الآن انتهت الانتخابات الإسرائيلية المبكرة،وواضح ان قوى اليمين الإسرائيلي هي الأكثر حظاً لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ،وهذا ليس مربط الفرس،ولكن ما يثير استغرابي سذاجة وسطحية بعض التحليلات والتمنيات للعديد من الكتاب والقادة الفلسطينيين والعرب،والتى ترى بان ما حدث،هو تحطيم لليمين الإسرائيلي،او انقلاب جذري في السياسة الإسرائيلية،والبعض العاجز فلسطينياً وعربياً،كان يتمنى أن تفوز ما يسمى بقوى اليسار الصهيوني،ولتصل درجة العجز والهوان والذل،تحت ذريعة وحجة التأثير على الناخب والمجتمع الإسرائيلي الى درجة أن تدعو جامعة الدول العربية بعد أن “تعبرنت”،ولم يبقى من عربيتها غير الاسم ،المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني للمشاركة في الانتخابات الإسرائيلية،والإسرائيليين إلى انتخاب أحزاب اليسار الصهيوني.
وقبل القراءة لهذه النتائج فإنني او التأكيد على حقائق ثابتة في الفكر الصهيوني،وتتبناها وتؤمن فيها كل ألوان الطيف الإسرائيلي من أقصى يسارها الى أقصى يمينها،ألا وهي أن الاستيطان مرتكز أساسي وعامل رئيسي وجوهري في كل برامج الأحزاب الصهيونية،وهي بمثابة الثابت لا المتغير،واي حزب يحاول أن يقفز عن هذا الثابت،فهو يدرك تماماً بانه منتحر سياسياً،ويخسر وجوده في البرلمان"الكنيست" ويعزل جماهيرياً،ولذلك كان هذا الثابت البند الأساسي في دعاية أغلب إن لم يكن جميع الأحزاب الصهيونية،والعديد منها بدء دعايته الانتخابية بزيارة المستوطنات،او القيام بزيارة استفزازية للمسجد الأقصى،او إطلاق تصريحات حول هدمه وتفجير قبة الصخرة المشرفة،والمركب الثاني الثابت في كل برامج الأحزاب الصهيونية انها جميعاً ترفض حق العودة للشعب الفلسطيني،وحتى أكثر الأحزاب الإسرائيلية يسارية لا تصل الى حد الإقرار والاعتراف بالحدود الدنيا من حقوق الشعب الفلسطيني في الدولة المستقلة في حدود الرابع من حزيران.والثابت الثالث،هو ان الأحزاب الصهيونية،ترى بان العرب يخضعون بالقوة فقط،ولذلك كل حزب يريد ان يحقق نتائج سياسية وشعبية وتمثيل أوسع واكبر في البرلمان"الكنيست"والحكومة،يرى الطريق الى ذلك من خلال الإيغال في الدم الفلسطيني والعربي،عبر ارتكاب الجرائم والمجازر وتوسيع القمع والإذلال وامتهان الكرامة لشعبنا الفلسطيني،ولم ينتهي العرس الانتخابي الإسرائيلي،حتى كان الرد سريعاً،إطلاق النار على الطالبة الجامعية لبنى الحنش وإستشهادها،واستشهاد الطفل صالح عمارين متأثراُ بجراحه.
ولذلك من يراهن على ان فوز احزاب ما يسمى باليسار الصهيوني سيجلب اللبن والعسل لشعبنا الفلسطيني وينتظر دبساً من قفا النمس،فهو واهم ولديه حالة من عمى الألوان المزمنة.
علينا أن نغادر خانة رهن حقوقنا وقضيتنا وثوابتنا على من سيفوز في الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية،فهذا الخيار والرهان ثبت عقمه وفشله وعدم واقعيته،فكم مرة تغيرت الحكومات الأمريكية والإسرائيلية،وكنا نطلق التمنيات ان يفوز فلان أو علان من المرشحين في الانتخابات الإسرائيلية والأمريكية ومن أحزاب مختلفة،حتى وصلت بنا الأمور الى حد دعم ومساندة العديد من المرشحين،ومن بعد فوزهم نكتشف بأن "الكلب اخو السلك"،وخير مثال على ذلك عندما فاز الرئيس الأمريكي أوباما في الدورة الانتخابية الأولى،وصل الحد في البعض فلسطينياً وعربياً الى حد القول،بان هناك انقلاب في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والفلسطينيين،وكل ذلك لأن اوباما حاول ان يسوق السياسة الأمريكية ويعرضها بطريقة جديدة،تركز وتلعب على المشاعر والعواطف،وعلى تسامح الدين الإسلامي..،وطرح خطته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة،خلال فترة ولايته الأولى،ولنكتشف لاحقاً،أن ذلك مجرد اوهام وشعارات فارغة وشيكات بلا رصيد،حتى وجدنا ليس هناك تطابق في المواقف الإسرائيلية والأمريكية من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني فقط،بل كانت المواقف الأمريكية أكثر تطرفاً من نظيرتها الإسرائيلية في العديد من الأحيان،فلكلاهما ثوابت وعلاقاتهما إستراتيجية وإن اختلفتا في التفاصيل والتكتيكات والأولويات،فهما متفقتان على استمرار إدارة الأزمة،وعدم تقديم أية تنازلات جدية،أو حلول تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، وانا أرى ان ذلك في الوضع والحالة الفلسطينية والعربية الواهنة والضعيفة غير ممكن الإ اذا ما حدثت تطورات فلسطينية وعربية واقليمية ودولية تعدل وتغير في ميزان القوى،يجبر امريكا وإسرائيل على عقد صفقة سياسية شاملة،وهذا رهن حالياً في ما ستؤول إليه الأزمة السورية والملف النووي الإيراني،فهما العاملان الأساسيين في هذا الجانب،وكذلك المواقف الروسية والصينية.
إن الخلاف بين الأحزاب الإسرائيلية ليس جوهرياً في الجوانب السياسية والموقف من حقوق شعبنا الفلسطيني،وبالتالي الخلافات والتغيرات في الخارطة السياسية والحزبية الإسرائيلية في الإنتخابات الأخيرة تتمحور حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية وديمقراطية وعلمانية الدولة،فالسياسات الإقتصادية والاجتماعية لحكومة نتنياهو،زادت من حدة الفوارق الطبقية في المجتمع الإسرائيلي،ووسعت من دائرة الفقر والبطالة،وإرتفاع الأسعار وغلاء المعيشة،وخصوصا في أسعار الشقق والسكن،وبالمقابل فإن القوى الدينية المتشددة،حاولت ان تفرض رؤيتها وتصوراتها وأفكارها وقناعاتها على المجتمع الإسرائيلي،من خلال إعادة صياغة علاقة الدين بالدولة وبرزت ظواهر مقلقة في المجتمع الإسرائيلي مثل تخصيص حافلات خاصة للنساء واخرى للرجال،والتدخل في اللبس والعلاقات العاطفية وغيرها،والشعور بالخطر من ان ذلك قد يضر بصورة اسرائيل وسمعتها عالمياً،كما تحاول أن تصور وتسوق نفسها،على انها واحدة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة،دفع تجاه التغير في التصويت والانتخاب لصالح قوى علمانية .
وبغض النظر عن الشكل الذي ستكون عليه الحكومة الإسرائيلية،فإن القضية الفلسطينية ستكون حاضرة على رأس جدول اعمال تلك الحكومة،ولكن بدون أن نبني اوهاماً،بأن هذه الحكومة لو تشكلت من ما يسمى بقوى الوسط واليسار الصهيوني،فهي لن تكون جاهزة او مستعدة لتقديم تنازلات جدية من أجل السلام أو الإعتراف بالحدود الدنيا من حقوق شعبنا الفلسطيني،فعلينا مغادرة الأوهام والأحلام،والعمل على إستعادة وحدتنا الوطنية وتقوية وتصليب جبهتنا الداخلية،وبناء إستراتيجية جديدة موحدة تلتف حولها كل فصائلنا الوطنية والإسلامية.،استراتيجية تقوم على إعادة الاعتبار لبرنامجنا الوطني،وتعتمد على الصمود والمقاومة،وإنهاء ظاهرة انقسام المدمرة التي تفعل كالسرطان في الجسد الفلسطيني،ودون ان نرهن مصيرنا وقضيتنا لهذه الحكومة الإسرائيلية أو تلك.
وبغض النظر عن الشكل الذي ستكون عليه الحكومة الإسرائيلية،فإن القضية الفلسطينية ستكون حاضرة على رأس جدول اعمال تلك الحكومة،ولكن بدون أن نبني اوهاماً،بأن هذه الحكومة لو تشكلت من ما يسمى بقوى الوسط واليسار الصهيوني،فهي لن تكون جاهزة او مستعدة لتقديم تنازلات جدية من أجل السلام أو الإعتراف بالحدود الدنيا من حقوق شعبنا الفلسطيني،فعلينا مغادرة الأوهام والأحلام،والعمل على إستعادة وحدتنا الوطنية وتقوية وتصليب جبهتنا الداخلية،وبناء إستراتيجية جديدة موحدة تلتف حولها كل فصائلنا الوطنية والإسلامية.،استراتيجية تقوم على إعادة الاعتبار لبرنامجنا الوطني،وتعتمد على الصمود والمقاومة،وإنهاء ظاهرة انقسام المدمرة التي تفعل كالسرطان في الجسد الفلسطيني،ودون ان نرهن مصيرنا وقضيتنا لهذه الحكومة الإسرائيلية أو تلك.
القدس- فلسطين
0 comments:
إرسال تعليق