"عنزة ولو طارت"، هذا هو حال بعض الناس والأحزاب في عالمنا العربي، تراهم يناصرون النظام السوري رغم موبقاته على كل صعيد أخلاقي وإنساني، وكيف يبررون دعمهم للجلادين؟ يقولون لنا، هذا نظام يقف ضد الغرب وأمريكا! لنفرض جدلا بأنه كذلك، ألا يجوز أن تكون معاديا لسياسة الغرب إلا بقتل شعبك؟
على كل حال، قررت دعوة كل أنصار النظام السوري إلى جولة قصيرة، ومن لا يستطيع الحضور لظرف خاص، ليرسل ابنه، أخاه، والده، زوجته أو من ينوب عنه من عائلته الموقرة. سنتجول في عدة محطات، لا حاجة لحمل لوازم خاصة، الجولة كلها على حساب الدولة السورية، حيث لا يُحسد شعبٌ كالشعب السوري على هكذا نظام!
المحطة الأولى للسائحين من فرق التطبيل للنظام السوري، ستكون في مختبرات قلع الأظفار من غير تخدير أو سابق إنذار، وسيرى عشاق النظام السوري بأعينهم صلابة المُعَذِب السوري الذي يقلع أظافر طفل واحدا بعد الآخر، بلذة وتحت صراخ طفل تبكيه الجبال والحجارة والكلاب التائهة، والمعذِب صامد لا يذرف دمعة ولا يتردد في مواصلة التعذيب، ويتابع صموده بغطاء كامل من بشار بن حافظ بن أسد، وليحتج الغرب! لتنفلق أمريكا! التعذيب مستمر رغم كيد العدى، وكل رئيس حر في تعذيب شعبه كما يحلو له، فهل كانت سوريا ستتدخل لو أصدر أوباما أمرا بتعذيب كل من عارضه في الولايات المتحدة!!!!!
المحطة الثانية، التلفزيون السوري، لكن نبدأ الجولة في المدرسة الخاصة بالتلفزيون والإذاعة السورية، حيث يتم إعداد الصحفيين والمذيعين إعدادا قادرا على تقديم جرعات كافية لقهر الناس إلى درجة الانفلاق الذاتي، وأقصد مدرسة الكذب الإعلامي، في هذه المدرسة يتم قلب كل معاني الكلمات والمصطلحات، هنا نستمع أيها الأخوة في جولتنا من المبهورين بنظام العائلة الأسدية! مثلا، المواطنون يطالبون الجيش الحفاظ على الأمن، ومعناها في اللغة العربية المفهومة لنا، قصف عشوائي على البيوت والناس وسقوط قتلى وجرحى. ومثلا، حركة سياحية سورية نشطة باتجاه تركيا، وتعني بالعربية الدارجة، مئات العائلات تفر بجلدها خشية بطش القوات السورية. ومثلا، سقوط خمسة عناصر من قوة الأمن بأيدي إرهابيين، هذه تعني أن خمسة جنود قتلوا بيد عصابات بشار وماهر وآصف شوكت م.ض.
تذكّر أيها القارئ أننا ما زلنا في جولة مع "المطبلين والمزمرين" للنظام السوري من داخل سوريا خاصة ومن أمة العرب عامة! ورغم الحقائق التي شاهدوها، ما زالوا في غِيِّهم، ويصرون على أن هذا نظام معاد للغرب وأمريكا، وأنه، يحق للنظام المعادي للغرب وإسرائيل وأمريكا ما لا يحق لغيره من أنظمة، فالنظام المصري البائد، أجرم حين قتل حوالي ثمانمائة متظاهر، أما النظام السوري البطل، فيحق له أن يقتل من شعبه ما يشاء ما دام صامدا أمام السياسة الغربية، فليست إبادة الشعب السوري بالكارثة، إنما الكارثة في الرضوخ للمطالب الغربية المطالبة باحترام حقوق الإنسان والديموقراطية، ويكفي هذه المطالب عارا أنها تأتي من الغرب وأمريكا!
ونواصل الجولة مع أبواق النظام السوري في داخل الشام وخارجها، بعض هذه الأبواق قبضت عدا ونقدا، وبعضها منتفع من النظام أو يشارك في القمع، وبعضها يعيش على أيدولوجيات لم تعد رائجة في السوق، وبعضهم يبحث عن أيديولوجية لنبرة قومية عالية تحشد الناس حوله، ولكل سببه، المهم أن المشترك بين كل أبواق دعم نظام القتل والقمع السوري، أنها تتبجح بالوطبية والقومية والكرامة والممانعة والصمود، وإلى نهاية قائمة المرادفات التي أصبحت ثقيلة وممجوجة تحت أزيز رصاص "وطني" لا يقتل إلا المواطنين، وتحت جنازير دبابات تحتل الوطن من جديد.
وأسأل كل فرد من زمرة مؤيدي السفاحين الأسديين وعصاباتهم! هب أن ابنك خرج في مظاهرة، وهب أن مطلبه غير عادل! وهب أنه ألقى حجرا على رجال الأمن! هل هذا يستحق أن يعيده لك في كفن!!!!؟؟؟؟
أجب أيها الوطني داخل مليون قوس! لماذا يتظاهر الناس في الغرب الذي تكرهه ثم يعودون إلى بيوتهم سالمين، بينما لا يعود سالما من المظاهرات في نظام أحبائك المدمنين على الوطنية إلا من حالفه الحظ؟
مائة يوم مضت، وكل هذا القتل والعنف والتنكيل والتهجير، كل هذا، وفخامة الدكتور بشار لم يخاطب شعبه ولو بكلمة واحدة، تحدث للمرة الأولى في المسرحية السخيفة، ووجه خطابه لمجلس الشعب الذي كان عاصفا في التأييد إلى درجة الخزي، وليته لم يتكلم، وليتنا لم نر مجلس هذا الشعب! وثانية جلست حكومته أمامه مثل طلاب مؤدبين في الصف الأول الابتدائي، وشرح لطلابه الدرس الأول في إدارة عائلة مكونة من شخص واحد لا أكثر!!
أما الشعب، فلم يتوجه فخامة الدكتور إليه ولو بحرف واحد، قتلى تجاوز تعدادهم ال 1500، وجرحى بالآلاف، والمعتقلون فوق قدرة الجمعيات الحقوقية على الإحصاء، ودمار البيوت والتشريد، كل هذا لا يستحق ولو كلمة واحدة من زعيم الوطنيين والمقاومين والممانعين، لكن بواحد من ألف مما فعل نظام بشار، تسقط حكومات في الغرب، وتحاكم القيادات ويُقذف بها الى غياهب السجون، وأنتم يا تجار الوطنية الضائعة تمجدون قاتل الطفولة، تباركون لمن يزرع اليتم والثكل في بلاده! لا أملك إلا جملة واحدة أقولها لكل مؤيدي النظام السوري في العالم العربي،" من حسن حظكم وحظ عائلاتكم أنكم لا تسكنون سوريا، فاشفقوا وارحموا أهل سوريا".
0 comments:
إرسال تعليق