بادىء ذي بدء علينا ان نعترف انه ليس الشعب العراقي والشخصيات الوطنية في العراق وحدها التي عارضت ولا تزال تعارض تجديد ولاية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في منصبه الحالي. بل ان اقرب حلفائه هم ايضا يعارضون هذه الفكرة جملة وتفصيلا.. ورغم هذا كله أصر المالكي على زيارته الاخيرة الى طهران، على ايقاع تأكيد المقاومة الايرانية ان «قمع مجاهدي خلق في مخيم ليبرتي ومصير الرهائن الأشرفيين السبعة سيكون من أهم الملفات التي يتم مناقشتها بين المالكي وملالي النظام الحاكم في ايران..». بالفعل لم يمر سوى 19 يوما حتى تم استهداف مخيم ليبرتي قرب بغداد وساكنيه من اعضاء منظمة مجاهدي خلق (العمود الفقري لحركة المقاومة الايرانية) بعشرات من صواريخ 107 القاتلة والمدمرة، حيث استخدمت في هذا الهجوم لأول مرة صواريخ محشوة بمواد شديدة الانفجار قوتها 10 أضعاف على الاقل من صواريخ 107 ملم.
هذا الهجوم خلف وراءه ثلاثة قتلى واكثر من خمسين جريحا حالات بعضهم خطرة. وتم تصميم هذه الصواريخ بشكل خاص للهجوم على ليبرتي ليكون قوة تدميرها وتخريبها وقتلها اكثر شدة، حيث استطاعت هذه الصواريخ كسر وشرخ الكتل الكونتكريتية بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر بشكل كامل. ونعرف أن عملية نقل هذه الصواريخ وسط بغداد ووسط «المنطقة الخضراء» ووسط منطقة عسكرية محمية تماما وبالقرب من مطار بغداد الدولي، من المستحيل ان تتم دون تعاون وتنسيق كامل بين جميع الجهات مع الاجهزة الأمنية المتعددة التي يشرف عليها مكتب رئاسة الوزراء العراقية.
واضح جدا ان هدف المالكي الرئيس من هذه الزيارة الى طهران بعد زيارته الفاشلة إلى الولايات المتحدة الاميركية وبعد الصفقة النووية لنظام الملالي في جنيف، هو أن يحصل على دعم النظام الإيراني الكامل لبقائه في كرسي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة متتالية.
ما حصل ليلة يوم الخميس 26 ديسمبر 2013 من هجوم صاروخي على مخيم ليبرتي وما ترك وراءه من قتل وجرح ودمار ليس إلا استحقاقات يدفعها المالكي من ضمن ما يدفع كعربون الى طهران لدعمها له في ولايته الثالثة.. كما وانه واثر اصدار المحكمة الوطنية الإسبانية قرارا قضائيا ضد فالح الفياض، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والشخص الثاني في العراق، لمسؤوليته المباشرة في مجزرة الاول من سبمتبر 2013 والإعدام الجماعي بحق 52 من سكان اشرف واختطاف سبعة آخرين وبتهمة ارتكابه جريمة ضد المجتمع الدولي، فان المالكي شعر بحرج شديد، حيث ان من مصلحته ان يقوم بتغطية دوره ودور حكومته تجاه هذه المجزرة وخاصة مصير الرِهائن السبعة، والتي تدل جميع المعطيات والمؤشرات والدلائل انهم كانوا موقوفين في المنطقة الخضراء تحت حراسة مشددة من قبل مقربين من المالكي.
وفيما يتعلق بالنظام الإيراني الذي يعيش أكبر أزمات حياته منذ فبراير عام 1978 ورضوخه وتجرعه سم الكأس النووي وتوقيع اتفاقية جنيف مع الغرب.. فان هذا النظام يحاول يائسا أن يجد مخرجا من أزماته القاتلة والهروب الى الامام عبر قتل اعضاء مجاهدي خلق في العراق.
وأما فيما يتعلق بالولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي: فان الولايات المتحدة لم توف بالتزاماتها المتكررة والخطية والمعلنة رسميا بشأن أمن عناصر مجاهدي خلق وسلامتهم في أشرف وفي مخيم ليبرتي ولو اتخذت موقفا حاسما تجاه الهجمات الماضية وخاصة مجزرة أشرف في الأول من سبتمبر الماضي، لما تجرأ عملاء النظام الإيراني في العراق على ارتكاب مجازر بشعة كهذه وخاصة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كانت مطلعة تماما على احتمالية وقوع تلك الهجمات وكانت المقاومة الإيرانية قد انذرت المرة تلو الاخرى على النية المبيتة للملالي وعناصرهم في العراق على قتل الأشرفيين في ليبرتي مرة أخرى.
إن مسؤولية الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة هي مسؤولية شاملة وكاملة عن كل ما حدث وسيحدث لأعضاء مجاهدي خلق الإيرانية في مخيم ليبرتي. وعليه فانها مطالبة باتخاذ خطوات عملية وجادة لضمان أمن هؤلاء السكان المظلومين في «ليبرتي».
إن الصمت تجاه هذه الممارسات من قبل الملالي وعملائهم في الحكومة العراقية من شأنه أن يشجعهم ليرتكبوا مزيدا من الجرائم بحق عناصر المعارضة الإيرانية في العراق وما يحدث حاليا انما هو بمثابة إنذار وما سيحدث سيكون اكبر بكثير لو لم تتخذ الولايات المتحدة والأمم المتحدة اجراءات ميدانية ونهائية وحازمة.
إن المقاومة الإيرانية التي طالبت اكثر من مرة من الولايات المتحدة التي وقعت اتفاقية مع كل اعضاء مجاهدي خلق في العراق على الانفراد بتأمين أمنهم وسلامتهم ازاء تحويل أسلحتهم، طالبت بإحالة مشروع حماية مخيم ليبرتي إلى مجلس الأمن الدولي وإتخاذ تدابير مناسبة لإجبار الحكومة العراقية على تنفيذ التزاماتها الدولية فيما يتعلق بأمن وحماية سكان ليبرتي والالتزام بالمعايير الانسانية الدولية في معاملتها للسكان، الى حين نقلهم جميعا إلى الولايات المتحدة أو البلدان الأخرى وبشكل آمن يضمن سلامتهم. كما وناشدت عدة مرات بإجراء تحقيق دولي شامل ومستقل حول المجازر التي ارتكبت بحق هؤلاء، على ان تكون هذه التحقيقات ليست على غرار التحقيقات الوهمية السابقة في المجازر في أشرف ومخيم ليبرتي والتي جرت من قبل القتلة انفسهم، فكيف يكون الجلاد هو نفسه المحقق والحاكم والقاضي؟
وهنا علينا أن نشير بأن الهجوم وفي الليل على اشخاص عزل ليس لديهم سلاح، وبصواريخ موجهة عن البعد لا يعتبر في أي تقدير عملية عسكرية. خاصة وان هؤلاء السكان محصورون في سجن يسمى بمخيم «ليبرتي»، كما وانه ليس من شأن هذا كله الا ان يضيف جريمة جديدة الى سجل جرائم النظام الإيراني وعملائه في الحكومة العراقية والتي لن تمر دون عقاب قانوني بأي شكل من الاشكال والمقاومة الإيرانية أثبتت أنها تلاحق القتلة دون هوادة في المحاكم الدولية. ولكن كما قلنا سابقا فان النظام الإيراني لا مناص امامه في هذه الظروف الحالية التي تعيش مرحلة السقوط اثر تجرع كأس السم النووي ومظاهرات شبه اليومية في انحاء إيران الا ان يبقى سادرا في غيه في التعاطي مع ازماته الداخلية وترحيلها الى الخارج.
نعم إنها وكما وصفت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية فان ما جرى هو «مذبحة عيد الميلاد في مخيم ليبرتي» وهذه المذبحة ذهب ضحيتها ثلاثة من خيرة أبناء الشعب الإيراني. ولكننا واثقون تمام الثقة ان السقوط الذريع سيكون نصيب النظام الإيراني وعملائه في العراق في مستقبل قريب باذن الله.
* خبير ستراتيجي إيراني
Meghbal2012@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق