لا شك بأن زيارة المفوض العام لوكالة "الأونروا" بيير كرينبول لكل من مخيم اليرموك ومخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان هي محل ترحيب من قبل اللاجئين الفلسطينيين، وتأتي لتكريس البُعد الدولي ولدور "الأونروا" بتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين إلى حين العودة، وسواءً كانت الزيارة دورية أو طارئة فهي تأتي في أجواء مضطربة أمنياً وإجتماعياً في سوريا، وفي ظل معاناة إنسانية مُركَّبة ومعقدة في لبنان، تحتاج بتقديرنا لحراك جاد من قبل الوكالة لتوفير الحقوق الأساسية للاجئين وفي المقدمة منها الحق في الحماية.
زيارة المفوض العام لكل من سوريا ولبنان جاءت خلال الفترة الممتدة من 9 ولغاية 13 من آذار الجاري، التقى فيها المسؤولين الرسميين ورفع إليهما ما يعانيه اللاجئون في كلا البلدين، إذ أن رمزية زيارة المخيمين تلخص أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الإقليمين إذ يعيش فيهما أكثر من مليون لاجئ فلسطيني مسجل (لبنان 488,213 وسوريا 564,074 لاجئ حسب الأول من تموز 2014)، وهما كبرى المخيمات الفلسطينية بين مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة من حيث عدد اللاجئين المسجلين.
أعرب السيد كرينبول عن صدمته ودهشته لحجم المعاناة التي يعيشها اللاجئون في لبنان وسوريا ودعا لتجنيب اللاجئين أي صراعات داخلية، مثنياً على السلطات في الدول المضيفة لتعاونها مع الوكالة، ومشدداً على أهمية توفير الحقوق الإنسانية والعيش بكرامة للاجئين في كلا البلدين.. ومن المتوقع أن تدفع المشاهدات الميدانية المروعة التي عايشها المفوض العام ولو لفترة زمنية قصيرة، للمزيد من استخدام الوكالة لوسائل الضغط والمناصرة ورفع الصوت على المستوى الدولي لتوفير ما يلزم من الميزانيات لتغطية احتياجات اللاجئين، والإعراب عن المزيد من القلق نتيجة استمرار تفاقم الأوضاع الأمنية والحياتية في سوريا وانعكاسها على المزيد من المعاناة على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وإمكانية التسبب بالمزيد من المشاكل الإجتماعية والأمنية في المستقبل.
على أهمية تقرير الزيارة الذي سيضعه السيد كرينبول أمام الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون والجمعية العامة للأمم المتحدة، وأمام 25 دولة هي أعضاء الهيئة الإستشارية للأونروا، و أمام ثلاثة أعضاء مراقبين هم فلسطين والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وما سيتضمنه التقرير من مضامين وتوصيات لا سيما على مستوى دعوة الدول المانحة لتوفير المبالغ المالية كي تستمر "الأونروا" بتقديم خدماتها، لكن بتقديرنا أن الأهم من ذلك وفي البُعد الإستراتيجي، وللحفاظ على الحق في الحياة للاجئ الفلسطيني ليس فقط في سوريا ولبنان، بل في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة وغيرها من الدول التي تستضيف لاجئين تنتهك فيها حقوقهم..، بأن يرفق التقرير بتوصية تتضمن ضرورة تعديل قرار إنشاء "الأونروا" رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 1949، بتوسيع سياسة عمل الوكالة ليشمل حماية اللاجئ الفلسطيني بمستوياتها الثلاث، القانونية والإنسانية والجسدية، وألا يتوقف برنامج الحماية لدى الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية والإستشارات القانونية التي هي بالأصل غير مكتملة.
بتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين من الإستشفاء والتعليم وبرامج القروض وبرامج شبكة الأمان الاجتماعي وتقديم الإستشارات القانونية ووفق معايير سياسات العمل، تعتبر الوكالة نفسها بأنها توفر الحماية للاجئين الفلسطينيين، لكن هذا بالتأكيد لا يكفي أمام ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من أعمال قتل واعتقال وإبعاد وانتهاك لحقوقه كإنسان وحرمانه من الحق في الحياة والعيش بكرامة .
لن تتوقف زيارات المفوض العام لتفقد أوضاع اللاجئين ومعاناتهم والسعي لتحسين أوضاعهم المعيشية، لكن المسؤولية الدولية تجاه اللاجئين تتطلب توفير الحماية الشاملة، وهنا يكمن أهمية التنسيق ما بين دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا" بالسعي لتبني المقترح والتوصية من قِبَل أي دولة عضو في الجمعية العامة، وتقديمه للأمين العام بهدف مناقشته.. فهذا ما تنص عليه قوانين الأمم المتحدة.. نحن نتحدث عن أكبر كتلة بشرية في العالم تحمل قانونياً صفة لاجئ (أكثر من ثمانية ملايين، والأونروا تعترف بـ 5,493,115 لاجئ مسجل).. وهذه الكتلة لا تتمتع بالحماية الشاملة..!!
*المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني / لندن – المنطقة العربية
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق