** يعتقد البعض أن هناك خطأ ما فى عنوان المقال .. بعد تناول وسائل الإعلام خبر أعلنه المشير "محمد حسين طنطاوى" ، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، عن جعل يوم 20 مارس 2012 .. الحداد بمصر ، لنياحة قداسة "البابا شنودة الثالث" .. ولكنى أؤكد أنه ليس هناك خطأ إطلاقا .. وإنما هى حقيقة مؤكدة ، وأن تشييع جثمان قداسة البابا ، لم يكن فى حقيقة الأمر إلا أنه تشييع لجثمان "مصر" .. وإعلان الحداد عليها .. بل أنه من غرائب المصادفات ، أن يحضر مراسم الجنازة ، العديد من قادة المجلس العسكرى ، وأن تحمل الشرطة العسكرية ، تابوت قداسة البابا ، فى مشهد مهيب .. وهو الشئ الرمزى الذى يؤكد لنا ، ولكل المصريين الشرفاء ، الباكين على هذا الوطن .. أن جنازة قداسة البابا تحولت إلى جنازة عسكرية وشعبية ، لتوديع جثمان "مصر" إلى مثواها الأخير...
** لقد قدم قداسة البابا ، كل ما لديه من حب ، وتضحية فى سبيل هذا الوطن .. ولكن فى كل ما كان يقدمه ، كان يقابل بالنكران والتجريح فى شخصه .. هاجمه الجميع ... إتهمه الأقباط بالتخاذل فى الحصول على حقوقهم المهدرة والقصاص لهم من القتلة والمجرمين والإرهابيين .. على الجانب الأخر إتهمه البعض من المسئولين والصحافة والإعلام والمتطرفين بنصرة رعيته وتحقيق مطالبهم وعدم الإعتراف بأخطائهم .. كما إتهمه البعض الأخر أنه يلوى الحقائق ، أو يشكك فى مؤسسات الدولة ، ويتحامل على جهاز الشرطة .. وعندما كان يشعر بأوجاع أبنائه ، وألامهم .. كان يهاجمه الكثيرين ، ويتهموه بالتكريس للفرز الطائفى .. وعندما كان يطالب برفع الظلم عن الأقباط .. كان يتهم بمعاداة القضاء المصرى ، وأنه يبارك الفتنة ، ولا يعاقب الأقباط ..
** إحتار قداسة البابا كيف يتعامل مع هذه الأفاعى والذئاب .. ظل يفتح ذراعيه بالحب ، ويسامح ويغفر لهم .. وكانوا يقابلون تسامحه بمزيد من الكراهية والطعنات فى جسده المتهالك .. لم يعد يملك إلا البكاء فى صمت .. حتى عندما كان يذهب إلى العلاج ، وعمل الفحوصات اللازمة فى أمريكا .. كانوا يتهمونه بالإستقواء بالخارج .. وأن الدولة تتساهل معه ، وتسمح له بالسفر ، زاعمين أنه كان يعقد المؤتمرات بالخارج ضد السيادة المصرية .. تحمل ما لا يتحمله بشر ، وهو يقيم الإحتفالات بالأعياد ، ويفتح صالة كبار الزوار ، لإستقبال رجال الدولة ، وهم يقدمون له التهنئة بالعيد ، والإبتسامة لا تفارق وجهه .. بينما الأحزان والألم يعصر قلبه على إثر الأحداث الدموية ، التى نفذها الجماعات الإرهابية ، لقتل الأقباط أثناء خروجهم من الكنائس ، بعد الإحتفال بأعياد الميلاد فى 2010 ، أو أعياد رأس السنة الميلادية فى 2011 .. قدم كل ما كان لديه من حب وتسامح .. ولم يقدم له إلا كل الإهانات والبذاءات والأشواك ..
** نعم .. كانت نياحة قداسة البابا ، هى رمز كبير لوفاة مصر التى بكاها بالأمس الجميع ، وشارك فى توديع جثمانها الملايين من هذا الشعب العظيم ..
** نعم .. لقد شيع "المجلس العسكرى" جثمان مصر العظيمة .. وأعلن المشير الحداد ، وحمل التابوت جنود مصر البواسل ، وشارك فى مراسم الدفن كل أبناء مصر الأوفياء .. ولم يفرق الحزن بين مواطن مسلم ، ومواطن مسيحى .. ولكن كانت هناك الذئاب التى تعوى ، والكلاب المسعورة ، كما خرجت الأفاعى والحيات من أوكارها ، لتبتلع كل من يقابلها ، وتبخ سمومها ليتساقط الضحايا ...
** كان هناك مشهدين معكوسين .. المشهد الأول .. وداع مصر متمثلا فى قداسة البابا .. والمشهد الثانى ، داخل مجلس الشعب ، الذى يمثل شعب مصر المخدوع .. فقد نعى المجلس قداسة البابا ، وقدم رئيس المجلس "سعد الكتاتنى" والعديد من النواب العزاء داخل المجلس .. بينما رفض البعض تقديم العزاء .. بل والوقوف دقيقة حداد عليه ، وقالوا "إن إسلامنا يرفض مبدأ التعازى" .. أما البعض الأخر فقالوا "نحن نفتى بجواز التعازى ، ولكننا لا نترحم على موتى غير المسلمين" ..
** أما المعتوه المدعو "وجدى غنيم" .. فقد إنطلق لسانه المسموم ، ببعض الألفاظ البشعة التى لا تعبر إلا عن القذارة المملوءة بها أحشائه .. هذا المعتوه يطلق عليه البعض .. "الداعية الإسلامى" ..
** وبغض النظر عن واجب العزاء الذى قدمه د. "سعد الكتاتنى" .. ونحن نحييه على سلوكه وحسه الوطنى فى حب مصر .. إلا أننا نتوخى الحذر فى إظهار هذه المشاعر .. ونتساءل .. هل الدكتور "سعد الكتاتنى" تبرأ من فكر جماعة الإخوان .. أم إنهم يلجأون إلى مبدأ "التقية" التى يظهرون فيها عكس ما يبطنون ؟!!..
** هذا هو مجلس الشعب ، الذى حذرنا منه كل أقباط مصر .. إنطلق جزء منه مما ينتمون للتيار السلفى ، يهاجمون المتحدث الرسمى بإسم حزب "النور السلفى" .. د. "نادر بكار" .. الذى أنكر تعازيه ، وقال إنه لم يترحم على قداسة البابا ..
** هذه الواقعة أهديها للمدعو "شريف دوس" .. وإلى كل من ينتمون لهذه المنظمة المزعومة بإسم "هيئة الأقباط العامة" .. وقد ذهب فى أحد المؤتمرات المشبوهة ، ليطالب الأقباط فى مؤتمره المزعوم بالإنخراط فى العمل السياسى ، مع جماعة الإخوان المسلمين ، والجماعات السلفية ، واصفا إياهم بخبراتهم السابقة فى العمل السياسى .. ويطالب كذلك بتدعيم المرشح د. "عبد المنعم أبو الفتوح" .. أحد كوادر الجماعات الإخوانية ، بل أنه نشر بأحد المواقع المشبوهة على الإنترنت أن هذا رأى الكنيسة .. ، وعندما هاجمه الكثيرين قام بالإدعاء أن هذا هو رأيه الشخصى .. وإستنكرت الكنيسة خروج أى تصريحات منها فى الوقت الذى رفض بشدة الناشط السياسى "مايكل منير" رئيس حزب "الحياة" هذا الفكر ، أو مجرد التفكير فى ترشيح شخصية إسلامية لرئاسة مصر ، بل أنه فى أكثر من مناسبه أعلن وبكل شجاعة أن هذا المجلس غير شرعى ، ولا يمثل شعب مصر ...
** ما دعانى إلى التذكرة بذلك .. إنه عندما إنتقدت عقد مثل هذه المؤتمرات التى لا تمثل مشاكل أقباط مصر ، هاجمنا البعض ، وإتهمنا البعض الأخر ، بأننا ضد مصلحة أقباط مصر .. فأننى أقدم بعض النماذج التى إنتشرت كالسرطانات .. تلتهم كل من يقف فى طريقها ، من أجل مصلحتها .. بل لقد كونوا إعلاما مسيحيا فاسدا ، مثل الإعلام المصرى الفاسد .. يدعمون كل من يؤيد أجنداتهم ، ويتوافق مع مطالبهم .. يسقطون كل من يدافع عن الأقباط ، كما أسقط الإعلام المشبوه المصرى دولة مصر .. إنهم كما كتبنا عنهم من قبل .. أنهم يهوذات العصر ، مثل يهوذا الذى أسلم السيد المسيح ، بثلاثين قطعة من الفضة .
** نعم .. أعلن المشير الحداد على مصر يوم 20 مارس 2012 .. فى الوقت الذى خرجت العناوين الرئيسية فى معظم الصحف ، براءة "الإسلامبولى" ، و"الظواهرى" ، و"سيد إمام" ...
** أما عن تفاصيل الخبر .. فقد أصدرت المحكمة العسكرية العليا ، فى 19 مارس 2012 ، الحكم الصادر ببراءة كل من "محمد شوقى الإسلامبولى" ، شقيق قاتل الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" ، و"محمد الظواهرى" ، شقيق زعيم تنظيم القاعدة .. كما برأت المحكمة العسكرية 6 أخرين ، بينهم "عبد العزيز داوود" ، و"سيد إمام" مفتى تنظيم القاعدة السابق .. وقد سبق صدور أحكام فى حقهم تتراوح بين الإعدام ، والسجن المؤبد ..
** وإذا كانت المحكمة العسكرية أصدرت أحكام بالبراءة على هؤلاء .. فمن إذن الذى قام بقتل السياح ، ومن الذى قام بقتل الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" ، ومن هم قتلة الأقباط؟!! .. ومن الذين حرضوا لهدم السياحة ، ومن الذين قتلوا العديد من المصريين والسياح فى التجمعات السياحية ، بشرم الشيخ ، وطابا ، ونويبع ، وذهب .. ومن الذين قتلوا مجموعة السائحين بمدينة الأقصر فى مذبحة "الدير البحرى" عام1997 .. بل لم يكونوا قتلى فقط ، بل قاموا بتشويه معالمهم ، والتمثيل بجثثهم ، ومن الذين قتلوا الأقباط فى نجع حمادى ، وفى أسيوط ، وفى المنيا ، والأسكندرية ، وأبو قرقاص ، والكشح .. وغيرها .. وغيرها الكثير من جراء بعض الفتاوى التى كانت تصدر بتكفير الأقباط ، وإستحلال أموالهم ، وأعراضهم ، وخطف بناتهم .. إذا كان كل هؤلاء أبرياء .. إذن ، فمن يكونوا الذين قاموا بكل هذه الجرائم؟ .. من يكونوا هؤلاء ؟!!..
** وكعادة بعض الصحف ، ليس هناك أخبار بمصر الساقطة إلا عناوين تتصدر كل مانشيتات الصحف عن جماعة "الإخوان المسلمين" ، والجماعة السلفية داخل المجلس الإخوانى ، يغنون ، ويردون على أنفسهم .. البعض يطالب بسحب الثقة فورا من الحكومة ، والبعض الأخر يدعم بعض الأسماء لتولى الحكومة الجديدة .. وعلى رأسهم أحد كوادر الإخوان "خيرت الشاطر" .. والحاصل على البراءة من قضية غسيل الأموال المعروفة بإسم قضية "سلسبيل" .. بعد إدانته .. يطلقون ما يريدون تمريره ، فإذا صمت الجميع ، قالوا "إنها رغبة شعبية" ، ويسعون لتحقيقها بكل الطرق ، وإذا إعترض البعض ، قالوا "نحن مع الحكومة" .. فى الوقت الذى يصدر فيه يوميا ، تصريح من رئيس حزب جماعة الإخوان المسلمين .. الدكتور "محمد المرسى" ، ويتم نشره بالصحف "إن الحرية والعدالة يؤكد على رحيل الحكومة لعجزها عن الوفاء بمطالب الشعب" .. فى نفس الوقت يقوم البعض الأخر بمغازلة الحكومة ، ويقولون "نحن نقدر جهد الوزراء ، ولا خلاف مع الجنزورى .. ولن نسحب الثقة إذا تم حل المشاكل" ، وكأنهم بقدرة قادر ، لديهم الحلول لحل مشاكل هذا الوطن فى خلال أشهر معدودة .. ولكن فى النهاية هم يخططون لإحتلال مصر بأكملها .. وملأوا الدنيا صراخا ، وإفتعلوا الأزمات ضد الداخلية لإسقاطها .. وإفتعلوا الأزمات ضد القضاء لإسقاطه ..
** وأخر هذه الأزمات التى يجيدون تدبيرها ، ما يتم نشره الأن ، من إختفاء ملف "موقعة الجمل" .. هذا الملف الوهمى ، الذى ألفه ولحنه جماعة الإخوان المسلمين ، وكوادرهم ، وميليشياتهم .. عندما بدأوا يشعرون أن هذا الملف وهمى ، وإنه لن يكون أحكام قضائية ضد من إتهم فى هذه القضية .. وهذا ما كتبناه أكثر من مرة ، إذا كان هناك ملف بإتهام كل من يتم القبض عليه بالتحريض على موقعة الجمل .. إذن ، أين القتلة الفعليين من ركاب الجمال والخيول .. الإجابة ، لا يوجد منهم أحد .. ولا نعرف ، هل هناك من قتل منهم ، أو من أصيب ، وما هو مصيرهم ، ولكن فجأة إختفت الجمال والأحصنة وراكبيها .. والأن إختفى الملف ليهل علينا النائب "عصام سلطان" بإتهام القضاء بالفساد ، والقصد من هذا الإتهام هو التجريح فى المؤسسة القضائية ، وإسقاطها ، وهو نفس السيناريو الذى يدور فى جميع الإتجاهات ، لإسقاط مصر بأكملها .. ويؤكد ذلك ويقوم بتوجيه رسالة مباشرة إليهم عن طريق دكتورة "شمطاء" بلغت من سنوات العمر الكثير ، بعد أن إتهمت فى عديد من قضايا الأداب .. عادت فى برنامج ساقط على "روتانا" لتبث سمومها منذ 25 يناير ، ولا أحد يردعها .. قام النائب بالإتصال بها لمخاطبة القضاء لنقل رسالة لهم .. "أن يلموا أنفسهم ، حتى لا يضطر إلى فتح ملفاتهم" .. وهى ملفات على حد زعمه ، يندى لها الجبين ... هكذا يتعامل أحد نواب جماعة الإخوان ، مع قضاء مصر الشامخ ..
** وللأسف .. بدأ القضاة ينقسمون على أنفسهم .. فى الوقت الذى يشعل الحروب بينهم قضاة الشو الإعلامى ، والفضائيات .. وبعد أن كان محرما على القاضى الحديث للإعلام ، وتناول أى قضايا للرأى العام .. بدأنا نرى قضاة مصر العظماء ، وهم يتحدثون فى جميع وسائل الإعلام للدفاع عن أنفسهم ، وعرض بعض وجهة النظر فى المشاكل التى تشتعل بها الوطن .. والذى يؤدى ذلك إلى مزيد من إشعال الفتن بين الشعب المصرى والقضاء ، وسحب الثقة منه ، تنفيذا لمخططات بعض القضاة المحالين للمعاش لعدم الصلاحية فيما بين عام 2005 – 2006 .. بعضهم داخل البرلمان ، والبعض خارج البرلمان .. والبعض مرشح نفسه لرئاسة الدولة .. فقد أتاحت لهم الفضائيات الفرصة للتشفى فى هذا الصرح الشامخ ، لزعزعة الثقة بين القضاء المصرى ، وبين الشعب ...
** فهل بعد هذا السقوط الذى تعيشه مصر .. يتصور البعض إنها لم تمت .. ولم يعلن المشير الحداد عليها .. ولم تذهب إلى مثواها الأخير ؟!!!! .... أعتقد أن مصر شيعت جنازتها بالأمس ، متمثلة فى رحيل قداسة البابا المعظم "الأنبا شنودة الثالث" بابا الأسكندرية ، وبطريرك الكرازة المرقسية ...
صوت الأقباط المصريين
0 comments:
إرسال تعليق