هل المقاومة حرام؟/ ابراهيم الشيخ

ما من شعب احتلت ارضه على مدى التاريخ الا وقاوم من اجل استرداد حقوقه بكل الوسائل، وها هو الشعب الفلسطيني منذ بداية المشروع الصهيوني على ارض فلسطين، يناضل من اجل دحره ودحر الدولة المحتلة لفلسطين، ولكن الاشقاء العرب لا يريدون مقاتلة العدو الصهيوني، الذي يُدنس المسجد الأقصى، وكذلك لا يريدون دعمم المقاومة التي نذرت نفسها لتحرير الارض الفلسطينية.
وكأنه لا يكفي هذه الامة ما حل بها من هزائم، وهي حتى الان لا تعمل من اجل ان يكون لها مكان رفيع بين الامم، ويبدو انها لم تتعلم من دروس الماضي، وهذه الدروس تحتم عليها عدم السماح للقوى الخارجية السيطرة على المنطقة، لان المنطقة العربية لا تزال محل اطماع دول مختلفة من اجل السيطرة عليها  ومحاولة اخضاعها.
يبدو ان الانظمة العربية لا تريد الثأر لهزائمها المتلاحقة مع اسرائيل، وهي تملك من السلاح ما يُمَكنها من تدميرها، ويجب على هذه الانظمة اخذ العبر والتعلم من مقاومة الشعب الفلسطيني الذي لا يملك الطائرات والدبابات، ولكن يبدو ان الاسلحة التي تُكدسها الجيوش العربية  منذ حرب 1973 والتي لم تدخل منذ هذا التاريخ في اي حرب مع العدو الصهيوني،    ويبدو ان تكديس هذه الاسلحة ليس لمحاربة اسرائيل، وانما لقمع الشعوب التي تطالب بحريتها.
الحروب الخاطفة التي شنتها اسرائيل في السابق على الدول العربية لم تعد في الوقت الحاضر ممكنة،  وكما نرى بأن المقاومة تصمد امام الة الحرب الصهيونية اكثر مما تصمد جيوش هذه الانظمة، وان هذه الانظمة بضعفها وعدم امتلاكها للارادة جعلت من دولة الاحتلال تعتقد بأنها دولة قوية لا يمكن التغلب عليها.
لكن ها هي القوة التي لا تُقهر، تُهزم امام صمود وارادة مقاومين قرروا الشهادة والدفاع عن شعبهم وحقوقهم، وكماان  الشعوب اصبحت لا تخاف حكامها المستبدين، وانها كسرت هذا الحاجز، فان المقاومة ايضاً اصبحت لا تخاف هذا العدو الذي لا يفهم سوى لغة القوة لثنيه عن غيه وعدوانه  ودحره عن ارض فلسطين.
لم نسمع من اي نظام عربي القول إنه يجب تسليح الفلسطينيين، وهنا يجوز السؤال، هل المقاومة اصبحت حراماً، هل مقاومة المحتل لاسترجاع الحقوق المغتصبة والدفاع عن النفس اصبح حراما، إن العرب يصنعون الاستثناءات التاريخية من خلال تخليهم عن المقاومة من اجل استرجاع الحقوق العربية، ويبدو ان العرب نسوا دينهم الذي يسمح بالدفاع عن الحق ومحاربة الظلم، وكذلك ينسون القانون الدولي الذي يسمح بالمقاومة من اجل استرداد الحقوق بالوسائل كافة.
ان الشعب الفلسطيني لا يريد ان يُقحِم اي نظام عربي في أي  حرب من اجله، بالرغم من ان هذا واجب العرب جميعا، لان المسجد الاقصى ليس ملكية للفلسطينيين لوحدهم، وفلسطين ارض عربية، ولكن الشعب الفلسطيني يريد سلاحا من اجل تحرير ارضه، وليس اجتماعات وادانات ووعود بالمساعدات الانسانية.
 بلا شك فإن اسرائيل لا تقيم وزناً للاجتماعات العربية، وعبارات الادانة التي أدمن عليها القادة العرب، وذلك لان جعبتهم خاوية من اي فعل ضد هذا العدو الغاصب، وهذه اللقاءات ونتائجها ما هي إلا رسائل طمأنة لقادة العدو بأن العرب ليس باستطاعتهم فعل اي شيء، سوى ادخال المساعدات الانسانية والطبية.
فإذا كان دعم الفلسطينيين غير ممكن بالسلاح، فلماذا لا تقوم الأنظمة العربية باستعمال نفوذها على واشنطن من اجل الضغط على دولة الاحتلال لكي تحترم الشرعية الدولية والانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويبدو ان الانظمة لا تملك ولا تجرؤ على دعم الفلسطينيين عسكريا، وكما نرى حتى انها عاجزة سياسيا ودبلوماسيا.
قيادات دول ما يُسمى بالربيع العربي تقول طوال الوقت  بان ما كان متاحا من قبل، لم يعد متاحا اليوم، وإن الوضع يختلف عما كان عليه قبل الربيع العربي، وان عرب الامس ليس كعرب اليوم، ولكن على ارض الواقع لم يتغير أي شيء، ولم يتغير العرب، ولكن الذي تغير هو الاشخاص، ولكن السياسة السابقة التي كانت متبعة بقيت على حالها، وهذه السياسة اتسمت ولا تزال تتسم بالضعف والخنوع امام الغول الصهيوني.
الذي يحصل  هو ذر الرماد في العيون، إذ لم  نرَ قطع العلاقات مع هذا العدو أو التهديد بالغاء الاتفافيات الموقعة معه، ولم نسمع أن اي دولة عربية ضغطت على واشنطن لاجبار اسرائيل على وقف عدوانها، لان الانظمة، بحسب قول زعماءها، لا تملك هذه الامكانات، لا السياسية ولا العسكرية ولا الاقتصادية، علماً بأنها لو ارادت تستطيع أن تفعل الكثير، ولكن تنقصهم الارادة، وان قدرة هذه الدول مقصورة  فقط على الوساطات لوقف اطلاق النار دون اجراءات عملية ضاغطة على هذا العدو، وهذا بالضبظ ما كان يحصل في السابق.
العدوان الاسرائيلي أدى  الى دمار البيوت على رؤوس ساكينيها، ان اطفال ونساء وشيوخ غزة انتظروا الدعم الذين يحميهم من طائرات العدو التي زرعت الموت والدمار، ولكن العرب أثروا الدعمين الانساني والطبي فقط لكي لا يُغضِبوا هذا العدو، لان امكانات العرب لا تسمح  بمجابهة الكيان الصهيوني.
إذا كانت الانظمة الدكتاتورية السابقة كانت غير قادرة على المجابهة ووقفت ضد اي مقاومة تريد محاربة اسرائيل بسبب عفونة هذه الانظمة وفسادها وارتهانها لواشنطن، فلماذا لا يقوم العرب الجدد وبالطبع العرب جميعاً بدعم المقاومة بالسلاح، وهي قادرة اي المقاومة على مجابهة العدوان، ولكن يبدو ان المقاومة ضد اسرائيل اصبحت محرمة ولا يجوز الجهاد على ارض فلسطين، ولكن هذا الجهاد يجوز في اماكن اخرى اكثر اهمية لهذه الدول.
كاتب وصحفي فلسطيني

CONVERSATION

0 comments: