النظامان السوري والإيراني وحدهما عدوا لبنان/ الياس بجاني

بمراجعة علمية وأكاديمية مجردة ومتأنية لكل معايير العداء الدينية والإنسانية والحقوقية والدولية نجد بما لا يقبل الشك أن عدوا لبنان الخطيرين والحقيقين هما نظاما الملالوي الإيراني والأسدي السوري مباشرة ومن خلالها مرتزقتهما المحليين من أمثال "حزب الله" الإرهابي والمنظمات الأخرى اللبنانية والفلسطينية الميليشياوية داخل وخارج المخيمات الفلسطينية. وطبقاً للمعايير نفسها نجد أن إسرائيل التي يتخفى وراء دجل ونفاق عدائها ومقاومتها ومحاربتها هذان النظامان واذرعتهما المسلحة في لبنان ليست هي حقيقة العدو كما يسوقان بهدف التمويه على واقع وخطورة مخططاتهم التوسعية والمذهبية والإرهابية.

النظامان الملالوي الإيراني والأسدي السوري هما عدوا لبنان وعدوا كل الدول العربية لأنهما بالقوة والإرهاب والمال و"البلطجة" والمذهبية يعملان دون كلل وبوقاحة متناهية على زعزعة وإسقاط الأنظمة العربية كافة وعلى ضرب كل ما هو لبناني من هوية وتاريخ وكيان ودولة ومكونات اجتماعية واثنية ومؤسسات وتعايش وحريات وانفتاح ورسالة.

الكاتب والمعلق السياسي السعودي طارق الحميد اعتبر في مقالة له نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية باللغتين العربية والإنكليزية بتاريخ 13/10/11 أن إيران هي عدو حقيقي وهذا بعض ما جاء فيها: "فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خطط من خلال تجار مخدرات مكسيكيين لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. فهذه هي الحقائق، وهكذا يجب أن تقرأ، ووفقاً لتصريحات رسمية وليس إعلامية. وقراءة الخبر بالصياغة أعلاه من شأنها مساعدة القارئ والمهتم على رؤية الصورة الكبرى التي تقول وبكل بساطة إن فيلق القدس الإيراني النافذ في العراق والمتهم بسلسلة الاغتيالات بحق الساسة والطيارين وأساتذة الجامعات منذ إسقاط نظام صدام حسين هذا الفيلق المؤتمر بقيادة قاسم سليماني المعني بإدارة لبنان عبر حزب الله سليماني صاحب الصولة والجولة اليوم في سورية دفاعا عن نظام بشار الأسد والرجل المكلف أيضاً أي سليماني بالتواصل والتنسيق مع تنظيم القاعدة الإرهابي في كل من أفغانستان وحتى إيران. هذا الفيلق يتحالف مع تجار مخدرات في المكسيك لاغتيال السفير السعودي واستهداف سفارة الرياض في واشنطن".

بدورها الصحافية اللبنانية حنين غدار تناولت العلة نفسها مع أعراضها بمقالة جريئة وقيمة باللغة الإنكليزية نشرها موقع "لبنان الآن" بتاريخ 24/10/11 وجاء فيها ما معناه: "حزب الله محشور وفي وضع صعب ومكشوف لأن رسالة المقاومة التي سوق لها طوال 20 سنة قد فقدت معناها ومصداقيتها بعد أن طغى على خطابها الربيع العربي الساعي إلى إسقاط الأنظمة العربية التوتاليتارية والديكتاتورية بالطرق السلمية". وتضيف قائلة: "للمرة الأولى أدركت الشعوب العربية أن عدوها الرئيسي هو حكامها الطغاة وليس إسرائيل التي هي نظريا عدوة حزب الله منذ سنوات طويلة". "وللمرة الأولى أمست كل انتصارات وأسلحة حزب الله "الإلهية" أقل أهمية من أمر الحصول على الحرية والكرامة في حين أن مفردات كثيرة لوصف حالة الربيع العربي اللاعنفي هذا يجري استنباطها كل يوم في الشوارع العربية".

أهمية المقالتين تكمن في أنها المرة الأولى التي يخرج فيها بعض الإعلاميين العرب واللبنانيين المسلمين من معتقل كذب وهرطقات شعارات المقاومة والممانعة والعداء لإسرائيل البالية التي لا تمت للواقع المعاش والقدرات والإمكانيات وميزان القوة العسكرية بأي صلة. إنها فعلاً خطوة إعلامية مهمة جداً من الواجب البناء عليها لوضع الأمور إعلامياً وتوعيةً وثقافةً في نطاقها الصحيح ووقف التسويق الكاذب لمهرجانات ومسرحيات النفاق والدجل حول كل ما هو عداء لإسرائيل ومقاومة وتحرير وممانعة وصمود.

المطلوب مقاربة الشعوب العربية وغير العربية بصراحة وواقعية وتسمية الأشياء بأسمائها من دون استغباء لذكاء هذا الشعوب أو الاستهتار بثقافتها ومعرفتها وتزوير الحقائق وتشويهها واختراع معارك وحروب وانتصارات وهمية وخيالية و"إلاهية".

إن الأعداء الحقيقيين للبنان ولشعوب الدول العربية تحديداً والشرق الأوسطية عموماً هما النظامان الإيراني الملالوي والسوري الأسدي مع كل أذرعتهما ومنظماتهما العسكرية والعقائدية والأصولية والمذهبية والتكفيرية التي هي كلها من نتاج حاضناتهما المخابرتية وإن تنوعت الأهداف أو تغيرت الأسماء.

انكشفت العورات وظهرت الحقائق وها هي شعوب الدول العربية تحاول الخروج من كذبة العداء لإسرائيل التي تلطى بظلها الحكام الطغاة من أمثال الأسد وصدام والقذافي وذلك لذبحهم وإفقارهم وتهجيرهم وإذلالهم ومصادرة حرياتهم وانتهاك كراماتهم وإغراقهم في أوحال وموبوءات ثقافة الجهل والعداء والحقد والتعصب وإرجاعهم إلى العصور الحجرية.

عملياً وبما يخص كل أشكال الضرر والأذى والدجل والنفاق والجحود والمتاجرة بقضايا شعوب المنطقة ومعارك طواحين الهواء لا فرق بين تجار المقاومة التي أوجدها عرفات وجماعات اليسار التي انتهت أدوات بأيدي النظام الأسدي الديكتاتوري والأقلوي، وبين حزب الله وربع المرتزقة التابعين لإيران الذين يستعملهم النظام الملالوي الفارسي انطلاقاً من لبنان لضرب كل الدول العربية واستعباد شعوبها. إن التعصب والجهل وثقافة الكره والحقد قد أدت إلى ما أدت إليه من كوارث والمطلوب اليوم الوعي والشجاعة ورفض كل مدعي مقاومة ضد إسرائيل فكفى دجلاً ونفاقاً.

لبنانياً حزب الله ليس حزب مقاومة ضد إسرائيل وهو فقط يتلطى وراء هذا الشعار ليمرر مشروعه الإيراني الذي يقضي بضرب الكيان اللبناني وإسقاط دولة التعايش والحريات وإقامة جمهورية ملالوية مكانها على مثال تلك القائمة في إيران على جماجم الإيرانيين بالدم والحديد والنار، وهذا كمقدمة لعودة ظهور إمبراطورية الفرس التي كان أنهاها الفتح العربي والتي ستمتد بحسب الحلم الفارسي من قلب آسيا وحدود الصين إلى البحر المتوسط. هذا الحزب المعسكر الأصولي لا يخفي أهدافه ومن يراجع أرشيفه ويقرأ كلام أسياده وشيوخه وقادته وفي مقدمهم السيد حسن نصرالله يرى من دون أي لبس أن أهدافه فارسية خالصة لا تمت للبنان بصلة، لا بل نقيض لكل ما هو لبناني.

من هنا تأتي مخططات ومؤامرات وغزوات حزب الله العاملة بالبلطجة والإرهاب والمال للسيطرة على الحكومة اللبنانية وجعلها مع مسؤوليها ومؤسساتها كافة ملحقة بالدويلة. أما مد الخطوط التابعة لشبكة اتصالات الدويلة في بلدة ترشيش وغيرها من المناطق اللبنانية فهي مؤشرات صغيرة على البرامج التوسعية المعدة.

وما انفلاش مخطط الاستيطان الفارسي في كل المناطق اللبنانية وخصوصاً المسيحية والدرزية منها والذي يعد أكبر بكثير من حجم الطائفة الشيعية في لبنان إلا قمة جبل الجليد الذي يسعى إليه التخطيط الإيراني. وهذه المباني المتعددة الطبقات هي بالفعل مساكن عائلات وثكنات الحرس الثوري الموزعة في المناطق الحساسة في سلسلة جبال لبنان الغربية. وعندما نعلم بهذا كله يصبح الوقوف ضد المحكمة الدولية وشراء ضمائر الزعامات الدينية والزمنية الفاقدة للإيمان والوطنية مع ما تبقى من قائمة الانتهاكات والتعديات والكفر تفاصيل رتيبة ومملة لحقيقة وخطورة ما يقوم به حزب الله هذا في لبنان.

في الواقع المعاش على الأرض ينفذ حزب الله في لبنان بمنهجية متدرجة وتصاعدية مشروع إسقاط لبنان الدولة والكيان والتعايش والرسالة والهوية وتهجير اللبنانيين ليقيم دولة ولاية الفقيه ومنها تنطلق مخططات إمبراطورية الملالي للسيطرة على كل دول المنطقة واستعباد شعوبها. لهذا فإن كل من يؤيد حزب الله ويتستر على جرائمه ويساند النظامين السوري والإيراني فإنما هو عدو لبنان وعدو الله وعدو الإنسانية ويستحق نار جهنم حيث البكاء وصريف الأسنان.

باختصار مفيد نقول، كفى نفاقاً ومتاجرةً بالمقاومة التي هي عملياً وواقعياً مقاومة لكل ما هو لبناني وحريات وتعايش وديمقراطية وحضارة وحقوق وتمدن.
يبقى أن من هو مع حزب الله لأي سبب كان فهو ضد لبنان واللبنانيين، وضد كرامة شعوب المنطقة قاطبة ونقطة على السطر، وعلى كل لبناني تحديد موقفه وموقعه.

CONVERSATION

0 comments: