إنهم يبيعون مصر – فمن أعطاهم هذا الحق؟ / رأفت محمد السيد
فى بلد يحكمها على الورق رئيس مؤقت وصل إلى سُدة الحكم (بالصدفة البحتة) وبلا إنتخابات ،وبالأمر العسكرى غير المباشر، فى بلد يقبض فيها الرئيس (المؤقت) على السلطة التشريعية منفردا !! لعدم وجود مجلس نواب بعد حل مجلس الشعب المنتخب ، فالمنطقى أنه ليس من حقه بأى حال من الاحوال سن اية قوانين إلا للضرورة القصوى والملحة ، فنجده يصر على أن يستغل هذه السلطة ، بل ويسئ إستخدامها لمصلحة طبقة من الفاسدين فى العصر البائد! لذا أستشعر أن مصر ترجع إلى الخلف ، وأن نظام مبارك يطل بانيابه ليعود وبقوة من جديد .
حديثى اليوم عن" قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة" بحجة رعاية الإستثمار والمستثمرين والذى أضاع جميع حقوق العاملين بغرض إيقاف دعاوى بطلان عقود بيعها، والتى مثبت بالأدلة الدامغة والمستندات بأنها صفقات مشبوهة أضاعت مليارات على الدولة هى أموال هذا الشعب فقد أقر القانون الجديد فى تعديلاته أن اموال الدولة صارت مرتعا أو تكية بلا صاحب ( مال سايب) وكما قيل فى المثل المصرى الشهيروالذى أطلقة أبناء هذا الشعب المنتبهين لما يدور حولهم منذ ازمان طويلة " المال السايب يعلم السرقة "- فكأن هذا القانون جاء ليتستر على قضايا الفساد المنظورة أمام المحاكم الإدارية حاليا والتى صدر فى بعضها احكام لصالح الدولة كعمر أفندى ، والأخرى تنتظر النطق بالحكم أيضا لصالح الدولة !!؟؟ ليتستر على مجموعة من الفاسدين الذين استولوا على المال العام، فالنزاعات التى تنظرها المحاكم حاليا بعد تقديم طعون على صحة عقودها ستؤدى الى استفادة بعض الشركات والهيئات الاستثمارية من القانون الجديد على راسها مجموعة طلعت مصطفى بشأن ارض مشروع مدينتى وشركة اسمنت بنى سويف ومنجم السكرى وبنك الأسكندرية.
وأتعجب كل العجب من رجل كان على رأس المحكمة الدستورية فى مصر ويصدر مثل هذا القرار بقانون ، وهو يعلم ويعى جيدا عدم دستورية هذا القرار بقانون الذى أصدره ، لأنه من غير المنطق القانونى وطبقا لاستقرار القواعد القانونية أن يسرى هذا القرار بقانون على الطعون المقامة قبل تاريخ العمل به ؟!فحتى لو سلمنا بحسن النوايا التى لايعرفها القانون فأرى أن هذه إضافة شاذة وتؤدى إعمال القرار بأثر رجعى وما يؤدى إليه ذلك من اختلال كافة المراكز القانونية التى يتعين احترامها – فكيف ينص دستور عام 1971 فى المادة 33 منه على ان" للملكية العامة حرمة وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون" ثم يأتى من بعده دستور 2014 الذى صوروه أنه أعظم الدساتير والذى نص على أن وان دستور عام 2014 المعدل ينص فى المادة (34) على ان : «للملكية العامة حرمة لايجوز المساس بها وحمايتها واجب وفقا للقانون» وينص فى المادة (97)على أن «التقاضى حق مصون ومكفول للكافة، وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل فى القضايا، ويحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، ولايحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة.
إن هذا القرار بقانون من وجهة نظرى المتواضعة ماهو إلا مكافأة من الدولة لهؤلاء الفاسدين والمفسدين بإصدار قانون يقنن أوضاعهم ويحمى ويحصن المستولى عليه من المال العام ، كما أنه وهو الأهم جاء مجحفا ظالما غير مراعيا لحقوق العاملين الذين ضيعتهم الدولة أكثر من مرة ، الأولى : عندما باعوا هذه الشركات والمؤسسات والبنوك لاسيما الرابحة منها ، والثانية : عندما تركوهم ألعوبة فى يد المستثمر دون ضمان حقوقهم وحقوق أسرهم ، والثالثة : وهى القاضية عندما صدر القرار العجيب بقانون ليحصن المستثمر ويزيده جبروت وتسلط وتحكم ، فمنهم من تخلص من العاملين تحت مسميات مختلفة كالمعاش الإختيارى المبكر ليظهر أمام الجميع أن خروج العاملين بناءا على رغبتهم وبدون إجبار أو إكراه فى حين أن العاملين خرجوا من تعسف وظلم وإساءة نفوذ هذا المستثمر الذى زادت فى عهدهم أحوال العاملين من سئ لأسوا ، بل ان العاملين وهم يعملون تحت مظلة الدولة كانوا يستشعرون بعنصر الامان إلى حد ما ومن ان الدولة مهما قست فهى ام حنون لاتضر بمصالح أبنائها .
إن مايصدره الرئيس المؤقت من قرارات بقوانين يعنى القضاء على كل الفرص المتاحة لمجلس النواب القادم لتأدية مهمامه الرقابية فى الرقابة على الحكومة والحفاظ على حقوق الشعب ، فضلا عن هذا القرار يتعارض مع الدستور كما أوضحت أنفا ، لابد أن يتم وقف وإلغاء قرار رئيس الجمهورية ( المؤقت ) فورا بشأن قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة ، لأن هذا القرار لايمت بصلة لا للدستور ولا القانون الذى نعرفه والذى نص الدستور الجديد فيه صراحة فى أحد بنوده على أن " طعن المواطن على العقود التى بها شبهة فساد هو حق مكفول " وإنما هو قرار بقانون ساكسونيا الذى يقنن ماتم بيعه فى صفقات مشبوهة ويبيح بيع ممتلكات مصر بلا رقيب وبثمن بخس ولاعزاء لحقوق العاملين المهدرة فى شركات ومؤسسات وبنوك تتجرع مرارة قهر وظلم المستثمر دون رقابة من الدولة ولا الأجهزة الرقابية ولا البنك المركزى المصرى - ولاحول ولاقوة إلا بالله .
0 comments:
إرسال تعليق