رغم عدم إيماني بالحدود المصطنعة بين الأقطار العربية، ورغم قناعتي المطلقة أن الشعوب العربية ان تركت بعيداً عن أنظمتها لاندمجت فيما بينها كشعب واحد يحب بعضه بعضا، لكن اسمحوا لي أن أتحدث من منظور تقسيمات سايكس بيكو، التي سبق وأن رفضتها كل قوى فلسطين عام 1948 – باستثناء الحزب الشيوعي – لتنصهر في بوتقة واحدة معتبرة فلسطين جزء من أمتها العربية وسوريا الكبرى.
كلما تحدثت مع أحدهم من مدعي القومية والعروبة، أو من المدافعين عما يسمونه ممانعة ومقاومة، وهي جميعاً براء مما يُقترف باسمها في سوريا، وجدتني أُفكر في هذا السؤال: ماذا لو كنت سورياً، أرى وأسمع وأتابع ما يجري لبلدي وأهلي، ثم يأتي من يشبعني تنظيراً عن مؤامرة خارجية تستهدف صخرة المقاومة والممانعة؟
· لو كنت سورياً يطالب بحريته ويمارس أبسط حقوقه بالتظاهر، ثم يقتل ويذبح لأنه عميل للموساد...
· لو كنت سورياً لم أفعل شيء إلا أن أهتف الله..سوريا..حرية وبس ثم اتهم بأني طابور خامس، مندس، ومأجور تارة لدول الجوار وتارة أخرى لتركيا...
· لو كنت سورياً أتظاهر وأرفع علم بلادي، ثم يصفوني مرة بأني وهابي وأخرى بأني سلفي وثالثة بأني من القاعدة...
· لو كنت سورياً أخرج مع أبناء مدينتي أعرفهم ويعرفونيي، ثم يقال أننا غرباء من مخيمات لبنان الفلسطينية...
· لو كنت سورياً أذبح أمام شاشات التلفاز وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ولا يحرك العرب وجامعتهم ساكنا...
· لو كنت سورياً أسمع ما يتنطع به البعض من أن مطلبي بالحرية والكرامة بعد نصف قرن من الحكم بقانون الطواريء بأن ذلك بسبب مواقف سوريا القومية...
· لو كنت سورياً أتابع الإعلام الرسمي في سوريا لأكتشف أن قتل وذبح شعبي هو من أجل العروبة وفلسطين وللحفاظ على صخرة الممانعة...
· لو كنت سورياً استمع لسيل الأكاذيب التي يبثها أبواق النظام وهم يستخدمون عبارات المقاومة في كل جملة، ويجترون مفردات الموقف القومي في كل عبارة...
· لو كنت سورياً أحب فلسطين وأهلها، ثم أوصف بأني جاسوس مأجور لمجرد أني طالبت بحق من حقوقي، وعدو للأمة العربية وحامي حماها النظام السوري...
· لو كنت سورياً أستمع لمبررات القوميين والعروبيين بأن قمع الشعب في سوريا أفضل من تكرار سيناريو ليبيا...
· لو كنت سورياً ترفع في وجهي فزّاعات القاعدة والناتو وتركيا فقط حتى لأنبس ببنت شفة...
· لو كنت سورياً يُطلب مني ليل نهار أن أقبل بالقمع والتنكيل والقبول بنظام فاشي حتى لا نشمت أعداءنا فينا...
· لو كنت سورياً تنتهك حرمات بلادي وتدمر ثم اتهم بأني من يريد تدمير البلاد فقط لأني أردت أن أعيش حراً...
· لو كنت سورياً نزلت للشارع بمحض ارادتي ثم يكيلون لي الاهانات أنني تحركني الجزيرة أو الفيس بوك...
· لو كنت سورياً أُضحي في سبيل بلادي بدمي، ثم تسيل دمائي على يد جيش بلادي...
· لو كنت سورياً خدمت في جيش بلادي لينقلب هذا الجيش ويقتلني...
· لو كنت سورياً أرى دبابات الجيش السوري تترك أراضي سوريا المحتلة لتنتشر وتجتاح وتعيث فساداً في مدن وبلدات سوريا...
· لو كنت سورياً أخرج لجنود الجيش بالورود فيأخذ الجيش وضع القتال ويطلق علي الرصاص كما شاهد الجميع...
· لو كنت سورياً أقتل وأذبح وأشرد باسم العروبة والقومية والمقاومة والممانعة...
لو كنت كل ذلك
لكفرت بالعروبة والمقاومة والممانعة والقومية والصمود والتصدي ولامواجهة والتحدي – وكل مفرداتهم التي يقتلوني باسمها!
لكني لست سورياً – بالمفهوم القطري – والسوريون ليسوا كذلك لأنهم أهلنا وأحبتنا، ولأنهم هم لا النظام من احتضن ويحتضن فلسطين وقضيتها، ولأنهم يفرقون بين حلفاء النظام وبين الشعوب التي تحبهم ويحبونها، تماماً كما نفرق بين الأنظمة والشعوب.
مع شعبنا السوري البطل بلا تحفظ، بلا تردد، بلا مجاملة، مهما كانت نتيجة المواجهة بين الشعب وجلاديه، المبدأ هو المبدأ ولا يخضع لحسابات الربح والخسارة، انحيازنا هو بالكامل لكل الشعوب التواقة للحرية والكرامة.
لا نامت أعين الجبناء
0 comments:
إرسال تعليق