غزّة/ د. عدنان الظاهر
أعددتُ العُدّةَ أنْ أقضي في غزةَ وطرا
أنْ أمسحَ أركانَ المُدخلِ بالمسك وبالدمعِ الجاري
أتعلّقَ بالكوكبِ خوفاً من ضربةِ سيفِ الجلاّدِ
أقطعَ أرضَ اللهِ بسيارةِ إسعافِ
أتركَ قلباً يضربُ أوتاراً تعبى في صدري
أنْ أمضي بحثاً في أرضٍ أخرى عن موقعِ زلزالِ
أو أَثرٍ من سُحُبٍ مرّتْ عجلى
أسألُ ماذا قالتْ أجهزةُ التشخيصِ الطبّي ؟
قالت إنْ غامرتَ فحاذرْ
لا تقطعْ رملةَ صحراءِ الأحساءِ
لا تعبرْ نيلاً في سينا
لا ترفعْ صوتاً أعلى من صوتِ المذياعِ
ـ في الحائطِ آذانُ ـ
الجمرةُ في غزّةَ رأسُ المدفعِ في أولِ سطرٍ للحربِ
طائرةٌ تحرثُ في صدر القتلى قصفاً قصفا
تتسوّقُ إعلامَ الدرجاتِ السفلى ومحطّاتِ التشويشِ
والضربِ على الطبلِ ونفخِ المزمارِ السحري
تُخفي أنيابَ الذئبةِ والذئبِ
في جُبِّ وجلبابِ ملوكِ حقولِ النفطِ العربي
تمحو رسمَ قتالٍ ضارِ
تكشفُ أجداثَ الأجسادِ
وتمدُّ الإرهابَ بأسلحةِ التكفيرِ الكُلّي.
....
طاحونُ الموتِ يدورُ
الصرخةُ صاروخٌ مخنوقٌ
الماءُ ضبابُ
غزّةُ عطشى !
غزّةُ تعبى !
مصر مفتاحُ غزّةَ
النيلُ مرايا تأريخِ الأهرامِ
أقصُدُها من نفقٍ محفورِ
أدنو منها أخرسَ مسحوراً هيّابا
أتقرّبُ من ربِّ رعاةِ الأنعامِ
وأقدّمُ قربانا
أنْ لا يطغى ماءٌ جارٍ في نهرِ
يتلألأ ما بين الصخرِ وكثبانِ الرملِ
كأشعة نورِ إلهِ الشمسِ المصري
ويشقُّ طريقاً صعبا
تحت خزائنِ أرضِ سنابلِ حبّات القمحِ
ليفكَّ غموضَ الأسرارِ
ويفسّرَ لغزاً مختوما
محفوراً في لوحِ غياهبِ مدفونِ الآثارِ
أزمانَ الشُحِّ وأعوامِ جفافِ الأنهارِ .
هل يصمتُ في ( مصرٍ ) ( نيلٌ ) جارِ
يهدرُ هدراً بالبشرى
دهراً يجري دهرا
منذُ الألفِ العاشرِ ما قبلَ الميلادِ ؟؟؟
( مصرٌ) تبقى تبقى مصرا
قطباً جبّاراً دوّارا
كيما تفتحَ أبوابَ خزائنِ ماءِ النيلِ
باباً بابا
وتسّخّرَ ألهةَ الخصبِ وربِّ سقوطِ الأمطارِ
للجوعى والعطشى
وتوجّهَ نورَ البدرِ وريحَ العصرِ
لشراعِ سفينةِ ( فينيقيٍّ ) ضلتْ
بين الإعصارِ ومقلوبِ عنيفِ الأقدارِ .
دُرّةُ فلسطينَ
(( نداءٌ من والدٍ إلى أحد الأطفالِ الشهداء ))
ولدي ...
فلذةَ أكبادِ جروحِ فلسطينا
ومرارةِ حزنٍ مدفونٍ منذ قرونٍ تحت الرملِ
يتكاثرُ عصراً عصرا
والعالمُ ( يدري ) أم ( لا يدري ) ؟؟؟
عُدْ للبيتِ سريعا
أمّك شاخصةٌ في بابِ الدارِ
تتسقّطُ ما يأتيها من أشتاتِ الأخبارِ
عن صولة أطفالِ وصبيانِ الأحجارِ
تتصدَى لرصاصِ الفتكِ وغطرسةِ ( الشعبِ المُختارِ )
وتقاتلُ أجنادَ الطاغوتِ وماكنةَ الحربِ العظمى
بكسورِ حطامِ الأحجارِ وختمُ فلسطينَ على الصدرِ العاري محفورا.
هل حقا
هل حقا يجري ما يجري
ولدي طفلي ...
يسقطُ قدامي مقتولاً مثقوبَ الصدرِ
ويراهُ العالمُ في المرئيةِ مأخوذاً مذهولا
ينزفُ أوجاعَ رجالٍ سقطوا قبلا
قربانَ قضيةِ فكِّ أسارِ القدسِ
يفقدُ روحاً كانت حتى قبلَ ثوانٍ بعضاً منّي
مَنْ يُسعفُ مِن موتٍ مكتوبٍ طفلا
يلفظُ تحت سماءِ الخالقِ مُحتضِراً أنفاسَ الطُهرِ ؟؟؟
هل تسمعُ صوتَ سقوطِ الدمعِ المدرارِ ؟؟؟
إفتحْ عيناً للنورِ :
عمّتكَ الجزعى
تلطمُ رأساً خدّاً صدرا
عمّكَ يبكي إذْ واتتهُ البشرى
بمجيئكَ للدنيا مولودا
أفيبكي اليومَ على فقدِكَ حزنا
هل تسمعُ صرختهُ الكبرى ( واعمّا ) ( واعمّا ) ؟؟؟
إمضِ للجنّةِ قبلي
كبدي ولدي
قُرةَ عينٍ داميةٍ دمعاً قرحى
توشكُ أنْ تعمى غمّا
هل أنسى سَهَري حتّى تغفو ليلا
فأغطيكَ وأمضي كيما تصحو لصلاةِ الفجرِ قويّا
قبلَ المكتبِ والدرسِ ؟؟؟
مَنْ يقرأُ قرآنَ ( مُحمّدَ ) من يقرأُ للحصّةِ درسا
أو يحضرُ فاتحةً للموتى أو أنسا أو عرسا
مَنْ يهدمُ سجناً أو قلعة مُحتلٍّ جبّارِ ؟؟؟
النارُ النارُ مضاعفةٌ في صدري تبقى
لا تخبو ناري أخذاً للثارِ
وقتالِ الجيشِ الجرّارِ وشعبِ اللهِ المُختالِ
حتى تحريرِ مساجدَ في الأقصى والقدسِ .
0 comments:
إرسال تعليق