في الذكرى السنوية السادسة لإختطاف القائد المناضل احمد سعدات ورفاقه/ راسم عبيدات

أسئلة كبيرة بحاجة الى إجابات ،وحقائق بحاجة الى الكشف،ومتورطين بحاجة الى المساءلة والمحاسبة،وجماهير تواقة الى معرفة الحقيقة،محاسبة ومعاقبة من تورط في قتل واعتقال قياداتها الوطنية،فالرئيس الراحل أبو عمار حوصر في المقاطعة وقتل مسموماً،وهناك من هو متورط أو متواطيء في اغتياله فلسطينياً،حيث أكثر من مصدر تحدث عن ذلك ،ولكن بدون تاكيد،والأمين العام للجبهة الشعبية الرفيق القائد احمد سعدات اعتقل هو ورفاقه من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية،وهناك من هو متورط في اعتقالهم فلسطينياً،حيث جرى نقلهم الى سجن أريحا في شهر كانون ثاني/2002،ليمكثوا فيه تحت حراسة أمريكية- بريطانية- فلسطينية مشتركة،ومن ثم تقدم إسرائيل في 14/3/2006 على هدم سجن أريحا على رأس الرفيق القائد سعدات ورفاقه عاهد أبو غلمه ومجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر (خلية زئيفي) كما يسمونها،ومعهم اللواء فؤاد الشوبكي المتهم بقضية السفينة (كارين A)،حيث جرى اختطافهم من السجن من قبل القوات الإسرائيلية،بطريقة فيها الكثير من الإساءة والإذلال لقوات الأمن الوطني التي كانت متواجدة في السجن والمقر سواء للحراسة أو العمل،حيث أصرت إسرائيل على خروجهم شبه عراة،وكانت تريد للرفيق القائد سعدات ورفاقه نفس المصير والطريقة،ولكن الرفيق سعدات ورفاقه،والذين شعروا بأن طريقة تسليمهم واختطافهم فيها الكثير من التساؤلات والاتهامات المشروعة والمبررة للسلطة والقائمين على حراسة السجن،والتي تنتظر الإجابات حتى اللحظة الراهنة نفياً او تأكيداً،ناهيك عن التواطؤ والمشاركة البريطانية- الأمريكية في عملية الاختطاف تلك،رفضوا بإباء وشموخ أي خروج لهم بتلك الطريقة،وقالوا بصوت واحد نستشهد على أن نخرج بتلك الطريقة،فكان لهم ما أرادوا خروج بطريقة مشرفة على موت أو شهادة بلا ثمن.

ونحن لا نريد أن نعيد اجترار مقالات سابقة كتبت عن سعدات ورفاقه،فعملية الاختطاف لسعدات ورفاقه،من قبل حكومة أولمرت في تلك الفترة،والتي تولى فيها منصب رئاسة الحكومة بشكل مؤقت خلفاً لشارون المريض،عنت له نصراً مضموناً للفوز برئاسة الحكومة لحزب كاديما الذي شكله شارون،وأيضاً فهي أتت في إطار عملية ثأرية من سعدات القائد والمناضل ورفاقه المناضلين كأشخاص وما يمثلون،فهم رؤوا فيهم وما قاموا به من عملية نوعية تجاوزت كل الخطوط الحمر وشكلت تحولاً نوعياً في العمل النضالي والكفاحي الفلسطيني،وكذلك من شأن تجذر وتعمق هذا النهج في إطار الجبهة الشعبية وفصائل العمل الوطني الفلسطيني المقاوم،أن يشكل تربة خصبة لتنامي وتصاعد مثل هذا النهج والتيار والخيار،وأيضاً هدفوا الى وقف عملية تنامي وتصاعد واستعادة الجبهة الشعبية لدورها الكفاحي والنضالي وحضورها الجماهيري،وخصوصاً أن الرفيق القائد الشهيد الأمين العام للجبهة الشعبية السابق أبو علي مصطفى قد نجح في لملمة وترتيب أوضعها هو وثلة من الرفاق المخلصين في المؤتمر السادس للجبهة الشعبية تموز/2000 .

سعدات ورفاقه باعتقالهم لم يغادروا ساحات النضال والكفاح،وإن كان احتجاز القيد والمعتقل والزنازين لأجسادهم قد حد من قدراتهم وطاقاتهم وفعلهم الوطني والسياسي وحضورهم التنظيمي والحزبي والجماهيري،فهم كانوا وما زال عبر منظمات الأسر والحركة الأسيرة الفلسطينية يلعبون دوراً هاماً في تأطير وتنظيم الحركة الأسيرة والدفاع عن حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها،ومن الهام جداً الإشارة إلى قضايا هامة وضرورية في سفر نضال الرفيق القائد سعدات،فعدا أنه من أبرز قادة الجبهة الشعبية والحركة الأسيرة الفلسطينية الذين أرسوا قواعد ومداميك مدرسة الصمود في أقبية التحقيق الصهيونية،فهو كذلك مثل تلك الحالة في مقاطعة ورفض الاعتراف بالمحاكم الصهيونية على اعتبار أنها جزء من قضاء إسرائيلي يخدم ويشرعن الاحتلال وسياساته العنصرية والإجرامية بحق شعبنا،وأيضاً مثل حالة رمزية وقيادية لأبناء الحركة الأسيرة الفلسطينية من حيث عمق الانتماء والثبات على المبدأ والصدقية والتواضع والإلتحام بهمومها والمجابهة والتصدي لإدارات السجون في هجمتها على الحركة الأسيرة بهدف كسر ارادتها وتحطيم معنوياتها والانقضاض على منجزاتها ومكتسباتها ومصادرة حقوقها،ولم يتخلى عن دوره الوطني والسياسي وكان فاعلاً وحاضراً في الهم الحزبي والوطني مشاركة وقراراً،وبالتالي تعرض للعزل الانفرادي المتجدد مبكراً،في محاولة احتلالية لفرض عزلة تامة عليه،ومنع أي شكل من أشكال التواصل بينه وبين العالم الخارجي،وبالتالي دفعه للاستسلام واليأس او الموت البطيء،ولكن هذا لم يدفع الرفيق القائد الى ما هدفت إليه مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها،بل عمد سعدات ورفاقه ومعهم الكثير من أبناء الحركة الأسيرة إلى الإعداد لمعركة شاملة،معركة عنوانها إنهاء ظاهرة العزل وصيانة منجزات ومكتسبات الحركة الأسيرة،وتحت هذا الشعار الناظم خاض أسرى الجبهة الشعبية،ومعهم المئات من أبناء الفصائل الأخرى إضراباً مفتوحاً عن الطعام في 27/9/2011،وليستمر 22 يوماً،اعترفت فيه مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها بصلابة وقوة تماسك رفاق الجبهة الشعبية،واضطرت لأول مرة في تاريخ الإضرابات المفتوحة عن الطعام التي خاضتها الحركة الأسيرة الفلسطينية لتوقيع اتفاق مكتوب مع الجبهة الشعبية حول الاستجابة للمطالب التي رفعت في الإضراب،وقد مثل الرفيق سعدات نموذجاً صلباً ورائداً في هذا الجانب وعلى هذا الصعيد.

في الذكرى السادسة لاختطاف سعدات ورفاقه فإنه من الهام جداً القول إن بقاء سعدات وغيره من القيادات الوطنية الفلسطينية من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،توجب مسؤولية وطنية كبرى على الجبهة الشعبية والسلطة الفلسطينية وكل الأحزاب والقوى الفلسطينية وجماهير شعبنا ممارسة كل أشكال النضال المشروعة من أجل تأمين إطلاق سراحهم،هم وكل أسرى شعبنا الفلسطيني،والسلطة الفلسطينية هنا،يجب عليها أن تتمترس حول عدم العودة الى المفاوضات إلا بإطلاق سراح القيادات الوطنية والأسرى القدماء ووضع جداول زمنية لتحرير كل الأسرى.

إن ملف اعتقال سعدات ورفاقه من قبل السلطة الفلسطينية ومن ثم اختطافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي،يستدعي عدم إغلاق هذا الملف وكشف ومحاسبة كل من يثبت تورطه او تواطؤه في هذه القضية،بالإضافة الى إغلاق ملف الاعتقال السياسي ووقف سياسة التنسيق الأمني باعتباره ضرب للنضال والمقاومة الفلسطينية في الصميم.

إنه من الهام جداً ابتداع أشكال نضالية جديدة في التعاطي مع قضية أسرانا في سجون الاحتلال،ورسم إستراتيجية موحدة في هذا الجانب،فالمعارك الاعتقالية التي خيضت لوقف سياسة العزل وإنهاء وإغلاق ملف الاعتقال الإداري من قبل الأسير المجاهد خضر عدنان والأسيرة هناء الشلبي والمتواصل إضرابها حتى الآن وقرار المعتقلين الإداريين بمقاطعة المحاكم الإسرائيلية،برهنت على أنه يمكن ان يبنى على تلك الخطوات وان تحقق نجاحات ملموسة شريطة أن تتم وفق إستراتيجية منظمة وموحدة،

وفي الختام لا يسعنا إلا القول بأن شعبنا الفلسطيني بحاجة الى قادة مخلصين بحجم سعدات والبرغوثي وغيرهم،فهم من رحم هذا الشعب ولدوا وجلبوا في معارك النضال والتضحية وشكلوا نماذج ورموز نضالية وتضحوية،وبمثلهم وأمثال الكثير من أبطال ورموز شعبنا حتماً سنصل الى أهدافنا في الحرية والاستقلال.

CONVERSATION

0 comments: