اطمئن يا ناصر اللحام فالرئيس لم يتوقف عن المفاوضات للحظة واحدة/ راسم عبيدات
.... نشر ناصر اللحام رئيس تحرير وكالة معاً الإخبارية مقالة بعنوان " سيدي الرئيس...اذا كنت لا تريد أن تحارب فاذهب وفاوض"،وأنا بصفتي أدعي بأنني أتابع الأحداث والتطورات السياسية،استغربت من عنوان هذه المقالة،فالحرب بحاجة إلى إرادة قبل الحاجة إلى الجيوش والعساكر والأسلحة،فهي مكدسة في مخازن عربان الخليج من أحدث الأنواع وآخر ما انتجته مصانع أمريكا والدول الغربية،ولكن تلك الأسلحة يا لحام لم تصنع نصراً واحداً وهي ليست من أجل حماية الأوطان والدفاع عنها،أو من أجل تحرير ما اغتصب واحتل منها،بل من أجل قمع الشعوب وإذلالها ومن أجل التآمر على كل وطني وشريف ومقاوم في هذه الأمة،والحمد الله يا لحام أنه لا يوجد لدينا أي نوع وحجم من ترسانات الأسلحة تلك التي تمتلكها بلدان عربان الخليج،ونحن كمقاومة فلسطينية لا نملك منها سوى صواريخ بدائية أقذع البعض في وصفها بالعبثية وغيرها من المسميات التهكمية،والمشكلة ليست هنا يا لحام فالرئيس قال بشكل واضح وصريح أنه لا خيار الا خيار المفاوضات نفاوض ثم نفاوض ثم نفاوض حتى ظننت ان المسألة لها علاقة بالحديث الشريف او بالاجتهاد الصحيح،حتى التقط عريقات الفكرة وألف لنا كتاب سماه الحياة مفاوضات،هذا عريقات كبير المفاوضين على غرار تسميات جزيرة حمد كبير المراسلين مرة ينفي حصول تقدم في المفاوضات ومرة يؤكد ومرة يقول هناك توتر وهناك مفاوضات جدية ومرة المفاوضات عبثية وبتنا لا نعرف متى يحكي الرجل الحقيقة ومتى يكذب علينا حتى في اللقاء المرتقب بين ابو مازن وموفاز نفى علمه ومعرفته ومن ثم عاد واكد على اللقاء،أي أن الرجل لا يأخذ على كلامه والله أعلم؟.
ولكي تطمئن يا لحام المفاوضات مستمرة وقائمة علنية وسرية وعن قرب وعن بعد،مباشرة وغير مباشرة ولم تنقطع في يوم من الأيام، وجربناها كنهج وخيار،ولم نحرز فيها ليس استعادة بوصة واحدة من الأرض فقط،بل كانت غطاءا من أجل استمرار نهب ومصادرة الأراضي الفلسطينية،بل ولترتفع وتزداد بوتائر غير مسبوقة،ونحن مرة نقول لن نعود للمفاوضات الا بوقف شامل للاستيطان في الضفة والقدس ومن ثم نقول نعود على ان يجمد الاستيطان لفترة محدودة ومن ثم نذهب لمفاوضات غير مباشرة ومن بعدها لقاءات نسميها استكشافية بعد 18 عام من التجريب وهكذا دواليك،ناهيك عن القنوات السرية التي يجري الكشف عنها بين حين وآخر والتي تؤكد على استمرارية المفاوضات،ورغم كل هذه الحقائق والمعطيات يا لحام تقول لنا بأن يذهب الرئيس للمفاوضات،إذا لم يريد أن "يحارب"؟،وهل المفاوضات هي متوقفة يا لحام حتى يذهب السيد الرئيس ويفاوض،فهو صاحب مدرسة المفاوضات وواضع وشارح كتبها وعروضها وبلاغتها كبير المفاوضين صائب عريقات.
يا ناصر اللحام خلال مسيرة المفاوضات والتي امتدت لثمانية عشرعاماً أعطيني انجازا واحدا تحقق حتى نؤمن بهذا الخيار ونصبح من رواد مدرسته ومنظريه،فالقدس تتهود وتتأسرل والضفة تقطع أوصالها وتزرع بالمزيد من المستوطنات وأنت تعرف كما يعرف كل أبناء شعبنا بأن جوهر المشروع الصهيوني قائم على الاستيطان،والجميع يعرف مسرحية إخلاء خمس "كرفانات" في اللبونة أقيمت على ارض فلسطينية خاصة،كم من الوقت احتاجت وكم من المغريات قدمت من أجل تحريكها؟،إقامة300 وحدة استيطانية مقابل إخلائها،فهل من عاقل يصل الى نتيجة في ظل مثل هذه الأوضاع بأن المفاوضات ستنتج ليس انسحابا،بل وقفاً للاستيطان؟ نحن يا لحام أدمنا المفاوضات،لأن هناك من نمت لديهم الكثير من المصالح في بقاء السلطة الفلسطينية كمشروع استثماري ليس أكثر،فأنت تعرف والجميع يعرف بأن صلاحياتها أقل من صلاحيات الإدارة المدنية،وليس لها أي شكل من اشكال السيادة،وهي مرهونة لإرادة خارجية وشعب تم رهنه للبنك وصندوق النقد الدوليين،وصرف الرواتب لموظفيها رهن بشهادة حسن سلوك أمريكية- اسرائيلية – اوروبية غربية،وعدم منح هذه الشهادة يؤجل صرف هذه الرواتب والتي غالبا يكون الابتزاز من ورائها لأهداف سياسية ولتطويع الجانب الفلسطيني.
نحن يا لحام ليس فقط نجرب المجرب،بل نريد أن نحلب الثور ونريد دبسا من قفا النمس،ونتعاطى مع الأمور على قاعدة عنزة ولو طارت،نتلهى بأي تصريح أو فقاعة إعلامية تصدر عن هذا المسؤول الإسرائيلي او الأمريكي او الأوروبي الغربي،ونبني عليها تحليلات وتخيلات ونرتهن لها،ولكن ولا مرة نرتهن الى إرادة شعبنا وقدراتنا الذاتية،وها هو الانقسام يتعزز ويتعمق وتجري محاولات من أجل التوصل لكيفية إدارته وليس إنهاءه.
حتى نحارب يا لحام او نفاوض يجب ان يكون بيتنا الداخلي مرتباً،وانت تعرف بأن الشقوق في جدران هذا البيت تزداد توسعاً،وثق يا لحام وأنا اتكلم باسم المقدسيين بأنهم وصلوا حد الكفر بالسلطة وبكل مرجعياتها الرسمية،فالوضع يزداد سوءاً كل يوم والمقدسي يواجه قدره وحيدا وعاريا الا من إرادة وتشبث وصمود بالوجود والبقاء،وللدلالة على عدم ترتيب البيت أعطيني في أي مرحلة من مراحل النضال خاضت الحركة الأسيرة اضراباتها المفتوحة عن الطعام بشكل فئوي او فصائلي او فردي،لماذا لم تنجح السلطة في تحرير أسرى ما قبل اوسلو؟في الوقت الذي نجح فيه خضر عدنان وهناء الشلبي وبلال ذياب وثائر حلاحله وجعفر ابو صلاح والسرسك والرخاوي وغيرهم في إجبارالاحتلال على تحديد مواعيد لإطلاق سراحهم وحركوا ملف قضية الأسرى الإداريين بشكل كبير،محلياً وعربياً ودولياً،وهذا التحريك لكونهم امتلكوا الإرادة،فالإرادة تصنع المعجزات،ولن تنجح كل أسلحة القمع والبطش في هزيمة فرد او شعب يمتلك الإرادة يا لحام.
المفاوضات يا لحام سقطت كخيار ونهج،وهي ماراثون عبثي وعقيم،لن تحقق باستمرارها سوى المزيد من التشققات في الجسد الفلسطيني ،وبدلاً من أن تقول لسيادة الرئيس أن يستمر في نهج وخيارالمفاوضات العبثية،قول له يا لحام أن يغادر هذا النهج وهذا الخيار،نحو خيار يقوم على المقاومة والصمود،خيار تلتف حوله كل فصائل العمل والوطني والإسلامي،خيار يعيد الاعتبار للبرنامج الوطني،خيار يخرج ملف القضية برمتها من العباءة الأمريكية الى العباءة الدولية،خيار يقوم على رؤيا واستراتيجية موحدتين،فالجسد والوضع الفلسطيني لا يحتمل المزيد من العبث والتجريب.
0 comments:
إرسال تعليق