الدكاترة زكي مبارك يثيرني فأثير أثيره 2/ كريم مرزة الأسدي
- الحلقة الثانية -
ملاحظة مهمة ، لمن يهمه الأمر !! :
وأفذاذنا مثل الجوارح أيها *** فقدناه كان الفاجع البين الفقدِ
لكلّ مكانٍ لا يسدّ اختلاله *** مكان أخيه في جزوع ولا جلدِ
كتبت عدة حلقات عن الرصافي والجواهري والسياب والبياتي والشبيبي واليعقوبي والمتنبي والمعري وأبي نؤاس ودعبل وبشار وووو ... ، وأكتب اليوم عن الدكاترة زكي مبارك ، و ربما عن بعض عباقرة العرب مستقبلاً ، سواء بسواء،أتكلم عن معاركهم ومظلوميتهم ومواقفهمم وأشعارهم وأفكارهم بجرأة متناهية ، فالوطن والأمة والإنسانية دائماً في وجداني ، والله من وراء القصد ، والعراق أيضاً - وهذه حقيقة - ظلم عباقرته بشكل كبير، والمشاكسات والمشاحنات والحزازيات والمعارك أيضاً كانت تجري بين رجالات العراق وأفذاذهم حتى الصغر ، وكتبت بجرأة عنهم دون رياء ونفاق !! ، هذا ولزاماً عليّ أن أسجل جزيل شكري وتقديري ومحبتي للمواقع والصحف والمجلات والكتب التي تفضلت عليً على مدى المشوار الطويل ضيفاً ثقيلاً ... خفيفاً ...كريماً ...شحيحاً .. مزعجاً ... مريحاً.. مقلداً .. مجدداً ... منفعلاً .... متعقلاً عذري أنا إنسان و إنسان... على مرّ اللحظات ، وبذلك كلّه قدمتْ - أعني المؤسسات - خدمة جليلة للقارئ العربي الكريم ، فشكراً وألف شكر:
من هو زكي مبارك ... ؟!! مسيرة حياته ...ثقافته ... مؤلفاته ...مواقفه
5 - ولادته ... نشأته ... ثقافته
ولد زكي عبد السلام مبارك في قرية سنتريس بمحافظة المنوفية من أسرة ميسورة الحال ، وتذكر معظم المصادر أن تاريخ ميلاده هو ( 5 آب -أغسطس -عام 1892م ) ، ولكن هو يدوّن غير ذلك بمذكراته التي صدرت ككتاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان" زكى مبارك بقلم زكى مبارك" ، إعداد وتقديم ابنته كريمة زكى مبارك، ويقع فى 287 صفحة من الحجم الكبير ، إذ يسجل كاتباً : "ولدتني أمى فى الخامس من أغسطس سنة1891م فأضيف إلى الوجود خير جديد وشر جديد" .
تعيدني كلمة المبارك إلى أبيات من قصيدتي الموسومة ( وتركب الإنسان بالإنسانِ) ، وكيف تتوارد الخواطر بين الناس ، اقرأ رجاء :
هذي الحياة ُ ترى الممات َ بدايةً *** لتفتح الأجيـال ِ في الزمكانِ
فتعيدُ نشأتها ، وتسحقُ سلفـها **** وتركّبُ الإنسانَ بالإنسان
أمرٌ خفى ، وهو الجليّ بداعــة *** شر ٌ وخيرٌ كيف يمتزجـانِ
أدخله أهله إلى (الكتّاب) لحفظ القرآن الكريم كما هي عادة السلف الصالح ، وكما يقول الأخوة المصريون : كان يعمل فى (الغيط) مع الفلاحين ، وفى (السامر) يستمع إلى المغنواتية والمداحين وعشق المواويل خاصة وأن والده كان يحبها ويغنيها .. ومن هنا ولدت فى وجدانه ملكة الشعر.
وتذكر ابنته ( كريمة ) أن بيت أسرته احترق ، وهو طفل يحبو وأتت النيران على كل شىء فى البيت وقد أنقذوا الطفل الصغير من وسط النار بعد أن وجدوه يجلس صامتاً لا يصرخ رغم كل هذه النيران ..وبعد سنوات قليلة من هذا الحادث سقط من فوق سطح منزلهم على صخرة فشجت رأسه شجاً عميقاً كاد معه أن يفقد حياته .. ثم كاد أن يموت غريقاً فى (الترعة) وقد أنقذه رجل مر مصادفة.
لا ريب أن هذه الأحدات التي مرّت عليه في طفولته المبكرة ، خزن ما خزن منها في عقله الباطن ، وأخذت تؤثر على مسيرة حياته طيلة عمره دون تقصدٍ منه أو تعمد ، وبعضها بقت عالقة في وعيه ، يغرف منها ما يشاء حسب المواقف في اللحظات الإبداعية !!
وفى العاشرة من عمره أدمن القراءة ، وحفظ القرآن حتى أتمه وجوّده ترتيلا، ثم شدّ رحاله إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف فى عام 1908 وسكن فى غرفة فقيرة جداً فى ربع يعقوب بحى الغورية ، ولكنها كانت غنية بشعره وجدّه وشهرته التي اكتسبها حتى اعتلى عرش ( شاعر الأزهر) دون منازع .
وفى عام 1914 تعرف على الإصلاحي الكبير في مجال الدراسات الأدبية واللغوية في الأزهرالشيخ سيد المرصفى الذى اكتشف بوادر عبقرية ونبوغ المبارك ، وسبق له أن رعى موهبة وعبقرية تلميذه السابق طه حسين (1306 هـ / 15 نوفمبر 1889 - 1393 هـ / 28 أكتوبر 1973م) الذى تصادف حصوله على الدكتوراه من الجامعة المصرية عن أبى العلاء فى نفس العام ، وبعد أن تأكد الشيخ المرصفى من عبقرية هذا الفتى المتمرد الزكي المبارك قال : «إنى لأخشى أن يضيع منا زكى مبارك كما ضاع طه حسين» ، وبالتالي - كما هو مفهوم - يخسر الأزهر رجاله وأفذاذه.
والشيء بالشيء يذكر فى عام 1915 انضم صاحبنا إلى جمعية أدبية للخطابة في الأزهر الشريف قد أسسها وكيل الجامع الشيخ محمد حسين العدوى ، فبرز فيها ، وتفوق على أقرانه وزملائه ، ولقبه أساتذته بـ ( فتى الأزهر)، ولم تفته فرصة تعلم اللغة الفرنسية في هذه المرحلة حتى أجادها بجهده الشخصي ، وتعدى ذلك ليخترق عيون الأدب الفرنسي وخاصة الشعر .
أرجو أن تركز على تاريخ ميلاد الدكتور طه حسين إذ دونته متعمداً ، فهو يكبر المبارك بثلاث سنوات ، ولكنه نال شهادة الدكتوراه من الجامعة المصرية قبل الدكتور المبارك بعشر سنوات ، وهذا يعني أن المبارك قد أثرت عليه الظروف القاسية المريرة التي مرّ بها في طفولته المبكرة وأبان فتوته ، وبدايات شبابه ، وكذلك يشير إلينا إلى أن الدكتور طه كان أستاذأ كبيراً للمبارك ، فعندما غادر الأخير أزهره إلى رياض جامعته المصرية ، و تبوأ مقاعد كلية آدابها ، كان من الطبيعى أن يتتلمذ على يد الدكتور طه حسين الذي يكبره ثلاث سنوات زمنية ، وعشر سنوات تعليمية ، ولكن كان مباركنا فتى الفتيان، فقد جارى أستاذه في الاجتهاد والسعي والثقافه ، ونيل الشهادات العلمية بتحدٍ ومنافسة وإصرار، بل ومطاولة ، ربما هذا الأمر مع غيره من أمور المشاكسات المباركية قد حزّت في نفس العميد طه ، فوضع العراقيل أمام تلميذه ، فثارت بينهما المعارك الأدبية ، بل والاقتصادية والاجتماعية لفترة طويلة ، سنأتي على التلمذة والمشاكسة والمعركة وعلى موقف المازني منها وقوله فيها أيضاً ، وهذا لا يعني أنّ الحق كلّه على عميد الأدب العربي ، ولا يعني أيضاً أن ما تركه صاحبنا أكثر أهمية ، أو قيمة أدبية وفنية مما أورثه لنا العميد العملاق !! :
وأفذاذنا مثل الجوارح أيها *** فقدناه كان الفاجع البين الفقدِ
لكلّ مكانٍ لا يسدّ اختلاله *** مكان أخيه في جزوع ولا جلدِ
6 - شهادته العلمية :
فذلكة الأقوال عن تحصيله العلمي ، حصل علي شهادة الأهلي، من الجامع الأزهر عام 1916، وليسانس الآداب من الجامعة المصرية عام 1921، و نال ثلاث درجات دكتوراه متتالية الأولى في الآداب من الجامعة المصرية ذاتها عام 1924، وسافر إلى فرنسا للدراسة في عام 1927م على نفقته الخاصة وكان يقضي هناك أربعة أشهر من كل عام ثم يعود للقاهرة ليقضي المدة المتبقية من العام يعمل فيها بالصحافة والتدريس من اجل جمع نفقات إقامته في باريس ، فنال دبلوم الدراسات العليا في الآداب من مدرسة اللغات الشرقية عام 1931 ، ثم حصل من جامعة السربون على (الدكتوراه الثانية ) عن موضوع: «النثر الفني في القرن الرابع الهجري) - كما حصل على (الدكتوراه الثالثة ) عام 1937في التصوف الإسلامي، ولهذا أطلق عليه الشاعر محمد الأسمر لقب الدكاترة الذي بقى ملازماً له ، واستحقه بجدارة وكفاءة .
7 - حياته العملية ... نضاله من أجل مصر والعروبة ...مؤلفاته :
يقول مخاطباً نفسه ، عاشقاً لمصره ، وكان دائم الثناء على نفسه وعلى كتبه ، ولابدّ من مصرٍ وإن طال السفر !! :
عرفتك بين سطور الكتبْ *** وبين القوافي وبين الأدبْ
محباً لمصر ومن نيلها *** شربت فأضحيت فوق الشهبْ
ومن سنتريسَ إلى أزهرٍ ***** يظل التنقل بيـن الكتبْ
ويبقي سبيلك نحو العلا **** بفنٍ وعلـــــمٍ لأعلي الرتبْ
بدأ الرجل حياته الصحفية سنة 1917 بمراسلة بعض الصحف والمجلات الأدبية فى مصر. ولما اندلعت الثورة الشعبية عام 1919 ضد الأنكليز بقيادة الزعيم الوطني الكبير سعد زغلول ، ترك جامعته ليلتحق في صفوف الثوار كخطيب مفوه بليغ ، بل من أكبر خطبائها وشعرائها وذاق طعم السجن من أجل شمس حرية مصره ، و يتضح الخط القومي عنده منذ فترة شبابه الذي حمل فيه قلمه للدفاع عن القومية مهاجماً الاستعمار بصلابة حتى وهو يطلب العلم في باريس كان يهاجم فرنسا كدولة استعمارية . وبذل جهداً استثائياً طيلة خمسة عشر عاماً يدافع عن التدريس في الجامعات باللغة العربية ، ونبذ الهيمنة الغربية على علومنا وآدابنا وفنوننا ، وسانده رجال ، وقصيدة حافظ إبراهيم (اللغة العربية تنعى حظها) شهيرة في هذا المجال :
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي *** وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني *** عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي ***** رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
و كان دكتورنا ومعه لا ريب الدكتور طه حسين والأستاذ الكبير العقاد والمازني وغيرهم من رجالها الأكفاء ، ولو أن البعض يرمي الدكتور طه بالتغريب ، ولكن ما تركه لنا من آثار عربية قيّمة تنفي عليه التهمة ، مهما يكن وقف ضد مباركنا دعاة التغريب ، وهذا لا يعني على العرب التقوقع على ذاتهم ، وعدم التفتح على الحضارات الإنسانية ا لأخرى ، وإجادة اللغات الأجنبية إجادة تامة للتلاقح بين حضارتنا والحضارات العالمية الأخرى ، وإنما نعني أن لغتنا الجميلة ، وعبقريتها الفذة تتسع لجميع العلوم وأسرارها ، والفنون وإبداعاتها ...
كان الرجل ثائراً سياسياً وعلمياً واجتماعياً منذ الخطوات الأولى ، كان همه إصلاح الأزهر ، فدخل لجنتها ، وشق حجاب العشق الإباحي بعد أن تراكمت عليه أغبرة العصور المظلمة فكتب عن ( عمر ابن أبي ربيعة ) ، وحمل بيده معول النقد البناء فشن حملة صعبة وقاسية على رجال الفكر والثقافة التقليدين والتحرريين الكبار من الستهوري والقباني حتى طه حسين والعقاد وأحمد أمين ، فصنع له الأعداء والخصوم مما لا طاقة لأحد أن يتحمل !!
عمل في الجامعة المصرية، وعمل في الجامعة الأمريكية ، وعين مفتش اللغة العربية للمدارس الأجنبية في مصر واخرج من وظيفته بعد أن جاء النقراشي وزيرا للمعارف والدكتور السنهوري وكيلا للوزارة - كما يذكر من ترجم له - !!
وعمل في الصحافة أعواما طويلة ويحدثنا انه كتب لجريدة البلاغ وغيرها من الصحف نحو ألف مقال في موضوعات متنوعة. و ألف خمسة وأربعين كتاباً ، منها اثنان باللغة الفرنسية ، ومن كتبه (الأخلاق عند الغزالي) ، و (مدامع العشاق ) ، و(الموازنة بين الشعراء) ، و (حب ابن أبي ربيعة وشعره) ، و (النثر الفني في القرن الرابع الهجري) (جزآن) ، وهو في رأي الدكتور أحمد أمين أعظم أثر أدبي تركه الدكتور الدكتور زكي مبارك ، ...ويقول الدكتور مبارك نفسه عنه في فاتحته للكتاب : " إن هذا الكتاب أول كتاب من نوعه في اللغة العربية، أو هو، علي الأقل، أول كتاب صنف عن النثر الفني في القرن الرابع الهجري، فهو بذلك منارة أقيمت لهداية السارين في غيابات ذلك العهد السحيق. ولن يستطيع أي مؤلف آخر مهما اعتز بقوته، وتعامي عن جهود من سبقوه أن ينسي أني رفعت من طريقه ألوفا من العقبات والأشواك ..."
عناوين الكتاب من الباب الأول: تطور النثر الفني من عصر النبوة إلي القرن الرابع، والباب الثاني: خصائص النثر الفني في القرن الرابع، الباب الثالث: كُتّاب الأخبار والأقاصيص، الباب الرابع: كُتّاب النقد الأدبي، الباب الخامس: كُتّاب الآراء
والمذاهب، الباب السادس: كُتاّب الرسائل والعهود .
وتحدث أحمد فضل شبلول عن كتاب " ذكريات باريس" الذي يحتوي علي ذكرياته ومذكراته وخطاباته إلى جانب آرائه في الآداب والفنون، وبعض أشعاره في الفترة التي كان يتلقى فيها العلم في السربون علي مدي خمس سنوات ، وأخيراً كما ذكرنا في مقدمة المقالة صدر كتاب "زكى مبارك بقلم زكى مبارك"، إعداد وتقديم ابنته "كريمة زكى مبارك"، ويتضمن مقالاته التي كتبها في الأربعينات تحت عنوان "الحديث ذو شجون"، ينهي دكتورنا كتابه "بسرائر الروح الحزين" وهو عنوان كتاب أعلن "زكى مبارك"عنه ولكنه توفى قبل أن يرى الكتاب النور، وتعكف الآن ابنته ( كريمة ) على جمعه وطباعته . وسنذكر بعض مؤلفاته الأخرى حين الحديث عن حياته في العراق ، كان الرجل متعدد المواهب ..ناقداً ... محققاً... خطيباً ... ثائراً ...شاعراً فله ديوان "ألحان الخلود"
8 - ثوراته الفكرية والثقافية :
كان الدكاترة زكي مبارك مشاكساً رهيباً ، عنيدا لشدة ثقته بنفسه وصحة آرائه حتى أنّه - كما ذكرنا سالفاً - كثير الثناء على نفسه ومولفاته بشكل يثير حوله السخط ، بل الحقد والجفاء لا عن تجاهل أو تغابي ، بل لعبقريته الفذة ، إذ يرى ما لايراه الآخرون بلحظات خاطفة سريعة ، ربما أسرع وأدق وأشمل و أوسع مدى حتى من بعض أنداده النابغين ، وهكذا كان كثيراً من عباقرة الدنيا ، وأولهم المتنبي العظيم ، ( أي ّ محلٍ أرتقي ...) ، ( أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ...) ، ( إذا قلت شعراً أصبح الهر منشدا ) ، وثانيهم المعري ( ألا في س بيل المجد ما أنا فاعل ) ، ( والكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً ) !!! ، نعم كثير الزهو بنفسه ، معتداً بها حتى الأنانية المفرطة وهذه من خصائص العباقرة كما ذكرنا في بحوثنا عنهم ، ولكن يجب علينا أن ننتبه جيداً ، هذا الخصلة ليست عيباً ، بل مكرمة ، لأن من لا يحب نفسه ، لا يمكن له أن يحب الآخرين ، لذلك يقول ، وأنا معه معه !!:
إذا غدوت بلا حب فأنت فتي *** لا روح فيه ولا عقل ولا أدب
وأنا أعترف من الصعوبة الشديدة أن يتفهم القرّاء الكرام ، بل الناس على عمومهم وخاصتهم ، ما بررته للدكتور المبارك مدافعاً عنه ، وهو في ذمة الله ورحمته ، ولكن هذه هي الحقيقة الخافية ، ومن العجيب أن عباقرة كبار مثل العقاد والمازني والدكتور طه ، وهم يعرفون خفايا الأمور أكثر مني ، يلومونه ، بل ويشاكسونه على خصلة هي من خصائص عباقرة الفن والأدب - سنأتي على أقوالهم بعد قليل - وفي الوقت نفسه نرى أنهم يتبرعون مستميتين للدفاع عن ابن الرومي مثلاً ، الأمر وما فيه أن الناس قد جبلوا أن يترحموا على الأموات ، ويتصارعوا مع الأحياء ، وهكذا تؤخذ الدنيا غلابا ، وهذه سنة الله في خلقه ، ولن تجد لسنته تبديلا !!!
لعل الأمر توضح لديك أنّ دكتورنا المتمرد هاجم خصومه بسلاحين مؤثرين ، يكيل إليهم الاتهامات القاسية ، ويقذفهم بالقصور والتقصير ، أو على الأقل كنقص القادرين على التمام من جهة ، ويثني على نفسه بغلوٍ شديد كما يرونه هكذا ، ولا نراه كذا !! ومع مَن ؟!! د. طه حسين، د. أحمد أمين، وأطال معهم الخصومة لأمدٍ طويل ، ثم العقاد ، عبد العزيز البشري، مصطفي صادق الرافعى ، محمد لطفي جمعة، أحمد زكي شيخ العروبة، أحمد حسن الزيات، عبد المتعال الصعيدي، والسباعي بيومي ، وأسلمهم منه مرارةً المازني ، إذ ناله قسطاً قليلاً ، وغيرهم كثيرون سماه بعض النقاد "الملاكم الأدبي في ثقافتنا الحديثة "
من عادتي أنْ لا أطيل المقام ، لكي لا يُمَلّ المقال ، وكلّ شيءٍ إلى مآل ، فإلى الملتقى والسلام!!
سنذكر المصادر في أخير حلقة عنه.
0 comments:
إرسال تعليق