كروب الإنسان الكوني‏/ كافي علي

ارسل لي الصديق زكي يحيى الشاب العراقي الوسيم رسالة على الخاص قال فيها:
- حابين انسوي لقاء وياج على كروب مشروع الإنسان الكوني.
أرسلت في الحال رد إلى زكي طلبت منه تفسيرلمعنى الإنسان الكوني. غاب الشاب وعاد يعتذر من انقطاع النت مع شرح فلسفي مرتبك- وهذا طبيعي لشاب في عمره- عن مفهوم الإنسان الكوني.
فهمت من الرسالة بأن الإنسان الكوني أو كروب الإنسان الكوني يعتمد على آراء وأفكار فلسفية نسبها زكي لزميلي في قسم النقد والتأليف وليد عبد الله، الحقيقة لا أعلم إذا كان وليد قد قال لزكي ورفاقه بأن تلك الأفكار تعود للفيلسوف النمساوي وردولف شتانير أم لا، خاصة وأن زكي يكرر في رسالته محاضرات الأستاذ وليد عبد الله عن الموضوع.
في محاضراته عن الأنسان الكوني والتي صدرت في كتاب يحمل ذات العنوان ( The Universal Human) ، وصف شتاينر مهمة التطور التي تواجه الإنسانية المعاصرة كعملية تحضيرية لدخول العهد السادس، والعهد السادس كتاب آخر لمحضارات شتاينر فيه وصف للصفات الأساسية لمستقبل الحضارة الإنسانية إذا يقول:
" هؤلاء الأفراد القلائل الذين نجوا على ارض الواقع من حرب الكل ضد الكل مع العديد من ذوي العقول الروحانية الذين رفعوا أنفسهم فوقها، هم الخميرة الأساسية لبداية جديدة" والبداية الجديدة او العهد السادس هو عهد هؤلاء الذين يغادرون الماضي ويخلعون الانتماء الذي يربطهم بعلاقة قوية مع روح الجماعة وخصائصها أو صفاتها مثل العرق والهوية.
في بداية القرن العشرين أسس شتاينر حركة روحانية استند فيها على علم الطبيعة البشرية (كفلسفة باطنية) مع جذور في الفلسفة المثالية الألمانية، والتصوف. فكانت النتيجة محاولات لإيجاد توليفة بين العلمانية والروحانية اطلق عليها علم الروحانية. في علم الروحانية أراد شتانير خلق علاقة بين المسار المعرفي للفلسفة الغربية والاحتياجات الداخلية والروحية للإنسان.
ربما في خضم الأوضاع القاتمة والمحبطة التي يمر بها المثقف الشيعي، خاصة بعد مظاهرات ساحة التحرير وقتل هادي المهدي، وجد زميلي وليد في علم الروحانية لشتاينر حالة من التوازن المريح بين الانتماء المذهبي وأفكاره المتأثرة بالفلسفة الغربية المعاصرة، وهذا بالتأكيد يتعارض مع شتانير الذي يجد في الدين عودة إلى الماضي وذوبان في روح الجماعة. لكن ما هي خطورة الترويج لهذه الأفكار على شاب ينتمي إلى مجتمع محكوم بفوضى وعنف وفساد الثالوث الرجعي للسياسة - الدين - والقبلية؟ لم تكن أفكار شتاينر حركة
تنورية ضد ظلامية ورجعية القرون الوسطى ولكن حاجة فردية تتجانس مع عهد التطور العلمي وأصل الأنواع الذي جرد الإنسان من سيادته على المخلوقات وربطه بعلاقة ،لا يمكن فصلها، مع أسلافه القردة. تجاوز مراحل التطور وثوراته التي منحت الإنسان الغربي حرية كافيه لتلبية رغباته الغريزية والعقلية والترويج لما تبلوت عنه تلك المراحل من أفكار داخل مجتمع يفتقر إلى أدنى مستويات الحرية والالتزام بحقوق الإنسان هي محاولات تشويش لعقول الشباب وتبديد لطاقاتهم. تبني الشباب لهذه الأفكار يفرض عليهم حالة من الاغتراب قد تنتهي باضطرابات نفسية سببها العزلة والانفصار عن البيئة التي ينتمي إليها. إذا كان بوسع زميلي وليد ترجمة كتب الفيلسوف شتاينر ليتناولها الشباب وجبة دسمة مع بقية الاتجاهات والأفكار الفلسفية التي ربما تمكن زكي ورفاقه من خلق توليفتهم التي تتناسب وحقيقة الواقع الذي ينتمون إليه. لو عاد الزمن بوليد ووجد نفسه شاب وسيم بطول وعرض زكي، لتردد الف مرة قبل تبني أفكار تبدو فنتازيا أو هلوسة في مجتمعاتنا المعزولة عن الحضارة الإنسانية بسبب قدسية الانتماء وسطوة الجماعة." اتباع شتاينر في الأساس، المستنير والنبيل. لم يغرقوا في جحيم الحروب المروعة على الارض. كانوا فوقها جميعا. بعضهم ربما بقي بعيدا عنها وأقام في ملكوت الروح، والباقي ربما ابتعد عنها بالإقامة المؤقتة في الكواكب. في كل الأحوال لم يغرقوا في الفساد العام الذي سبب الحرب" - العهد السادس-

CONVERSATION

0 comments: