلى تابع لجماعات محور الشر السوري والإيراني لا يمكن أن يستمر سياسياً بعد سقوط أسياده في الشام وإن كان يتوهم بعقله المهلوس والمنسلخ عن الواقع غير ذلك، لأن من يبيع نفسه للغير بأي ثمن كان فإن من يشتريه قد يبيعه في أي وقت بأبخس الأثمان ويبحث عن غيره من المعروضين للبيع من أقرانه الملجميين.
 
السؤال الذي يًُطرح في هذا السياق الجهنمي والترابي هو، لماذا يبيع الإنسان نفسه ومن أجل ماذا، وماذا يريح وماذا يخسر. والجواب الإيماني الثابت يقول بصوت صارخ "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"؟ والجواب، بالطبع لا يربح أي شيء وحسابه يكون عسيراً يوم الحساب الأخير
هكذا كان حال الإسخريوتي والملجمي وأقرانهما من الذين وقعوا في تجارب إبليس وساروا بغباء وراء غرائزهم، فعاقبتهم السماء وملائكتها وحلت اللعنة عليهم وعلى وأصولهم وفروعهم. بالتأكيد إن نهاية كل المارقين ستكون عاجلاً أم أجلاً كنهاية الإسخريوتي الذي علق نفسه على شجرة وانتحر لأن الله يُمهل ولا يُهمل.
اليوم ونهاية النظام السوري المجرم والإرهابي، نظام قتلة الأطفال واغتصاب النساء، لم تعد ببعيدة، فالمطلوب من أرتال شعبنا الذين تغربوا بفكرهم ووجدانهم وممارساتهم ومواقفهم عن لبنان وتاجروا بناسه ودمهم ولقمة عيشهم وأمنهم، المطلوب منهم وبسرعة أن يتوبوا ويعودوا إلى ينابيع الإيمان والوطن المقدس وترابه المبارك قبل فوات الأوان.
نختم مع: يوشع بن سيراخ 03/25 و26/ " ما جاوَزَ أَعْمالَكَ لا تُكثِرِ الاْهتمام بِه لأَنَّ ما كُشِفَ لَكَ يَفوقُ إِدْراكَ الإِنْسان فإِنّ كَثيرينَ قد أَضلَّهم تَأَمّلهم وزَلَّت أَفكاُرهم بِتَصَوّرِهمِ الفاسِد. القَلبُ القاسي عاقِبتُه السوء والَّذي يُحِب الخَطَرَ يسقُطُ فيه. والقَلبُ القاسي يُثَقَّلُ بِالمَشَقَّات والخاطِئ يَزيدُ خَطيئَةً على خَطيئَة"

اللاجئون وواقعية هيوستن/ عباس علي مراد

كانت الدورة البرلمانية الشتوية الفيدرالية اقفلت على صخب قضية اللاجئين الذين يحضرون الى البلاد عبر القوارب ،بعد ان اخفقت الحكومة الفيدرالية بتمرير مشروع قانون كان قد تقدم  به النائب المستقل روب اوكشوط، والذي سقط في مجلس الشيوخ بعد ان تحالف حزبي الخضر والأحرار بعد ان التقت مصالحهم السياسية الآنية وكل له وجهة نظر مختلفة حول ذلك المشروع.
لجأت الحكومة الى تعيين لجنة خبراء ترأسها قائد الجيش الاسترالي السابق انغسس هيوستن وكلفت تلك اللجنة دراسة افضل الحلول لحل معضلة اللاجئين الذين تجاوز عددهم هذا العام 7000.
الاسبوع الماضي وقبل افتتاح الدروة الحالية للبرلمان، قدمت اللجنة تقريرها الى الحكومة والذي تضمن 22 توصية من اهمها اعادة العمل بما كان يعرف بالحل الباسيفيكي والذي كانت تعتمده حكومة الاحرار برئاسة رئيس الوزراء الاسبق جان هاورد، الذي يقضي بإرسال اللاجئين الى جزيرة ناورو وبابوا نيوغينيا، وكذلك اوصت اللجنة بضرورة البحث عن حل اقليمي بالتعاون مع دول الجوار، كذلك اوصى التقرير زيادة عدد المستوعبين الى 20 الف مباشرة و 27 الف خلال 5 سنوات ومن ضمن التوصيات حرمان طالبي اللجوء والذين يحصلون على تأشيرة دخول الى استراليا بعد دراسة طلباتهم من جمع شمل العائلة حيث كانوا في السابق يحصلون على افضلية ،اما الآن فإن طلبات شمل العائلة سوف تخضع لمعايير جمع الشمل العادية وحسب الاجراءات التي تنطبق على المهاجرين الآخرين حيث يُطلب دفع رسوم قدرها 2000 دولار عن كل طلب.
وقد استثنى تقرير اللجنة من توصياته مسألة منح تأشيرة الحماية المؤقتة وهذه النقطة التي انتقدتها المعارضة الفيدرالية ويجدر بالإشارة الى ان اللجنة حذرت من الانتقائية في التعامل مع توصيات التقرير.
 سارعت الحكومة الى تبني التقرير ووضعت مشروع قانون وتم تمريره في مجلسي النواب والشيوخ الأسبوع الماضي ،وقد عارض المشروع كل من حزب الخضر والنائب المستقل اندرو ويلكي، تعتبر معارضة حزب الخضر مبدئية من حيث رفضهم نقل اللاجئين الى جزر الباسيفيك ويفضلون دراسة طلباتهم في استراليا، رغم التقرير اخذ ببعض آراء حزب الخضر من حيث زيادة عدد اللاجئين والأمر الثاني إيجاد حل اقليمي للمسألة.
وقد عارض القانون المدافعين عن حقوق اللاجئين وأبرزهم المحامي ديفيد ماين الذي كان قد اوقف الحل الماليزي الذي كانت قد تبنته الحكومة في السابق بعد ان تحدّاها بنجاح في المحكمة العليا وقال: كل ما نفعله اذا ما اعتمدنا تقرير اللجنة هو ابعاد الخطر عن شواطئنا الى مكان آخر (س م ه ص 2 بتاريخ 14/08/2012) وقد انتقدت النائبة العمالية ماليسا باركي عن مقعد فريمنتل في غرب استراليا تبني توصيات اللجنة بشدة وقالت: "مقاربتي للموضوع في مجلس الحزب تعتمد على مبدأ الحزب وليس الخوف من الاعداد" (صن هيرالد 19/08/2012 ص 77).
 وهنا لا بد لنا من ان نتساءل عن ماذا بعد اقرار توصيات لجنة هيوستن ومن هنا الى أين؟! هل سيتوقف تدفق الللاجئين، وهل سترضى المعارضة الفيدرالية بما اعتبرته نصراً سياسياً حيث اضاعت ورقة انتخابية رابحة. وهل ستستطيع رئيسة الحكومة تحسين وضعها ووضع حزب العمال الانتخابي؟! هذا ما ستجيب عنه استطلاعات الرأي في الأسابيع القادمة، لكن رئيسة الوزراء والتي بلعت كبرياءها السياسي من خلال تراجعها عن سياستها بالنسبة للاجئين وقبلت تحمل المسؤولية عن سياسة السنوات السابقة وحددت ارض المعركة السياسية القادمة مركزة على قوانين اماكن العمل والتعليم بالاضافة الى قوانين تأمين المعاقين بعد ان اطمأنت الى ان الضريبة على قطاع المعادن قد اصبحت نسياً منسياً بالاضافة الى ان ضريبة الكربون لم تغرق قسم من البلاد في البحر ولم ترتفع الاسعار كما كان يروج زعيم المعارضة طوني ابوت حيث اظهر استطلاعات الرأي ان 52% من المواطنين قالوا ان الضريبة لم تغير اي شيء بالنسبة لهم على المستوى الشخصي،بينما قال 38% انهم تأثروا سلباً وهي بالضبط عكس النسب التي كانت قبل بدء العمل بالضريبة اوائل الشهر الماضي.
يقال ان الامور بخواتيمها،فان لم يتوقف تدفق مراكب اللاجئين وهذا ما يتوقعه معظم المراقبين فهل سيتجدد الاشتباك السياسي حول الموضوع ؟لانه وكما قال رئيس لجنة الخبراء انغسس هيوستن ان تقرير اللجنة واقعي وليس مثالي وكما نعلم لا يوجد في السياسة واقعية ولا مثالية، انما مصالح وطبعاً فالحكومة والمعارضة تعملان بما تقتضيه مصالحهما.
سيدني 20/08/2012

المريخ .. هدفٌ ليس ببعيد/ د. عدنان الظاهر

                           
( مقال كتبته في عام 1985 ولم أنشره )

إنَّ العلماء اليوم لعلى علم تام وأكيد أنَّ حياةً بشرية حَضرية على سطح كوكب المريخ الأحمر باتت أمراً وشيكاً. ففي المؤتمر الذي نظمته وكالة الفضاء الأمريكية " ناسا " في واشنطن أواخرَ شهر أكتوبر عام 1984 قرر المشاركون فيه أنَّ هناك ثمّة من سؤال واحد فقط لم يجدوا له جواباً بعدُ : أية لغة يتكلمُ البشرُ الأولُ الذي يحطُّ على سطح المريخ ، الإنكليزية أم الروسية ؟ السباق نحو المريخ أضحى حقيقة قائمة. إنَّ أول خطوة أمريكية صغيرة صوب المريخ ستتضمن إطلاق محطة مدارية تدورُ حول هذا الكوكب في عام 1992. كما قرر أحدُ روّادُ الفضاء الأمريكان أمام هذا المؤتمر أنَّ أول بعثة أمريكية إلى المريخ نفسه قد تغدو ممكنة حوالي عام 2010 الميلادي ( حصل هذا ولكن في عامنا هذا 2012 ). إلاّ أنَّ هذا الرائد نفسه عاد فحذّرَ المؤتمرين مصرّحاً بأنَّ كل المعطيات تُشيرُ إلى أنَّ السوفيات ساعين فعلاً وبمنتهى الجديّة إلى تحقيق برنامجهم الخاص الرامي إلى فرض هويتهم وتثبيت وجودهم الخاص في أعماق الفضاء وعلى سطح كوكب المريخ قبل الولايات المتحدة الأمريكية ( لم يحصل هذا الأمر حتى اليوم. إنها الفوبيا الأمريكية من الإتحاد السوفياتي السابق ... ولم تزل هي هي حتى في زمن روسيا الإتحادية الحالية ! ). لم تعلن أيٌّ من القوتين العُظميين برنامجاً رسمياً لإستطيان الكوكب الأحمر ولكنْ خبراء ناسا يعتقدون أنَّ عرضاً سوفياتياً فضائياً جليلاً من شأنه أنْ يُفجّرَ بداية السباق. يقول بعض هؤلاء الخبراء إنَّ السوفيات لم يشيروا بعدُ عَلَناً  إلى مستقبل برامجهم بشأن استكشاف الفضاء ولكنْ رغم ذلك فليس مُستبعداً ـ إنْ لم يكنْ ممكناً جدّاً وفعلاً ـ أنْ يحاولوا وضع روّاد فضاء حول المريخ عام 1992 تخليداً للذكرى الخامسة والسبعين لثورة أكتوبر البلشفية. يُضيفُ هذا البعضُ أنَّ هناك شكاً كبيراً حول إمكانية السوفيات في إنزال رجل على سطح كوكب المريخ في هذا التأريخ بل مجرد دوران حول  الكوكب فقط.
هناك أدلّة قوية ثلاثة تُشيرُ إلى عزم السوفيات بالإتجاه صوب المريخ :
1 ـ البعثات الطويلة الأمد في الفضاء على متن سفينة الفضاء المدارية " ساليوت ". فلقد عاد إلى الأرض خريف عام 1984  ثلاثة رواد فضاء سوفيات بعد أنْ أمضوا 237 يوماً في بعثة داخل المحطة المدارية ساليوت 7 . معلوم أنَّ هذا العدد من الأيام يكفي سفن الفضاء لبلوغ المريخ.
2 ـ الدليل الثاني الذي تقدمه تقارير المخابرات الأمريكية مؤدّاهُ أنَّ السوفيات مشغولون الآن ببناء نظام دفع صاروخي جديد يُضاهي صاروخ ساتورن 5 من حيث الحجم ـ وهو الصاروخ الذي حمل رواد الفضاء الأمريكان إلى سطح القمر ـ والذي يفي بالمواصفات المطلوبة للوصول إلى كوكب المريخ.
3 ـ الدليل الثالث يأتي من داخل الإتحاد السوفياتي إذْ شرعت مؤخّراً المجلات العلمية بنشر فيض من المعلومات حول المريخ الأمر الذي يدل بوضوح على أنَّ المريخ مُستهدف. ولا عجبَ في هذا كما يقولُ ميشيل ديوك رئيس قسم إستكشاف المنظومة الشمسية في مركز فضاء جونسون التابع لناسا... حيث أنَّ لدى السوفيات إمكانات فضائية متطورة. كما أنهم ولفترة طويلة لم يقوموا بإنجاز فضائي مُثير لكنهم بصدد ذلك الآن.
يعتقد ديوك أنَّ موسكو يمكن أنْ تُعلن في عام 1992 لمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لثورة أكتوبر عن برنامج مكثّف وواسع حول المريخ يستهدفُ وضع رجال على سطحه في نهاية القرن العشرين. يقول ديوك إنَّ مجرد ذلك سيضع ضغطاً عظيماً على واشنطن لقبول التحدي والتصدي للهدف. وهذا الوضع يُشابه وضعاً قام في عام 1957 إثر إطلاق التابع الأرضي السوفياتي سبوتنيك 1 لمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر حيث دشّن الحدثُ سباق الفضاء. يُضيفُ أحدُ رواد الفضاء المشاركين في مؤتمر " ناسا " آنف الذكر أنَّ الفجوة هي فجوة صغيرة من وجهة النظر التقنية بين وضع اليوم والقدرة على تأسيس محطة للرجال على سطح المريخ .. إنما المال والتمويل هما المشكلة ولا غير. فبعثة إلى المريخ تتطلب اموالاً خيالية ولا أحد يدري بالضبط كم ستكلّفُ مثل هذه البعثة من الأموال. ولأجل الحصول على المال اللازم فإنه يتعين على ناسا أنْ توظّفَ مقولة خطر سوفياتي يهدف إلى الإستئثار بالمريخ إحتلالاً أو إستيطاناً في حين تمضي قُدُماً في وضع الحجر الأساس في مشاريعها الخاصة بالمريخ.
لقد خطت ناسا خطوتها الأولية الأولى نحو المريخ عندما وافق الرئيس الأمريكي على تخصيص ثمانية بلايين دولار لبناء محطة فضاء وكان هذا القرار قد أُتخذ في شهر كانون الثاني عام 1984. أما مدير ناسا فقد أخبر المؤتمر أنَّ محطة أمريكية دائمة توضع على سطح القمر سيتم الإنتهاء منها خلال السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. وأنَّ مثل هذه المحطة ستُعتبرُ إمتداداً معقولاً وطبيعياً لمجهودات الإنسان في سبر أغوار الفضاء. أضاف مدير ناسا أنَّ الوكالة ستعود إلى القمر لإستخراج غاز الأوكسجين من الصخور القمرية الغنية بهذا الغاز وبغيره من العناصر فضلاً عن إنشاء مركز خارجي يمكّن الإنسان من توسيع مجالات إستكشافه وينوّع أوجه فعالياته حول المنظومة الشمسية وبوجه خاص حول المريخ وتوابع الكوكب الأرضي.
ماذا عن الأوكسجين القمري ؟
تبدو فكرة إستخراج الأوكسجين من القمر ـ وهو كوكب خالٍ من الهواء ـ غريبة بل وقد لا يصدّقها البعض. لا غرابة في الأمر إذا عرفنا أنَّ الأوكسجين يدخل في نصف تكوين القمر. وأنَّ في الإمكان إستخلاص هذا الأوكسجين كيمياوياً من الصخور القمرية وتوظيفه كوقود للصواريخ التي ستُطلق من القمر صوب المريخ وما وراء المريخ. ذاك لأنَّ مزيج غازي الأوكسجين والهايدروجين يمثل قوة الدفع الأساسية للصاروخ حين إختراق هذا المزيج.  أما غاز الهايدروجين نفسه فيمكن تصنيعه على سطح القمر. تتجلى أفضلية إستخدام سطح القمر كمنصة لإطلاق الصواريخ الكونية في أنَّ قوة الجذب القمري هي سُدس قوة الجاذبية الأرضية ، ومعنى ذلك في التطبيق أنَّ الصاروخ المنطلق من على سطح القمر يحتاجُ إلى سُدس قوة الدفع اللازمة للتغلب على قوة الجذب الأرضي فيما لو انطلق نفس الصاروخ من على سطح الأرض. هذا وأنَّ قوة الجاذبية القمرية الصغيرة تيسّر عمليات رفع المعادن الثقيلة من القمر إلى بقية أنحاء الفضاء. ومختصراً فإنَّ القمر سيصبحُ محطة وقود فضائية هائلة مُعلّقة في السماء.
يصفُ علماءُ الفضاء الأمريكان العناصر الأساسية لقاعدة قمرية تشتملُ على جزء شبيه بالغواصات يُدفن تحت تربة سطح القمر لحمايته من النشاط الإشعاعي العالي. كما أنَّ مُجملَ المستوطنة القمرية يمكن أنْ تنقسم إلى خمسة أقسام رئيسة هي : ميناء فضائي ، مركز إتصالات وخدمات، منطقة سكنية وترفيهية، مركز علمي وأخيراً مجمّع صناعي يضم المختبرات والورشات ومراكز التكرير والتنقية وتصنيع الأغذية وإنتاج غاز الأوكسجين والماء لمائة مستوطن يكون في وسعهم المكوث هناك لعام أوأكثر.
ما هي الآثار المباشرة لأول محطة قمرية ؟
تقول التقديرات الأولى إنَّ تأسيس مثل هذه المحطة سيؤشرُّ أول علامة هامة على الدور الذي يلعبه رائدُ الفضاء إذْ سيتحول هذا الرائد من زائر للفضاء إلى مستوطن له. وإنَ هذه الفكرة قد جعلت العلماء يحلّقون في تهويمات شاعرية وخيالات رومانسية لأنها تؤثّرُ بشكل مباشر في العنصر الأساس للطبيعة البشرية بإثارتها لروح المغامرة وتحدي الإنسان في أن يُنجز اعظم ما يمكن إنجازه سعياً وراء الكمال وجمال الخلق والإبداع.
المصادر /1 ـ مجلة ماكلينز الكندية الأسبوعية
Macleans
 العدد 48 في 26.11.1984
2 ـ مجلة نيوزويك الأمريكية الأسبوعية العدد51 في 10.12.1984