الناخبون في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في هذه الدورة كُثُر، بل لعلهم الأكثر بين جميع المراحل التي مضت، فأصحاب الحق في التصويت والانتخاب كثيرون، إنهم منتشرون في الوطن والشتات، ويتوزعون في كل الساحات، وليس فيهم ضعيف أو عاجز، بل كلهم قويٌ وقادر، إذ أن الصوت الذي يحملون يجعل منهم قوة لا تستهان، وسلاحاً لا ينكسر، وعنصراً مهماً في تحديد المسار الوطني في المرحلة القادمة، إنهم بأصواتهم يملكون المستقبل، ويرسمون خطى الغد، ولعل العيون التي تراقب هذه الانتخابات وتتابع إجراءاتها وتنتظر نتائجها أكثر بكثير من أي انتخاباتٍ سبقت، لخصوصية المرحلة، ولقوة الحركة، وفعالية دورها، ومحورية نشاطها، ولموقعها المتميز في المقاومة والقيادة.
الناخبون في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هم أبناؤها العاملون فيها، الذين ضحوا في صفوفها، وكان لهم الفضل في وجودها ونموها وسموها وقوتها وفعلها وتأثيرها ودورها، وهم الذين يحبونها ويخلصون العمل تحت رايتها، ويؤمنون بها ويعتقدون ببرنامجها، ويعملون للوصول إلى غاياتها وتحقيق أهدافها، ولا يبالون بالتضحية من أجلها، إنهم القلقون عليها، والخائفون على مستقبلها، إنهم الداعون لها بالخير والساعون إلى رفعتها بصدق، إنهم المقاومون وحملة السلاح، ومطلقو الصواريخ، والمخططون والمنفذون لأعمال المقاومة، إنهم طلاب الجامعات، والأساتذة في المدارس وفي المؤسسات التعليمة، وهم العمال والفلاحون والتجار والمهنيون، إنهم كوادر الحركة القدامى وأجيالها الجديدة، إنهم عشرات آلاف المنتسبين إلى الحركة في العلن والعاملين في صفوفها في السر والخفاء، إنهم المرابطون والمقاتلون والأسرى والمعتقلون، وهم الجرحى والمجاهدون، إنهم اليوم جميعاً على اختلافهم الأقوى والأقدر وأصحاب الحق والأجدر.
لا حيرة اليوم ولا ارتباك، ولا ظن ولا اشتباه، ولا خوف ولا تردد، ولا عجز ولا ضعف، ولا انكفاء ولا انسحاب، ولا تولي ولا تخلي، إنها أيام الحسم وساعات القرار، إنها لحظات الصدق والوفاء للشهداء الذين سبقوا، وللأسرى الذين قدموا، وللجرحى الذين ضحوا، فهذا يوم الفصل من أجلهم، وساعة الجد للتأكيد على حقهم، والمضي على طريقهم، والتمسك بنهجهم، فلا صوت إلا لهم، ولا ثقة إلا لنهجهم، ولا اختيار إلا لمن صدق منهم، ولا تقديم إلا للأفضل، ولا ترفيع إلا للأحسن، ولا تصعيد إلا للأكفأ، والأفضل والأحسن والأكفأ هم المضحون والثابتون على الحق، الذين لا يعملون لمنصب، ولا يسعون لجاه، ولا يخططون لرفعة، ولا تعمل لهم جوقة، ولا تخطط لهم فرقة، ولا تسرب من أجلهم مجموعة، ولا يقلقهم مصيرهم، ولا يخافون على مكانهم، ولا يهمهم أين يكونوا، ولا الصفة التي يحملون، ولا الموقع الذي يشغلون.
مهمة الناخبين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كبيرة، إنهم اليوم يختارون المجالس الشورية الإقليمية الثلاثة، التي ستقوم بدورها باختيار مجلس شورى الحركة المركزي، الذين سيكون مسؤولاً عن اختيار القيادة، وتحديد إستراتيجية الحركة، والمصادقة على برامجها الجديدة وخططها المستقبلية، والذي سيكون من مهامه الأولى اختيار رئيس المكتب السياسي للحركة، وهو الرئيس الذي من شأنه أن يحدد أولويات الحركة القادمة، وخطواتها المستقبلية، والمصادقة على أعضاء المكتب السياسي للحركة، ومنحهم الثقة ليقوموا بالمهمة الملقاة على عاتقهم، ويؤدوا الواجب المنوط بهم في المرحلة القادمة، والناخبون يعلمون أن في الحركة رجالٌ أماجد، وقادةٌ شجعان، وأشخاصٌ مجهولون وآخرون مشهورون، ومؤسسون لا يزاحمون، يمكن اختيارهم وبالإمكان انتخابهم، ليكونوا هم على رأس القيادة، نمنحهم الثقة، ونعطي لهم الولاء، ونعقد لهم البيعة، فهذه مهمةٌ أمانة، ومسؤوليةٌ واجب، ودورٌ يسألون فيه أمام الله وأمام الشعب.
إنها انتخاباتُ المقاومة، وشورى المجاهدين، ومرحلة اختيار القادة، في حركةٍ هي الأعظم والأجل، وهي الأقوى والأصدق، وهي الأكبر والأشمل، وهي منحة الله لهذه الأمة وهذا الشعب، التي امتن بها علينا وجعلها في صدارة المجاهدين وعلى رأس المقاتلين، بها نسعد ونفخر، إذ فيها قانونٌ يحكم، وصوت يفرق، ورأي يقرر، بل لعلها الحركة الفلسطينية الوحيدة التي تحكمها نظم، وتنظم فعلها لوائحٌ وقوانين، وفيها انتخاباتٌ واستفتاءات، وفيها مساءلاتٌ ومحاكمات، وهي حركة يمكن فيها لقادتها أن يتغيروا، ولمسؤوليها أن يتبدلوا، فلا مكان ثابتٌ فيها لأحد، ولا منصب مسمى فيها إلى الأبد، ولا صفة خالدة فيها لقائد، ولا موقع مرسومٌ فيها لشخص، وإنما تبادلٌ وتعاور، ومسؤولية ومحاسبة، وتقدمٌ واصطفاء، وانتقاءٌ واختيار، فقادتها شهداء، ورموزها أسرى، ورجالها أخفياءٌ أنقياء، وجنودها مضحون مقاتلون، ميدان السباق فيها جهادٌ وتضحية، وتجردٌ وتفانٍ، وصدقٌ وإخلاص، وبذلٌ وعطاءٌ.
أيها الناخبون في حركة حماس أنتم اليوم الأقوى فلا تسمحوا لأحدٍ دولةً أو أفراداً، قادةً أو مسؤولين، أن يصادر صوتكم، ولا أن يرهن قراركم، ولا أن يؤثر على اختياراتكم، ولا تفرطوا في قوتكم، ولا تتنازلوا عن نفوذكم، ولا تمنحوا صوتكم إلا لمن تثقون في قدرته، وتطمئنون إلى موقفه، ولا تخافون منه، ولا تخشون منه أو عليه انقلاباً، ولرأيه فساداً، ولقراره ضياعاً وارتهاناً، وأحسنوا الاستفادة من حقوقكم، وكونوا على قدر المسؤولية، منتبهين لغدكم، حريصين على مستقبلكم، أمناء على أجيالكم، مخلصين لشهدائكم، فهذا اليوم لكم، تصنعون فيه غدكم، وتستشرفون فيه مستقبل أيامكم، فلا يخدعنكم أحد، ولا يجرمنكم شنآن غيركم فتضلوا، ولا تظلموا أنفسكم وتفرطوا في مستقبل أجيالكم وأوطانكم، وكونوا ناخبين بعيونٍ بصيرة، وعقولٍ واعية، وقلوبٍ مفتوحة، ورؤىً بعيدة، ولا تجربوا مُجَرباً، ولا تنتقوا مُخَرباً، ولا تسمحوا لساعٍ إلى السلطة بالتسلل، ولا لباحثٍ عن منصبٍ بالمرور، ولا لصاحب أجندة خاصةٍ بالنجاح، واجعلوا جواز المرور بأيديكم، وإشارة الدخول معكم، ولا تمنحوه لغيركم فتخسروا، ولا تتنازلوا عنه لمن لا يستحق فتفشلوا.
يتبع
0 comments:
إرسال تعليق