الباحث هيوا المفتى يحاور حول جدلية (الارهاب منذ الازل)/ زهير الفتلاوي


اقيمت في مجلس الدكتورة امال كاشف الغطاء لثقافي امسية  حوارية  للباحث في الشوؤن الامنية اللواء المتقاعد ( هيوا المفتى)  حيث القى محاضرته التي حملت عنوان (الارهاب منذ الازل)  بحضور حشدا  من المثقفين والسياسيين ورواد المجالس البغدادية ، الدكتورة امال كاشف الغطاء عميدة المنتدى استهلت اعمال الملتقى  بإلقاء كلمة قالت فيها : نتمنى ان يعم الخير والسلام ربوع وطننا الغالي ونستذكر القادة العضماء الذين قاتلوا الغزاة وحرروا الأوطان ، ولا ننسى كبار المثقفين والادباء الذي اغنوا تلك الثوارات ، بالدعم المعنوي والحماسي  وتمنت النصر الى القوات الأمنية والحشد الشعبي وجميع صنوف القوات المسلحة، الذين جادوا بالنفس ، واشارت الى تضحيات الأقليات ودورهم عبر التاريخ وخاصة النساء  ، تلا ذلك حديث وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي قال ان المجتمع العراقي لا يقبل الا التنوع والتعايش وهذه الصفات معروفه لديه منذ الازل ، ونرى كيف هو متعايش في المصنع والمزرعة وشتى ميدان الحياة الاخرى ، ومازال يكرس تلك الصفات في معارضه الفنية والملتقيات الأدبية بشتى ربوع الوطن ، وحتى تنوع الديانات زاد من آلفة ومودة الشعب العراقي ، وعرج على  الدور التخريبي لعصابت داعش الارهابية بتهديم وتخريب الاثار العراقية وكافة مايتعلق بتاريخ واثار وتراث هذا البلد الجميل مشيرا الى ان،  هذا ليس عدو للعراق بل الى كل شعوب العالم وعبر التاريخ لم نرى هكذا هجوم على معالم وتراث البلدان ،  وتحدث الباحث هيوا المفتي حول تنامي  ظاهرة الارهاب و قدم شرحا وافيا ومفصل عن  اﻻرهاب تاريخيا على مستوى العالم و الشرق اﻻسلامي و تطرق بالتفصيل الى امثلة شهيرة في مجال اﻻرهاب و بين جملة من العلل واﻻسباب التي تؤدي الى استفحال هذه الظاهرة المدمرة للانسان واﻻقتصاد والمجتمعات والحضارة . وقال ان  اللتاريخ  حافل بهذه المأسي  و تكررت اكثر من مرة نتيجة الفكر التفكيري وسيطرة الظلم  على العقل وتغييب الفلسفة واعتبارها خروجا على الدين وتخوين التنوير . وان الخلاص يكون بوضع الدين في مجاله الحقيقي وسياقه الطبيعي كمنقذ للبشرية وعدم تسييسه وانهاء الصراع الطائفي وبناء دولة المواطنة المدنية واﻻستفادة من تجارب الدول المتحضرة و اشار الباحث الى  ان المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة فألمانيا اجتثت النازية وبنت صرحها الديمقراطي ومعجزتها اﻻقتصادية و ايطاليا تخلصت والى اﻻبد من الفاشية واسبانيا اهالت التراب على النهج الدكتاتوري الفرانكوي واصبحت دولة ديمقراطية ذات شان . الباحث المفتي قال ان تلك الافكار تراودني منذ عقود اذ لم  يتم القضاء  على الإرهاب واصبح يقلق العديد من الدول وليس له اي رحمه رغم انبثاق العديد من مراكز البحوث وتطوير الاجهزه الامنية وتقنيات التكنولوجيا الحديثه ، ويشير   الى التشوهات التي يستخدمها الإرهابيون اذ يتم ربط الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف زورا وبهتانا وهو لا يمت بأي صله للإسلام ونهجه ورسالته السامية والسمحاء ، وهذا  الإرهاب  يشكل خطرا حقيقيا على السلم  والأمن الدولي ، ويضيف ان أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب كثيرة ومنها الانحراف الفكري وتعدد المشاكل من الفقر والحرمان والبطالة والشعور بالظلم  وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات  ،  وهناك كثير من الأشخاص انتموا الى التنظيمات الإرهابية  وأردوا قتل كبار العلماء والفقهاء من بقية الأديان غير الإسلامية ، ويشير الى التغيرات التي حصلت في البلدان العربية وما يسمي بالربيع العربي ، وكيف تنامى الإرهاب واستفحل كثيرا والسبب ان تلك الجماعات استغلت الحريات الفكرية والدينية وأخذت تفتك ببقية الناس وتفجر وترهب اناس لانهم غير مسلمين وشهدنا في مصر كيف مثل بجسد الشهيد شحاته ، والمح الى الخسة والنذالة والإرهاب،  الذي  يمارسه  القائد تجاه شعبه ووطنه أمثال الطاغية صدام حسين ومحمد مرسي ، والقذافي  وغيرهم من الطغاة ، اذ تم إسقاط الهوية  الوطنية والقيم الإنسانية وحتى التراحم بين الناس ، بحثا عن المال والتملق للسلطان ، وقال ان المحرض الاول للارهاب هي السياسة و بعض الاحزاب والكتل السياسية وهم يعملون لأغراضهم الشخصية من اجل الوصول الى المنصب والاستحواذ على الأموال وحتى التفرقة بين مكونات الشعب الواحد استخدمت لاجل القفز على القيم والمبادئ وحتى عمليات الاحتيال والتزوير قد مارسها البعض من السياسيين .

  ويصف مقومات الحياة المدنية وضرورة الاعتماد على السلم  الاهلي والقيم والاخلاق الحميدة التي يتحلى بها شتى أطياف الشعب العراقي دون تفرقة او ترويج للنعرات الطائفية وقد عرف عن الشعب العراقي منذ الأزل وهو يتعدد الأديان والقوميات وتعايشت فيه كثير من الأقليات ، وكما قلت سابقا ان البؤس والحرمان والفقر وهدر الثروات تلك العوامل  هي حاضنة للإرهاب وتعد بيئة خصبه ، وروى الباحث بعض القصص التي اتهمت العرب والشعب الفلسطيني بالإرهاب وذكر  حوادث عديدة منها مقتل فريق كرة القدم الإسرائيلي وقتل  الاطفال في رياض ومدارس داخل تل أبيب وهناك 13 منظمة تقوم بخطف الطائرات وتتعرض كثير من الدول الصديقة والداعمة للنضال العربي الى احراجات ، ودخلنا في حروب لا مبرر لها ، وقدم الباحث كثير من المسميات والمنظمات الإرهابية التي ظهرت منذ عقود طويلة وحتى في زمن الدولة السلجوقية وقد عملت تلك المنظمات على محاولات اغتيال لكبار الزعماء والقادة ، وقد تم اغتيال عشرات المفكرين والعلماء من قبل الإرهابيين ايام الثورة الفرنسية التي قداها روبس بيل صانع الارهاب .

وتحدث الباحث عن المنظمات الارهابية في العالم وذكر بقوله  في امريكا ظهر  (كوكلس كلان) وقتل الاطفال والنسا ء   كان الهدف من تأسيس هذه المنظمة, هو التصفية والتطهير العرقي, واتسمت بالعنصرية بأبشع صورها, فقد كانت تهدف لبقاء العرق الابيض, واستباحت "العبيد" القادمين من افريقيا, وكذلك إتسمت بطابعها العدائي للمدنية, وللحركات الليبيرالية, والتحررية, وايضا بعداءها للكاثوليكية.

إنتهجت الكوكلس كلان منهجا مرعبا, بفظاعة جرائمها, وقد إعتمدت على خلق جو اعلامي, دعائي مرعب, يجعل ممن يسمع باسم الكلان, يرتعد خوفا, ويتسمر في مكانه, وكان اسلوب هذه العصابة المُعْتَمَد, هو اما القتل بالذبح او الصلب على صليب او الحرق.

في عام 1870 تم حضر هذه الجماعة, لكنها عادت وبقوة, في عشرينات القرن الماضي, وخصوصا, عندما استهوت الفكرة مجموعة من الجنود الجنوبين, من قدامي الجيش الفدرالي, ووصل تعداد اعضاء هذه المنظمة, ما بين العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي, الى ما يقرب ستة ملايين منتسب, واخذت منحنى جديدا, واطرا جديدة, حتى حازت على الاذن باعتمادها, والاعتراف بها رسميا من قبل الحكومة.

كانت الكوكلس كلان مصدر الالهام, لكثير من العصابات العرقية, وكانت أغلب تلك العصابات تنتهج نفس إسلوب الكوكلس كلان.

يتسم الطبع المتطرف, لتنظيم "داعش" بأسس مشابه لما تضمنته متبنيات الكلان, إذ أن داعش تعد الان, من اكثر العصابات الإجرامية تطرفا, وهي لا تقبل بأي شريك, وتستبعد كل من لا يعترف بنهجها, او من لا يبايعها, وحتى الحركات الموازية لها بالنهج التطرفي لا تقبل بها داعش, رغم أنهم ينهلون من نفس الأيديولوجية, ويسيرون بنفس الخط الراديكالي, كجبهة النصرة او تنظيم القاعدة.

يجمع الباحثون بشؤون الحركات الارهابية, إن داعش هي وليدة تنظيم القاعدة, هذا التنظيم الذي زرع التطرف في حدود المنطقة الاسلامية, ويؤكد هؤلاء الباحثون ان داعش تشكلت من قدامى محاربي القاعدة, وهي داعش- تعد اكثر تطرفا وتشددا من القاعدة.

تستخدم داعش اقصى حدود التطرف, وتستبيح كل شيء, فلا حرمة في أدبياتها للمقدسات, او الأرواح, وهي بذلك تستخدم أشد صنوف التنكيل والقتل.

تعتمد السياسة الداعشية -كما في الكوكلس كلان- على سياسة دعائية مرعبة جدا, وتستثمر وسائل التواصل الاجتماعي, وخصوصا اليوتيوب, بشكل واسع لنشر جرائمها, وتعتمد على سياسة اظهار البشع, من تلك الجرائم, مما يعطيها زخما مرعبا, ويُنْجِحُها في حربها النفسية, وما رأيناه من انهزام في بعض القطعات العسكرية وبدون قتال, لهو خير دليل على ذلك.  وظهرت بعدها في امريكا حركات التميز العنصري ، وحتى في روسيا ظهرت ثورة الغوغاء واغتيل كثير من العلماء والمفكرين ، كما نحن نواجه الارهاب منذ الازل ونخسر كثير العلماء والعظماء والرؤساء  امثال الزعيم ونوري سعيد والملك فيصل والسيد الشهيد الصدر الاول والثاني والسيد الحكيم ، وعبد الزهرة عثمان ، وتستمر التضحيات ، وقد أقيمت العديد من المؤتمرات والمنتديات الفكرية والثقافية العالمية ولكن دون جدوى او تحقيق حل لهذه المشكلة الازلية التي تعالج ظاهرة التطرف والارهاب.

  تلا ذلك حديث الشيخ فاتح كاشف الغطاء وقال في مداخلته  ان حادثة قتل الرياضيين لم تسجل في قضايا الاعمال الإرهابية بسبب اعتبار القانون في الكيان الصهيوني كل فرد هو ينتمي الى قوات الدفاع العسكري  الإسرائيلي ، ويقول  ان المفارقة هو ان  تنظيم داعش ينتمي الى الإسلام ، وحتى ابو جعفر المنصور قال لابنه هذا مفتاح الغرفة الخاصة ، عندما تستلم الحكم افتحها ، فتحها فوجدها ملئيه بالجماجم والرؤوس المقطعة وضن انه سوف يجد كنوز في هذه الغرفة ، وتلك الجماجم تعود لاتباع اهل البيت عليهم السلام ، ولم يعترض على هذا الإرهاب الا ابوحنيفه النعمان  والإمام مالك ، وقد تعرضوا الى إجراءات تعسفية قاهرة من قبل هارون الرشيد وأعوانه ، وحتى الدولة العثمانية اسست الى ثقافة التتريك لكي تنسى ثقافة العروبة ، وهي نفس الثقافة التي ابادت الارمن وقتل منهم نحوا  (مليون ومائتين)  انسان ، وحتى اطفال اليونان الاغريق تم قتلهم وابادتهم فضلا عن سبي النساء والمتاجرة بهن في سوق النخاسة . ونرى ان داعش ليس من الدين الاسلامي الحنيف ، ولكن من رحم التاريخ الاسلامي ، وهناك كثير من الشواهد والاحداث وكيف قتل المتنبي والسهروردي ، واخوان الصفاء والتوحيدى  وغيرهم من العلماء والمفكرين التنويرين ،  وانا اقول  ان داعش سوف تتوالد بسبب الثقافة السائدة وعدم الاهتمام بالتعليم والمناهج   ، كما ان غياب التنوع وعدم الاستماع الى  الرأي الاخر  يولد داعش وغيرها  من المنظمات والتنظيمات الارهابية  ،

ويرى كثير من المفكرين التنويريين ومنهم محمد عابد الجابري ان    الوهابية التي واجهت مجتمعاً متفسّخ العقيدة – مثل بعض الطوائف البروتستانتية المتطرفة – أخذت الإسلام بحرفيته ورفضت التقاليد التي كانت سائدة منذ العصور الوسطى وبهذا المنطق : "الحكم الإلهي المباشر" فإن الوهابية أصبحت عقيدة دينية حديثة ومثل الفيلسوفيْن: ديكارت وكَنْت، فإن الوهابية لا تقبل المساومة فيما تدعو إليه من مبادئ، وقد مزجت القاعدة هذه العقيدة بالفاشية، وكان المفكر الإسلامي الهندي: أبو الأعلى المودودي (1903- 1979م) قد أنتقد المجتمعات الإسلامية المعاصرة التي لا تطبق الشريعة الإسلامية المتشددة ووصفها بالردّة وحث المؤمنين على إعلان الجهاد ضد الحكومات التي لا تطبق الإسلام، والمودودي ترك أثراً كبيراً على سيّد قطب (1906-1966م)، منظّر ومفكّر جماعة الإخوان المسلمين، ومثل المودودي فإن سيد قطب مزج تاريخ كفاح النبي محمد بأيديولوجية ثورية لإحياء الخلافة وبذل الأنفس رخيصة في سبيل ذلك.

والأيديولوجية التي دعا لها المودودي وسيد قطب دعمتها الأحلام بالعودة إلى العهد الذهبي للإسلام.

والمتعاطفون مع القاعدة يقرؤون بشغف شديد أدب الفاشية الأوربي، ويعملون لتحقيق أهداف دينية عبر وسائل غير دينية والمجنّدون لهذه الدعوة ليسوا من طبقة الفقراء والجهلاء بل أنهم من طبقة المثقفين الذين ينتقدون المجتمعات الغربية وأثرها على الإسلام.

ويمكن القول إنه لا الحرب على الإرهاب ولا المفاوضات السياسية قادرة على التغلّب على هذه التوجّه الاستبدادي المتشدد للإسلام، والقمع الذي يمارسه الغرب يمهّد الطريق للإسلام المتشدد، ومن ثم فلا تسوية ولا توافق مع أيديولوجية تسعى لفرض رؤيتها على كل العالم، والطبيعة الإسلامية للإرهاب تتطلب إصلاحاً تحت اسم إسلام بديل، والإسلام لن يعتنق العلمانية الغربية إلا أنه في مقدوره انتقاد تاريخه عن طريق استعادة بعض تقاليده المنبوذة، فعلى الإسلام القيام بتحوّل ديني حقيقي ( مثل الصوفية ) قبل الفتوحات الإقليمية، والإسلام في حاجة لاستعادة السلطة الشرعية للوفاق المذهبي حتى يتمكن المسلمون من التطور مع المستقبل بدلاً من الوقوف ضده . تلا ذلك حديث العديد من رواد المجالس البغدادية ، وقد اغنوا جلسة المنتدى بناقشات وأراء  قيمه فضلا عن   الحوارات البناءه التي سوف تسهم باشاعة ثقافة اللاعنف والتاسمح ونبذ الارهاب والتعصب.   

 zwheerpress@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: