دماء السوريين أحق بالغضب يا عرب!/ محمد فاروق الإمام

رحمك الله يا عمر ورضي الله عنك وصدق فيك نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: "لو كان بعدي نبي لكان عمر".. أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان ينظر يوماً إلى الكعبة فيخاطبها قائلاً: ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.
وهذا ابن الفاروق عبد الله بن عمر يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: "ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك".
عشرات الآلاف من السوريين، إن لم يكن مئات الألوف، قضوا على يد جبار سوريا وسفاحها، بأساليب وحشية وبربرية لم يرو التاريخ مثيلاً لها خلال أقل من سنة وثمانية أشهر، ولا يزال يلاحق بآلته العسكرية القاتلة والمميتة والمدمرة الأحياء والأموات والحيوان والشجر والحجر والمدن والبلدات والقرى غير آبه بكل هذا العالم شرقه وغربه.. هذا العالم الفاقد لحس الإنسانية الذي لا يجيد سوى إصدار بيانات الشجب والتنديد والوعيد والتهديد، التي كانت كلها فقاعات هواء دفعت هذا المجرم السفاح للإيغال بدم السوريين جهاراً نهاراً، مدعوماً بعواصم محور الشر "موسكو وطهران وبكين" وعصابات المافيا المشهود لها بقسوة القلب وتبلد الضمير من عناصر "فيالق القدس والحرس الثوري وحزب نصر اللات وحزب نوري المالكي وميليشيا مقتدى الصدر" الذين يحملون في صدورهم حقد الفرس المجوس على الإسلام والمسلمين، الذين أطفأ نار معابدهم المثنى بن حارثة وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد قبل 1400 عام.
عشرات الألوف من السوريين قضوا على يد المجرم بشار الأسد دون أن تحرك دماؤهم، التي ملأت الشوارع والساحات والأزقة والبيوت في طول البلاد وعرضها، مشاعر المسلمين وأفئدتهم ووجدانهم ليثوروا غضباً لما يجري في سورية من مجازر ومذابح بحق السوريين من النساء والأطفال والشيوخ والآمنين تحت أنقاض منازلهم المدمرة بفعل القصف الجوي والبري المتواصل على مدار 24 ساعة منذ ما يزيد على 18 شهر، أو بالذبح على يد هؤلاء المتوحشين أو برصاص جنود الأسد الذين باعوا أنفسهم للشيطان بثمن بخس!!
وتحرك هؤلاء في عواصم العرب والمسلمين بالملايين في غضبة مضرية أقرب إلى الجهالة منها إلى العقلانية لأجل عرض فيلم سخيف تعرض للإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يرقى لملامسة أطراف أقدامه، أو يحط من قدره الشريف الذي يرقى إلى ما فوق الجوزاء في عليائه.. تحرك هؤلاء في غضبة جاهلية حمقاء لا يتفق معها كل ما ورد عن النبي العظيم محمد عليه الصلاة والسلام، الذي قال "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم"، وكان الأجدر بهذه الملايين أن تنتفض وتثور لهذه الدماء التي تسفك في بلاد الشام منذ 18 شهراً!!
من يشاهد شاشات التلفاز وهي تعرض هذه الألوف المؤلفة من المحتجين على عرض هذا الفيلم السخيف، وأعتقد أن معظمهم إن لم يكن كلهم لا يعرفون اسم هذا الفيلم ولا مضمونه ولم يشاهدوه، وهم يندفعون إلى سفارات أمريكا وقنصلياتها في العديد من العواصم العربية والإسلامية غير آبهين بما يلاقونه من رجال الأمن المدافعين عن هذه الأبنية الدبلوماسية وبإصرار على اختراق صفوفهم رغم قنابل الغاز والهراوات والرصاص في بعض الأحيان، وتمكنهم من الولوج إلى هذه الأبنية والوصول إلى بعض مكاتبها وإحراق ما فيها، يشعر الإنسان بالأسى والحزن على هذا الشباب المندفع بفعل فاعل، استغل عواطفهم وبراءتهم وبساطتهم وجهلهم في تنفيذ أجندة معادية، أقلها ما يرتبط بأنظمة الحكم الديكتاتورية البائدة التي تريد توصيل رسالة إلى أمريكا والغرب مفادها (هذا ما جنت أيديكم) وهذا ما ستحصدونه من (ثورات الربيع العربي) و(انتظروا المزيد)، وبغير ذلك ما تفسير ما جرى في قنصلية أمريكا في بني غازي، وماجرى ويجري في القاهرة والخرطوم وتونس وغيرها، وهذه العواصم هي بحاجة إلى الاستقرار بعد نجاح هذه الثورات لإصلاح ما أفسدته تلك الأنظمة وبحاجة إلى التفاف كل الجماهير حولها في هذه المرحلة الحساسة لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها التي فرطت بها وأفسدتها تلك الأنظمة البائدة!!
محمد عليه الصلاة والسلام نفتديه بأرواحنا وكل ما نملك إذا ما سولت لأي إنسان نفسه الإساءة إليه أو التطاول عليه، ولكن هناك أولويات، فالدماء التي تسفح في بلاد الشام هي أجل وأعظم، وهي الأحق والأجدر أن تغضب لها هذه الملايين دون غيرها، فرسولنا الكريم أعز وأمنع من أن تناله هذه القامات القصيرة والقزمة أو تحط من قدره، وقد اختاره فلاسفة الغرب ليكون الرجل الأول في العالم دون غيره من أنبياء ورسل وعظماء وفلاسفة وقادة، حتى أن بعضهم قال: والله لو كان محمد بيننا اليوم لأدار شؤون العالم وحل مشاكله وهو يحتسي فنجاناً من القهوة، فمن كان هذا شأنه في عيون عظماء العالم فلن يستطيع صعلوك قزم أن يحط من قدره أو يتطاول عليه في إنتاج فيلم سخيف مدبلج.. عودوا إلى رشدكم يا ثوار مصر.. عودوا إلى رشدكم يا ثوار ليبيا.. عودوا إلى رشدكم يا ثوار تونس.. عودوا إلى رشدكم يا ثوار اليمن، فقتل مسلم في بلاد الشام أعظم حرمة من كل ما أنتجته هوليود وكان وهنولولو من أفلام على مر تاريخها سواء كانت معادية للإسلام أو مسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام!!

CONVERSATION

0 comments: