أجندة وقف الهاون/ سعيد الشيخ


سيطلع لنا الكثير من الكتّاب من أمثال فايز ابو شمالة للثناء على خيارات حركة حماس الاخيرة التي أسقطت خيار المقاومة من برامجها السياسية القادمة.
سيقولون لنا ان المرحلة التي تعيشها القضية الفلسطينية دقيقة وصعبة مما يجعل اطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية بلا جدوى، وكأن كان في تاريخ القضية الفلسطينية مراحل على غير الصعوبة والمشقة التي صنعها الاحتلال الصهيوني من جهة والنظام العربي الرسمي المتخاذل من جهة اخرى.
يقولها فايز ابو شمالة بالفم الملآن " لا لاطلاق الصواريخ على اسرائيل"
لماذا؟ يقول:" لقد أتت قذائف الهاون أكلها!"
هذا الكلام يجعلنا ان نصدق بعض الآراء التي تواردت مؤخرا بأن حركة حماس حصرت مقاومتها للسيطرة على غزة، وعندما أتيحت لها هذه السيطرة بدأت تفكر بإنهاء مشروعها المقاوم لحساب مشروعها السلطوي، وعليها الآن تحصين هذه السيطرة من خلال عدم الاحتكاك العسكري مع الاحتلال.. وهذا ما نشاهده عمليا على الارض، في حين نشيد المقاومة ما زال يصدح على المنابر وآخره الخبر الذي وزعه المكتب الاعلامي الحكومي على لسان اسماعيل هنية في خطبة الجمعة التي القاها بمسجد عقبة بن نافع التاريخي في القيروان بتونس. حيث يؤكد هنية على ان المقاومة والجهاد يظلان الطريق الاقصر لتحرير القدس والاراضي المحتلة.
أين تلعثمت السياسة الحمساوية بخياراتها الجديدة ليخرج علينا الكاتب فايز أبو شمالة بمقالته الصفراء ليصنع لنا ديباجة نهاية المقاومة، أو في أقرب تقدير ارسالها الى ثلاّجة التجميد، وليزيّن لنا فوائد عدم اطلاق الهاون على اسرائيل. وليقدم للشعب الفلسطيني المزيد من الفوائد حينما يطالبه بالهدوء وانتظار الجيوش العربية والاسلامية الزاحفة لتحرير القدس.
لا أدري اين يذهب بعض الكتاب بالعقل عندما يرمون الكلام جزافا ويحاولون اقناعنا به... كنا صغارا في المخيم ونحلم بما استطاعت طفولتنا تخيّله بأن الجيوش العربية لا بد ان تتحرك لتحرير فلسطين عندما يشتد عودها، لقد شخنا الآن والجيل الذي مضت النكبة على جسده قد غادر الدنيا، والجيوش العربية تلتهم ميزانيات ومقدّرات الوطن العربي وما زالت واهنة وعاجزة تتحرك فقط حسب بوصلة الحاكم نحو قمع الشعوب.
فهل يريدنا فايز ابو شمالة ان نكرر طفولتنا بأحلامها المجهضة تحت هراوة السلطات العربية..وهذه المرة تحت هراوة فلسطينية بدأنا نلمس فعلها السلطوي والاقصائي.
بكل عقلانية وبساطة، ما من معطيات تبرر وقف مقاومة ومقارعة الاحتلال، الذي ما زال يجثم على صدورنا بممارساته العدوانية البشعة وبوتائر متصاعدة من خلال الاستيطان..ونفهم ان اطلاق الصواريخ على اسرائيل ليس هو الاداة الامثل لمعركة التحرير، ولكن ألا يعتقد ابو شمالة معي بأن اطلاق الصواريخ هو بمثابة البلسم لكثير من الجراح الفلسطينية، خاصة وانه يأتي بعد كل هجوم اسرائيلي يترك دماء كثيرة في شوارع غزة وامكنة اخرى يشغلها الفلسطيني...فهل يترك الفلسطينيون دماءهم مراقة دون حساب؟
ان دعوة ابو شمالة للفلسطينيين الاعتماد على جيش عربي-اسلامي يعمل على تأسيسه الشيخ اسماعيل هنية تبدو غير منطقية وليست واقعية وتبدو مثل فكاهة سوداوية، في واقع عربي بدأ يرسمه "الربيع العربي" بإشارات تلبّي الاجندة الامريكية واشتهاءاتها الامبريالية في المنطقة العربية.
كان الاولى بالكاتب فايز ابو شمالة ان يدعو الى ربيع فلسطيني يتناغم مع الثورة الفلسطينية المعاصرة التي تكون فيها الشعوب العربية المتنسمة للحرية جيوشا على جبهات فلسطين.
ان في موقف الكاتب الحمساوي الرافض لاطلاق الصواريخ على الاحتلال من الآن وصاعدا مأساة وطنية تنضم الى حزمة المآسي التي جلبها لنا اتفاق اوسلو المشؤوم، وهي تتمثل في ان كل محاولة منا للعمل على تحقيق مصلحة شعبنا، نكتشف اننا نعمل على تحقيق الامن للإحتلال!!.

CONVERSATION

0 comments: