قررت الممانعة الاحتفال بالنكسة، وتذكير من كان قد نسي، بأنه، ليس في قديم الزمان كثيرا، بل قبل أربعة وأربعين عاما، كان الجولان سوريا، لكن حدثت نكسة، والنكسة كانت ضربة حظ سيء لا يعرف احد منابعها، وهذه النكسة "بنت الكلب"، غدرت بالعرب وبسوريا خاصة، النكسة كما تقول الحكاية كانت عميلة للصهيونية وللولايات المتحدة، وللغرب كله، ويقال انها كانت عميلة ايضا لجنكيز خان وللصليبيين.
النكسة إياها –لعنها الله- سرقت الجولان السوري ليلا وأعطته لإسرائيل نهارا، ولما كان من المستحيل فك سحر النكسة، فقد كتب على الجولان أن يبقى مسحورا، ويقول سيد الجن والمشعوذين، لا يفك سحر النكسة بعثي أو أحد من برج الأسد، أو يسمى بأسد أو أحد مشتقاته، ولا يفك سحر النكسة ليفك أسر الجولان إلا فلسطيني يخرج من مخيمات سوريا أو لبنان، هكذا تقول الأسطورة، والأسطورة تصبح معلومة على الناس تصديقها شاءوا أم أبوا، لماذا؟ لأن الممانعة لا تقول إلا الصدق.
قررت الممانعة تعليم النكسة درسا في المقاومة، يحسب البعض أن بشار الأسد فتح حدود الجولان مع إسرائيل، ليشغل العالم عن جرائمه، وهذا غير صحيح إطلاقا، فهو لا يخجل من أية مجزرة، والمجازر ليست عيبا في تاريخ الأسرة الأسدية المقاومة، وكذلك، فإن بشار مدمن على الممانعة، فقد قال محلل سوري بعثي، ان سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد يتعاطى الممانعة حيثما حل، وقال المحلل، أستطيع أن أؤتيكم بعشرة آلاف شاهد يقسمون أنهم شاهدوا الرئيس يمانع في منتصف الليل وأحيانا قبل طلوع الفجر.
بشار أفاق فجر عيد النكسة، كانت تغمره روح الممانعة، فنادى بأعلى صوت، أو من أجل الدقة في اختيار التعابير المناسبة، فقد زأر، نعم زأر بشار الأسد، فتنادى القوم، وأمام الزئير الممانع، انطلقت قيادات فلسطينية الى المخيمات لتجميع الشباب وشحنهم الى حدود سوريا-إسرائيل للقيام بممانعة، بعد أن تمت تفتيشهم للاطمئنان على خلوهم من أي سلاح سوى الصدور والحناجر والأيدي، وذلك منعا لورطة لا تحمد عقباها مع إسرائيل! فتصوروا –لا سمح الله- لو أن أحد الشبان كان يملك سلاحا ناريا، واستعمله، فقتل جنديا إسرائيليا، عندها ستنهار خطة الممانعة بالكامل.
لم يفهم فلسطيني واحد لماذا أخذوا شباب فلسطين إلى الحدود! ولم يقتنع والد شهيد فلسطيني بأن الدم الذي دفعه ابنه كان في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح، وحق للشعب الفلسطيني أن يغضب على قيادات جاءت لتشارك تشييع ضحايا العبث واللامسوؤلية، وكأن الشباب الفلسطيني حقل تجارب لدى كل من أعلن عن نفسه ممانعا.
وصحيفة تشرين السورية تتوعد إسرائيل بمئات آلاف الفلسطينيين الذين سيتوافدون على حدود الجولان – إسرائيل! والسيد حسن نصر الله، يثمن عاليا هذه البطولة الفلسطينية التي تتحدى بصدورها العارية، ولعبة الممانعة تنطلي على كثيرين، ليس لأي منطق بالحدث الممانع نفسه، بل حفاظا على قناعات سابقة وثقة بشخصيات ما ولا يريد البعض أن يراجع نفسه حتى لا تهتز قناعاته، أو حتى لا يتحطم أمامه الصنم الذي عبده دهرا.
هل قدر الفلسطينيين أن يكونوا أدوات لهذا الفصيل وتلك الدولة؟ هل بشار الأسد الذي يسفك دم شعبه لا ينام الليل قلقا على شعب فلسطين؟ فلماذا يرقص بعض القادة الفلسطينيين على طبول نظام بشار؟ وهل التغطية على جرائم النظام السوري تكون بكشف صدور شباب فلسطين لبنادق الجيش الإسرائيلي؟ وهل صراخ العائلات الفلسطينية الثكلى يستدعي إطلاق النار عليها؟ وهل على شعب فلسطين أن يدفع فاتورة إطالة عمر نظام بشار وماهر ورامي مخلوف وآصف شوكت؟
لا نعرف الحقيقة كاملة حول أحداث مخيم اليرموك، لا نعرف من جند الشباب ونقلهم الى حدود الجولان، وبأوامر من ولأية أغراض، ومن أطلق النار في المخيم، ومن أعطى الأمر. وأقول بكل قوة ومسؤولية، إن أحداث اليرموك تتطلب تحقيقا شاملا وإنزال أشد العقوبات بكل فلسطيني مهما كانت مكانته، إذا تبين أنه سفك دما فلسطينيا لصالح جهة هو عميل لها.
لقد دفع الفلسطينيون كثيرا من الدماء المجانية في تلاطم المصالح العربية، ودفع ثمنا من اجل قيادات مغامرة لا تتمتع بأدنى حد من المسؤولية، لقد حصد النظام السوري من الضحايا الفلسطينيين بما يكفيه لمنافسة إسرائيل، فليكف عن سفك الدم الفلسطيني! ولتكف القيادات الفلسطينية عن تقديم القرابين الفلسطينية على مذابح الحكام العرب، وليكف العرب عن النظر الى الشعب الفلسطيني كشعب قاصر!
لا مصلحة للفلسطينيين إلا بمصالحة من القلب والعقل، فلن ينفع فلسطين أحد إلا أهلها؟ لا تبنوا أوهاما على أية دولة! لا تبنوا على شعارات وجعجعات جوفاء! نظام سوريا لا يفكر إلا في بقائه ولو على حساب دم السوريين جميعا، وحزب الله لا تعنيه إلا مصلحة إيران، وإيران لا يهمها إلا توسيع إمبراطوريتها، ولن يدفع أحد نقطة دم من أجل قضية فلسطين إلا أهلها، وكل ما نطلبه من قوى ما يسمى بالممانعة أن، "انزلوا عن ظهر فلسطين وأهلها".
0 comments:
إرسال تعليق