الغزل أرق وأعذب ما عبّر عن إنسانية الأمة وحضاراتها الراقية.. إلى أين؟/ كريم مرزة الأسدي

 الغزل ليس دعوة للفاحشة والرذيلة ، أيها الظلاميون ، والحياة ليست  كلها قتل ولصوصية وكذب ورياء أيها السياسيون المصلحيون !
  1 - لماذا الحب ؟ لماذا الغزل ؟!! 
أروع ما قال الشعراء العرب   في الحب ، رقّة وعذوبة وإنسانية ، لاتضاهيها باريس اليوم ، ولا لندنها ، ولا نيويوركها !! لمصلحة مَن يريدون قتل هذا الإبداع الإنساني باسم الفاحشة والرذيلة ،  بينما الحب أقدس الروابط الإنسانية ، ولولاه لما استمر النوع ، وأفراد هذا الناس ، وقد قلت في  قصيدة رثاء الجواهري :
قد حيّر الألباب ربَّكِ لغــــزهُ *** بين الوجود وقـوة الإفهامِ
المطلق الحركات من أسرارهِ *** تتكاثر الأحياءُ في الأرحام
التكاثر وليد الجهاز التناسلي بأعضائه الرئيسية ، وصفاته الثانوية ، وهذا الجهاز وهذه الوظيفة هما المسلك الوحيد لاستمرار الحياة ، وحفظ الأنواع على هذه البسيطة  ، بقية الأجهزة وجميع أعضائها خلقت لقيام الفرد بحياته ، ولتخدم هذا الجهاز النوعي على سبيل الخلود  ، هل درك  أهمية الأمر الجليل ، لذلك من الصفات الثانوية يتولد الحبّ المقدس ، وهو دافع غريزي ربّاني لاستمرار الحياة وفق مشيئة الله ، والغزل هو أروع ما خلفّت الإنسانية وأمتنا الجميلة للتعبير عنه .
2 - الرسول الكريم وغزل كعب وبردته :
 وهذا  النبي الكريم (ص)   يخلع بردته ليمنحها لكعب بن زهير الذي مهد لقصيدته في مدح  الرسول نفسه:  والتي خلدها التاريخ بكناية ( البردة ) ، وهي لامية من البحر (البسيط)  ،لا  تتجاوز ( 58 ) بيتاً ، تقسم إلى ثلاثة أقسام : ما بين أبياتها (1 - 12) ، يطلّ بإطلالتها الغزلية  المألوفة في عصره  ، ومن قبله منذ امرئ القيس والشنفرى ، وروائعهما في الغزل وتقديس  الحب ، وإجلال المرأة ، ومن بعده حتى الجواهري وعصرنا ، مرورا بجميع الشعراء بفقهائهم  وأشراف نقبائهم ومتصوفيهم وعلمائهم وشعرائهم الشعراء ، ولو عددت لما انتهيت ، وإليكم أبيات من البردة النبوية : 
بـانَتْ سُـعادُ فَـقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ *****  مُـتَـيَّمٌ إثْـرَها لـم يُـفَدْ مَـكْبولُ
وَمَـا سُـعَادُ غَـداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا ** إِلاّ أَغَـنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَـيْـفاءُ مُـقْبِلَةً عَـجْزاءُ مُـدْبِرَةً **** لا يُـشْتَكى قِـصَـــرٌ مِـنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ **** كـأنَّـهُ مُـنْـهَلٌ بـالرَّاحِ مَـعْلُولُ
أكْـرِمْ بِـها خُـلَّةً لـوْ أنَّهاصَدَقَتْ **** مَـوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ
ولا تَـمَسَّكُ بـالعَهْدِ الـذي زَعَمْتْ ***** إلاَّ كَـما يُـمْسِكُ الـمـاءَ الـغَرابِيلُ
كـانَتْ مَـواعيدُ عُـرْقوبٍ لَها مَثَلا ****** ومـــا مَـواعِـيدُها إلاَّ الأبــاطيلُ
  3 - وإليك ما تركت الأمة من هذا التراث الجميل :
اقرأ وتمتع رجاء بالعشق العربي !! :
استنسخوا كلّ الشعر، وسوف أنشره في عشرات المواقع ، 1 - قال المنخل اليشكري:
ان كنت عاذلتي فسيري*** نحو العراق ولا تحوري
 لا تسألي عن جل مالي*** وانظري كرمـي وخــيري
 ولقد دخلت على الفتا **** ة الخدر في اليوم المطيرِ
الكاعب الحسنــــاء تر***فلُ في الدمقس وفي الحريرِ
 فدفعتها فتــــدافعتْ ***  مشي القطـــــــــاة الى الغديـر
ولثمتها فتنفـّــــستْ **** كتنفــــــس الظبـــــــي الغريرِ
فدنت وقالت يا منخـــْ***  ـــل مـــــــا بجسمك من حرورِ
ما شفّ جسمي غير وجد **** كِ فاهدأي عنـّــــي وسيري
 واحبّــــها وتحبّـــــــني ***** ويحبُّ نــــــــــاقتها بعيري
ولقد شربتّ من المدا ***** مةِ بالقليـــــــلِ وبالكثيـــــــــر
فاذا انتشــــــــيتُ فانّـني ***** ربّ الخورنقِ والســــــــــديرِ
 واذا صحوتُ فانـّــــــني******  ربُّ  الشـــــــويهةِ والبعيــــرِ
وقال مجنون ليلى : 
ألا يا حمامات العراق أعنني *** على شجني ، وابكين مثل بكائيا
يقولون ليلى بالعراق مريضةٌ *** *فياليتني كنت الطبيب المداويا
  وله : 
يقولون ليلى بالعراق مريضة ٌ ****فمالك لاتضني وانت صديقُ
سقى الله مرضى بالعراق فأنني**على كلِّ مرضى بالعراق شفيقُ
فأن تك ليلى بالعراق مريضة **** فأني في بحر الحتوف غريقُ
أهِيم بأقْطارِ البلادِ وعَرْضِهَا *** * ومالي إلى ليلى الغداة طريـقُ
قال عمر بن أبي ربيعة :
بينما يذكرنني أبصرنني **** دون قيد الميل ، يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتي ؟ ***قالت الوسطي : نعم ، هذاعمرْ
قالت الصغرى وقد تيمتها ****** قد عرفناه وهل يخفي القمر
ذا حبيب لم يعرج دوننــــا ****  ســـــــــاقه الحين إلينا والقدر
 الحب أبدع ما خلق الله لاستمرار الحياة ، وأجمل ما في الحب الجمال ، والله جميل يحب الجمال ،  فبأي آلآء ربكما تكذبان ...!!
قال أبو فراس الحمداني : 
أساء فزادته الإساءة حظوة *** حبيب على ما ما كان منه حبيب
 يعد علي الواشيان ذنوبه *******ومن أين للوجه الجميل ذنوب
قال حازم القرطاجي: 
 وإذا هويت فلا تكن متهالكا *** في الحب بل متماسكا كي تنتجي
 فالحب مثل البحر يأمن من مشى *** في شطه ويخاف كل ملجج
فاسلك سبيل توسط فيه تصب***** وإلى التبسط فيه لا تستدرج
وقال البحتري 
 حبيبي حبيب يكتم الناس أنه *** لنا حيـن تلقانا العيون حبيب
 يباعدني في الملتقى وفؤاده *** وإن هو أبدى لي العباد قريب
ويعرض عني والهوى منه مقبل * إذا خاف عينا أو أشار رقيب
 فتنطق منا أعين حين نلتقي *****وتخرس منــا ألسن وقلوب
وله:
طاف الهوى بين خلق الله كلهمُ ***حتى إذا مر بي من بينهم وقفا
 قد قلت لما رأتت الموت ينزل بي ***وكاد يهتف بي ناعي أو هتفا
 أموت شوقا ولا ألقاكم أبدا **** ياحسرتا ثم يا شوقا ويــــــا أسفا
 إني لأعجب من قلب يحبكم **** وما يرى منــــــــكم ودا ولا لطفا
 لولا شقاوة جدي ما عرفتكم ****إن الشقي الذي يشقى بمن عرفا 
المتنبي :  وقال  
فإن قليل الحب بالعقل صالح ****. وإن كثير الحب بالجهل فاسد
وله:
وفي الأحباب مختص بوجد ***وآخر يدعي معها شتراكا 
إذا اشتبكت دموع في خدود **تبن م***ن بكى ممن تباكا
كتب بشار بن برد البصير الخبيث  إلى قينة كان يهواها!!:
 هل تعلمين وراء الحب منزلة ؟*** تدني إليك فإن الحب أقصاني
فكتبت إليه ، الأخبث منه ، لأنها ما وجدت فيه وسامة : 
 نعم أقول وراء الحب منزلة *** حب الدراهم يدني كـــــــل إنسان
 من زاد في النقد زدنا في مودته*** لا نبتغي الدهر إلا كل رجحان
وقال ابن الدمينة : 
 هل الحب إلا زفرة بعد زفرة ... وحر على الأحشاء ليس له برد 
أبو عثمان الخالدي 
 والحب لولا جوره في حكمه *** ما سلم الأقوى لأمر الأضعف
: ولابن الفارض  
ما لي سوى روحي وباذل نفسه *** في حب من يهواه ليس بمسرف
فلئن رضيت بها لقد أسعفتنــــي *** يا خيبة المســـــعى إذا لم تسعف 
وقالوا فيه :
 إن المحب إذا أحب حبيبه ***  تلقاه يبذل فيه ما لا يبذل
وقال بعضهم:
لئن بقيت في العين مني قطرة فإني إذاً في العاشقين ذليل 
وقال شريح: 
  فإني رأيت الحب في الصدر والأذى*** إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهبُ 
وقال زيادة بن زيد :  
إن امرأ قد جزب الدهر لم يخف ******  تقلب عصريه لغير لبيب
 فلا تيئسن الدهر من وصل كاشح *** ولا تأمنن الدهر صرم حبيب
 وليس بعيدا كل آت فواقعٌ******  ولا ماضياً  من مفرحٍ بقـــريب
 وكل الذي يأتي فأنت نسيبهُ****  ولســـت لشيء قد مضى بنسيب
وقال شاعر وأحب امرأة سوداء :
 أحب لحبها السودان حتى  *** أحب لحبها سود الكلاب
والآن - أعزائي الكرام - قد وصلت موضوع الحيرة ، وأنا على وجه الصباح :
وصلنا الحيرة الروحاء صبّحاً ** ورجلاً فوق أنباح الكلابِ ...!!

CONVERSATION

0 comments: