أولادنا.. صنع ايدينا/ أنطوني ولسن

من أمثالنا الشعبية ما يؤكد أن اولادنا صنع أيدينا .. " من شابه أباه .. فما ظلم " ، " إقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها " .. " هذا الشبل .. من ذاك الأسد " . لأن الوالدين هما أول معلمين لأطفالهما ، وهما أول معلمين في أدق فترة في حياة الطفل . فقد ثبت علميا أن للخمس سنوات الأولى من حياة كل منا اهمية كبيرة في تكويننا النفسي ، وفي سلوكنا ونشأتنا بعد ذلك . انها الأساس الذي يُبني عليه صرح شخصيتنا . وإن لم يكن الأساس متينا ، انهار البنيان أمام أول إعصاريواجهه . هذا ما يحدث لكثير من الناس . البعض ينهار ويمرض ولا يستطيع مواجهة الحياة . والبعض الآخر يواجه الحياة بشخصية مهزوزة  لا وزن لها ولا قيمة  كالأرجوحة في أرائه . ان قلت له هذا صح يوافق . وان قلت له هذا خطأ أيضا يوافق . لا يعرف لماذا هذا صح أو ذاك  خطأ لأنه يخشي إبداء الرأي خشية لومة لائم . يسير مع التيار ويخاف مواجهته لئلا لا يستطيع مقاومته فيغرق .
كثيرون منا لا منهج لهم في تربية أبنائهم . يسيرون على ما سار عليه الأولون . وأنا لا أعني أن الأولين كانوا على خطا والعياذ بالله .. لا وألف لا . عندما ربى الأولون أبناؤهم ، ربوهم على الخلق القويم والمباديء السليمة التي كانت سائدة ويتقبلها المجتمع ويشجعها . وكان اولئك الأولون يعرفون تمام المعرفة معنى الأمومة أو الأبوة ويتحملون مسؤولياتهم تجاه أبنائهم كاملة .خرجت أجيال وأجيال تعرف معنى المسؤولية تجاه والديهم وأبنائهم .
أما هذه الأيام فنجد التخبط في طرق تربية أبنائنا ونشأتهم ، خاصة في بلاد المهجر . البعض يريد أن يربي أبناءه بالطريقة التي تربى هو عليها منذ خمسين عاما مضت مثلا . والآخر يريد ان يأخذ الذي أمامه ويقوم بتقليده ويترك الحبل على الغارب لأبنائه . لأنه في بلد متحضر . وبعمله هذا يكون كما يظن قد نشأ ابناءه النشأة الصحيحة التي تجعلهم أبناء صالحين في المجتمع . والآخر متخبط بين القديم والحديث ، بين معنويات وأخلاقيات يراها مختلفة تماما عما نشأ عليه .هذا التخبط يجعل الأبناء تائهين ضائعين في الحياة ، فيخرج أبناؤهم لا يعرفون ماذا يفعلون . هل هم على صواب فيما يفعلون أم مخطئون ؟
هذا عن تربية ونشء الأبناء . لا شك ان هذا هو الطريق الذي يسير عليه الناس في تربية أبنائهم . مجموعة مقتنعة بالمدرسة القديمة ، مجموعة مقتنعة بالمدرسة الحديثة ، ومجموعة ضائعة بين القديم والحديث . لكن أهم شيء في تربية الأبناء هو أنت وهي وهو وأنا . نحن الأباء والكبار سلوكنا وتصرفاتنا هي التي تحدد سلوك وتصرفات الأبناء . أينما كنا في أي مكان في العالم .
إذا سمعك طفلك تكذب مرة ومرة ، لا شك أن الكذب يصبح شيئا عاديا في تفكيره . إذا رآك تقوم بفعل تنها ه عنه ، سوف يقوم بفعله محاولا اخفاءه عنك وعن غيرك ، لكنه سيفعله . إذا نصبت نفسي واعظا متحدثا عن كل القيم والأخلاقيات ، وأنا أفعل شيئا عكس مما أتحدث عنه .ماذا سيكون تصرف إبني أو إبنتي !!. إن لم أحترم نفسي أمامهم وفي كل تصرفاتي سيستهزؤون بي في قرارة أنفسهم ويأتي اليوم الذي سيظهرون فيه هذا الأستهزاء . وإن كنت منافقا سيصير ابنائي منافقين . وإن كنت مرائيا سيتعلم ابنائي المراءاة . وإن كنت كاذبا سيصير أبائي كذبة . لأنني كما قلت في أول حديثي أن الخمس سنوات الأولى من حياة الإنسان هي الأساس الذي تُبنى عليه شخصية هذا الإنسان . وهذا يؤكد أن أولادنا صنع أيدينا .

CONVERSATION

0 comments: